لماذا لايستطيع أحد قراءة هذه الكتاب -الجزء الثالث تصميم الصورة وفاء مؤذن |
لاستكمال حديثنا الذي تم في الجزء الثاني تابعوا معنا.
- هناك نظرية قوية تقول: أن الإمبراطور قام بشرائه من المنجم الإنكليزي إدوارد كيلي، الذي كان يَدعي أنه يستطيع التواصل مع الأرواح والملائكة، من أيام حياته في إنكلترا، حيث كان يعمل هناك، وطرد من عمله بسبب اتهامه بتزوير مستندات رسمية، وتم قطع إحدى أذنيه عقاباً له، حيث كان يخفيها إما بشعره الطويل أو بارتداء القبعات، وبعد ذلك غادر إنكلترا، وسافر إلى عدة بلاد أوربية، وكان يَدعي بأنه عالم.
- وعندما عرف بأن الإمبراطور الروماني يحب العلم والأشياء النادرة والغريبة، بما أن أغلب حاشيته كانت من العلماء والأطباء، فقد قرر إدوارد التقرب منه ليكون واحد منهم، وادعى أنه عالم كيميائي، وأنه يستطيع تحويل المواد العادية لذهب، وعلى ما يبدو أنه استطاع خداعه بالحيلة وخفة اليد وبمساعدة بعض الأشخاص الذين تعاونوا معه خفيةً، فاستطاع إبهاره بقدراته التي كانت مجرد خدعة.
فهل صنع ادوارد الكتاب بشكل غريب ليشد انتباه الإمبراطور إليه
- وقد كان جّل تفكيره كيف سيكون بإمكانه الحصول على الأموال من الإمبراطور، فقرر أن يصنع كتاب بلغة غريبة، ويخبره بأنه كتاب نادر، في علم الملائكة والأرواح، وكان هذه الكتاب نتيجة تواصله معهم.
- حيث قام باستخدام مهارات التزوير التي يملكها، واستخدام مواد غالية الثمن، ليستطيع صناعته بأعلى مستوى إحترافي، وقام بعرضه على الإمبراطور واستطاع إقناعه بأن قيمته تساوي ستمائة عملة معدنية من الأموال المستخدمة في ذلك الوقت، فقيمته اليوم تقدر بمليونين غرام من الذهب، مقارنةً بقيمته في القرون الماضية.
تحليل صفحات الكتاب
-وبذلك بقيت هذه النظرية سائدة لفترة، واعتبر |إدوارد كيلي| هو الذي صنع هذا الكتاب من دون معنى، فقط لخداع الإمبراطور، ولكن تم نفي هذه النظرية، بعد القيام بتحليل التاريخ الكربوني لأوراق الكتاب، فلم يكن بمقدورهم القيام بهذا التحليل من قبل، لأنهم كانوا يحتاجون لقص جزء كبير من صفحات الكتاب، وكان هذا مرفوض تماماً، لأنه يعتبر |مخطوطة أثرية|.
-فلم يكن لديهم سوى التحليل المجهري الذي بين أن الكتاب يعود للقرن الخامس أو السادس عشر، ولكن مع تطور التكنولوجيا أصبح هناك إمكانية لإجراء هذا التحليل من دون أن ينقص جزء مهما كان بسيط من صفحات الكتاب.
- وقام الخبراء حديثاً بأخذ عينات من صفحات مختلفة من الكتاب، للقيام بالتحليل الكربوني الذي يبين لهم بدقة تاريخ الجلد الحيواني الذي صنعت منه، وأظهرت النتائج أن هذا الكتاب يعود لبدايات القرن الثالث عشر، وأن الجلد المستخدم يعود ما بين عام ١٤٠٤-١٤٣٨، وهذا الاكتشاف الحديث حطم الكثير من النظريات التي كانت تدور حول هذا الكتاب ومن ضمنها النظرية حول إدوارد كيلي، وهناك نظريات أخرى تقول أن |ليونارد دافنشي| هو مؤلف الكتاب، ونظريات أخرى عن عباقرة وعلماء، ولكن كلها انهارت وأُلغيت بظهور نتائج التحليل الكربوني.
-هذا الاكتشاف جعل العلماء في حيرة أكبر، ولم يستطيعوا معرفة أصل هذا الكتاب حتى يومنا هذا، وحاول علماء فك الشيفرات فهم معنى اللغة التي كُتب فيها، ومن أشهر العلماء والأكثر احترافاً على مر التاريخ |ويليام فريدمان|، والذي يعتبره الكثيرون أكبر عالم فك شيفرات في العصر الحديث، وكان قائد قسم الأبحاث في الجيش الأمريكي من عام١٩٣٠، وكان هو وفريقه مسؤولين عن فك شيفرة الجيش الياباني في الحرب العالمية الثانية، والتي كانت مفتاح انتصار أمريكا.
- كان لديه اهتمام كبير وفضول حول كتاب فوينيتش، فقام بجمع فريق من خبراء فك الشيفرات، وبدأ بمحاولة فك شيفرة هذا الكتاب، ومحاولة فهم رموزه ولغته، و استمرت أبحاثهم لمدة أربعين عام، وبعد كل هذا الوقت، كانت النتيجة التي وصل لها فريدمان أن حل شيفرة هذا الكتاب مستحيلة، والسبب أن هذه اللغة في الواقع ليس لها أي معنى.
- أما في العصر الحديث، كان هناك محاولات لاستخدام الحاسوب والذكاء الاصطناعي لتحليل نصوص الكتاب، وقاموا بإدخال كل حرف موجود فيه على قاعدة بيانات ضخمة، لتحليل ومقارنة أنماط توزيع الأحرف والكلمات ما بين النص الموجود في الكتاب ونصوص اللغات المستخدمة في وقتنا الحالي، وكانت النتيجة أن الكثير من الأحرف والكلمات يتشابه توزيعها وتكرارها مع اللغات المعروفة، ولكنها لاتتماشى مع أنماط هذه اللغات.
- وكأن هذا الكتاب صنع على يد شخص فائق الذكاء، استطاع تركيب النصوص لتبدو لك عندما تحاول قراءة الكتاب لأول المرة أن هذه اللغة معروفة، ولكن ليس لها معنى في نفس الوقت، وهذا هو الغريب في الكتاب.
- وبالرغم من كل هذا التقدم والتطور والتكنولوجيا والتحليلات التقنية المتقدمة، مازال هذا الكتاب لغز غامض عجز الجميع عن حله.
فهل سيأتي يوم ما ويتم الكشف عن سره؟ أم أنه مجرد خدعة مصنوعة باحترافية ليس لها مثيل؟
وهل من الممكن أن يكون هناك لغات لم يستطع الإنسان الكشف عنها؟
وهل من الممكن أن يكون الكتاب آخر ما تبقى من حضارة اندثرت؟
بقلمي: تهاني الشويكي
إرسال تعليق
كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك