المجنون الذي لا يستسلم -الجزء الأول تصميم ريم أبو فخر |
فما هو سر إصراره الغريب
- الجندي هيرو أونودا، كان عمره عشرون عاماً عندما التحق بأحد المدارس العسكرية في اليابان، وتم تدريبه بشكل خاص على أساليب |حروب العصابات|، بأساليب غير طبيعة وليست كالمعتاد، وهذه الطريقة لا يكون فيها مواجهة بين الطرفين بشكل مباشر، وإنما هجمات مباغتة وخفية وعشوائية، وفرق الجيش المدربة على هذا الأسلوب، عادةً يقاتل جنودها خلف خطوط العدو، أي في الأماكن التي يسيطر عليها.
- وفي عام١٩٤٤، كانت |الحرب العالمية الثانية| مشتعلة، وكانت اليابان عدو لأمريكا، والتي بدورها كانت تسيطر على جزيرة في الفيليبين تسمى لوبانغ، وكانت تستخدم هذه الجزيرة كقاعدة عسكرية أمريكية.
- قرر الجيش الياباني أن يرسل لهذه الجزيرة مجموعة من |الجنود| المدربين على أسلوب حرب العصابات ومن ضمنهم كان هيرو أونودا، وأعطاهم القائد المسؤول عنهم أوامر واضحة جداً، أخبرهم مهما كان الوضع سيء محرم عليهم قتل أو تسليم أنفسهم، وربما يستمر الأمر سنتين أو خمس سنوات، ولكن مهما حصل سوف يعود الجيش الياباني لإنقاذهم، وإلى ذلك الحين وحتى لو بقي منكم جندي واحد فقط يجب عليه الاستمرار في المهمة، ومن الممكن أن لا تجدوا شيء تأكلونه عدا جوز الهند، وفي هذه الحال فليكن هو طعامكم كل هذه الفترة، ومهما كانت الظروف قاسية وسيئة، لا تسلموا أنفسكم للعدو أبداً.
اقتراح أونودا وحصول ماتوقعه
-وعندما نزلت الكتيبة على هذه الجزيرة، اقترح أونودا تدمير وتخريب موانئ الجزيرة، لمنع وصول تعزيزات إضافية للأعداء، لكن الضباط الأعلى رتبة في الكتيبة رفضوا القيام بذلك، واعتبروه مخاطرة كبيرة بسبب الحراسة المشددة على الموانئ، والأعداد الهائلة لجنود الأعداء المتواجدة هناك.
-وقرروا البدء بعلميات التخريب الأقل خطورة، فقاموا بمهاجمة المزارع ومستودعات المؤن، وأحياناً السيارات ومجموعات الجنود التي تبتعد عن المعسكرات و نقاط التجمع، وعندما شعرت قوات العدو بالخطر طلبت المؤازرة والإمدادات، وبالفعل وصلت الإمدادات من خلال الموانئ التي اقترح أونودا تفجيرها.
-وبسبب الدعم الذي حصل عليه أعدائهم الأمريكان، اضطرت الكتيبة اليابانية أن تتفرق لمجموعات صغيرة مكونة من أربعة أفراد، وبدأت هذه المجموعات بالاختباء في الغابات والجبال، وظل قتالهم مستمر ولكن بسبب تفرقهم وأعداد جنود العدو الضخمة.
-بدأت جنود الكتيبة اليابانية بالتساقط الواحد تلو الآخر وبقي عدد قليل جداً من المجموعات ومن بينهم مجموعة هيرو أونودا، وكان يرافقه ثلاثة جنود شيمادا وكوزوكا وأكاتسو، وحاولوا تنظيم حياتهم في الغابة ليبقوا على قيد الحياة، كان طعامهم الموز وجوز الهند والمانغو، وبين الحين والآخر، كانوا يهاجمون المزارع المحلية التي يملكها الفلبيين، ويستولون على ماشيتها وكل ما يوجد فيها، وكان هذا الأمر مباح بالنسبة لهم لأنهم كانوا في حالة حرب، وبالنهاية كانت الفلبيين حليفة لأمريكا.
- وبعد مرور مايقارب السنة، كانت اليابان تعاني من ويلات الحرب، قوات الحلفاء وعلى رأسهم أمريكا والاتحاد السوفيتي أنهكوا الإمبراطورية اليابانية من كل النواحي، وفي شهر آب من عام ١٩٤٥، قامت أمريكا بضربتها القاضية، عندما أسقطت القنبلتين على هيروشيما وناجازاكي، وبعد هذه الضربة بالسلاح الذري الفتاك، وفي ١٥ من شهر آب عام ١٩٤٥،قرر الإمبراطور الياباني إعلان هزيمة اليابان والاستسلام، فقد كانت هذه الطريقة الوحيدة التي ينقذ بها شعبه ويحميه، حيث أن أمريكا كانت قادرة على مسح اليابان كلها بأسلحتها النووية المدمرة، والتي لم يشهد العالم مثلها من قبل، وهكذا كانت نهاية الحرب العالمية الثانية.
سنتابع في الجزء الثاني.
بقلمي: تهاني الشويكي
إرسال تعليق
كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك