من هم الفايكنغ ؟ و كيف هزمهم المسلمين ؟ تصميم الصورة : وفاء المؤذن |
و نراهم في الأفلام الأجنبية على أنهم قبيلة من الوحوش يرتدون فرو الدببة ، و يهزمون أي جيش يقف أمامهم
سنتحدث عنهم بكل حيادية لكي نفهم حكايتهم . يجب أن نعرف أن مصطلح" فايكنج " كان يتم إطلاقه على القبائل الجرمانية التي سكنت المناطق الاسكندنافية ، و هي كلمة باللغة النوردية القديمة معناها " الجماعات التي تعيش في مناطق الخلجان " ، و تحديداً خلجان الجزر المنتشرة في شمال غرب أوروبا.
و حسب ما تم ذكره من قبل المؤرخين من |حقبة الفايكنج| ، فهم كانوا جماعات تعبد آلهة وثنية مثل " أودين ' إله الحرب و " سور " إله الرعد و " قندر " إله الضوء .
وكانوا مؤمنين بالبعث مثل القبائل الألمانية في هذا الوقت ، و أنهم سوف يخلدون في جنة فالهالا مع هذه الآلهة .
وفي مطلع القرن الثامن الميلادي ، بدأوا يتوافدون على المناطق الجنوبية من |قارة أوروبا| ، لكي يتاجرون مع جيرانهم الذين يعملون في الزراعة ، و هذا لأنها كانت هذه حرفتهم ، نظراً إلى أنهم عاشوا في مناطق ساحلية .
و في هذا الوقت بدأوا ينظمون أنفسهم بشكل جيد ، و اندمجت زعماء القبائل مع بعض ، لكي يحاولوا أن يغزوا المجتمعات الزراعية الموجودة حولهم .
* الغارات التي شنوها الفايكنغ
في سنة ٧٩٣ م شنوا أول غارة على |الجزر البريطانية| ، و بعدها هجموا على مناطق فرنسية تابعة للامبراطورية الكارولينجية.
لكن رغم قوتهم الجسدية و عقيدتهم القتالية التي اشتهرت بالشجاعة والوحشية ، إلا أن عددهم كان قليل نسبياً مقارنة بجيوش هذه الأماكن و بالتالي كانت غزواتهم أقرب إلى الكر و الفر.
أي يهجمون على الأراضي لكي ينهبوا خيراتها بسرعة خلال أيام قليلة ، و بعد ذلك يرحلون قبل أن تستعد لهم جيوش هذه الأماكن .
و هنا لجأ الفايكنج إلى حيلة ذكية ، و هي أن يضموا قبائل بدائية معروفين باسم " البرسركيين " لقواتهم .
وكلمة |برسرك| معناها الهائج أو الغاضب ، و بدؤوا الفايكنغ يستخدمونهم في الغارات على الدول المجاورة ، و هذه القبائل هي التي جعلت العالم كله يخاف من مواجهة الفايكنج ، حيث كانوا قبائل بربرية تلبس جلود و فرو الدبب على أجسادهم ، بعد أن يصارعوها و يقتلونها بأيديهم العارية، و قوتهم كانت تفوق أي إنسان في العالم ، و هذا لأنهم كانوا يحاربون بغضب شديد لا أحد يعرف سببه حتى الآن .
من هم الفايكنغ ؟ و كيف هزمهم المسلمين ؟ تصميم الصورة : وفاء المؤذن |
قبائل البرسركيين كانوا هم نخبة محاربين الفايكنج ، و الشخص الواحد منهم كان يستطيع أن يتصدى لعشر رجال أقوياء في وقت واحد ، و الغريب أنهم أثناء الحرب كانوا يتعرضوا لجروح و طعنات قاتلة ، و مع ذلك كانوا يستمرون في القتال كأنهم لا يشعرون بالإصابة.
و الذي جعل العالم يهابهم أكثر و يعتقد أنهم ليسوا بشر بل حيوانات مفترسة ، هو مظهرهم و سلوكياتهم أثناء القتال ، حيث كان المحارب منهم يعوي و يزأر أثناء المعركة ، و بعد انتهائها بصوت معذب مخيف ، و كأن سرب من |الذئاب| أو الأسود هجمت على هذا المكان ، و كانوا يحاربون بهمجية و وحشية فظيعة ، لدرجة أنهم كانوا ينهشون أحياناً لحم الجندي الذي أمامهم .
وفي هذا الوقت أصبحوا الفايكنج قوة لا يستهان بها ، و اسمهم كان معروف عالمياً على أنهم جماعة من الوحوش غير الآدميين نهائياً .
وكان الخبر بأنهم متواجدون في منطقة ، يكون معناه إبادة سكان هذه المنطقة ، و هذا لأنهم استعمروا أجزاء كبيرة من إنجلترا و فرنسا و روسيا و إيرلندا ، بالإضافة لخضوع جميع |الدول الاسكندنافية| لقيادتهم مثل السويد و الدنمارك و النرويج و فنلندا .
ما هو سبب قتالهم الوحشي من وجهة نظر المفسرين و العلماء ؟
و الحقيقة أن العلماء حتى الآن لا يعرفون سر غضب البرسركيين أثناء القتال ، و هناك انقسام في الآراء بينهم ، و هذا لأن عدد كبير من العلماء رأى أنهم كانوا يتعاطون أعشاب مخدرة مثل فطر عيش الغراب الزبابي ، و هذه الأعشاب هي التي تفقدهم القدرة على الإحساس و الشعور بالألم أو التعب ، و الدليل على ذلك أن جميع المصادر تقول بأنهم كانوا يغرقون في فترات نوم طويلة و عميقة بعد المعركة و كانت تمتد أحياناً لأيام .
من هم الفايكنغ ؟ و كيف هزمهم المسلمين ؟ تصميم الصورة : وفاء المؤذن |
أما الجانب الآخر من الباحثين يعتقدون أنهم جماعة بربرية مجنونة ، كانوا مصابين بأمراض عقلية وراثية، و هي التي تجعلهم يشعرون بالغضب بشكل تلقائي و غير مبرر مع بداية المعركة.
لقد زودوا أسطولهم البحري الذي تعمدوا إظهاره بشكل مخيف ، فكانوا يضعون على سفنهم الضخمة تمثال لمخلوق أشبه بالأفعى.
وبمجرد أن يلمحوا مراقبين الأبراج الأسطول يقترب من السواحل ، كانوا يهربون بسرعة مع سكان المدينة قبل أن تصل السفن .
و الذين يظلون واقفين أمامهم و مهما كانت قوتهم وعددهم ، فكان محاربين الفايكنغ يقتلونهم في وقت قصير جداً ، و تتحول المعركة إلى سيرة مرعبة يرددها سكان المدن المجاورة.
* محاربة الفايكنغ للمسلمين و من الذي انتصر بالنهاية
و ظل هذا لغاية ٢٥ سبتمبر سنة ٨٤٤ ميلادياً ، حيث كانت جيوش الفايكنج في عز قوتها وجبروتها ، لدرجة أن هذه الحقبة من التاريخ يطلق عليها عصر الفايكنج ، فقرروا أن يحاربوا إسبانيا التي كانت تابعة في هذا الوقت للحكم الأموي للمسلمين.
و بالفعل دخلوا بسفنهم الضخمة سواحل |مدينة الأندلس| ، و غزوا الأراضي الاشبيلية في ٣ أكتوبر.
وفي هذا الوقت تحديداً كانت الأندلس تمر بمرحلة شديدة الاضطراب ، و هذا لان العباسيين عندما أخذوا الحكم من الأمويين ، رفض المسلمين في الأندلس الاعتراف بالخلافة العباسية ، و أعلنوها دولة مستقلة عاصمتها قرطبة ، فاستطاع الفايكنج أن يدخلوا الأراضي بكل سهولة ، و ينهبوا خيراتها و يستعمروها أيضاً.
لكن عندما سمع الأمير عبد الرحمن الأوسط حاكم الأندلس خبر سقوط اشبيلية على يد قوات الفايكنج ، أمر بتجهيز جيش كبير بقيادة عيسى ابن شهيد و أرسل إلى عمال المدن المجاورة لكي يحثهم على الجهاد مع قائد الجيش
من هم الفايكنغ ؟ و كيف هزمهم المسلمين ؟ تصميم الصورة : وفاء المؤذن |
وكان منهم عدد كبير من البرسركيين ، و تم تدمير أسطولهم بالكامل ، و استولوا على أكثر من ٣٠ سفينة ضخمة تخصهم ، و حسب شهادات جميع المؤرخين العرب مثل ابن قوطية و ابن عزاري المراكشي و النويري ، و المؤرخين الاسبانيين في |معركة طليطلة| التي حدثت في ١١ نوفمبر سنة ٨٤٤ م ، حيث أذلت قوات الفايكنغ و تم القضاء على أسطورتهم التي أرعبت العالم لسنين طويلة. لدرجة أن زعيمهم هاستيم و الملك يان ايرون سايد توسلوا إلى الأمير عبد الرحمن الأوسط حاكم الاندلس ، لكي يسمح لهم بالعودة و الخروج من إشبيليا بسلام ، مقابل أن يسلموا كل الغنائم التي حصلوا عليها.
لكن الأمير اعتبرهم قبائل مجوسية لا يجوز التفاوض معهم ، و أمر الجيش بأن يستمروا في قتالهم لغاية أن تتم إبادتهم بالكامل ، و ظلت سفن المسلمين تلاحق سفن الفايكنج إلى أن غادروا شبه الجزيرة الايبيرية للأبد ، و أصبح علم أو راية المسلمين بمثابة نظير شؤم على أي محارب من قوات الفايكنغ ، بعد أن عادوا إلى أراضيهم خاسرين .
أمر الحاكم عبد الرحمن الأوسط بتجهيز الدروع و تحصين مدينة إشبيليا ، لكي تعود أقوى من السابق ، و بدأت تظهر الحركات التفسيرية في المدن الأوروبية ، و استطاعت أن تجذب عدد كبير من الفايكنغ لكي تدعوهم إلى اعتناق المسيحية ، و بدأ عصرهم ينتهي بهزيمتهم في معركة جسر ستانفورد ، التي كانت ضد الملك هاروس جارد وينسون حاكم انجلترا سنة ١٠٦٦ م
و توالت هزائمهم من فرنسا و إنجلترا و إيرلندا. لغاية أن اصبحت الديانة المسيحية هي العقيدة الرسمية للدولة الاسكندنافية في أواخر القرن الحادي عشر.
إرسال تعليق
كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك