لماذا نشعر أن الحياة أسرع كلما تقدمنا بالعمر تصميم وفاء المؤذن |
الوقت بطيء جداً لأولئك الذين ينتظرون ... وسريع جداً لأولئك الذين يخافون.
وطويل جداً لأولئك الذين يحزنون ... وقصير جداً لأولئك الذين يفرحون.
وفي الحقيقة أن هذه المقولة واقعية بشكل كبير، وهذا لأن احساسنا بالوقت يكون مختلف من مرحلة لأخرى، ومن حالة لأخرى، ويمكن الشيء الذي نتفق عليه جميعاً هو أن احساسنا بالوقت يمر بسرعة كل ما نكبر.
وهل ياترى بالفعل أن الوقت يمر بسرعة كلما نكبر، ولا هذا مجرد إحساس وهمي وليس له أي أساس.
الإدراك
|الوقت| لو حسبناه ب|الدقائق|، و|الساعات|، و|السنين|، سنجد أن وتيرة الوقت ثابتة وقابلة للقياس، فمثلاً لا أحد يختلف اليوم كم هو بالشهر، والساعة ماهي في هذا الوقت، وكم بقي حتى تنتهي هذه السنة، كل هذا نتفق عليه.
ولكن الذي نختلف عليه، وأشد اختلاف هو احساسنا بمرور الوقت نفسه، أي أن البارحة كيف مر عليك وكيف مر علي شخص آخر سيكون مختلف تماماً عن بعض، ستجد أن أحدهم يقول أن البارحة كان طويل ولم ينتهي، وآخر يقول بأن البارحة مر بسرعة جداً ولدي الكثير من الأعمال ولم أنتهي منها.
ولذلك ظهر مصطلحين مختلفين للوقت، مصطلح اسمه |وقت العمل|، والثاني اسمه |وقت الساعة|، وهذا لأن احساسنا بالوقت يبقى مختلف تماماً عن الوقت الفعلي الذي يمر في الساعة بناءً على اختلاف المواقف التي نمر بها.
هل هذا الشعور يقتصر على المواقف المؤقتة التي نتعرض لها فقط
لا، لأن أحياناً شعورنا بأن الزمن يسرقها ويمر بسرعة يكون هذا الشعور دائم ونشعر به كل الوقت وخصوصاً بعدما نكبر، وإن في هذه المرحلة يكون تقديرنا للوقت مشوش وغير دقيق.
تجربة
في تجربة أجراها مجموعة من الباحثين على مجموعة متنوعة من الأطفال والشباب وكبار السن، والقائمين على التجربة أحضروا |ساعة مؤقت للزمن|، وأحضروا مجموعة الشباب وأخبروهم بأنهم سيقومون في تشغيل الساعة، والمطلوب أن يحسبوا في عقولهم مدة دقيقة واحدة وعندما تنتهي الدقيقة يخبروننا حتى نوقف الساعة، ثم نرى الشاشة إذا كان الوقت الذي حددوه صحيح أم لا، والمدهش أن مجموعة الشباب عندما حسبوا الدقيقة كان بالفعل يمر دقيقة أو دقيقة ثانية أو دقيقة وثانيتين فروقات طفيفة جداً، وهذا الكلام يعني أن إحساس الشباب بالوقت يكون صحيح ودقيق نوعاً ما.
وعند إعادة هذه التجربة مع الكبار بالسن، كانت النتيجة أنهم يتوقفون بعد مرور دقيقة ونصف أو بعد مرور دقيقتين، ولما أجروا هذه التجربة أيضاً مع الأطفال يوقفون الزمن بعد مرور ٤٠ ثانية تقريباً.
ومعنى ذلك أن كبار السن يمر الوقت عليهم بسرعة ويفوت وهم لا يشعرون مثل ماحصل في التجربة عندما مر دقيقتين كاملين وهم كانوا يعتقدون أنها دقيقة واحدة فقط، في حين أن الأطفال كانوا على العكس لأن الوقت يمر بالنسبة لهم بشكل أبطء الأطفال في التجربة النصف دقيقة تمر عليهم وكأنها دقيقة أي أن التوقيت لديهم مقسوم على اثنين، وهذا يعني أن الأطفال يشعرون بأن الوقت يمر ببطء أكثر من الوقت الحقيقي.
لماذا نشعر أن الحياة أسرع كلما تقدمنا بالعمر تصميم وفاء المؤذن |
التفسير العلمي للتجربة
بعدما لاحظنا أن الأطفال و كبار السن يستوعبون الوقت بشكل مختلف، هل يوجد أي تفسير علمي لهذا الكلام؟
هناك بحث تم نشره في ٢٠١٩ ميلادي في المجلة الأوروبية، والذي أعده أستاذ الهندسة الميكانيكية البروفسور أدريان بيجان، وشرح في بحثه السبب وراء إحساسنا أن الوقت يمر بسرعة كلما نكبر في العمر، وقال أن إحساسنا بالوقت ينقاس من خلال عدد الصور الذهنية التي يسجلها الدماغ ويخزنها في كل لحظة نمر بها عن طريق الحركة الرمشية للعين، وهذه الآلية التي تعمل بها العين في كل مرة نكون مركزين فيها على صورة أو جسم موجود أمامنا حتى ولو كان ثابت، وفي هذا الوقت الحدقة تبدأ في التحرك بسرعة وتنتقل مابين النقاط البارزة أو النقاط المميزة في الجسم الذي أمامنا، وكأن العين تقوم في عملية مسح شامل حتى تحفظ التفاصيل، وهذه الحركة تكون في أجزاء من الثانية دون أي مجهود منا، والتحكم بها يكون عن طريق الجهاز العصبي المركزي بصورة مباشرة، والذي كان بيجان يريد أن يثبته في البحث أن الحركة الرمشية عند الأطفال والرضع تكون سريعة جداً وتعمل بكفاءة عالية وتسجل الكثير من التفاصيل.
ولكن عندما نتقدم في العمر فإن هذه العملية تبدأ في أن تكون أبطأ وأبطأ، بل إن الدماغ مع تقدم العمر ينخفض فيه معدل التغيرات التي تحصل في الصور الذهنية التي يسجلها، ولا يكون قادر على نقل الإشارات والمعلومات بالسرعة التي كان ينقلها من قبل، بالإضافة إلى العامل المهم وهي العلاقة الطردية مابين الزيادة في العمر ومابين تطور الدماغ وزيادة تعقيدات مسارات نقل المعلومات، أي أن كلما تقدم الأشخاص في العمر تزيد الوصلات العصبية في المخ، وبالتالي يزيد معها تعقيد المسارات التي تنقل المعلومات بما فيها المعلومات البصرية.
• بورك لأمتي في بكورها
ولو أن ربط |مرور الوقت| بسرعة مع التقدم بالعمر، إلا أن الظاهرة الغريبة التي نعيشها جميعاً في هذا الوقت، سواء الكبار أو الصغار، أن الوقت يمر بسرعة كبيرة جداً، وتشعر كأن الوقت ليس فيه بركة.
كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم
لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان .. فتكون السنة كالشهر .. ويكون الشهر كالجمعة .. وتكون الجمعة كاليوم.. ويكون اليوم كالساعة .. وتكون الساعة كاحتراق السّعفة.
وعلى الرغم من هذا الشعور الجماعي، ومعظمنا نشعر به إلا أنه يوجد بعض الحلول البسيطة، وأولها هو أن نستيقظ باكراً، وأيضاً أن نقوم في تخطيط و|تنظيم الوقت|، وأن نقوم في تجارب جديدة ومختلفة مع التركيز على أي شيء يحصل من حولنا، ونتعلم أشياء جديدة بشكل دائم.
وهذه التجارب مع مرور الوقت سنشعر بأن هذا اليوم فعلاً كان فيه وقت لأن حصل فيه أحداث كثيرة.
بقلمي: ربا
إرسال تعليق
كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك