من أين تأتي مياه بئر زمزم تصميم الصورة : ريم أبو فخر |
• قصة بئر زمزم
عندما هاجر| ابراهيم عليه السلام| إلى مكة مع السيدة هاجر وابنهما اسماعيل، أنزلهم ابراهيم بأمر من رب العالمين في موضع قريب من مكان الكعبة المشرفة، لكن في ذلك الوقت لم تكن الكعبة قائمة على شكلها الحالي، وأيضاً كانت مكة خالية تماماً ولا يوجد أي أحد يسكن بها، والوادي الذي تركهم به كان عبارة عن وادي قفر الخالي من أي زرع أو ماء
ولذلك ترك معهم |التمر| مع وعاء مملوء بالماء، وبعدما ترك |السيدة هاجر| وابنها اسماعيل في هذا المكان وودّعهم وذهب، استغربت السيدة هاجر من الذي حدث وما السبب الذي دعا سيدنا ابراهيم عليه السلام أن يتركها مع ابنها ويذهب فسألته وقالت له الله أمرك بهذا، فأجابها سيدنا ابراهيم عليه السلام نعم، وبعد ذلك رجعت السيدة هاجر إلى مكانها وقالت له إذاً لن يضيعنا، ثم بدأ ابراهيم عليه السلام بالسير حتى وصل إلى مكان أدرك به أنه أصبح بعيد عنهم ولا يستطيعون رؤيته، فقام في رفع يديه للسماء ودعا رب العالمين، وكما ذكر الدعاء في القرآن الكريم قال تعالى:
( ربّنا إنّي أسكنتُ من ذريّتي بوادٍ غيرِ ذي زرعٍ عند بيتكَ المحرّمِ ربّنا ليقيموا الصّلاةَ فاجعلْ أفئدةً مّنَ النّاسِ تهوي إليهمْ وارزقهم مّنِ الثّمراتِ لعلّهمْ يشكرونَ )
وبعدما ذهب سيدنا ابراهيم عليه السلام بفترة بدأ التمر والمياه في النفاذ من السيدة هاجر، ومع الوقت عطشت هي وابنها اسماعيل وبدأ في البكاء من الجوع والعطش ولم تتحمل السيدة هاجر أن ترى ابنها في هذه الحالة وهي عاجزة عن تقديم الماء والطعام، وفي محاولة منها أن تجد ماء لترتوي به هي وابنها بدأت تبحث من حولها عن أي مصدر من مصادر المياه
ووجدت أن |جبل الصفا| هو أقرب جبل لها فصعدت الجبل ونظرت إلى الوادي لعلها تجد أي شخص يمر من خلاله، وبعدما شعرت باليأس نزلت من على جبل الصفا واتجهت إلى |المروة| ثم صعدت ونظرت لعلها تجد أي شخص يمر من المكان، واستمرت محاولتها بانتقالها من الصفا للمروة ومن المروة للصفا لسبع مرات، حتى قررت أن تعود لابنها وفجأة سمعت من بعيد صوت وبدأت تتحدث مع مصدر الصوت وتقول له أغثني إن كان عندك خير.
من أين تأتي مياه بئر زمزم تصميم الصورة : ريم أبو فخر |
اندهشت السيدة هاجر من الذي حدث، ثم قامت في تحويط هذه الماء بالرمال خشيةً من أن تنفذ الماء قبل أن تقوم في ملء الوعاء الذي لديها، ثم غرفت الوعاء في الماء حتى امتلأ وبعد ذلك ارتوت هي وابنها بالماء، وفي أثناء قيامها في إحاطة المياه كانت تقول زم زم، ومن هنا جاء اسم بئر زمزم.
• سقاية الناس من البئر
بعد قصة السيدة هاجر وابنها اسماعيل عليه السلام، استمر بئر زمزم مصدر للمياه لفترة طويلة من الزمن، و في حقبة معينة من العصر الجاهلي انبثر البئر لعدة عوامل ولم يكن أي أحد يعرف مكانه.
وفي أحد الأيام حلم |عبد المطلب| جد النبي صلى الله عليه وسلم في شخص أتى له في المنام وبدأ يخبره عن مكان |بئر زمزم|، وطلب منه أن يعود ويفتح البئر مرة ثانية، وبعدما استيقظ عبد المطلب ذهب إلى المكان الذي رآه في المنام وبدأ ينقب عن البئر، و بالفعل وجد البئر بالمكان الذي كان يبحث عنه، وتحققت الرؤية التي رآها في المنام.
و منذ ذلك الوقت تولت |قريش| سقاية الناس أثناء الحج، و كانوا هم المسؤولين عن توفير ماء زمزم للحجاج باستمرار، واستمرت السقاية من قبل قريش حتى ظهور بني العباس الذي عاهدوا آل الزبير بأن يتولوا السقاية بالنيابة عنهم.
وبعد جلاء |العباسيين| وظهور الخلافة العثمانية استمرت السقاية مع آل الزبير، وأحفاد آل الزبير هم الذين كانوا مسؤولين عن السقاية في مكة المكرمة إلى وقتنا الحالي.
• مشروع تعبئة ماء زمزم
و في عام ٢٠١٠ ميلادي أطلقت |المملكة العربية السعودية| مشروع لتعبئة ماء زمزم آلياً، ومصنع التعبئة يقع على مسافة ٤ كيلو ونصف من المسجد الحرام، والمصنع مكوّن من عدة مباني التي تشتمل على خطوط الإنتاج والضواغط ومستودع العبوات والمخازن وغرف التحكم والمراقبة لكل خطوة من خطوات المشروع ابتداءً من مرحلة ضخ المياه من البئر و انتهاءً بمرحلة التعبئة النهائية.
يقع بئر زمزم أمام |الكعبة المشرفة| على مسافة إحدى وعشرون متراً فقط، وفوهة البئر موجودة أسفل منطقة المطاف التي من خلالها يتحرك الحجاج والمعتمرين، و عمقه للأسفل يمتد حوالي ٣٠ متر، و تدفق المياه ما بين الصخور بمعدل من ١١ حتى ١٨ ليتر في الثانية الواحدة، و مستوى المياه في البئر مهما استهلك منه تبقى ثابتة، والماء على مر السنين ينبع من البئر بمقدار لا يزيد لدرجة أن يسيل على الأرض، و لا ينخفض لدرجة أن الماء ينضب.
من أين تأتي مياه بئر زمزم تصميم الصورة : ريم أبو فخر |
• لماذا الماء الموجودة في بئر زمزم لا تنتهي
و الإجابة على هذا السؤال تكمن في نوع بئر زمزم، و|علماء الجولوجيا| يصنفون المياه الجوفية إلى نوعين.
النوع الأول مياه جوفية غير متجددة و هي عبارة عن كمية محدودة من المياه موجودة في باطن الأرض، ولا تتغذى على الأمطار أو رشح الأنهار أو بحيرات قريبة، وبالتالي عندما تنتهي كمية الماء ينضب البئر بسبب عدم تغذية البئر من الخارج.
أما النوع الثاني من المياه الجوفية هي مياه جوفية متجددة، وهي عكس النوع الأول فهي تحصل على تغذية مستمرة من مصادر متعددة إما من مياه أمطار أو رشح نهري أو ترسيب أو غيرها من الوسائل الطبيعية المختلفة، ولذلك آبار المياه الجوفية المتجددة مهما نستهلك منها تعود وتمدنا بالماء باستمرار من دون توقف، وبئر زمزم من النوع الثاني.
• من أين تأتي مياه زمزم
مصدر تغذية لبئر زمزم يكمن في الأمطار التي تهطل على جبال مكة المكرمة، فعندما تهطل الأمطار على جبال مكة تنهمر منها كميات على المناطق المنخفضة والأودية، وتحديداً وادي ابراهيم عليه السلام الموجود فيه بئر زمزم، وبعدما تنهمر مياه الأمطار إلى الوادي تترسب وتستقر في باطن الأرض، ومع وجود صخور الغرانيت الصلبة في الأسفل تصبح المياه نقية وصالحة للشرب.
الكمية الكبيرة من الماء تجمعت في الأسفل على مدار ملايين السنين، حتى تكوّنت طبقة ضخمة من المياه على عمق ١٤ متر في نطاق منطقة الحرم المكي، وبقيت تتخلل الصخور وتتجمع في أسفل الصخور حتى وصلت إلى عمق ٣٥ متر، ثم ظهرت المياه على هيئة عين ووصل منسوب المياه الجوفية فيها لسطح الأرض عند قدم اسماعيل عليه السلام.
ومؤخراً أجريت الكثير من الأبحاث والدراسات لبئر زمزم، وكما تم تصوير البئر من الداخل عدة مرات، وفي النهاية اكتشف أن البئر يتغذى من ثلاث مصادر رئيسية.
المصدر الأول عبارة عن مسار يأتي من جانب الكعبة المشرفة وحُجر اسماعيل، وينتهي في فتحة طولها ٤٥ سم وارتفاعها ٣٠ سم وهذا المسار هو الذي تتدفق من خلاله القدر الأكبر من مياه زمزم.
المصدر الثاني عبارة عن مسار قادم من جبل أبي قبيس والصفا، ومقسوم من الداخل إلى فتحتين يمدون البئر بالمياه باستمرار.
المصدر الثالث عبارة عن فتحتات صغيرة فرعية بين الأحجار، وموجودة بين المسارين الرئيسين، وكل فتحة منهم موجودة على مستوى متفاوت وتتدفق منها المياه بكميات متفاوتة.
وهذه المصادر الثلاثة مجتمعة تغذي بئر زمزم.
• الاختلاف بين ماء زمزم والماء العادي
والمقصود في الاختلاف بين ماء زمزم وأي ماء آخر موجود على سطح الأرض هو الاختلاف في الخصائص الكيمائية الخاصة في نوع المياه.
وبالفعل هناك اختلاف كبير بين تركيب الماء العادي وبين ماء زمزم، حيث أن درجة الحموضة الموجودة في ماء زمزم تقدر في ٨، أما في الماء العادي قيمتها تقدر في ٧.٢، والسبب في أن طعم ماء زمزم مميز ومختلف عن الماء العادي تعود إلى مرور ماء زمزم داخل صخور معينة في أسفل البئر والذي يجعل الماء يكتسب طعم وخواص معينة.
وفي فضل ماء زمزم قال النبي صلى الله عليه وسلم( إنها مباركة، إنها طعام طعم، وشفاء من السقم).
كانت معكم المحبة ربا
إرسال تعليق
كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك