كيف تتضاعف ثروة الأغنياء ولماذا تحرص الدول على استمرار ذلك؟ تصميم الصورة ريم أبو فخر |
المتعارف عليه لدى الجميع بأنّ الأزمة المالية العالمية التي بدأت في عام 2008 بدأت كأزمة رهن في أمريكا.
ثم تحولت إلى البورصات لتسبب انهيارات كبيرة جداً، ثم ذهبت الأزمة لقطاع| البنوك| التي كانت مسؤولة عن الأزمة بشكل أو بآخر، عن طريق تسهيل الإجراءات المبالغ بها في تلك الفترة.
فنجد بعض البنوك تعلن إفلاسها، من أهمهم بنك اسمه lehman brothers، وعلى الرغم من أن الأزمة بدأت في أمريكا كأزمة رهن عقاري، ولكن بعد فترة قصيرة وصلت إلى أوروبا، ولبقية دول العالم.
والبنك المركزي الأوروبي لم يجد حل لكي ينشط السوق، و يقلل الانهيار إلا عن طريق تقليل الفائدة التي تحولت إلى سالب حتى عام 2014 تحولت إلى -1%، الأمر الذي شجع بنوك كثيرة بأن تقلل الفائدة أكثر لكي تصل في بعض البنوك إلى -0.5%.
بمعنى أنه لو استلف أحدهم من بنك مبلغ 1000 يورو فمطلوب منه أن يعيد لذلك البنك 995 يورو فقط.
ثم بدأت دول خارج نطاق اليورو مثل السويد، والدنمارك، وسويسرا، واليابان تطبق نفس الأسلوب، الذي يعتمد على جعل الفائدة بالسالب
لدرجة أن هنالك بنوك في الدنمارك في عام 2019 كانت تعرض قروض على الناس لشراء بيوت بفائدة -0.5%، يعني لو أخذت قرض بمبلغ مليون يورو ستعيده 995 ألف يورو فقط في 10 سنين
ولو أخذته على 20 عام ستعيده بفائدة صفر بالمئة أي نفس المبلغ الذي أخذته.
للبنك المركزي الأوروبي وتقليل الفائدة لديه أفاد أوروبا في فائدتين:
أول فائدة هي نجاح دول مثل اليونان في أخذ قروض من دون فائدة من بنوك في الجانب الغني من أوروبا عن طريق طرح سندات.
والفائدة الثانية أن تقليل الفائدة نشط السوق، وحماه من الإنهيار.
إلى جانب السيولة الكبيرة التي قام| البنك المركزي| بضخها في الأسواق بشكل دوري، وهذا ما سبب زيادة في أموال الأغنياء بشكل كبير، والسبب أن هذه الأموال التي طرحت من الأفضل أن تطرح كأصول مالية كي لا تسبب تضخم في أسعار السلع العادية.
الذين يمتلكوا هذه الأصول هم الأغنياء على سبيل المثال Jeff bezos صاحب شركة |أمازون |الذي ثروته في عام 2020 تخطت 143 مليار دولار في حين كانت ثروته 119 مليار دولار في عام 2019
وهذه الثروة الكبيرة التي حصل عليها جاءت من زيادة أسعار أسهم أمازون حيث كان سعر السهم حوالي 1350 دولار ثم وصل في 2020 إلى 2380 دولار.
كيف تتضاعف ثروة الأغنياء ولماذا تحرص الدول على استمرار ذلك؟ |
والأمر الآخر الذي استفاد منه الأغنياء في الفترة الماضية
هي الفائدة القليلة، إذ نجد أصحاب الشركات الكبيرة، والأغنياء تقوم البنوك بإقناعهم بأخذ قروض منها لأن هذه النقود يجب أن تضخ في السوق.
وفي كل حال يجب أن يقوم أحد بتحريكها إما أن يشتروا الأسهم في شركاتهم لكي يزيدوا قيمة الشركة أو يشتروا شركات أخرى ليسوا بحاجتها ثم يبيعوها لكي يكسبوا بها.
وكمثال قيام شركة اسمها kkr قامت بشراء شركة ألمانية اسمها wmf في 2012 ب 660 مليون يورو، وهذه الشركة دفعت 100 مليون، وأخذت الباقي قروض بتسهيلات كبيرة، وفائدة قليلة ثم قامت ببيعها لشركة فرنسية بسعر 1.6 مليار يورو.
إنّ كمية التريليونات التي تم ضخها في أمريكا، و أوروبا لا تصدق، وكانت تجربة جديدة، ولنعرف السبب يجب أن نعود للخلف قليلاً في الزمن إذ أن النظام المالي المستقر العالمي بدأ من عام 1940، وحتى عام 1971، وفي هذه الفترة كانت أمريكا بحاجة لنقود، وبشكل غير طبيعي لصرفها على حرب الفيتنام
والآن أمريكا لم تجد ذهب مقابل كل دولار تطبعه فقام الرئيس الأمريكي وقتها بفك ارتباط الدولار بالذهب، ثم بدأ نظام التعويم للعملات الذي ما زال للوقت الحالي.
والبنوك في هذه الفترة حاولت تغيير طريقة عملها إذ كان المتداول لكي تكسب نقود يجب أن تشتري سلعة ثم تبيعها لكي تكسب منها، ولكن البنوك وجدت طريقة أخرى تأتي بنقود من غير أن تقوم ببيع شيء ما، وهذه الطريقة شكلت نواة النظام الحالي المالي.
ومع الوقت البنوك وجدت أن القوانين الموجودة في الدول، لكي تنظم عمل البنوك، تقيد حركتها بشكل غير طبيعي.
فبدأت تضغط من أجل إلغاء هذه القيود
حيث وجدنا بريطانيا أول من قام بإلغاء القيود ثم أمريكا ثم بدأت البنوك تزيد القروض التي تعطيها بشكل غير طبيعي.
كيف تتضاعف ثروة الأغنياء ولماذا تحرص الدول على استمرار ذلك؟ |
ولكن ما علاقة القوانين بزيادة القروض؟
تخيل نفسك تعيش في أوروبا، وتريد قرض ب 10000 يورو، هل سيقوم البنك بالبحث لديه هل يملك 10000 يورو لكي يعطيك؟
الإجابة هي لا، إذ أن البنك يجب أن يبقى لديه نسبة صغيرة جداً من هذا القرض، والبنك المركزي في كل دولة هو من يحددها ثم بعد الاحتفاظ بهذه النسبة يحول باقي المبلغ الكترونياً إلى حساب الشخص
أي أن البنك يوجد نقود من لا شيء لكي يخلق القرض.
وإن كل تلك التصرفات وسعت الفجوة بين الأغنياء، وبقية الناس، وكبر حجم الديون على الحكومات، والشركات.
أخيراً كما يقال مصائب قومٍ عند قومٍ فوائد، إنّ كل الإجراءات التي قامت بها الحكومات والبنوك المركزية والبنوك عموماً هي من زادت في ثروة الأغنياء كثيراً، ومكّنت نفوذهم، وزادت في قوتهم، و زادت استقرار| الاقتصاد العالمي| و نموه.
ولكن عموماً لا يمكن أن تستمر الأمور على هذا المنوال، وهذا ما يثير قلق الحكومات الغربية، والدول الصناعية الكبرى، فتحاول جاهدةً أن تطبق قوانين تسمح في زيادة استقرار سعر الصرف وتوازن قدرات البنوك، وزيادة صلاحياتها ونفوذها عن طريق طرح سندات مالية، وقروض، وشراء ديون شركات أو الشركات نفسها، وهكذا على هذا المنوال لتحقيق المطلوب.
هل أعجبك المقال؟....شاركنا رأيك في التعليقات
إرسال تعليق
كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك