|
ما الذي لا تعرفه عن النودلز أو المعكرونة الاختراع الذي غير العالم -الجزء الثاني تصميم رزان الحموي |
تحدثنا في
الجزء السابق عن الفكرة التي جعلت من |النودلز| منتج عالمي، وعن الاختراع الذي ظهر في السوق وتفوق على المنتج الياباني، والانتشار الواسع للإندومي وكيف أثرت على العلاقات الخارجية.
تأثير الحرب الحالية في أوروبا على الأسعار
-وبما أن إندونيسيا غير قادرة على تغطية حاجتها من القمح، فإنها تلجأ للاستيراد من استراليا وأمريكا وروسيا وأوكرانيا، ومن أجل تصنيع كميات كبيرة من معكرونة الإندومي، وبالمناسبة فإن هناك قلق عالمي كبير في يومنا الحالي، من تأثير الحرب التي تدور في أوروبا على أسعار القمح، فعندما يرتفع سعر القمح فإن سعر المعكرونة يرتفع أيضاً، وتعتبر هذه مشكلة كبيرة لإندونيسيا.
الاستهلاك العالمي الكبير لهذا النوع من المعكرونة
-وربما سيخطر في بالك عزيزي القارئ سؤال مهم وهو:
ماهي المشكلة الكبرى في ارتفاع سعر القمح أو المعكرونة بما أن كل شيء يرتفع سعره في هذه الأيام؟
والمشكلة أن مصدر الخوف، هو أن هذا النوع من المعكرونة، يلعب دور هام في الأمن الغذائي العالمي!!. حيث أن المعكرونة سريعة التحضير تعتبر واحدة من أكثر الأطعمة استهلاكاً في العالم.
بيانات استهلاك دول العالم من هذا المنتج
مثال على ذلك، فقط في عام ٢٠٢٠ استهلك العالم أكثر من ١١٦مليار عبوة من المعكرونة سريعة التحضير، وأكثر الناس الذين تناولوا من هذه المعكرونة في عام ٢٠٢٠ هم الصينيين، حيث استهلكوا لوحدهم ٤٦ مليار و٣٥٠ مليون عبوة من هذه المعكرونة، ويأتي بعدهم الإندونيسيين حيث استهلكوا ١٢مليار و٦٤٠مليون عبوة، وبالمرتبة التي تليهم الفيتناميين، يقدر استهلاكهم بحوالي ٧ مليار عبوة، ويليهم الهنود فقد استهلكوا ٦مليار و٧٠٠مليون عبوة، ومن ثم اليابانيين بحوالي ٥مليار و ٩٠٠مليون عبوة، وأيضاً الأمريكان حوالي ٥مليار عبوة.
أما في الوطن العربي فإن أكثر دولة تستهلك المعكرونة سريعة التحضير هي السعودية، فقد استهلكوا٨٣٠ مليون عبوة، ثم المصريين ٣٥٠ عبوة، هذه البيانات توضح لنا كيف أن هذه المعكرونة أصبحت جزء مهم من |العادات الغذائية| لشعوب كثيرة، وبالأخص الطبقات الفقيرة والمتوسطة من الشعوب.
سبب اعتبار المعكرونة جزء من العادات الغذائية
يعتبر سعر المعكرونة سريعة التحضير رخيص نسبياً، مقارنة مع أنواع كثيرة من المأكولات، بالإضافة إلى طعمها اللذيذ والمحبب للكثيرين، مما يؤدي إلى إقبال كبير عليها خصوصاً من ذوي الدخل المحدود، وتحديداً في الأوقات الاقتصادية الصعبة.
نظرة الاقتصاديين
في الوقت الحالي ينظر خبراء الاقتصاد لاستهلاك البلد من المعكرونة سريعة التحضير على أنها مؤشر لحالتها الاقتصادية، ومستويات الإنفاق الاستهلاكي فيها، مما يعني بإن كثرة استهلاك الناس للمعكرونة سريعة التحضير، يؤدي إلى انخفاض مستوى استهلاكهم بشكل عام، لأنهم بذلك يوجهون إنفاقهم نحو طعام يعتبر سعره رخيص مقارنة بالأطعمة الأخرى.
وهذا بدوره يوجهنا لنسأل هذا السؤال وهو
لماذا تنخفض مستويات الإنفاق؟
وهل لهذا علاقة بالركود الاقتصادي؟
|
ما الذي لا تعرفه عن النودلز أو المعكرونة الاختراع الذي غير العالم -الجزء الثاني تصميم رزان الحموي |
سبب ميل الناس لهذا النوع من الطعام
- تم ترجيح سبب اتجاه الناس لهذا النوع من المأكولات، والذي يؤدي بدوره إلى انخفاض مستويات الإنفاق إلى سببين، إما أن الدخول قد انخفضت نتيجة أحوال البلاد الاقتصادية، أو أصبح لديهم ميل أكبر للادخار، وربما السببين معاً، وتم تأكيد هذا الكلام من قبل(Koki Ando) الرئيس التنفيذي لشركة (NISSIN)، وابن مخترع المعكرونة سريعة التحضير (Momofuku Ando)، والذي توفي في عام ٢٠٠٧، حيث أعلن بأن مبيعات الشركة تزداد عندما يكون البلد يمر بمرحلة ركود اقتصادي، وذلك لأن أوضاع الناس المعيشية تكون سيئة، فتتوجه للأكل رخيص الثمن.
المجتمعات منخفضة الرغبة
-وهناك سبب مهم بعيداً عن ذلك، ومن الممكن أن يفسر جزء كبير، من مستويات الاستهلاك الكبيرة للمعكرونة سريعة التحضير في السنوات الأخيرة، وهذا السبب مرتبط بظهور ما أطلق عليه عالم الإدارة الياباني الشهير( Kenichi Ohmae)، المجتمعات منخفضة الرغبة ( Low-Desire Societies)، وهو المجتمع الذي تسيطر فيه حالة من الإحباط وانعدام الطموح، على فئة الشباب تحديداً، لدرجة تجعلهم يفقدون الرغبة في تحسين مستويات معيشتهم، هؤلاء الناس يصلون لحالة من الاستسلام لفكرة أن مستوياتها المادية لن تتحسن وبالتالي تفقد الرغبة والحافز للحصول على العديد من الأشياء، وفي مثل هذه الظروف يصبح لديهم ميل لاستهلاك الطعام الرخيص و|سهل التحضير| مثل الإندومي، ولذلك تسمى هذه المعكرونة في المكسيك(Sopa Para Flojos) يعني |حساء الكسالى|.
الموارد البشرية وعلاقتها بالمعكرونة سريعة التحضير
- وفي نفس السياق الذين نتحدث فيه، هناك نقطة مهمة لابد من ذكرها، حيث أننا جميعاً متفقين على أن أغلى شيء تمتلكه كل دولة هو ثروتها ومواردها البشرية، فلو كانت أي دولة تملك كنوز الدنيا ولكن ليس لديها موارد بشرية لإدارة هذه الكنوز، ذلك يعني أنها لا تملك شيئاً.
عندما نتحدث عن الموارد البشرية لانقصد فقط الوفرة والعدد، فالأهم من ذلك هو جودة هذه الموارد، فمن الممكن أن يكون هناك مليون شخص في سن العمل، ولكنهم غير مناسبين للعمل إما بسبب مرض أو إدمان، ولكن ما علاقة كل هذا بالمعكرونة سريعة التحضير؟!
تصرفات أولياء الأمور بما يخص اختيار طعام أطفالهم
المشكلة المرتبطة بهذا المنتج في السنوات الأخيرة، هو أن الكثير من أولياء الأمور يقدمونها لأولادهم على أنها |وجبة كاملة|، فالمشكلة الأساسية ليست بتناول الأطفال لها، المشكلة أن ولي الأمر سواء كان الأب أو الأم يقومون بتقديم هذه المعكرونة كوجبة أساسية.
هذه المعكرونة لا يوجد فيها حديد، والبروتين الموجود فيها غير كافي، وتحتوي على نسبة عالية من الملح والدهون، وبالتالي فهي لا تنفع كوجبة رئيسية، ولكن بالرغم من كل ذلك فإن الأطفال من أكبر الشرائح المستهلكة لهذا النوع من المعكرونة، وهذا يعود لدرجة الفقر عند أولياء الأمور إما في المال أو الوقت أو الوعي، وهذا الموضوع سبب مشاكل كبيرة في الكثير من الدول، وخصوصاً في دول جنوب شرق آسيا المعروفة باستهلاكها الضخم لهذا النوع من المعكرونة، وحسب تقرير صادر عن (unicef)، فإن نسبة٤٠% من الأطفال الذين أعمارهم تحت الخمس سنوات، في الفلبيين وإندونيسيا وماليزيا، يعانون من سوء التغذية.
-وفي إحدى التصريحات لخبير في الصحة العامة في إندونيسيا، أن المشكلة في أن أولياء الأمور يرون أن الأهم بالنسبة لهم هو ملئ معدة أطفالهم، ولا يهتمون بأن الطفل في هذه الطريقة لم يأخذ احتياجاته من البروتين والحديد والكالسيوم والألياف، ومحصلة كل ذلك، هو أن جزء كبير من الأطفال يعاني من سوء التغذية وبعض المشاكل الصحية.
إلى هنا ينتهي نقاشنا بما يخص هذه المعكرونة ولن ننسى سؤالنا المعتاد
هل أنت عزيزي القارئ ممن يأكلون المعكرونة سريعة التحضير بشكل مستمر؟ وإذا كنت تأكلها بشكل مستمر هل بسبب رخص ثمنها أم لأنك تحب طعمها؟
سوف نتابع إجاباتكم في التعليقات
بقلمي: تهاني الشويكي
إرسال تعليق
كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك