الوصايا الإلهية العشر التي وردت في القرآن الكريم (الجزء الثاني) تصميم الصورة : وفاء المؤذن |
سنكمل الجزءالسابق و نتابع الحديث عن الوصايا الإلهية
الوصية التانية:الإحسان إلى الوالدين
تتناول الوصية الثانية من الوصايا الإلهية العشر وهي تتحدث عن بر الوالدين والإحسان إليهما
ففي برهما وإرضائمها طاعة ومرضاة للخالق، وهل هناك من هو أولى منهما بطاعتنا وبرِّنا ورعايتنا
فنحن مهما بذلنا وقدمنا لهما نبقى مقصرين ، ولا يمكن أن نفيهما جزءاً مما بذلاه من أجلنا .
ولبر الوالدين مكانة لا تعدلها مكانة ، فهو يزيد | الرزق والبركة|، ويطرح خيراً وجنياً وفيراً
والإحسان فوق البر يفوقه منزلة وتكريماً ، وفيه ينال الإنسان المراتب العالية من الجنان ، ويرضي الرحمن .
لماذا ذكر الله تعالى الإحسان في هذه الآية الكريمة؟ وما الفرق بينه وبين البر؟
البر فريضة، والإحسان نافلة، ومع ذلك فالإحسان يفوق البر فما الفرق بينهما؟ ولماذا جعل الإحسان إليهما على هذه الدرجة من المكانة والأهمية؟
إذا كان |البر| أن تلبي حاجةً طلبها أبواك أو أحدهما فالإحسان أن تلبي تلك الحاجة قبل أن يطلباها منك، أي أن تدرك بإحساسك ما يحتاجان وتكفيهما حاجة سؤالك
وفي هذا منتهى البر تخيل مدى حرص الله تعالى على تكريم الوالدين يريدك المولى أن تشعر بما يحتاجانه ، دون أن يسألاك وأن تعي وتدرك بنفسك مطلبهما وحاجتهما ، وهذا يتطلب اهتماماً وإحساساً أكبر بشعورهما وقرباً منهما أكثر ، فيعطيهماً دفئاً وحناناً يحتاجانه ، وأن تعمل على إسعادهما والعناية بهما وطاعتهما، وتقديرهما وحمايتهما ورعايتهما ، دون تأفف أو تذمر، وأن ترحم ضعفهما وشيخوختهما وتحنو عليهما، وأن تقدم كل ما من شأنه أن يرفع شأنهما، وتشعرهما باهتمامك وتعتني بهما ، وتجل أحبابهما وأقرباءهما وأصدقاءهما إكراماً وتعظيماً لهما، وأن تكون رقيقاً لطيفاَ مؤدباً
ففي هذا تكريم لك ورفع لشأنك ، ولسوف يعود وينعكس عليك عاجلاَ أوآجلاً ، ففيه رضى من الرحمن ورضى من أبويك ومكسباً لك في حياتهما ، وبعد ومماتهما ، ولا تنسى بأن الأيام تدور دورتها ، وما تقدمه لأبويك ستجده في أولادك ، فإن قدمت براً فستجني براَ وأن زرعت جحوداً ونكراناً وعقوقاً ، فسوف تجني جحوداَ ونكراناً وعقوقاً ، لأن أبناءك سيتعلمون البر منك كدروس عملية، ويترسخ مفهوم البر في أذهانهم ، وسيطبقونه مستقبلاً معك.
يقول النبي:( بروا آباءكم تبركم أبناءكم وعفُّوا تعفُّ نساؤكم)
ولبر الوالدين مكانة لاتعدلها مكانة ، حتى أنه يفوق |الجهاد في سبيل الله| ، جاء رجل إلى النبي ليستأذنه في الجهاد فقال له :
( أحيٌّ والداك؟ قال الرجل : نعم فقال له النبي: ففيهما فجاهد.)
وإن الرزق والبركة والخيرمرهون برضى الأبوين وببرهما والإحسان إليهما.
ومن المؤلم ارتفاع |نسبة العقوق| في هذا الزمن وابتعاد الأولاد عن نيل رضى الآباء ، حيث ساءت علاقة الأبناء بآبائهم وأمهاتهم ، بسبب ضعف| الروابط الأسرية|، بسبب الركض وراء المشاغل الحياتية والسفر والغربة
فصار الولد يقتصر زيارات الود والتواصل برسائل صوتية، أو مكالمات هاتفية لاتلبي حاجة الأبوين ، ولا تطفئ شوقهما ولا تعطيهما دفء المشاعر ، فيا أيها الأبناء حذار حذار وبرُّوا آباكم وقدموا ما استطعتم من البر لآبائكم
واحذروا العقوق والجحود والجفاء ، وإلا ندمتم وحرمتم ثواب الدنيا والآخرة، ولذهبت بركة رزقكم ، ولذهبت أعمالكم هباء منثوراً ، واغتنموا حياة والديكم ، فإن العمر قصير ، وفي برهما النجاة والفوز في الدنيا والآخرة ، فاركبوا قارب البر ليوصلكم إلى طريق النجاة، وبروا آباءكم كما
يجب وينبغي يبركم أبنادكم
لمعرفة الوصية الثالثة من الوصايا الإلهية العشر انتظرونا في مقالتنا القادمة
هدى الزعبي
إرسال تعليق
كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك