ماحقيقة حرق الصين لشركاتها - الجزء الثاني تصميم الصورة وفاء مؤذن |
مخاوف الحكومة الصينية
مهما زادت ثروة "جاك ما" ومكانته، فهو سيبقى مواطناً صينياً، ولذلك لم تكن |الحكومة الصينية| راضيةً عن علو شأنه الكبير هذا، وخاصةً في ظل الحرب التجارية المشتعلة بين الصين وأمريكا، والتصريحات التي أطلقها "ما" بضرورة انهاء هذه الصراعات العبثية الغبية بين البلدين، وكل ذلك دفع الحكومة الصينية للالتفات أكثر إلى |رجال الأعمال| الصينيين عامةً، والقوة الكبيرة التي يسيطرون عليها، ما قد ينعكس سلباً على سياسات الصين الخارجية في المستقبل.
خططٌ حكوميةٌ مستقبلية: إذا أرادت الحكومة الصينية البقاء على فكرها الشيوعي ومبادئه، فعليها تحجيم القوة الكبيرة التي يتمتع بها رجال الأعمال الصينيين، فبدأت بشركة |ant group| المملوكة لجاك ما، وهي أكبر منصةٍ للدفع في الصين، مع ما يزيد عن مليار مستخدم، منهم 80 مليون تاجر صيني، يتداولون أكثر من 18 تريليون دولار سنوياً، وما يميز هذه الشركة أنها تقدم بعض الخدمات بجانب خدمات الدفع الالكتروني، كالقروض وعروض التقسيط وإدارة الثروات وخدمات التأمين وغيرها.
بداية "آنت غروب"
عندما انطلقت شركة |آنت غروب|، قدمت نفسها كشركةٍ تكنولوجية، معتمدةً بشكلٍ رئيسي على الذكاء الصناعي، فمن خلال قواعد البيانات الهائلة التي تمتلكها عن معظم الصينيين، كانت قادرةً على دراسة وضع كل شخصٍ وتقرير إمكانية منحه أية خدماتٍ كالقروض مثلاً، وعند الموافقة على منح أي شخصٍ لأي قرض، فإن مبلغ القرض سيتحول خلال نصف دقيقةٍ فقط إلى حساب المقترض بدون أية ضمانات، وهذا يشكّل لقطاع البنوك الصينية تهديداً خطيراً يجب القضاء عليه.
أين أصبح "جاك ما" اليوم
لم تكن البنوك والمؤسسات المصرفية الصينية مسرورةً من عمل "جاك ما"، وهو أصلاً لم يحصل على أية تصاريح أو موافقاتٍ منها ليمارس عمله، فقام البنك الصيني المركزي بتحذير جاك ما وشركته، ولكن جاك لم يكترث لذلك واستمر في العمل والنماء، حتى بداية عام 2020، عندما قرر جاك طرح شركة آنت غروب للاكتتاب العام في البورصة، متوقعاً الحصول على أرباح تتجاوز 37 مليار دولار، ولكن الحكومة الصينية حذرته لضرورة عدم فعل ذلك حالياً، غير أنه لم يكترث لتحذيراتها كعادته، وأكمل مشروعه حتى تدخل الرئيس الصيني شخصياً وأوقف الاكتتاب، وتشكلت لجان تحقيق مع جاك ما الذي اختفى منذ ذلك الوقت.
إجراءات وقوانين حكومية جديدة: منذ اختفاء جاك ما فإنه لم يظهر سوى مرةٍ واحدةٍ فقط، عبر شاشة التلفاز الصيني الرسمي، ثم عاد للاختفاء، ثم فُتحت لشركة علي بابا قضايا متعددة حول الاحتكار ومخالفة أنظمة العمل الصينية، حيث يتم إجبار العاملين على العمل منذ الساعة التاسعة صباحاُ حتى التاسعة مساءً خلال ستة أيامٍ في الأسبوع (الرقم 996 المذكور سابقاً)، وهو عملٌ مرهقٌ جداً، ولهذا فقد فتحت الحكومة الصينية الكثير من الملفات المشابهة للكثير من الشركات الصينية، وهذا دفع الحكومة الصينية إلى اتخاذ الكثير من الإجراءات والقوانين الجديدة.
الأطفال والبيانات
قامت الحكومة الصينية بهجمةٍ شرسةٍ على كبرى الشركات الصينية للتكنولوجيا، وقامت بإجراءاتٍ تنظيميةٍ للعديد من الشركات الصينية، مثل شركة تينسنت، عملاق ألعاب الفيديو، المتهمة باستخدام خوارزميات تجعل الأطفال مدمنين على ألعاب الفيديو، ففرضت الحكومة قوانين لمنع الأطفال دون سنٍ معينةٍ من استخدام تلك الألعاب، ولكن تطبيق تلك القوانين سيتسبب بخسائر كبيرةٍ في الأرباح للشركة، كما تواجه شركة تينسينت بعض التهم بسوء استخدام البيانات، بالإضافة للاحتكار.
اقرأ المزيد في الجزء الثالث.
بقلمي: سليمان أبو طافش
إرسال تعليق
كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك