سفاحة الرجال التي قتلت مالا يقل عن ستمائة رجل لأكثر من خمسون عاماً - الجزء الثاني تصميم ريم أبو فخر |
أكوا توفانا، اكسير الخلاص الذي لا يترك أثراً
لم تشعر جوليا بالرضا لكونها تساعد هؤلاء النساء معنوياً فقط، بل أرادت أن تساعدهم على الخلاص من معاناتهم إلى الأبد.
-وكان السم عبارة عن مزيج من |الزرنيخ| والرصاص ونبات البيلادونا، ووزعت جوليا السم الخاص بها بطريقتين، إما على شكل مستحضرات تجميل، أو مخبأ في قوارير صغيرة عليها صورة للقديس نيكولاس، وبذلك تستطيع المرأة أن تضعها على منضدة الزينة، دون أن يشعر زوجها بالريبة والشك.
- كان المزيج لا لون له ولارائحة ولا طعم، لذلك كان من السهل وضعه بالطعام والشراب، من دون أن يُؤثر على مذاقه، وكانت ستة قطرات من هذا الخليط، موزعة على عدة أيام، كفيلة بأن |تقتل رجلاً|.
-ولم يكن الخليط يقضي على ضحيته مباشرة، فقد كانت النساء يعطين أزواجهن السم على ثلاث جرعات:
الجرعة الأولى يشعر بالضعف والتعب، والجرعة الثانية تبدو كأعراض البرد وآلام في المعدة والقيء، والجرعة الثالثة تقضي عليه على الفور.
-وكان هذا المزيج غير قابل للكشف حتى بعد |الموت|، ولا يترك أي أثر في الدم أو الجسد عند التشريح، وكانت هنا تكمن العبقرية الحقيقة في هذا السم، وهكذا أعطت جوليا الزوجة القاتلة، فرصة لتلعب دور الزوجة الحزينة والمنهارة لخسارة زوجها، قبل أن تحيا بحرية، فكانت الزوجة هي من تطالب بتشريح الجثة.
-وظفت جوليا أكثر من مئتين شخص لمعاونتها، وكانوا من الثقات بالنسبة لها ومن بينهم ابنتها، كما وظفت القس الروماني الكاثوليكي "الأب جيرولامو"، وكان هو من يؤمن لها الزرنيخ بكميات كبيرة، من خلال شقيقه الصيدلي.
-وهكذا استطاعت جوليا توفانا أن تخدع السطات لعقود، ويقال استمرت في عملها لمدة خمسين عام.
وربما كانت ستخدع الجميع إلى الأبد لولا موجة تأنيب الضمير التي انتابت إحدى النساء عندما دست السم لزوجها في الطعام.
السبب في إعدامها بعد ما ساهمت في قتل ما يزيد عن 600 رجل
- وكانت نهاية توفانا عام١٦٥٠، على يد امرأة، جاءت إليها تشتكي من ظلم زوجها وضربه المستمر لها، فشجعتها على التخلص منه للأبد. فاشترت منها أكوا توفانا، ووضعت لزوجها قطرتين في وعاء الحساء، لكن وقبل أن يتناول الرجل الملعقة الأولى من الطعام ، توسلت إليه باكية ألا يتناوله، مما أثار شكوكه وغضب من زوجته، واستمر في ضربها حتى اعترفت بتسميم الطعام، فقام على الفور بتسليم زوجته إلى السلطات، وبعد أن تعرضت للتعذيب، اعترفت بأنها اشترت السم من |جوليا توفانا|.
-طالبت السلطات بعد تلك الحادثة، بالقبض على توفانا، ولكن شعبيتها الكبيرة في روما، جعلتها تنجو في البداية، وقام السكان المحليون بحمايتها، وتوفير ملجأ لها وملاذ في الكنيسة.
-وظهرت فئة من الناس تتهمها بالقتل العمد وبتسميم مياه الشرب، فهاجمت الشرطة الكنيسة واعتقلتها، تحت التعذيب اعترفت توفانا بقتل مالا يقل عن ستمائة رجل بالسم، ومن بينهم زوجها.
-كما تم إلقاء القبض على بعض النساء اللواتي استخدمن السم لقتل أزواجهن وحكم عليهم بالإعدام، وفيما استطاع بعضهم الهرب تماماً من العقاب، بحجة عدم معرفتهم أن "أكوا توفانا" كان سماً قاتلاً.
-تم إعدامها مع ابنتها جيرولاما سبيرا، وثلاثة مساعدين آخرين في تموز عام ١٦٥٩، وبعد وفاتها، تم إلقاء جسدها فوق الحائط من الكنيسة التي لجأت إليها.
بقلمي: تهاني الشويكي
إرسال تعليق
كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك