|
الرعب النووي بين المعسكر الرأسمالي وأحفاد ستالين -الجزء الأول تصميم وفاء المؤذن |
لطالما كانت الحرب الباردة سيدة الموقف بين |المعسكر الشيوعي السوفييتي| و|الرأس مالي الأمريكي|، فحلم القوة العظمة المهيمنة على الكوكب أصبح قاسم مشترك يؤرق كلاً من المعسكرين، ويدعوهما لتحريك دمائهم على الساحة العالمية من أجل تحقيق الأهداف المرجوة، التي هي السيطرة على مواطن القوة في هذا العالم الرحب، وفي خضم هذه الحرب برز ملف خطير جداً وهو |الملف النووي|، ماهي أبعاده؟ وكيف تم استغلاله بينهما؟ هذا ما سنتعرف عليه في مقالنا التالي، فكونوا على أهب الاستعداد وهيا بنا ...
-شارل بروكر مؤلف مسلسل بلاك ميرور، في أحد اللقاءات التي أقيمت معه، سؤل عن سبب رؤيته السوداوية للمستقبل القريب، فالتكنولوجيا صورت على أنها سبب في ضياع البشرية، على عكس التصورات في كونها سبباً لارتقاء الشعوب وتخليصها من تخلفها ورجعيتها، فكان جوابه أن مراهقته التي كانت في الثمانينيات من القرن الماضي، هي السبب فكان معاصرته للرعب النووي سبباً مباشراً للسوداوية التي أبداها المسلسل الغريب.
ماهي بداية حكاية الرعب النووي
في البداية، كانت عَلاقة البشر بالطاقة النووية تعتبر عِلاقة متشابكة ومعقدة جداً من أول الانبهار، ولحد التقديس، فعند اكتشاف |اليورانيوم| و|الراديوم|، كانت ردة الفعل غاية في الغرابة، فكان التصور على أن هذه الطاقة ستكون المخلص لكل مآسي البشر، فمثلاً فريدريك سودي، أحد أبرز رواد |الإشعاع النووي| في عام 1922 في كتابه شرح الراديوم، يقول: لو تمكنا كبشر من التحكم في الطاقة النووية، سنتمكن من جعل الصحاري رياض خضراء، وسننشر العمران في القطبين المتجمدين الشمالي والجنوبي، وسيتحول العالم إلى جنة من جِنان الله على هذه الأرض، ففي هذه الحِقْبَة الزمنية، كان ينظر للطاقة النووية على أنها سحر عظيم، وأن لها إمكانات لا محدودة.
|
الرعب النووي بين المعسكر الرأسمالي وأحفاد ستالين -الجزء الأول تصميم وفاء المؤذن |
كيف تحول الأمر لكارثة
عندما تم اكتشاف خطر لإشعاع النووي، أصبح الأمر يأخذ منحى أخر أشد خطورة، لاسيما حينما قام الأمريكيين باستخدام هذه الطاقة في الاستخدام العسكري، حيث أطلقت قنبلتين ذريتين على كل من |هيروشيما| و|ناغازاكي|، أبادتا البشر والحجر، لتأتي بعدها الحرب الباردة، وتوجهت الأنظار نحو رؤية شيطانية مخيفة لهذه الطاقة، فلم تعد المخلص للبشرية إنما التهديد الأول لزوالها، وهذا الأمر دفع أحد العلماء الذين شاركوا بصناعة أول قنبلة ذرية في التاريخ، لإبداء تخوفهم الشديد بعد ضرب المدينتين اليابانيتين، فالناس كانت سعيدة جداً، الأمر الذي شكل أزمة وجودية للعلماء الذين يعون حجم الكارثة وأبعادها الكارثية أيضاً، ومن هنا بدأ مسلسل الرعب النووي...
متى زاد الرعب النووي بشكل أكبر
عام 1952، بدأ الرعب النووي يتزايد أكثر فأكثر، وذلك بعد صنع أول |قنبلة هيدروجينية| في العالم، وجاء بعدهم السوفييت عام 1953، وهذا الرعب يعود لكون القنبلة الهيدروجينية أقوى بألف مرة من القنبلة النووية، ففكرة وجود هذا النوع من |أسلحة الدمار الشامل|
هي فكرة مرعبة بحد ذاتها، بغض النظر عن مالكي هذه الطاقة والقوة، وبعد هذا العام بدأت الدول الأوروبية الآسيوية وغيرها من امتلاك برامج نووية بالكامل.
كيف أثرت الفكرة على يوميات البشر
بدأت الفكرة تؤثر على عقول الناس وحياتهم اليومية، لدرجة أن مجموعة من العلماء قاموا بإنشاء ساعة أسموها بساعة يوم القيامة، أعدت على أساس مجموعة من العمليات الحسابية المعقدة، ولم يقتصر الأمر على ذلك وحسب، بل أقيمت برامج توعوية بعنوان كيف
تحمي نفسك لو تم ضرب قنبلة نووية، وعلى الرغم من أنها كانت حملة كوميدية إلا أنها كانت مدروسة بعناية فائقة، ومع هذه الحملة بدأت تقوم الكثير من الحملات التوعوية في هذا المجال.
|
الرعب النووي بين المعسكر الرأسمالي وأحفاد ستالين -الجزء الأول تصميم وفاء المؤذن |
الأمر الذي شكل رعب غير مسبوق بالنسبة للناس، الأمر الذي دفعهم لمناهضة سياسات حكومتهم في مجال |الدراسات النووية|، وامتلاك السلاح النووي أصلاً، وعلى الرغم أن المظاهرات المناهضة للطاقة النووية كانت كبيرة جداً، إلا أن التخوف من التطور السوفييتي في هذا المجال جعلهم لا يتوقفون عن أبحاثهم التطويرية في مجال الطاقة النووية.
كيف واجهت الولايات المتحدة الأمريكية المناهضات الشعبية لترسانتها النووية
قامت الحكومة الأمريكية بأحد أذكى الحملات الإعلامية التي كانت هدفها إعادة ثقة الشعب في الحلم النووي الأمريكي، لتنشئ والت ديزني الذي قام بدوره بإنشاء فيلم من كتابته وإنتاجه، بعنوان الذرة صديقتنا، ليصور الذرة على أنها كجني المصباح الممتلك لقوة هائلة،
ولكونه شرير فإن إعادته لمصباحه وإخراجه بشروطك الخاصة، سيحوله إلى عبد مأمور لك، ولم يقتصر الأمر على وولت ديزني فهذه الحملة الإعلامية استهدفت أيضاً شركة فورد لصناعة السيارات، فهذه الشركة قامت بالتصريح عام 1957 بأنها ستصنع سيارة بعد أقل من 5 سنوات تعمل على الطاقة النووية، لكن الموضوع لم يكن وليد اللحظة، بل كان قد بدأ منذ خطاب الرئيس الأمريكي آيزنهاور عام 1952، عندما كان خطابه يستهدف القِوَى العامة من أجل إخراج حلول سلمية مستدامة من الطاقة النووية.
كيف تمثلت التوجهات للاستخدام السلمي للطاقة النووية في الولايات المتحدة الأمريكية
بدأت حملات من قبل الحكومة الأمريكية من أجل الترويج للاستخدام السلمي للطاقة النووية، كالحدائق النووية مثلاً التي ستتمكن من إنتاج محاصيل أكثر وبوفرة أكبر، ولم تكتف الحكومة الأمريكية بهذا القدر، بل أصبح التشجيع يصل لمراحل متقدمة هكذا حتى تم إنشاء
|الوكالة الدولية للطاقة الذرية| عام 1957، التي كان من أهم أهداف هذه الوكالة تنظيم استخدام الطاقة النووية في العالم.
في
الجزء التالي من مقالنا الشيق سنتابع المزيد من المعلومات الشيقة التي تحبس الأنفاس حول الخوف والذعر من الأسلحة النووية وأسلحة التدمير الشامل …
بقلمي: ميس الصالح
إرسال تعليق
كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك