هل سمعت بطاعون الرقص ما هو تصميم وفاء المؤذن |
مرض غامض ظهر في العصور الوسطى، وذهب ضحيته المئات من مدينة " ستراسبورغ " الفرنسية، قصة اليوم عن ( |طاعون الرقص| ).
لا يوجد أدنى شك بأن الموت حقيقة مؤكدة لا جدال أو نقاش فيها، رغم اختلاف أسباب الموت والظروف التي تؤدي للموت، ولكن لابد من تواجد هذه الأسباب والظروف حتى لو كانت غريبة أو غير مقنعة، وذلك لأن الأسباب هي أسباب دنيوية، وذلك كي يجد البشر سبب يقنعهم بحدوث الموت رغم أن الموت بأمر الله عز وجل، وكل إنسان له يوم يغادر فيه الحياة، لأن لكل أجل كتاب لا يقدمون ساعة ولا يؤخرون بسبب أو بدون.
ولكن ما حصل في بعض الدول الأوربية وتحديداً في فرنسا، كان يفوق كل الخيالات والتوقعات التي تخطر على بال البشر، فقد مات العديد من الناس بمرض أطلق عليه اسم ( طاعون الرقص ).
كيف كانت بداية هذه القصة
في القرن السادس عشر وتحديداً في الرابع عشر من يوليو (تموز) عام 1518م في مدينة ستراسبورغ الفرنسية، خرجت إحدى السيدات الفرنسيات من منزلها والتي تدعى (فراو تروفيا) واتجهت نحو إحدى الشوارع الضيقة، وبدأت ترقص فجأة دون وجود موسيقى أو وجود أغاني، أو حتى بدون وجود احتفال بمناسبة معينة، كما أنها كانت ترقص وحيدة دون وجود أحد يشاركها |الرقص|.
- كان هذا التصرف غريباً فما الذي دفع هذه السيدة لتقوم بهذا الشيء دون مناسبة أو موسيقى أو ما شابه؟
لكن في نهاية الأمر كل إنسان حر بتصرفاته يفعل ما يريد، فلربما هذه السيدة مكتئبة بعض الشيء أو أنها تشعر بالملل فقررت أن ترقص بعض الوقت ترفيهاً عن نفسها، لكن الغريب في الأمر أن السيدة فراوتروفيا استمرت بالرقص فترة طويلة لمدة تجاوزت الخمسة ساعات، وهي مستمرة بالرقص المتواصل دون توقف.
أصبحت السيدة فراو حديث الناس
فأصبح كل من في المدينة يتحدثون عن السيدة التي ترقص دون انقطاع أي أنها أصبحت (تريند)، فوصل هذا الخبر إلى حكومة المدينة، لكن الحكومة أيضاً قالوا بأنها حرة تفعل ما تشاء طالما أنها لا تؤذي أحد، وثم أنها عندما تشعر بالتعب فإنها ستتوقف وتعود لمنزلها من تلقاء نفسها، وبالفعل بدأت هذه السيدة تشعر بالتعب وبدأت أقدامها تتورم، لكن السيدة فراو لم تتوقف عن الرقص، وفجأة سقطت هذه السيدة على الأرض بعد أن أغمى عليها، ولكن لم يقترب منها أحد وقالوا بأنه سوف تعود لمنزلها بعد أن تصحى من |الإغماء|، لكن ما حدث كان عكس ذلك ...
فإن السيدة فراو عادت للرقص من جديد، وواصلت الرقص دون أن تطلب طعاماً أو شراباً دون أن يعرف أحد ما يحدث.
هل سمعت بطاعون الرقص ما هو تصميم وفاء المؤذن |
هل استطاعت الحكومة حل الموضوع
لم تستطع الحكومة الفرنسية أيضاً فهم هذا الموضوع ولا أن تجد له حلاً، ولكن طالما أن السيدة فراو تروفيا لا تقوم بأي عمل فيه ضرر للأخرين فلا مانع من ذلك، لذلك ليس أمامهم سوى الانتظار إلى أن تتوقف هذه السيدة من تلقاء نفسها وتعود للمنزل، وكانت هذه هي الخطوة الأولى للكارثة التي حدثت فيما بعد ...
هل هذا المرض ظهر أول مرة
ذكرت المصادر التاريخية لأوروبا بأن السيدة فراو تروفيا استمرت بالرقص مابين الأربع إلى ستة أيام متواصلة دون توقف، ودون طعام وشراب ومن غير استراحة حتى فكانت تسقط على الأرض عندما يغمى عليها، ثم تقوم وتتابع الرقص بعد أن تستيقظ وهكذا دون توقف لمدة ستة أيام متواصلة، هنا كان لابد لأحد بالتدخل لأن الأمر أصبح غير طبيعياً وليس هناك تفسير مقنع لما يحدث.
تحدث البعض بأنه ربما تكون هذه لعنة قد حلت بالسيدة فراو جعلتها لاتتوقف عن الرقص، وهنا أصبح دور الحكومة بالتدخل بشكل مباشر، فقامت الحكومة باصطحاب السيدة فراو بالرغم عنها معهم، والذهاب إلى قديس يدعى " فيتوس " حتى يعالجها من هذه |اللعنة| التي لحقت بها، وهنا انقطعت أخبار السيدة فراو عن الناس وقيل فيما بعد أنها قد شفيت.
كيف تم انتشار المرض
كان تدخل الحكومة بموضوع السيدة فراو تروفيا متأخراً، لأن الفترة التي كانت فيها السيدة فراو تروفيا ترقص بالشارع كان قد انضم إليها أربعة وثلاثون شخصاً من الرجال والنساء، وكانوا يرقصون بالطريقة الغريبة التي كانت ترقص بها السيدة فراو، فكانوا يرقصون بشكل متواصل دون توقف فيسقطون وقد أغمى عليهم، ثم يتابعون الرقص بعد أن يستيقظوا دون أن يسألوا عن طعام أو شراب، وهنا بدأ القلق ظاهراً على الحكومة الفرنسية متى ينتهي هذا الأمر الذي بدأ بسيدة واحدة ووصل اليوم إلى أربع وثلاثون شخصاً لايعرفون بعضهم البعض ولكنهم يفعلون الشيء ذاته.
هل سمعت بطاعون الرقص ما هو تصميم وفاء المؤذن |
تصرف الحكومة بشأن هذا الموضوع
استنجدت الحكومة بأكبر |الأطباء| الموجودين بتلك المدينة في تلك الفترة، تطلب مساعدتهم في معرفة سبب هذه المشكلة، وكيف يمكن معالجتها ولكنهم بدلاً من معالجة المشكلة فقد ساهموا بمشكلة أكبر لم تكن بالحسبان، فما هي ؟
كان رأي الأطباء في هذا الموضوع أن سبب المشكلة هو ( تدفق الدم الحار إلى الدماغ بنسبة عالية جداً، مما أدى لوجود طاقة كبيرة لدى هؤلاء الأشخاص، ولا بد لهذه الطاقة من الخروج من أجسامهم، وعملية الرقص هذه هي الحل لمساعدتهم للتخلص من هذه الطاقة وخروجها من الجسم ).
إذاً ما هو العلاج
قال الأطباء بأن |العلاج| هو مساعدة هؤلاء الأشخاص بأن يتخلصوا من الطاقة الكبيرة التي لديهم بدلاً من معاقبتهم، لذلك طلب الأطباء من الحكومة توفير صالات كبيرة للرقص، وتوفير فرقة موسيقية تقوم بالعزف لهم حتى يتخلصوا من هذه الطاقة، وبالتالي سوف يتوقفون عن الرقص، بدورها الحكومة قررت تنفيذ ما طلبه الأطباء منها، فطلبوا من الأغنياء والنبلاء بأن يقوموا بتخصيص قاعتان كبيرتان مجانيتان للرقص، كما أنهم استعانوا بفرقة موسيقية حتى يستطيع الأشخاص الذين يملكون طاقة كبيرة التخلص من طاقاتهم والانتهاء من هذا الموضوع، وكان هذا القرار بداية للكارثة الكبيرة لأن انتشار خبر أن الحكومة افتتحت صالتين كبيرتان للرقص مع وجود فرقة موسيقية، أدى ذلك إلى أن الكثير من الأشخاص تركوا أعمالهم ومنازلهم واتجهوا نحو هذه الصالات حتى يرقصوا، وبالتالي بدأ عدد الأشخاص بالتزايد وأصبح عددهم كبير جداً، وأيضاً يرقصوا بالطريقة الغريبة دون توقف، يغمى عليهم فيسقطون أرضاً ثم يستيقظون فيتابعون الرقص، وظلوا على تلك الحالة ..
لكن لم يتوقف الأمر عند الإغماء فحسب، بل وصل الأمر إلى " |الموت| "، فأصبح بعض الأشخاص يسقطون ميتين على الأرض من شدة الإرهاق والتعب، فمنهم من مات بسبب السكتة القلبية وآخرون بالسكتة الدماغية، إلا أنهم لم يتوقفوا عن الرقص رغم كل ذلك.
لم تعد الحكومة تعرف ماذا يحدث ولا ما يجب فعله، كما أن الأشخاص الذين يرقصون أصبح الموضوع خارج إرادتهم، فأصبح العديد منهم يموت أثناء الرقص، وأصبح يموت في كل يوم من العشرة إلى خمسة عشر شخصاً، واستمر الوضع على هذا الحال لمدة شهر تقريباً، حيث توفي في هذه الفترة ما يقارب الأربعمئة شخص.
رأي المؤرخ الأميركي جون وولر
قد يبدو هذا الموضوع غريب أو حتى غير منطقي ولا يصدق، لكن هذه الأحداث والوقائع تكلم عنها المؤرخ الأميركي (جون وولر)، كما أنها ذُكرت بجميع السجلات التاريخية التي قامت بتوثيق أحداث القرن السادس عشر في أوروبا، وذكر أيضاً بأن هذه الواقعة لم تكن الواقعة الوحيدة في أوروبا، وإنما حدثت مثل هذه الأحداث في هولندا وسويسرا وألمانيا، ولكن ما حدث في فرنسا عام 1518م كان من أكبر الوقائع التي تسببت بوقوع ضحايا من الناس، لذلك أطلقوا على هذا المرض فيما بعد اسم (طاعون الرقص).
هل سمعت بطاعون الرقص ما هو تصميم وفاء المؤذن |
إرسال تعليق
كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك