ما هو العقل الباطن وما هي إمكاناته؟ - الجزء الثاني - سليمان أبو طافش

ما هو العقل الباطن وما هي إمكاناته؟ - الجزء الثاني -
تصميم الصورة : وفاء المؤذن  

 بعد أن عرفنا بالمقالة السابقة بأن العقل الباطن هو مصدر الكثير من المشاعر والانفعالات، فهل هو قادرٌ على التأثير كثيراً على العقل الواعي وبالتالي على سلوك الانسان وتصرفاته المختلفة؟

تأثيرٌ أشبه بالسحر

ترتبط المشاعر عادةً بالذكريات، ومعظم تلك الذكريات لا نستطيع تذكّرها، فنعجز عن تفسير المشاعر المرتبطة بها، ومن هنا نجد أن ما يثير خوف شخصٍ ما قد يكون عادياً لغيره، وما يدفع أحدنا إلى الفرح قد لا يؤثّر على غيرنا، فكل المشاعر تأتي من العقل الباطن الذي يبنيها اعتماداً على ارتباطها بأحداثٍ يتذكّرها جيداً، كما أن العقل الباطن قد يجرف صاحبه أحياناً إلى التحوّل إلى |مريضٍ نفسياً| أو حتى إلى مجرم، فبما أنه لا يميز الخطأ من الصواب فإنه يقنع العقل الواعي بأفعالٍ غير سويةٍ ويبررها له، بل ويزيّنها له أحياناً حتى يراها جيدة.

أمورٌ غامضةٌ يمكن تفسيرها استناداً إلى قدرات العقل الباطن

مع أن العقل الباطن غبيٌ جداً إلا أنّه يتمتع بذاكرةٍ قويةٍ جداً، فكلُّ ما يمرُّ به الانسان خلال حياته يتم تخزينه في العقل الباطن، ولكن وصول العقل الواعي إلى جميع تلك الذكريات غير ممكنٍ عادةً، ولذلك قد يستطيع الانسان تذكّر حدثٍ ما من طفولته بينما يعجز عن تذكرٍ حدثٍ قريبٍ جداً، وهذا يعود إلى مدى تأثير ذلك الحدث على نفسه، ويرى بعض العلماء بأن ذلك قد يفسّر قدرة بعض الأشخاص على التحدّث بلغةٍ أخرى لم يكن يتقنها سابقاً، فربما خزّنها عقله الباطن بطريقةٍ ما، ثم استطاع عقله الواعي الوصول إليها، مع العلم أننا لا نحتاج تدخلاً كبيراً من العقل الواعي في عملية الكلام.

قدرات أخرى يمتلكها العقل الباطن

يستطيع العقل الباطن أن يوثّر بشكلٍ كبيرٍ على نفسية الانسان ومزاجه، وكثيراً ما يؤثر على الوظائف الحيوية للإنسان وأعضائه، فهو المسؤول عن شعورنا بالضعف تجاه الكثير من المواقف، وغالباً ما تنشأ معظم |أنواع الخوف| الشديد (الفوبيا) من العقل الباطن، أما تأثير العقل الباطن على أعضاء الإنسان فخير مثالٍ عليها هو ظاهرة |الحمل الكاذب| لدى الكثير من النساء التوّاقات إلى الحمل والإنجاب، لدوافع معينة، إضافةً إلى الكثير من الحالات التي لا نجد لها سبباً فيزيائياً مثل بعض حالات التحسّس، وقد يصل الأمر أحياناً إلى دفع العقل الباطن للإنسان إلى الاقتناع بأنه ميتٌ فيموت فعلاً.

هل يمكننا أن نتحكم بعقلنا الباطن بطريقةٍ ما؟

من الأمور الأكثر غرابةً حول قدرات العقل الباطن، هو أنه يستطيع التحكّم ببعض الظروف المحيطة بالإنسان، ولكن ذلك لم يثبت علمياً بعد، ولذلك لن نخوض فيه، ولكن تجدر الإشارة إلى أن التغيرات التي يحدثها عقلنا الباطن على سلوكنا وتصرّفاتنا هي ما قد يؤدي أحياناً إلى تغير الظروف المحيطة بنا، وسنعود لذلك لاحقاً، ولكن من الجيد أن نعرف بأن الانسان قد يستطيع التحكم بعقله الباطن بطريقةٍ أو بأخرى، فالعقل الباطن يحصل على المعلومات عن طريق |العقل الواعي| عبر الحواس التي يمتلكها كلُّ شخصٍ منا، وبالتالي لا بدّ من وجود طريقةٍ ما يمكن للعقل الواعي أن يستخدمها للتحكم بالعقل الباطن بما أنه هو بوابته الوحيدة إلى العالم الخارجي.

اقرأ المزيد...

سليمان أبو طافش