شَطَائِرُ جَدَّتِي اللَّذِيذَةُ |
أقَامَ وَالدَايَ وَليِمَةً لِجَدَّتِي فِي أَحَدِ أيَّامِ شَهْرِ رَمَضَانَ المُبَارَك
وفي المَسَاءِ أَحضَرَ وَالِدِي جَدَّتِي وَقَد حَمَلَ مَعَهُ الكَثيِرَ مِنَ الأغراض احتِفَالاً بِقُدوُمِ الجَدَّةِ
وَكَانَتْ جَدَّتِي قَد عَوَّدَتْنَا أَنْ تُحضِرَ لَنَا مَعَهَا فِي كُلِّ زِيَارَةٍ الشَّطَائِرَ اللَّذِيذَةَ الَّتِي نُحِبُّهَا ، لَكِنَّهَا فِي هَذِهِ المَرَّةِ لَمْ تُحْضِرْ لنا مَعَهَا شَطَائِرَها الَّتِي نَنْتَظِرُهَا بِلَهْفَةٍ، وَمَعَ أنَنَا شَعَرنَا بخَيْبَةِ أَمَلٍ ، لَكِنَّنَا لَمْ نَجْرُؤ عَلَىٰ الإِفْصَاحِ عَنْ رَأيِِنَا كَي لا نُشْعِرَهَا بِالحَرَجِ .
أَعَدَّتْ وَالِدَتِي مَائِدَةً عَامِرَةً بِالمَاكُولاتِ الشَّهِيَّةِ وَالحسَاءِ اللَّذِيذِ .
كَانَ الطَّبَقُ الرَّئِيسِيُّ بَطَّةً كَبِيرَةً مَحشُوَّةً بِالأَرُزِّ وَاللَّحمِ َوالمُكَسَّرَاتِ ،وَقَد تَوَسَّطَتِ المَائِدَةَ بِزُهُّوٍ وَبَدَا َمَنْظَرُهَا شَهِيَّاً جِدَّاً ،وَرَائِحَتُهَا زَكِيَّةً تُسِيلُ اللُّعَابَ
وَمَا أنْ دَوَّىٰ صَوْٰتُ مَدفَعِ الإفْطَارِ ،وَصَدَحَ المؤذن بأذَانِ المَغْرِبِ ،حَتَّىٰ بَدْأنَا بِدُعَاءِ الإِفطَارِ وَبِشُربِ المَاءِ وَبعضِ العَصَائِرِ الطَّازَجَةِ ، ثُمَّ تَنَاوَلنَا التَّمرَ اللَّذِيذَ ،رَيْثَمَا تَصُبُّ لنَا مَامَا الحِسَاءَ
وَلَكِنْ مَا أنْ تَذَوَّقنَاهُ حَتَّىٰ عَلَتْ وِجُوهُنَا دَهْشَةً مَمزُوُجَةً بِاستِغرَابٍ وَامتعَاضٍ
فَقَد كَانَ الحِسَاءُ.... َبلِ الطَّعَامُ وَكُلُّ مَا عَلىٰ المَائِدَةِ حَامِضَاً لِدَرَجِةٍ غَيْرَ مَقْبُولَةٍ وَلَا ُمُسْتَسَاغَةٍ أبَدَاً
بَدَا الَأمرُِ غَرِيِبَاً جِدَّاً ،وعَلتْ وَجَهَ أمي الدَّهْشَةُ وَالارتبَِاكُ وقالت لَا بُدَّ أَنَّ هُناَكَ سَبَبَاً مَا وَرَاءَ َذلِكَ ثُمَّ نَظَرَتْ إِلَىٰ وَجُوُهِنَا مُتَفَحِّصَةً وَقَالَتْ مُتَسَائِلَةً :
هَلْ أَحَبَّ أحَدُكُمْ المُزاَحَ بِهَذِهِ الطَّرِيقَةِ المُزْعِجَةِ يَا أَوْلَادُ ؟
هَزَّ الجَمِيعُ رُؤوسَهُمْ بِالنَّفِي....
كَانَتْ مَامَا غَاضِبَةً مُنْزَعِجَةً فَقَد شَعَرَتْ بِالحَرَجِ أمَامَ جَدَّتِي .
فَجْأَةً وَقَفَتْ أخْتِي سُعَادُ وَقَالَتْ : تَذَكَّرتُ أَمرَاً مَامَا ... لَقَد وَجَدتُ بِالأَمسِ كِيِسَ مِلْحٍ عَلىٰ طَاوِلَةِ المَطبَخِ ،فَأفْرَغْتُهُ فِي عُلبَةِ المِلْحِ
قَالَتْ مَامَا : وَمِنْ أيْنَ أتَىٰ كِيِسُ المِلْحِ ؟
قَاطَعَهَا سَامِي قَائِلَاً وَهُوَ يَلتَفِتُ إلَىٰ أُخُتِهِ : هَذِهِ أنْتِ إذَاً؟؟.....
لَقَد نَسِيَ رَفِيقِي أحمَدُ كِيسَاً مِنْ حَامِضِ اللَّيْمُوُنِ كَانَتْ أمُّهُ قَد أَوْصَتْهُ عَلَيْهِ وَنَسِيَهُ مَعِي وَقَد وَضَعتُهُ عَلَىٰ طَاوِلَةِ الْمَطْبَخِ رَيثَمَا أقُومُ بتَبْدِيِلِ ثيابً المَْلعَبِ، لكِنِّي أضَعْتُهُ وَقد بَحَثْتُ عَنْهُ كَثِيِرَاً ولَمْ أجِدهُ .
تنََهَّدَتْ مَامَا قَد اتَّضَحَ الأَمرُ الآنَ .
أَنْتِ أخذْتِهِ وأفرَغْتِهِ فِي عُلْبَةِ الملِحِ
قَالَ سَامِي : مُحتَّدَاً لَقَد جَعَلتِنِي أشْعُرُ بِالإِحرَاجِ أمَامَ صَدِيقِي وَسَبَّبْتِ لَهُ مُشْكِلَةً مَعَ أُمِّهِ
قَالَتْ سُعَادُ اعتَذِرُ مَامَا.... أعتَذِرُ أخِي حَسِبتُهُ مِلْحَاً ِإنَّهُ يُشْبِهُ المِلْحَ تَمَامَاً
هدأت مَامَا قَلِِيلَاً وقَالَتْ : كَانَ يَجْدُرُ بِكِ أًنْ تَتَأَكَّدِي أوَّلَاً هَا قَد أَخطَأتِ التَّقْدِيرَ بُنَيَّتِي
تَلعْثَمَتْ سَعَادُ وَقَالَتْ بِحُزنٍ : حَسِبْتُ أَنِّي أُسَاعِدُكِ
قَالَتْ مَامَا : بِرَغْمِ حُسْنِ نِيَّتِكِ أَفْسَدتِ مَائِدَة بِأكْمَلِهَا وَالآنَ ... مَاذَا سَنَأكُلُ؟
قَالَتْ سُعَادُ : كَانَ الكِيسُ مَفْتُوحَاً وَخِفْتُ أنْ يَنْسَكِبَ المِلْحُ عَلَىٰ الأَرض .
وَقَفَ سَامِي وَقَالَ بِعَصَبِيَّةٍ : تَأكَّدتُ الآنَ أكْثَرَ بِأنَّهُ هُوْ نَفْسُهُ كِيِِسُ صَدِيقِي أحمَدُ أنَا فَتَحتُهُ بِيْدَيَّ لِأتََأكَّدَ أنَّه كِيِسِ الحَمْضِ .
التَفَتَتْ إلَيْهِ مَامَا وَقَالَتْ لِسَامِي مُعَاتِبَةً : طَالَمَا أنَّكَ أضَعتَ كِيسَ رَفِيقِكَ فِي البَيْتِ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَسْألَنَا عَنْهُ وأَنْ تُعلِمَنَا بِضَيَاعِهِ هَا أنَا لَمْ أعلَمْ بأِمرِهِ إلَّا الآنَ وانْظُر مَاذَا كَانَتِ النَتِيِجَةُ..
هَزَّ بَابَا رَأسَهُ وَقَالَ لِسَامِي : كَلاَمُ أُمِّكَ صَحِيِحٌ
قَد أَخطَأتَ لِأَنَّكَ فَتَحتَ كِيسَ الحَمضِ،وَهُوَ لَيسَ لَكَ ثُمَّ تَرَكْتَهُ مَفْتُوحَاً...
وَفَوقَ هَذَا لَمْ تُعلِمْ أَحَدَاًبِوُجُودِهِ لَقَد تَسَبَّبْتَ فِي كُلِّ هِذِهِ الفَوْضَىٰ
تَنَهَّدَ سَامِي وَقَالَ : بِخَجَلٍ أنْتَ مُحِقٌّ أبِي أعتَذِرُ مِنْكُمْ جَمِيعَاً .
ابتَسَمَتِ الجَدَّةُ بِحنَانٍ وَقَالَتْ : لابَأْسَ يَا أَوْلاَدُ المُهِمُّ أَنَّ الخَطَأ لَمْ يَكُنْ مَقْصُودَاً
سَنُحَاوِلُ أَنَا وَأمُّكُمْ إصْلاَحَ مَا يُمكِنُ إصلاَحُهُ بَعدَ الِإفْطاَرِ لَاسِيَّمَا تِْلكَ البَطَّةُ الحَامِضَةُ
وَالآنَ لَيْسَ أمَامَكُم خِيَارٌ آخَرُ سَتَأكُلوُنَ شَطَائِرَ جَدَّتِكُمُ الشَّهِيَّةَ
فَهتَفْنَا بِصَوتٍ وَاحِدٍ : لَكِنَّكِ لَمْ تُحضِري مَعَكِ شَطَائِرَاً يَا جَدَّة!!
الَتفَتَتْ جَدَّتِي إِلَىٰ أَبِي وَهِيَ تنظر إلِيْهِ مِنْ فَوْقِ نَظَّارَاتِهَا وَسَأَلَتْهُ أيْنَ هِيَ شَطَائِرِي؟
ِإنِّي لَا أَرَاهَا عَلَىٰ المَائِدَةِ ؟...لَقَدأعدَدتُ لَكُمْ تَشكِيِلَةً مُتَنَوِّعَةً بِالجُبْن ِوالدَّجَاجِ وَالخُضَار والزَّعتَرِ !!
ضَرَبَ أبِي عَلَىٰ جُبْهَتِهِ : مُؤَكَّدٌ أَنِّي نَسِيِتهَا فِي السَيَّارَةِ ... فَقَد كُنْتُ أحَمِلُ أغْرَاضَاً كَثيِرَةً
وَمَا هِيَ إلَّا دَقَائِقَ مًعدُوُدَةً ، حَتَّىٰ كُنَّا نَسْتَمْتعُ بالتِهَامِ الشَّطَائِرِ اللَّذِيِذَةِ ، ونَحنُ نَنْظُرُ بِحَسْرَةٍ إلىٰ تلِكَ البَطَّةِ
تنَهَّدَتْ مَامَا ثُمَّ ابتَسَمَتْ وَقَالَتْ للِْجَدَّةِ : سَلِمَتْ يَدَاكِ أُمِّي لَقَد أنْقَذَتْنَا شَطَائِرُكِ
وَنحْنُ هَتَفْنَا بِفَرَحٍ تَحيَا جَدَّتِي تَحيَا شَطَائِرُ جَدَّتِي اللَّذِيذَةُ
مَا رأَيُكُمْ بِالقِصَّةِ أحبَابِي الصِّغَار
مَنْ بِرَأْيِكُمْ كَانَ مُخْطِئَاً أكْثَر سَامِي أمْ سُعَادُ؟
أنتظر أن أعرف ماذا تعلمتم من قصّة اليوم في التعليقات بلهفة ..
🤍دمتم برعاية الله أحبائي🤍
👵🏻كانت معكم جدتكم المُحبَّة هدى الزعبي
إرسال تعليق
كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك