ما هي الأشكال المحتملة لنهاية عالمنا؟ تصميم الصورة : وفاء المؤذن |
ما الذي يدفع الكون إلى التمدد بعكس قوى الجاذبية؟
أصبح معروفاً ومؤكداً أن الكون يتوسّع في كل لحظة، وسرعة توسّعه تتزايد باستمرار، ولتفسير ذلك افترض العلماء وجود شيءٍ ما يدفع الكون إلى التمدد، وأطلقوا على ذلك الشيء اسم الطاقة المظلمة، ومع أن |أينشتاين| كان أول من طرح فكرة الطاقة المظلمة، فإنه لم يكن مقتنعاً بها، بل اعتبرها فكرةً ساذجةً وسخيفة، ولكن العلماء اليوم أصبحوا أكثر اقتناعاً بوجود تلك الطاقة، فهي التفسير الوحيد لتوسّع الكون بوجود قوى الجاذبية التي يجب أن تدفعه نحو الانكماش.
كيف نعرف أن الكون يتوسع؟
لاحظ العلماء بأن لون الضوء الصادر عن جسمٍ ما يميل إلى اللون الأحمر إذا كان ذلك الجسم يبتعد عنا، ويميل إلى اللون الزرق عندما يكون المصدر الضوئي يقترب منا، وعند مراقبة المجرات، اكتشف العلماء بأن أوانها جميعاً تنزاح نحو اللون الأحمر وهذت يعني شيئاً واحداً، وهو أن جميع المجرات تبتعد عن بعضها البعض، أي أن الكون يتمدد.
السيناريو الأول هو التمزّق العظيم
أول سيناريو محتملٍ لنهاية الكون، يسميه العلماء بالتمزّق العظيم، فخلال الصراع المستمر بين قوى الجاذبية و|الطاقة المظلمة|، يتوسّع الكون باستمرار وبسرعةٍ متزايدة، ويمكن الاستدلال على ذلك من خلال ملاحظة المسافات المتزايدة بين |المجرّات|، فجميع المجرّات تتباعد عن بعضها البعض، وخلال توسّع الكون فإنه يخلق نسيجاً جديداً للزمكان (الزمان والمكان)، وعندما يبلغ الكون حداّ معيناً للتوسّع ستصبح الجاذبية بلى جدوى.
عندما يتوقف الزمان
عندما تصبح قوى الجاذبية عاجزةً عن موازنة الطاقة المظلمة، وذلك بسبب التوسّع المتزايد للكون، فإن كل ما في الكون سيبدأ بالتمزّق، فبدايةً ستتمزق المجرات، وتنتشر أشلاؤها في كل مكان، ثم ستنفجر الثقوب السوداء والنجوم وفي النهاية ستنفجر الكواكب والمذنبات، وحتى الذرات ستتمزق وتنتشر مكوناتها الدقيقة، وسيتحول كل شيءٍ في الكون إلى جسيماتٍ صغيرةٍ سابحةٍ في فراغ الكون بسرعةٍ تفوق سرعة الضوء، وعندها سيتوقف الزمان.
هل هناك بدايةٌ جديدةٌ لكونٍ جديد؟
من المحتمل بعد أن يتحوّل كل شيءِ في الكون إلى غبار متناهي الصغر، أن تعود تلك الجسيمات الصغيرة إلى الاندماج معاً مجدداً، لتشكّل جسماً هائلاً ينسحق تحت قوة جاذبيته، فينكمش ليصبح نقطةً متناهيةً في الصغر، وبازدياد قوى الجاذبية التي تضغطها على نفسها، سيزداد الضغط والحرارة في قلب تلك النقطة، حتى تنفجر في النهاية معلنةً لحظة انفجارٍ عظيمٍ جيد، ونشأة كونٍ جديد.
ما هي الأشكال المحتملة لنهاية عالمنا؟ تصميم الصورة : وفاء المؤذن |
السيناريو الثاني هو التجمّد العظيم
السيناريو الثاني المحتمل لنهاية الكون هو ما يسميه العلماء بالتجمّد العظيم، بحيث يفترض بعض العلماء بأن توسّع الكون سيؤدي إلى ابتعاد مكوناته عن بعضها البعض، وبما أن غيوم الغاز ستتبعثر وتبتعد عن بعضها البعض، فإنها لن تكون قادرةً على الاندماج لتوليد المزيد من النجوم، ومع الوقت ستموت جميع النجوم الموجودة في الكون، وستختفي الشموس وتختفي معها الكواكب، وحتى الثقوب السوداء ستتبخّر يوماً ما بسبب |إشعاع هوكينغ|.
ما هو إشعاع هوكينغ؟
يقول العالم |ستيف هوكينغ| (ويوافقه على ذلك الكثير من العلماء)، بأن بعض الأشعة تستطيع الإفلات من جاذبية الثقوب السوداء بحسب نظرية الكم، وتلك الأشعة هي ما يسمى إشعاع هوكينغ، وذلك يعني بأن جزءً من مادة الثقب الأسود سينقص باستمرار، متحولاً إلى أشعةٍ هاربة، غير أن المادة التي يبتلعها الثقب الأسود ستبقى أكثر بكثيرٍ مما يخسره، ولكن عند غياب ما يبتلعه الثقب الأسود، فإن إشعاع هوكينغ سيكون كافياً لجعل الثقب الأسود يتبخّر ويختفي خلال مليارات السنين.
السيناريو الثالث هو الانسحاق العظيم
وهو السيناريو المحتمل الثالث لنهاية الكون، ووفق هذا السيناريو فإن بعض العلماء يعتقدون بأن كمية الطاقة المظلمة في الكون سوف تتناقص، فتتفوق عليها قوى الجاذبية، وعندها سيبدأ توسّع الكون بالتباطؤ، ثم سيتوقف، وبعد ذلك سيبدأ الكون بالانكماش تحت تأثير قوى الجاذبية، وكلما اقتربت مكونات الكون من بعضها البعض سيصبح الكون أكثر حرارةً، ومع الوقت ستندمج الثقوب السوداء مع بعضها وستلتهم كلَّ شيء.
مرّةً أخرى قد تكون النهاية بدايةً جديدة
في نهاية المطاف سيصبح الكون كلّه مجرّد ثقب أسود وحيد، وكل شيءٍ بداخله، ولكن بعض العلماء يرون بأن المرحلة التالية لذلك هي انفجارٌ عظيمٌ جديد، بحيث سينفجر ذلك |الثقب الأسود| الوحيد، تحت تأثير الضغط الهائل والحرارة الهائلة بداخله، فينشأ عن انفجاره كونٌ جديد، لتبدأ رحلةٌ جديدةٌ من رحلات الكون في النشوء والتطور ثم الدمار.
مهما كان شكل نهاية الكون، فهي نهايةٌ حتمية، ولكن الجيد في الأمر أن تلك النهاية مهما كانت فهي ليست قريبةً أبداً، وقد تستغرق مليارات السنين قبل أن نصل إليها، ولا أحد يدري أين سنكون حينها، فمن الأفضل ألا نشغل بالنا بذلك، ولكن إذا كانت لديك آراءٌ أخرى، فنأمل أن تشاركنا بها وأن تشارك المقال مع أصدقائك.
سليمان أبو طافش
إرسال تعليق
كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك