|
عثروا عليه مقتولاً وسط غرفة الفندق بأغرب طريقة يمكن أن تتخيلها تصميم الصورة : وفاء المؤذن |
لغز الغرفة ٣٤٨
وجدث الجثة وسط غرفة في الفندق من دون وجود أي آثار للعنف أو التعذيب عليها، وبدت كأنها وفاة طبيعية ولكن بعد أن تم أخذ الجثة للطبيب الشرعي بدأت الأحداث تتعقد.
من المستحيل لأحد أن يتوقع نهاية هذه القصة أو حتى يخمن ما حدث بالفعل.
لذلك دعونا نسرد أحداث هذه القصة ونتعمق في تفاصيلها ونكتشف خفايا هذه القصة الغريبة.
تبدأ أحداث قصتنا في ١٥أيلول عام ٢٠١٠ مع شخص يدعى جريغ فلننيكن في العقد الخامس من عمره، دخل إلى فندق اسمه (elegante ) في مدينة بومونت التي تقع في |ولاية تكساس الأمريكية|.
في تلك الفترة كان يذهب كل أسبوع إلى تلك المدينة ويأخذ غرفة في الفندق، وهذا ما كان يطلبه عمله في إحدى شركات البترول، وكانت مهمته تأمين عقود الإيجار للأراضي التي ترغب الشركة في الحفر فيها.
وصف تفاصيل الغرفة
في ذلك اليوم كانت الأمور على ما يرام وتجري كما هو معتاد، وعندما دخل الغرفة (٣٤٨) كان الحمام على يده اليمنى، وأيضاً يوجد سرير كبير يكفي لشخصين على يمينه، وفي الجهة المقابلة للسرير على الجانب الأيسر للغرفة يوجد تلفاز معلق على الجدار، وفي داخل الغرفة يوجد نافذة على الجدار المقابل للباب، تطل على المسبح الموجود في حديقة الفندق، ويوجد أريكة صغيرة بجانب النافذة.
خلع جريغ حذائه بني اللون ووضعه على جانب الباب، وفتح حقيبة السفر ليخرج أغراضه وعلق ملابسه في الخزانة، وارتدى ثياب النوم واستلقى على السرير وكان يشاهد التلفاز، ولم يكن جريغ بطبعه يحب الخروج كثيراً، كان دائماً يحب أن يعيش بهدوء بعيداً عن صخب المدينة، لدرجة أنه كان يطلب الطعام للغرفة.
وهناك شيئ مهم يجب أن يبقى في بالنا، أنه كان دائماً يحب أن يترك جهاز التكييف على درجة منخفضة جداً، وفي ذلك الوقت كان الجو حاراً جداً. وخاصةً في ولاية تكساس حيث من الممكن ترتفع درجات الحرارة بشكل كبير مقارنةً بباقي الولايات الأمريكية.
وبسبب الحرارة المرتفعة قام بتشغيله على أكثر درجة تبريد ووضع قوة دفع الهواء في أعلى مستوياتها، وجلس يشاهد التلفاز، ويدخن السجائر. وهذه نقطة مهمة جداً فقد كان مدخن من الدرجة الأولى، فلم يكن يهتم بصحته أبداً، حتى من ناحية طعامه لم يكن لديه أي تحفظ، ورغم ذلك فقد كان جسده متناسقاً ورشيق.
ومضت تلك الليلة، وجاء صباح اليوم التالي وعادةً كان جريغ يتصل بزوجته سوزي ويطمئن عليها، لكن على غير عادته لم يتصل بزوجته صباحاً، فاستغربت زوجته فليس من عادته أن يفعل ذلك، واتصلت به محاولةً الاطمئنان عليه، ولكن دون أي فائدة فهو لم يرد على هاتفه أبداً. وحاولت الاتصال على رقم مكتبه في مقر الشركة في ولاية تكساس وكانت نفس النتيجة وهي عدم الرد.
واستطاعت بعد عدة محاولات أن تتواصل مع زملائه في الشركة، وأبدوا استغرابهم وأخبروها بأنه لم يأتي إلى المكتب أيضاً، فليس من عادته أن يتأخر دون أن يخبر أحد.
مازلنا في البداية هناك أحداث مثيرة تنتظركم.
|
عثروا عليه مقتولاً وسط غرفة الفندق بأغرب طريقة يمكن أن تتخيلها تصميم الصورة : وفاء المؤذن |
وعندما شعر زملائه بتوتر زوجته وقلقها، قرروا الذهاب إلى الفندق ليطمئنوا عليه، وعندما وصلوا إلى الفندق وبالرغم من محاولتهم جعله يفتح باب الغرفة إلا أنه لم يجب على ندائهم أبداً، وفي الحال أخبروا إدارة الفندق والتي قامت بإرسال أحد الموظفين ليفتح الباب بالمفتاح الاحتياطي الموجود للطوارئ.
ماذا وجدوا داخل الغرفة؟
وهنا كانت الصدمة، حيث كان جريغ مستلقي على الأرض من دون حراك، ومن دون أي أثر يدل على أنه مازال على قيد الحياة، وكان يبدو وكأنه في بادئ الأمر قد سقط على ركبتيه، ومن ثم وقع على وجهه وكان مازال يمسك بيده اليسرى سيجارة مازالت بين أصابعه ويده اليسرى كانت تحت جسده، ممايعني بأنه فقد توازنه أثناء السقوط ووقع على جانبه الأيسر.
دخول الشرطة للغرفة
وعلى الفور تم الاتصال بالإسعاف، الذين وصلوا بعد عدة دقائق ومعهم الشرطة، وعلى رأسهم المحقق سكوت أبل، والذي أوكلت له مهمة التحقيق في هذه الحادثة، تم التقاط صور لمكان الحادثة والوضعية التي كانت عليها الجثة، قام المحقق بفحص كل أرجاء الغرفة، ولم يكن على الباب أي علامات عنف من كسر أو خلع، وكانت الغرفة مرتبة وليس هناك أي أثر لحدوث عراك أو محاولة للدفاع عن النفس.
قام المحقق بالبحث في أغراض جريغ الشخصية، ووجد محفظته التي كانت تحتوي على حوالي ألف دولار، وهنا تأكد بأنها لم تكن محاولة للسرقة.
وبعد أن تم أخذ صور للضحية، تم قلب جسده للأعلى وألقى المحقق عليه نظرة فاحصة، ولم يكن هناك أي أثر لجروح أو دم أو عنف جسدي. والأثر الوحيد الذي لاحظه المحقق كان على جانب خده الأيسر، وكان السبب واضح وهو سقوطه على الأرض.
مجريات التحقيق
لم يكن هناك أي احتمال بأنه قد تعرض للضرب أو الاعتداء أو القتل، وبعد انتهاء المحقق من فحص الغرفة والجثة، بدأ باستجواب موظفين الفندق، وسألهم إذا حدث أي أمر غريب الليلة الماضية، فأخبره أحد الموظفين بأن جريغ حاول أن يصنع حبات الذرة المفرقعة بالحرارة(الفوشار)، ووضعه في جهاز تسخين(|المايكرويف|)، مما أدى إلى حدوث ماس كهربائي ، وانقطعت الكهرباء عن غرفته وبعض الغرف المجاورة له في نفس الطابق، وتحدث جريغ مع موظفين الفندق، أرسلوا عامل الصيانة الذي قام بإعادة تشغيل الكهرباء من القاطع الرئيسي.
وحدث انقطاع الكهرباء تقريباً حوالي الساعة الثامنة مساءً، وفي هذا الوقت كان جريغ مازال حياً. والتحقيق لم ينتهي بعد وحاوا المحقق استجواب النزلاء في الغرف المجاورة،خاصةً الغرفة المجاورة له تماماً.
فهل سيكتشف المحقق شيئاً غريب في هذه الغرفة؟!!
|
عثروا عليه مقتولاً وسط غرفة الفندق بأغرب طريقة يمكن أن تتخيلها تصميم الصورة : وفاء المؤذن |
استجوب المحقق الموظفين، حتى أنه استجوب النزلاء في نفس الطابق، وكانت الغرفة المجاورة تماماً لغرفة جريغ فيها ثلاثة أشخاص يعملون في الكهرباء في إحدى شركات النفط المحلية، وعندما استجوبهم المحقق وسألهم إذا شعروا بوجود شيء غريب، ولكنهم لم يلاحظوا شيء سوى انقطاع الكهرباء، وبأنهم غير قادرين على تذكر كل التفاصيل لأنهم كانوا في حالة سُّكر.
وحتى ذلك الوقت لم يكن هناك ما يدل على عمل عنيف أو أي آثار لجريمة حدثت للضحية، وبدا الأمر وكأنها وفاة طبيعية.
زوجة الضحية والمحقق والطب الشرعي
وبعد أن أنهت الشرطة التحقيق والاستجواب، تم نقل الجثة إلى الطبيب الشرعي لفحصها، وفي تلك الأثناء، اتصل المحقق بسوزي زوجة الضحية وأخبرها بالأمر، والتي كانت في حالة حزن شديد ومصدومة من الخبر، واتجهت على الفور إلى ولاية تكساس مع بعض أقاربها.
بين لها المحقق بأن التحقيقات بينت بأن الوفاة طبيعية، وليس هناك أي دليل عن حدوث جريمة قتل، والتي أبدت تفهمها للموضوع، وأخبرت المحقق بأنها كانت تشعر بأن عادات جريغ الصحية السيئة وقلة اهتمامه بنفسه سيكون السبب لوفاته، فقد كان مدخن شره جداً، ويشرب بشكل مستمر خاصة في أيام شبابه، وأيضاً كان يأكل كل ما تشتهيه نفسه، وأنها كانت دائماً تحذره من عاداته الصحية السيئة، وأنها قد تكون سبب في وفاته أو تسبب له |نوبة قلبية|.
ولم يكن المحقق وحده من يعتقد أن وفاة الضحية كانت بشكل طبيعي بل حتى زوجته كانت متأكدة من ذلك.
وفي تلك الأثناء كان الطبيب الشرعي يشرح الجثة ويفحصها فحص كامل، وكان اسم الطبيب تومي براون وهو أكبر طبيب شرعي في مدينة بومونت، وكان لديه فكره مسبقة بسبب كلام المحقق بأنها وفاة طبيعية، فلم يكن هناك آثار ضرب أو اعتداء على جسد الضحية، ماعدا الجرح على خده الأيسر بسبب سقوطه على الأرض.
لكن الطبيب الشرعي اكتشف جرح صغير آخر في منطقة الأعضاء التناسلية من الأسفل على الجهة اليسرى لكنه كان بسيط جداً ولا يلفت الانتباه، لكن كان هناك شيء آخر شد انتباه الطبيب وكان صادم بشكل كبير، ولم يتوقع أن يرى هكذا مشهد في حياته.
فبعد أن قام بتشريح الجثة تفاجئ بأن جسد جريغ من الداخل محطم بشكل مخيف، كان هناك علامات لنزيف داخلي شديد، وتلف في الكثير من أعضائه الداخلية يمتد من وسط جسده حتى |منطقة الصدر| والقلب، حتى أن معدته كانت مفتوحة والطعام خارجها. كانت عظامه متكسرة والدم يغطي منطقة الصدر بالكامل، وكان هناك فتحة في قلبه.
وماحدث في جسده وكأنه قد تعرض لحادث عنيف أو ضرب بشدة وعنف. لم يكن هذا المشهد منطقي فليس هناك على جسده أي علامة تدل على أنه تعرض للضرب المبرح.
ولكن ماذا حدث له؟
|
عثروا عليه مقتولاً وسط غرفة الفندق بأغرب طريقة يمكن أن تتخيلها تصميم الصورة : وفاء المؤذن |
صدم الطبيب بوضع جسد جريغ الداخلي، فلم يرى من قبل أي حالة شبيهة لها، ومع الوضع الداخلي للأعضاء كتب الطبيب في تقريره بأن الوفاة ليست طبيعية وإنما سببها القتل وأن السبب الظاهر هو الضرب.
عندما رأى المحقق تقرير الطبيب الشرعي تفاجئ، فلم يكن ظاهر على الجثة أي آثار ضرب أو عنف، وكان المحقق في حيرة من أمره وغير قادر أن يتخذ قراره في الأمر، وبما أن الطبيب تبين معه من التشريح أنها عملية قتل أو أن الضحية دهس بسيارة فلا بد أن يأخذ الأمر بعين الاعتبار ويحقق في الأمر.
البدء بالتحقيق لمعرفة مجريات الأحداث
استجوب المحقق موظفين الفندق والأشخاص المتواجدين بالقرب من غرفة جريغ مرة أخرى، ولكنه لم يستطع إيجاد طرف خيط في هذه القضية يساعده على معرفة ماذا حدث مع الضحية.
وفي محاولة منه للحصول على أي معلومة تساعده في هذا التحقيق، حاول أن يحصل على معلومات من زوجته وعائلته عن ماضيه، ولكنه كان شخص عادي جداً ولم يكن متورط بأي شيء أو مشترك بنشاطات مشبوهة، وهنا شعر المحقق بأن كل الأبواب مغلقة أمامه، ولم يستطع أن يمسك بطرف خيط ليتبعه في هذه القضية.
مرت سبعة شهور على هذه الحادثة الغريبة بدون أي تقدم بالقضية، فلم يتمكن المحقق من الحصول على أي نتيجة، وقررت سوزي زوجة الضحية أن تقوم بتعيين محقق خاص للبحث في القضية، واقترح عليها أقاربها أن تعين محقق اسمه كين برينت وكان واحداً من أشهر وأقوى المحققين في مجال التحقيق الخاص.
وخلال مشواره المهني تمكن من حل العديد من القضايا الكبيرة والمعقدة، وكان يظهر في العديد من برامج التلفاز و الوثائقيات التي تتحدث عن قضاياه.
وعندما سمع المحقق بالقضية وتفاصيلها كان عنده فضول لمعرفة ماحدث، وبالرغم من أنه كان منشغل في حل قضايا أخرى، ولكن بسبب غرابة هذه القضية قرر أن يقبل العمل فيها، وقد كان المحقق كين شرطي سابق وأيضاً عميل خاص لهيئة |مكافحة المخدرات| لفترة طويلة من حياته المهنية، وبعد أن تقاعد من العمل قرر أن يصبح محقق خاص.
وأول خطوة قام بها هي السفر إلى الولاية التي كان يعيش فيه جريغ وعائلته، وقابل زوجته وبدأ يطرح عليها أسئلة حساسة وخاصة جداً، وكان من الواضح أن علاقتهم كانت على ما يرام، وكانت تعتبر زوجها رجل جيد من كل الجوانب.
وسألها المحقق كين إذا رأت أي شيء غريب عند اكتشاف الجثة، فأخبرته بأن الشيء الوحيد الذي لاحظته أن الغرفة كانت حارة جداً وليس من عادة زوجها أن يطفئ جهاز التكييف، وبالطبع هي لم تكن موجودة أثناء اكتشاف الجثة ولكن من تقرير المحقق أبل وما ذكره زملائه أمامها عرفت هذه المعلومة.
وغادر المحقق إلى ولاية تكساس مدينة بومونت حيث حدثت الجريمة.
ماذا تتوقع أن يجد هناك؟
تهاني الشويكي
إرسال تعليق
كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك