قصة الفتى والمليون تصميم وفاء المؤذن |
يروى أن في سالف العصور الغابرة
كان هناك عائلة فقيرة تعيش في وسط قرية فقيرة.
كان الأب يذهب إلى المدينة في كل يوم لكي يعمل أجيراً منذ الصباح وحتى المساء لعله يأمن قوتاً لعائلته الصغيرة المكونة من الأم و|الفتى|.
و في ذات يوم أصيب الأب بالمرض والتعب الشديد مما أدى إلى أن يفارق الحياة مخلفاً خلفه عائلةً بلا معين، فأدرك الفتى في ذاك الوقت أن دوره قد حان لكي يتحمل المسؤولية بدلاً عن أبيه.
و كان يخرج في كل يوم إلى شوارع القرية ثم إلى أزقة المدينة وأسواقها الكبيرة لعله قد يجد عملاً يقوى به على العيش مع أمه ولو بمردودٍ بسيط يؤمن لهما قوتَ يومهما، ولكن الإجابة التي يسمعها دائماً....."أذهب لازلت صغيراً لاحاجة لنا بك".
و من ثم انتابه اليأس والإحباط، ووقف في الطرقات حائراً لا يدري ماذا يجب أن يفعل، وجلس في أزقة المدينة يبكي بسبب ظلم الحياة الصعبة التي أنهكته منذ صغر سنه.
و في ذلك اليوم خرج اليائس الصغير من المدينة الضخمة
التي لم يجد بها ولا أي فرصة عمل عائداً إلى قريته الصغيرة الفقيرة، فتفاجئ بقطيع من الأغنام يرعاها شاب، وما إلى أن استوقفه الصبي و سأله:
أخي بالله عليك لمن هذه الأغنام المنتشرة ومن صاحبها دُلني عليه أرجوك، لعله يدعني أرعاها ولو بثمن رغيف الخبز.
و من ثم أخبره الشاب أن صاحب هذه الأغنام هو |رجلٌ حكيمٌ| يقطن في المدينة وشخص محبوبٌ بين الناس وميسور الحال، و إذا قام الصبي في مساعدته الآن في هذه الأغنام وعاد معه إلى المدينة، فسوف يأخذه إلى منزل الرجل.
وبالفعل وهذا ماحصل
عاد الفتى مع الراعي إلى المدينة وقابل الرجل الحكيم ووافق الرجل على أن يعمل الفتى لديه في المزرعة مقابل أجرٍ يساعده على أن يسند به أعمدة بيته الفقير الذي كاد أن يسقط منهاراَ فوق رأس والدته العاجزة.
ثم بدأ الفتى يعمل بجدٍ وتمسك في عمله بكل عزمٍ وإرادة، لأن تلك الفرصة بنظره لن تتكرر مرة أخرى.
وعمل بالمزرعة بجد وأعتنى بالأغنام وأتقن الزراعة بشكل جيد ومتقن، والأثنان ( الفتى والرجل ) كانوا يراقبون بعضهما البعض. حيث رأى الفتى في هذا الرجل قدوة عظيمة فقد كان رجلاً ناجحاً وحكيماً ومحبوباً للغاية من أهل المدينة بأكملها.
وظل الرجل الحكيم يراقب الفتى الصغير لمدة عام كاملٍ من |العمل الجاد| الدؤوب والجهد الصادق والإصرار والعزيمة على التعلم.
بقي الحال هكذا حتى أصاب المرض ذاك الرجل الحكيم
وللأسف فقد توفي تاركاً صدمة ورسالة إلى ذاك الفتى الصغير، وكان محتوى هذه الرسالة غريبٌ ومدهشٌ بعض الشيء، فقد كان يقول فيها: " بني لقد راقبتك طوال العام ووجدتُ بك صفات عظيمة، وجدت |الأمانة| و|الصدق| والأهم هو الإدارة والإصرار على العمل، وأنا لا يوجد لدي أي ولدٍ ليرثني، ولكني أؤمن بأنك خير وريثٍ وخلف، يوجد في خارج أسوار المدينة عند ذاك الجبل وفي هذه النقطة بالتحديد سوف تجد كنزي الثمين، ولكن بشرط إياك أن تيأس، وأكمل الطريق ولا تحزن على الإطلاق."
حزن الفتى حُزناً شديداً فقد كان هذا الرجل عزيزٌ على قلبه مثل والده تماماً.
و أخذ عهداً على نفسه أن يجد ما تركه الرجل الحكيم مهما كلف الأمر.
ثم أخذ المعول وذهب به إلى تلك النقطة المذكورة والموجودة في رأس الجبل، بدأ يكسر الصخر ويحفر الأرض نهاراً ويحفرها ليلاً ويحفر ويحفر يوماً بعد يوم، لعله يصل إلى مايريد قبل بدء موسم الشتاء، ولكن للأسف فإن هذا العمل كان متعباً للغاية ولا يمكن أن ينجزه وحيد يجب عليه أن يجد عاملاً يساعده بأعمال الحفر، وبدأ فصل الشتاء وأوقف الفتى عمله مصمماً أن يعمل في المدينة خلال موسم الشتاء هذا بجدٍ وإصرار ليكي يؤمن مبلغ من المال لكي يستخدم أجيراً في الحفر معه خلال فصل الصيف.
قصة الفتى والمليون تصميم وفاء المؤذن |
وعندما عاد الشاب إلى بيت الحكيم
أوقف الفتى أعماله في الحفر خائباً لم يجد ما يبحث عنه، ولكن لا مجال لليأس عليه أن يكمل حتى يصل إلى هدفه عام تلوى الآخر.
هذا الفتى أصبح شاباً ناجحاً في التجارة
يتوسع في عمله أكثر فأكثر وفي كل صيف اعتاد عليه أهل المدينة يأتي بعمال ويذهب لحفر ما ردمته سيول الشتاء وكالعادة لا يجد شيئاً مستغربين ما حاجته لكنز أو ورثة ربما تكون من نسج خيال الرجل الحكيم، كما أنه أصبح لديه من المال ما يفوق قيمة هذا |الكنز| حتماً، إلى أن جاءت تلك السنة الكارثية، برد قارس وأمطار غزيرة وسيول اتلفت كل المحاصيل مما أدى إلى قلة المواد، فانتشر الفقر والحاجة في كل أرجاء المدينة، ولجأ تجار المدينة الجشعين يمارسون سياسة الاحتكار على الناس.
فتدهورت أحوال الأشخاص محدودي الدخل وازداد الفقير في فقره.
وقف الشاب حائراً ماذا يفعل
هل ينجو بنفسه في هذا الشتاء القاسي كما يفعل البقية من التجار ويترك أهل المدينة يصارعون مستقبلهم المحزن؟؟ حتماً لا رفض الأمر وبدأ بتوزيع المساعدات ليحد من آثار الأزمة على أهل المدينة ونشر سياسته الجديدة في البيع المعتدل التي أجبرت كل التجار على الرضوخ لقوانينها وإلا فسيكون الفشل وكساد موادهم في أسواق المدينة عقاباً قاسياً لهم، مقتنعاً بأنها غيمة سوداء ستزول حتماً وأن ما وهبه الله إياه من نعم إنما هو دَينٌ كان قد حان موعد سداده.
كسب هذا الشاب حب كل طفل ورجل وامرأة في المدينة بسبب شهامته وأخلاقه، وانتهى فصل الشتاء وجلت الغمامة السوداء عن المدينة وهي أقوى وأكثر صموداً كيف لا وقد تعلمت درساً جيداً في الحكمة وحب الخير للآخرين، وبذلك أصبح أيقونة صمودها هو ذلك الشاب الناجح |كريم النفس|.
وحين حل فصل الصيف تجمع كل رجال المدينة عند باب بيته قالين له: نود أن نرد لك هذا الجميل، ولن ندعك تذهب وحيداً للحفر كلنا سنكون يداً واحدة حتى تجد ضالتك، وهذا ما حدث فعلاً بدأ أهل المدينة بالحفر وقاموا بمساعدة هذا الشاب وتوسعت مساحة البحث أكثر فأكثر، أعمق فأعمق كيف لا وقد عمل الجميع بحبٍ وإخلاص..
إلى أن صرخ أحدهم ذات يوم
أنظروا ماذا وجدت فذهب الكل مسرعاً برفقة الشاب إلى تلك النقطة فوجدوا كهفاً صغيراً يقع داخل الصخر بعمق الحفرة دخل الشاب وخيل إليه كأنَّه يعيش حلم.
لم يكن بحاجة إلى أي مال وكان فقط يريد أن يفي بوعده للرجل الذي أنقذه إلى جانب فضوله أن يكتشف كنزه الغامض، فجأة وجد صندوقاً صغيراً فأيقن أنَّه وجد ما يبحث عنه منذ سنوات طويلة، فتح |الصندوق| بحذر وخوف والكل يترقب لكن ماذا وجد!
كأس من العسل ورسالة!! هذا كل ما وجده فتح الرسالة التي كتب عليها اسم الرجل الحكيم ليقرأ ما فيها: بني إذا قرأت هذه الرسالة فأعلم أنك وصلت لكنزي الأثمن بل لنقل كنزك الأثمن، أنا اعلم بأنك لست بحاجة إلى الأموال لكنك حصلت على النجاح الحقيقي هنا انظر حولك ما كنت لتصل لولا اجتماع أهل المدنية على حبك ورغبتهم الجامحة في مساعدتك، اصرارك هذا وحكمتك في التعامل معهم هو الفوز الحقيقي هنيئاً لك، أما عن كأس العسل فذق منه و تيقن أن ما ستتذوقه هنا فقط هو طعم النجاح الحقيقي.
إلى هنا تنتهي قصتنا أن أعجبتك شاركنا الرأي وشارك أصدقائك في هذا المقال الشيق وقل لهم أن المال ليس كل شيء جميل في هذا الحياة، إنما حب الناس والتعامل معهم هو النجاح الحقيقي.
الكاتب :حسن فروخ
إرسال تعليق
كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك