صديقة الأمطار تلتقي بعدو الغابات تصميم الصورة رزان الحموي |
كانت النهاية منهكة للحد الذي ما عاد بإمكاننا فعل شيء ، سوى العودة للبداية !
لقد أهلك المرض صدرها الدافئ ، ونهش ملامحها الطفوليّة ، وجعل إشراقها يتآكل و يتآكل ويتآكل ، حتّى ما عاد للبسمة أن تشقَّ طريقها ضمنت معالم روحها ..
كانت تقف جانباً في الطريق العام ، والأمطار فوقها تتكاثف هطولاً ، انتقاماً من زمهرير البرد القاتل للأطفال ، المتحالف مع الأمراض .
لم تكن سعلة ألمٍ عابرة ، بل عمليةٌ لانفصال الروح عن الجسد ..
ركضتُ نحوها ..
باندفاع مشاعر العالم و جنون الأيام ..
أنثى صغيرة ، ناعمة البنية و القوام ..
مذ عرفتها وهي تتعارك مع عمالقة الآلام ..
نظرتْ نحوي ..
تحاول البحث عن شخصٍ مات مع الصرخات ..
بإصرارٍ تام على قتل ما تبقى من| الذكريات| ..
فلا الطريق طريقنا ، ولا الذكرى تحتل الفؤاد للرجوع إلى ماضي الوهم و الضربات ..
أمسكتُ يدها للتتشبث بها بقوة الحقد والعتاب ، و دون أن تسند تلك الكتلة الضخمة المملوءة بالأفكار والاحتمالات ..
تحولت نظرة البحث ، إلى نظرة غضب شديد ، لتتلوها جملة حاقدة : من بين كل البشر تظهر أمامي ؟!
أبعدتني عنها قصراً ، كما فعلت بها سابقاً .. طوعاً ..
توقفت الأمطار ، و تبدلت غيوم عيونها ، لتهطل أمطار أخرى .. على أرض خديها ..
كانت المياه تحاوط جسدها من كل مكان ، من كل زاوية ..
والرياح باتت تصاحب حبالها الصوتيّة المتأرجحة ..
- من أين ينبع كل هذا الشرور ؟
- إنه ليس شروراً ، هو فقط ردة فعلٍ بسيطة عن جحيمك .. و إن كان له منبع .. فهو هذا الثقب و هذه الندوب التي أحدثتها أنانيتك وقلة ضميرك ..
- ولكنني هنا لأخبرك بكل شيء ، ألستِ أنت من طلب الحقيقة ؟
صمتتْ لثوانٍ معدودة ، لأقوم باستغلالها ، وانهمر من ثغري كل ما حدث ، كل حكايتي ، قصتي اللعينة ..
هذه المرة بدوري ، جرفت السيول النابعة من عيني ، كل ما خلّفه الزمان من نقصٍ وعُقدٍ والفجوات ..
رأيتها تتقدم بخطواتٍ مترنحة ، ظننتها ستصفعني بيديها المالحة ..
لكنها فضلت أن تسقط فوق صدري ، وتعصر وجعي بكل ما أوتيت من| قوة الإشراق| ..
وبعدما دفنت رأسها ضمن هذه المقبرة الباردة ، قالت :
تأخرت .. تأخرت كثيراً ..
لا مكان لنا .. لا وطن لنا ..
لا حياة لنا ..
شهد بكر💗
إرسال تعليق
كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك