كيف وضعت أمريكا يدها على خزائن روسيا وهل يتهور بوتين - الجزء الأول تصميم وفاء المؤذن |
ما تمر به روسيا اليوم
-تتعرض روسيا في الأسابيع القليلة الماضية إلى حرب اقتصادية شرسة، تدمر عملتها المحلية وتهدد استقرارها، وتعتبر عملية اغتيال اقتصادي لم تحدث من قبل لبلد بهذا الحجم.
-فالعقوبات الاقتصادية تنهال على روسيا كالمطر، منذ أن أعلنت |الحرب| على أوكرانيا، وقررت الغزو فعلياً، فقد خسر |الروبل الروسي| نصف قيمته منذ أيام قليلة أمام الدولار، ويجري أغلب الروس إلى البنوك في عملية بيع للروبل!!
-وتعتبر هذه كارثة كبيرة على اقتصاد مثل الاقتصاد الروسي، حيث تعتبر أساساته ليست في أفضل حالها، فالرئيس الروسي |بوتين| كان معتمد على احتياطات البلد من النقد الأجنبي، ولكن جزء كبير من هذه الاحتياطات تمت سرقته منذ عدة أيام بجرَّة قلم.
- ولو تجاهلنا وجود عائدات الغاز والنفط، سنجد أن روسيا خاسرة اقتصادياً أمام العقوبات الاقتصادية الأمريكية.
ولكن السؤال الذي يراود الجميع، أين اختفت احتياطيات روسية من النقد الأجنبي؟
ماذا فعل الأمريكان والأوروبيين بهذه الاحتياطات؟
ولماذا ينهار الروبل بمستويات غير مسبوقة؟ وكيف سيؤثر هذا الانهيار على الاقتصاد الروسي؟
ولكن السؤال الأهم ما هو وضع احتياطات روسية الضخمة من الذهب؟ هل ستتمكن من إنقاذ روسيا اقتصادياً.
- في ٢٤شباط من العام الحالي ٢٠٢٢، دخلت روسيا الحرب مع أوكرانيا وهي تمتلك خامس أكبر احتياطي من العملات الأجنبية في العالم، ولكن هذه الأموال اختفت!
فأكثر من ٦٤٣مليار دولار لم يتبقى مع روسيا منهم سوى القليل! أما الباقي فلا تستطيع التصرف به بالرغم من أنه يعتبر من أملاكها على الورق، فكيف حصل مثل هذا الأمر؟
ماهي هذه الاحتياطات التي تملكها روسيا
- في بداية هذه السنة ٢٠٢٢، نشر البنك المركزي الروسي على موقعه الرسمي، تقرير يوضح فيه كل التفاصيل التي تخص احتياطاته من الذهب و|النقد الأجنبي|، وبعد فترة قصيرة جداً تم حذف هذا التقرير من قبل البنك المركزي من على موقعه الرسمي، وذلك عندما وجد أن الإعلام الغربي مهتم بالبيانات الخاصة به.
مضمون التقرير
وبما أنه لايمكن حذف شيء على الأنترنت، تمكن بعض الخبراء من استرجاع التقرير ومعرفة التفاصيل الموجودة فيه.
وحسب المعلومات الواردة في التقرير، أن الاحتياطات الروسية اعتباراً من تاريخ ٣٠ حزيران عام ٢٠٢١، تتكون من الآتي: ٣٢،٣% عبارة عن يورو، ٢١،٧% عبارة عن ذهب، ١٦،٤% دولار أمريكي، ١٣،١% ين صيني، ٦.٥% جنيه إسترليني، ١٠%عملات أخرى (ين ياباني، دولار كندي، دولار استرالي، دولار سنغافوري).
ولكن السؤال المهم هو أين هي هذه الأموال؟
وأين تضعها روسيا؟
كيف وضعت أمريكا يدها على خزائن روسيا وهل يتهور بوتين - الجزء الأول تصميم وفاء المؤذن |
أماكن تواجد الاحتياطي الروسي حسب مصادر روسية
- وحسب ماقاله الروس، بأنهم يعيشون في عالم يحترم قوانين وقواعد السوق الحرة، بناءً على الاقتصاد المعولم الذي يعيش فيه العالم. وتبين بأن روسيا تحتفظ بهذه الاحتياطات فيما لا يقل عن تسعة دول. ٢١،٧% موجودة في روسيا بصورة |ذهب|، أما الباقي فهم موزعين كالتالي ١٣،٨% في الصين، ١٢،٢% في فرنسا، ١٠% في اليابان، ٩،٥% في ألمانيا، ٦،٦% في أمريكا، ٥% في مؤسسات مالية دولية، ٤،٥% في بريطانيا، ٣% في النمسا، ٢.٨% في كندا، وهناك ١٠،٧% من الاحتياطيات لا أحد يعرف أين هي؟
ما هو الشيء المشترك بين الدول حيث تضع روسيا احتياطاتها
- من غير تفكير لو استبعدنا الصين من الأمر، سنجد أن باقي الدول تقف ضد روسيا في حربها على أوكرانيا، وعندما فكرت هذه الدول كيف بإمكانها ردع روسيا وإيذائها اقتصادياً حتى تتراجع عن غزو أوكرانيا، لم تجد طريقة أفضل أو أكثر فعالية من قيامها بتجميد أصول |البنك المركزي الروسي| واحتياطاته وتمنعه من الحصول عليهم، وهذه الحركة أفقدت روسيا في لحظة درعها الاقتصادي الأهم.
عقوبات ضد روسيا بما يخص الاحتياطي النقدي
- في٢٦شباط الفائت ( عام ٢٠٢٢)، صدر بيان مشترك عن الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وكندا، أعلنوا فيه عن بعض الإجراءات، وكان الهدف الرئيسي منها هو منع البنك المركزي الروسي، من القدرة على الوصول لاحتياطاته من النقد الأجنبي الموجودة في الخارج.
-بعد ذلك بثلاثة أيام وتحديداً في ١آذار عام ٢٠٢٢، انضمت اليابان لباقي الدول، وأعلنت تجميد أصول البنك المركزي الروسي الموجود عندها، ومثل هذا النوع من العقوبات، تم فرضه من قبل على فنزويلا وإيران ومؤخراً على أفغانستان.
ولكن لأول مرة في التاريخ يتم فرض مثل هذه العقوبات على دولة من فئة العشرين، حيث تم حرمان روسيا من حوالي ٤٠٠ مليار دولار من احتياطاتها من النقد الأجنبي الموجود في الخارج بجَّرة قلم، ويوجد فقط ١٣٩مليار دولار بصورة ذهب تحت سيطرة روسيا.
-والمثير للسخرية، أنه حتى ٢٢٩٩ طن من الذهب الذين تمتلكهم روسيا، غالباً لن تتمكن من الاستفادة منهم، لأن قدرتها على بيع الذهب، أصبح أمر مشكوك فيه في ظل |العقوبات| التي تنهال عليها كالمطر، وهذا ما جعلها دولة منبوذة بشكل شبه كامل على الساحة الدولية.
-حتى سويسرا المعروف عنها أنها لا تتخذ أي موقف ضد أي قضية أو حرب، تخلت عن حياديتها التاريخية، وفي شهر شباط الفائت من هذا العام، أعلنت أنها ستطبق جميع العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي على المؤسسات والأفراد الروس.
يجب التنويه إلى أن ذهب بهذه الكمية لن تتمكن روسيا من بيعه، ولو تمكنت من ذلك، فسوف تجد صعوبة في نقله أو تسليمه في ظل إجراءات الحظر الجوي المفروضة على طيرانها.
والسؤال الآن لك عزيزي القارئ ما هو وضع الاحتياطات الموجودة في الصين؟
كيف وضعت أمريكا يدها على خزائن روسيا وهل يتهور بوتين - الجزء الأول تصميم وفاء المؤذن |
احتياطي روسيا الموجود في الصين
- تضع روسيا في |الصين| ما يعادل ٨٤ مليار دولار من احتياطاتها، ومن المفروض في ظل العلاقات الطيبة الموجودة بين روسيا والصين مؤخراً، أن تبقى هذه الأموال تحت سيطرة روسيا ويكون لديها القدرة على أخذهم في أي وقت.
هل فعلاً ستترك الصين لروسيا حرية الاستفادة من هذه الأموال
أجابنا على هذا السؤال عالم الاقتصاد الروسي (Sergei Guriev)، وقال بأن كل من يقول أنه من السهل على روسيا تسييل ذهبها أو الوصول إلى احتياطاتها الموجودة في الصين، فإنه لا يفقه شيئاً في خصوص مايحدث.
وصرح في حديثه بأن بيع الذهب الروسي سيكون صعب جداً، ومن الناحية الأخرى فإن البنوك الصينية سوف تخاف من العقوبات الأمريكية التي من الممكن أن تفرض عليها لو سمحت لروسيا بأخذ أموالها، وكان هذا الرأي مشابه تماماً لرأي النائب السابق لمحافظ البنك المركزي الروسي (Sergey Aleksashenko).
وفي فيديو نشره على اليوتيوب، اعتبر أن تجميد الغرب لأصول البنك المركزي يشبه قنبلة نووية تم رميها على روسيا، وسأل نفسه باستغراب بأن الذهب الخاص بروسيا سيتم بيعه لمن؟!
فهل انتهى الأمر بروسيا وخسرت آخر ورقة رابحة في يدها
- تحدثنا فيما سبق كيف أن روسيا تحتفظ بجزء من احتياطها النقدي في مؤسسات مالية دولية، وعلى سبيل المثال، اعتباراً من نهاية كانون الثاني الفائت كانت روسيا تملك ٢٤،١ مليار دولار كحقوق سحب خاصة عن |صندوق النقد الدولي|، فما وضع هذه الأموال؟
جميع من في العالم يعرف بأن قرار صندوق النقد الدولي واقعياً بيد الولايات المتحدة الأمريكية، وهذا يعني بأن روسيا غالباً لن تتمكن من الحصول على دولار واحد من هذه الأموال في ظل الظروف الحالية.
- السيولة الموجودة في يد البنك المركزي الروسي، والذي بإمكانه أن يقوم بوضعها على الطاولة في ظل الأوضاع الراهنة، هي فقط ١٢مليار دولار في صورة دولار أمريكي أو يورو، وهذا هو إجمالي الأموال النقدية الموجودة في خزنة البنك المركزي الروسي حالياً، وليس لديه أي صلاحية في التصرف بباقي الاحتياطي النقدي والذي يقدر بحوالي ٦٤٣ مليار دولار.
- ومن المؤكد بأن الوضع الاقتصادي داخل روسيا قد تأثر بشكل كبير في ظل العقوبات المفروضة عليها، وأيضاً نتيجة الحرب الروسية على أوكرانية، ومن الطبيعي أن تكون العملة الروسية المحلية قد تأثرت بما يجري.
وسنتحدث في الجزء التالي عن الوضع الاقتصادي لروسيا في ظل الظروف الراهنة.
بقلمي: تهاني الشويكي
إرسال تعليق
كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك