ماري صاحبة المرض الصامت |
قصة تدعو للدهشة فعلاً هل سمعت يوماً بالطاهية ماري تيفوئيد؟
هل تتخيل كيف يمكن أن يُنقل مرضٌ ما إلى ملايين الأشخاص؟
هذا ما حدث مع الطاهية ماري ففي بداية القرن العشرين تم عزلها صحيّاً لمدة 25 عاماً ولكن للأسف بعد فوات الأوان.
فقد كانت السبب في نقل عدوى مرض| التيفوئيد| إلى العائلات الثرية أثناء خدمتهم وذلك في نيويورك.
لنتعرف أكثر على هذه القصة الغريبة!
ماري مالون هي طاهية إيرلندية الأصل ولدت عام 1869 في مقاطعة تيرون.
وحالها كحال جميع الشباب والشابات في ذلك العصر ترغب في البحث عن مستقبل مشرق فبدأت هنا رحلتها في السفر إلى الولايات المتحدة الأمريكية..
وفي عام 1900 تميزت ماري أنها طاهية من النخب الأول فهي معروفة بطبخها المميز وذاع صيتها بأنها تصنع أشهى وألذ المأكولات، وذلك كان سبب كبير في انتشار التيفوئيد بين الأثرياء!!
لابد أنك تفاجأت فما العلاقة بين الطبخ اللذيذ وبين مرض التيفوئيد.
بداية انتشار التيفوئيد.. مرض الفقراء!
بدأت قصتنا بين عامي 1900 و1907 عندما عملت ماري بالطهي في 7 منازل تعود لعائلات ثرية، وبعد فترة من الزمن بدأت تظهر عليهم أعراض الغثيان و|الإسهال |المترافق مع الصداع الشديد وارتفاع الحرارة واستمرت هذه الأعراض لمدة طويلة وكانت نتيجة التشخيص الطبي أنهم مصابون بحمى التيفوئيد.
الوصم الذي التصق باسم ماري..
قام أحد مالكي العقارات في لونغ آيلند والتي تقع في مدينة نيويورك، أي حيث كانت تعمل ماري في ذلك الوقت في عام 1906 بالبحث عن مصدر انتشار هذا المرض ولا سيما أنه تم الكشف مؤخراً عن إصابة ستة أشخاص من سكان منزلٍ قام بتأجيرهم أحد المنازل، وكان عدد قاطني هذا البيت 11 شخصاً.
و أوكل هذه المهمة إلى شخص يدعى جورج صوبر يعمل متحرياً، وبعد البحث والتدقيق، توصل صوبر بأن ماري قد وصلت قبل ثلاث أسابيع للعمل في الطهي في هذا المنزل قبل اكتشاف إصابة أول شخص بالتيفوئيد.
فما كان منه إلا أن أمر بعمل قائمة إحصاء للعلائلات التي كانت ماري تعمل لديهم، وكانت النتيجة بأنه تم اكتشاف إصابة أكثر من 22 شخصاً من أصحاب هؤلاء المنازل خلل هذه السبع سنوات.
و بعد مرور فترة زمنية تصل إلى أربعة أشهر من بدء التحقيق، قام المحقق صوبر بالطلب من ماري القيام بتحاليل مخبرية للبول والبراز للتأكد، فقد ربط إصابتها به لأنها كانت تقطن ضمن الأحياء الفقيرة والنائية في نيويورك، والتي تفتقر إلى المياه النظيفة والخدمات المناسبة والملائمة للحياة الصحية،
وكما نعلم أن |جرثومة السالمونيلا| تنتشر بسبب تناول أطعمة أو مياه ملوثة مما يؤدي إلى الإصابة بحمى التيفوئيد انتشار هذه البكتريا في مجرى الدم.
شعرت ماري بالغضب ورفضت بشكل قاطع أن تقوم بالتحاليل التي طُلبت منها، مما أدى إلى أخذها عنوة إلى المشفى واستخدام القوة معها من قبل السلطات المسؤولة عن ذلك
فما هي نتيجة هذه التحاليل؟!
الغريب في الأمر أن ماري صاحبة الـ 37 سنة لم تكن تظهر عليها أي أثر من أعراض حمى التيفوئيد رغم أنها كانت مصابة به، فقد ظهرت النتيجة بأنها حاملة لجرثومة السالمونيا والتي كانت تسبب مرض التيفوئيد.
لم تصدق ماري أنها مصابة بالتيفوئيد وذلك لأنها كانت تتمتع بصحة قوية وكانت باعتقادها أنه لابد أن يظهر عليها مظاهر المرض حتى تكون مصابة حقاً
وتم عزلها في منشأة خاصة لعزل المرضى والتي تقع على جزيرة نورث، وعمَّ الخبر في المدينة حتى أصبحت تدعى باسم ماري التيفوئيد، الأمر الذي جعلها تشعر بالكآبة والحزن الشديد، كيف لا وقد تعرضت للتنمر وهي لا تزال تظن أنها بريئة من هذا الاتهام الظالم.
لجأت ماري للقضاء في عام 1909 ورفعت دعوى ضد |منظمة الصحة| القائمة في نيويورك، وذلك لأنها قامت بعزلها ظلماً، فهي لا تشتكي من شيء ولم تظهر عليها أعراض مرض التيفوئيد، وأنها بصحة ممتازة ولا تشكو من شيء.
صدرت النتيجة لصالح ماري وأطلق سراحها ولكن كان إطلاقاً مشروطاً بإيقاف عملها حالاً ولا تعود للطهي مرةً أخرى.
ولكن ماذا حدث بعد ذلك؟ لنتابع معاً..
بدأت الإصابات تتفشى ضمن المشفى فطلب مرةً أخرى من المحقق جورج صوبر القيام بالتحريات للوصول إلى المصدر الرئيسي لهذه الإصابات..
وللأسف تم اكتشاف أن ماري قامت بنقل العدوى بين الأشخاص ونتيجة لذلك قاموا بعزلها مجدداً في منشأة العزل وبقيت مهناك حتى توفت على إثر إصابتها بالسكتة الدماغية وذلك في عام 1938،
أي بعد مرور 25 عاماً من حجرها الصحي..
و بقيت ماري تصرُّ على أنها سليمة ولا علاقة لها بهذه العدوى فهي لا تظهر عليها أعراض حمى التيفوئيد..
ما رأريك بهذه القصة الغريبة، شاركنا بالتعليقات...
بقلم: سطر لصناعة المحتوى العربي
إرسال تعليق
كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك