كُن كالماء، لتشعر بالسّعادة تصميم الصورة رزان الحموي |
عندما كنت في المدرسة الثّانوية، ما كان هدفك في ذلك الوقت؟
على الأرجح أنّك حلمت مراراً وتكراراً بإنهاء الدّراسة الثّانوية، ومن ثمّ دخول الجامعة، واعتقدت حينها أنّ قمّة السّعادة سوف تكون بانتظارك هناك.
بالطّبع عند دخولك الجامعة لم تشعر بأي من مشاعر السّعادة، من الممكن أنّك شعرت ببعض |الفرح| المؤقّت ولكن لا تلبث أن تجد نفسك مكبّلاً بعشرات الدّروس والمحاضرات والوظائف العمليّة.
ما هي النّظرة السّائدة للنّاس للشّعور بالسّعادة
غالباً ما يربط البشر |شعور السّعادة| بأمور أخرى، فيقول أحدهم: سأصبح سعيداً عندما أحصل على ترقية في عملي، وتقول إحداهنّ: سوف أصبح سعيدة عندما أصل لذلك الوزن المثالي، ويقول آخر: سأصبح سعيداً عندما أتزوّج الفتاة الّتي أحب.
وفي النّهاية لا أحد من أولئك الأشخاص يشعر بالسّعادة عند تحقيق هدفه.
السّعادة المرتبطة بالشّروط
إنّ السّعادة المرتبطة بشروط معيّنة ما هي إلّا هباءً منثوراً.
قام أحد الباحثين بإجراء دراسة على فئة من الأشخاص، ومدى ارتباط السّعادة بالمال والإيمان والصّداقة، وكانت نتائج تلك الدّراسة مثيرة للاهتمام.
فعلى سبيل المثال كانت أحد محاور الدّراسة قد تعقّبت مستوى السّعادة بنسبة ارتفاع دخل الأفراد، حيث أنّ فئة من النّاس قد ربطوا سعادتهم بارتفاع أجورهم الشّهريّة، ومع مرور الزّمن وخلال الدّراسة قد ارتفع بالفعل دخل أولئك الأفراد بنسبة تصل حتّى ثلاثة أضعاف، إلّا أنّ نسبة الأشخاص السّعداء لم تتغيّر!
دراسة الدّكتور ميهالي
قام |الطّبيب النّفساني| الّذي يدعى Mihaly Csikszentmihalyi بإجراء بعض الدّراسات المعمّقة عن السّعادة، وطرح أسئلة عن علاقة مشاعر البشر بالسّعادة، وقد قام بالعديد من المقابلات مع الكثير من الأشخاص مثل العلماء والفنّانين وتوصّل في النّهاية إلى النّتيجة الآتية:
السّعادة تتظاهر بشعور في نفس الإنسان يدعى "|شعور الانسياب|".
شعور الإنسياب: مصطلح لا نسمع عنه كثيراً، ولا يروّجه لنا الإعلام، أن تكون انسيابيّاً كالماء، أن تُفرغ عقلك من كل المشكلات.
فوجد الدكتور ميهالي أنّ شعور الانسيابيّة يقع ضمن المهام ذات درجة مرتفعة من الصّعوبة ويتطلّب مهارات عالية.
كيف يمكننا فهم شعور الانسيابيّة؟
تخيّل نفسك تلعب لعبة الكترونية على الحاسوب أو على الـ Play station، على الرّغم من تقدّمك في مستويات اللّعبة وازدياد اللّعبة صعوبة، إلّا أنّك تستطيع أن تمضي عدّة ساعات متيبّساً أمام الشّاشة ومستمتعاً بلعبتك، دون أي شعور بالتّعب ولا أي استنفاذ للطّاقة، وبعد التّوقّف عن اللّعب تبدأ آلام الفقرات بالظّهور ويبدأ شعور الجوع، وهذا بالضّبط ما يسمّى "الشّعور الانسيابي".
ما أهمّيّة الشّعور بالانسياب
1- يسبّب الشّعور بالانسياب تشوّهاً بإدراك الوقت، فتشعر وكأنّك أمضيت دقائق قليلة بإنجاز ما تريد، على الرّغم من استنفاذك لساعات طويلة في ذلك العمل.
2- الشّعور بالانسياب هو الجدار الّذي يفصلنا عن العباقرة والموهوبين، فأي شخص متميّز بأي شيء هو فقط يشعر بالانسياب أثناء عمله، مثل العازف الماهر والنّجّار المتميّز والرّياضيّ الموهوب.
3- تقول بعض الدّراسات أنّ الشّعور بالانسياب يجعل الإنسان ينجز عدد أكبر من المهام.
في النّهاية يجب أن نعلم جميعاً أنّ السّعادة هي شعور ينبع من داخل الإنسان، ولا يتعلّق نهائيّاً بالمادّيّات.
إرسال تعليق
كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك