هل ستختفي بريطانيا العظمى من خريطة العالم؟ - الجزء الثاني. تصميم الصورة : ريم ابو فخر |
مشاكل وخلافاتٌ بين أقاليم بريطانيا العظمى
رغم قيام الاتحاد الكامل بين الأقاليم الأربعة، فإن العلاقات بينها لم تخلُ من الخلافات والمشاكل، فبين إنكلترا و|إيرلندا الشمالية| مثلاً كان الاختلاف الديني والثقافي والقومي أساس جميع الخلافات، فليس أبناء جميع الأقاليم البريطانية على مذهبٍ ديني واحد، فهناك |الكاثوليك| والبروتستانت، كما ينشط الانتماء القومي لدى أبناء كل إقليمٍ إلى إقليمهم أكثر من الشعور بالانتماء لبريطانيا العظمى، وهذا يعني بأن المشاعر القومية والانتماءات الإقليمية ستحيي دائماً الرغبة بالانفصال وانشاء دولٍ مستقلة.
مشاعر الانفصال تتنامى عند السكوتلانديين:
أشار أحد استطلاعات الرأي في سنة 2021 إلى أن ثلث سكان سكوتلاندا يفتخرون بقوميتهم السكوتلندية ولا يعترفون بالهوية البريطانية، ومع تنامي الشعور بالغضب تجاه بريطانيا بعد اكتشاف النفط وذهاب معظم عائداته إلى |بريطانيا| مع أن سكوتلاندا تمتلك أكثر من 90% من ذلك |النفط|، فقد نمت الرغبة الانفصالية بين السكوتلنديين، ولا ننسى أيضاً بأن 65% من غاز بريطانيا العظمى هو في الأصل غازٌ سكوتلندي، ولذلك فمن المتوقع جداً أن تنشط حركة الانفصال عن بريطانيا حتى تصبح أمراً واقعاً.
بريطانيا تخفي بعض الحقائق عن سكوتلاندا:
في سنة 1974 أشارت التقديرات إلى أن مخزون النفط والغاز في سكوتلاندا يقدّران بحوالي أربعة تريليونات جنيه إسترليني، ما دفع بريطانيا إلى تكليف من يدرس تبعات انفصال سكوتلاندا على الاقتصاد البريطاني، فخلصت الدراسة إلى أن سكوتلاندا إذا انفصلت ستصبح أقوى دولةٍ أوروبيةٍ من حيث الوضع المالي، فعملتها ستكون قويةً ومستقرة، ما سيجعل البنوك السكوتلندية مقصد الكثير من أموال العالم، وهذا طبعاً سيضعف المكانة الاقتصادية لبريطانيا.
المرأة الحديدية تستغل ثروات سكوتلاندا:
ذكرت تلك الدراسة الكثير من الأمور الإيجابية حول الاقتصاد السكوتلاندي في حالة الانفصال، وهي طبعاً أمورٌ سلبيةٌ بالنسبة لبريطانيا، ما دفع الحكومة البريطانية آنذاك إلى إخفاء تلك الدراسة ونتائجها، وبقيت تلك المعلومات سريةً حتى سنة 2005 عندما أطلقت بريطانيا قانوناً جديداً حول حرية المعلومات، ومن المؤكد بأن عائدات الثروات السكوتلاندية هي ما مكّنت "مارغريت تاتشر" من القيام بالإصلاحات والإنجازات الاقتصادية الكبيرة في تلك الفترة لتنال لقب المرأة الحديدية.
عودة المشاعر الانفصالية إلى سكوتلاندا:
بدأت المشاعر السكوتلاندية بضرورة الانفصال عن بريطانية تنمو منذ ثلاثينيات القرن العشرين، ولكنها نمت بشكلٍ أكبر بعد اكتشاف النفط والغاز في أراضيهم وقلّة استفادتهم منهما، فبعد أن تلاشت الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس، بدأ السكوتلانديين يشعرون بأن أوضاعهم الاقتصادية ستكون أفضل في حالة استقلالهم التام عن بريطانيا.
سكوتلاندا تستعيد برلمانها الخاص:
يرى الكثير من السكوتلانديين بأن تمثيلهم في| البرلمان البريطاني| المشترك أقلُّ مما يستحقون، وبأنهم يدفعون ضرائب أكثر مما تنفقه الحكومة على بلادهم، وقد استغلت الأحزاب القومية وعلى رأسها الحزب الوطني ذلك، فقام بالضغط على الحومة البريطانية لكي تسمح بإجراء استفتاءٍ حول حصول السكوتلانديين على المزيد من الحرية الخاصة بإدارة بلادهم، وبعد الاستفتاء الذي حدث سنة 1997، أصبح لسكوتلاندا برلمانها الخاص وحكومتها الخاصة مرّةً أخرى.
سليمان أبو طافش
إرسال تعليق
كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك