هل سمعت يوما عن دول تستعمر الدول والشعوب - الجزء الثاني تصميم الصورة وفاء مؤذن |
سنكمل ماتم ذكره في مقالنا السابق.
التوجّه البريطاني نحو الصين
لم تجد الشركة مخرجاً لها من وضعها المالي المتردي، سوى البحث عن تجارةٍ أخرى أو عن بلدٍ أخرى تستعمرها، فتوجّهت انظارها نحو الصين، وكانت المنتجات الصينية حينها ذائعة الصيت، مثل الحرير والخزف والشاي، ولكن الامبراطور الصيني لم يقبل التعامل مع البريطانيين إلا بشروطٍ صعبةٍ جداً، فقد خشي أن تكرر قصة |الشركة البريطانية| في الهند مع الصين.
شروط الصين القاسية على البريطانيين
جعل الإمبراطور الصيني التعاملات التجارية مع الشركات الأجنبية في حدودها الدنيا، ووضع لها موانئ محددةً يمكنهم الوقوف فيها والتعامل معها، كما فرض عليها أن تدفع ثمن ما تشتريه بالفضة حصراً، ولم يقبل أي موادٍ تجاريةٍ أخرى بدل الفضة، ولم تكن تلك الشروط تشكل عبئاً ثقيلاً على البريطانيين في بادئ الأمر، ولكن ذلك لم يدم طويلاً.
غرق بريطانيا في المشاكل والديون:
وجدت بريطانيا نفسها تدفع الكثير من مخزونها ومواردها من الفضة في الأسواق الصينية، والصين لم تكن تشتري أية بضائع من بريطانيا، ومع انخفاض مخزون الفضة البريطانية، وتوقف وارداتها من الفضة من أمريكا الجنوبية بسبب |الحروب|، وبسبب تعلّق البريطانيين الكبير بالشاي، حيث كان 10% من إنفاق البريطانيين يذهب لشراء الشاي، فقد قرّرت الشركة البريطانية إنهاء هذه المشكلة بشكلٍ أو بآخر.
فشل المباحثات الدبلوماسية:
أرسلت الحكومة البريطانية مبعوثاً رسمياً للتفاوض مع الإمبراطور الصيني، على أمل إقناعه بإقامة تبادلاتٍ تجاريةٍ بين البلدين، وكان المبعوث يحمل معه الكثير من الهدايا، غير أنه لم يستطع ثني الإمبراطور عن سياسته التجارية مع بريطانيا، وهنا لم يبقَ أمام البريطانيين سوى ضرب |الاقتصاد الصيني| عبر إغراق أسواقها بالأفيون.
تجارةٌ جديدةٌ تعوض خسائر البريطانيين
كان الصينيون يتعاطون الأفيون مسبقاً، ولكن الأفيون الصيني لم يكن يسبب إدماناً خطيراً، فبدأت الشركة البريطانية بضخ الأفيون الهندي في الأسواق الصينية عن طريق المهربين، وكان الأفيون الهندي هو أفخر أنواع الأفيون وأكثرها خطراً، وقد استطاع البريطانيون جني أرباحٍ كثيرةٍ من تهريب الأفيون إلى الصين عن طريق الهند.
الحملة الصينية ضد تجارة الأفيون:
أصبح الكثير من الصينيين مدمنون على الأفيون، فقل عملهم وانتاجهم، في حين بدأت خزائن بريطانيا والشركة البريطانية تمتلئ من جديد، فأدرك الإمبراطور الصيني خطورة ما يحدث، فأطلق حملةً واسعةً ضد تجارة |الأفيون|، وصادر كمياتٍ كبيرةً من الأفيون واحرقها، أما المدمنون فأدخلهم في مصحاتٍ لعلاجهم من الإدمان، كما ألقى القبض على الكثير من تجار الأفيون.
الحرب ضد الصين هي الحل الأخير
وجدت بريطانيا نفسها امام خسائر كبيرةٍ بسبب خسارتها لتجارة الأفيون في الصين، فقامت بشن حربٍ طاحنةٍ ضد الصين، فهزمتهم واجبرتهم على قبول تجارة الأفيون بالقوة، وعلى فتح السوق الصيني أمام التجار البريطانيين، وليس ذلك فقط بل أجبرت بريطانيا الصين على التخلي عن جزءٍ من أرضها للتاج الملكي البريطاني، وتلك الأرض هي هونكونغ.
استبدال الشركة المستعمرة بمستعمرٍ آخر:
في سنة 1852 بدأت حركات التمرد ضد الشركة البريطانية تنشط في الهند، فقامت الشركة بقمع تلك الحركات بشتى أنواع القتل والأسر والتعذيب، فتدخلت الحكومة البريطانية لحل الخلافات وفض النزاعات، فقامت بحل تلك الشركة ووضعت يدها على كل أعمالها وأموالها، وأعلنت بأن التاج الملكي أصبح الحاكم الفعلي للهند بدل تلك الشركة منذ سنة 1857.
إذا كانت المعلومات التي قدمناها عن الشركة المستعمرة جديدةً عليك، فشارك المقال مع أصدقائك.
بقلمي: سليمان أبو طافش
إرسال تعليق
كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك