الساعات الرقمية
تعتمد |الساعات الرقمية| على خاصيةٍ طبيعيةٍ تمتلكها بعض المواد مثل بلّورات الكوارتز، والتي تجعلها تنضغط عند تأثّرها بالتيار الكهربائي، أو تولّد تياراً كهربائياً عند تغير الضغط الميكانيكي المطبق عليها، ويكون ذلك التيار متغيراً بمقدارٍ ثابت (متناوب)، أي أنّ له زمناً ثابتاً لتلك التغيرات (دور)، وبحسب طبيعة تلك البلورة وجودتها ومقدار انضغاطها، يمكن التحكم بدورها الزمني، ما يسمح بقياس أزمنةٍ صغيرةٍ من أجزاء الثانية، ولكن الساعات الرقمية ليست بمنتهى الدقة، فأجود بلّورات الكوارتز وأكثر الساعات الرقمية دقةً تخسر مقداراً ما من الزمن مع مرور الوقت، ولكن الساعات الحديثة لا تفقد أكثر من ثانيةٍ واحدةٍ في السنة.
لماذا نحتاج إلى الساعات الذرية
تعتبر الساعات الرقمية دقيقةً جداً، ومناسبةً لمختلف أشكال التطبيقات الحياتية، ولكنها في بعض الحالات لا تكون الخيار الأمثل، فمع تطور العلوم ودخول عصر الفضاء، وظهور الذكاء الصناعي، والتطبيقات المتنوعة للاتصالات والأنترنت، وغيرها من التطبيقات الحديثة، ظهرت الحاجة إلى ساعاتٍ أكثر دقةً وأكثر استقراراً، فالأقمار الصناعية مثلاً تسافر حول الأرض بسرعاتٍ كبيرةٍ تصل إلى عدة كيلو متراتٍ في الثانية، ولذلك يجب أن نكون على تزامنٍ دقيقٍ جداً مع تلك الأقمار طوال الوقت، فأي خللٍ في التزامن قد يؤدي إلى أخطاءٍ ومشاكل غير مقبولة.
مميزات الساعة الذرية
بناءً على الحاجة الملحّة والمتنامية إلى وجود ساعاتٍ بغاية الدقة، استطاع العلماء ابتكار ما يعرف بالساعة الذرية، التي تتميز بقدرتها على التعامل مع أزمنةٍ صغيرةٍ جداً (جزء من مليار جزء من الثانية)، وبأنها مستقرةٌ تماماً، فتوقيتها لن يختلّ على مدى قرون، وقد أصبحت أحجامها صغيرةً جداً وتكلفتها المادية انخفضت كثيراً، بحيث أصبح يمكن تضمينها في أي جهزٍ آخر، فصارت معتمدةً في جميع أنظمة الاتصالات الحديثة وفي التطبيقات الفضائية المختلفة.
إعادة التزامن مع الأقمار الصناعية ضرورةٌ ملحة
رغم أن |الساعات الذرية| دقيقةٌ جداً ومستقرةٌ تماماً، إلا أن مسألة التزامن بين المحطات الأرضية و|الأقمار الصناعية| تبقى مشكلةً حقيقية، فبسبب ارتفاع الأقمار عالياً فوق الأرض فإنها تتعرض لمقدارٍ مختلفٍ من الجاذبية، كما أن انطلاقها بسرعاتٍ كبيرةٍ يجعلها تتأثر بالنظرية النسبية لأينشتاين (تمدد الزمن)، ولذلك فإن |التوقيت| بين الأرض والأقمار الصناعية يختلف بمقدارٍ ضئيلٍ كل يوم، وهذا المقدار رغم ضآلته يشكّل خطراً حقيقياً على المنظومة كلها، ولذلك وجب استعادة ضبط التزامن مع الأقمار الصناعية كل عددٍ محددٍ من الثواني.
تعمل الساعات الذرية بالاعتماد على بلّورات الكوارتز نفسها، ولكن طريقة عملها مختلفةٌ ومعقدة، فلا داعي للخوض فيها، ولكن أهميتها في حياتنا أصبحت متزايدة يوماً بعد يوم، ولذلك أردت إلقاء بعض الضوء عليها وعلى التطور في صناعة الساعات وقياس الوقت بشكلٍ عام، فإذا كان ما عرضته قد أضاف شيئاً إلى معارفك، فأرجو أن تنشر المقال.
إرسال تعليق
كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك