|
ما القصة التي تخفيها حقنة الممرض اختيار الصورة رزان الحموي |
ملائكة الرحمة، هذا اللقب الذي تمَّ إطلاقه على جميع الممرضين الذين يعملون بالمستشفيات، ولكن هل حقاً هم كذلك؟.
من المعروف أنَّ مهنة الطب هي المهنة الإنسانية، فالمهندس المدني يتعامل مع الحجارة، ومهندس المعلوماتية يتعامل مع الحواسيب والتكنولوجيا، والمحامي مع الأوراق، ولكن فقط الطبيب والممرض يتعاملون مع روح بشرية.
البعض يؤدي واجبه بكل أمانة وصدق، والبعض الأخر قد يلجأ إلى أساليب مميتة، وأساليب لا تمد للإنسانية بأي صلة، قصة الليلة هي من أحد القصص الحقيقية، التي حدثت في ألمانيا وقد أخذت الأضواء ووصلت إلى حد الرأي العام.
لذا أتمنى متابعتنا حتى النهاية من أجل معرفة هل الحُكم الذي سيأخذه المجرم بنهاية القصة كافي؟، أم أنه يستحق حكماً أقسى من هذا؟.
المستشفى الذي لا يذهب إليه المرضى الألمان
في شمال غرب ألمانيا توجد منطقة تسمى "كولونيا"، في هذه المقاطعة يوجد |مستشفى| كبير وضخم للغاية، معروف بوجود كادر طبي كامل يحوي على جميع الاختصاصات، وحتى إنَّ المعدات الموجودة فيه هي من أحدث المعدات الطبية على الإطلاق.
ولكن مع كل هذه المميزات التي ذكرناها، فإن السكان الألمانيين القاطنين بتلك المقاطعة لا يذهبون للمعالجة به أبداً، حتى تحول في الآونة الأخيرة من أجل معالجة اللاجئين العرب.
حتى من قلّة |المرضى| الذين يرتدون إليه، أصبح أمر أن يرى أحد الأطباء مريض ما هو من الأمور النادرة، وعندما يأتي المريض يتهيأ كل الكادر الطبي لمعالجته من شدّة فرحهم بهذا المريض.
إلى أن جاء اليوم الذي ذهب به شاب يسمى (أحمد) إلى هذا المستشفى، الذي اعتاد على رؤيته فارغ، وفور وصوله طلب أن يلتقي مع أحد الأطباء أو مع المدير، والغاية من هذا اللقاء كانت من أجل الاستفسار عن سبب قلّة المراجعين والمرضى لهذا المكان؟.
فهنا جلس الطبيب أمام أحمد وبدأ بسرد القصة المخيفة التي حدثت قبل عامين في هذا المستشفى، والتي تسببت بزرع الخوف والقلق بنفوس الألمان، وأصبحت سمعته سيئة للغاية.
في عام 2018 سُميت هذه القصة بقصة "الممرض القاتل (نيلز هوكل)"
فالجريمة التي ارتكبها هذا الممرض كانت من أكبر الجرائم التي شهدتها ألمانيا، فهو |القاتل| الذي تسبب بموت أكبر عدد ضحايا خلال عام 2018، وقد بلغ عدد القتلى على يديه إلى أكثر من (300 مريض).
في عام 2008 تمَّ تعيين نيلز كأحد |الممرضين| الأساسين بالمستشفى، وما هي إلا عدّة أشهر حتى أشتهر نيلز بأنه المنقذ الوحيد للمرضى، واستطاع أن يبهر جميع الأطباء والممرضين بعمله الرائع.
وقدّ حدث الأمر أكثر من مرة، عندما يأتي أحد المرضى وهو على مشارف الموت، ولا تنفع معه جميع التدخلات الطبية، فيقوم نيلز بإعطائه إبرة لمادة معينة تستطيع أن تنقذ حياته خلال دقائق، الأمر أشبه بالسحر بكل ما تحمل الكلمة من معنى، فكيف لمريض يلتقط أنفاسه الأخيرة أن يأخذ إبرة تنقذ حياته على الفور؟.
ولكن ما سر هذه الإبرة؟ وماذا يوجد بداخلها؟.
|
ما القصة التي تخفيها حقنة الممرض اختيار الصورة رزان الحموي |
كيف قام نيلز بخداع الأطباء
إن الأعمار والأرزاق بيد الله تعالى وحده، وهذا الأمر من المسلمات ولا يحتاج الى حجج وبراهين، ولكن أعمال نيلز وإثبات قدرته على إنقاذ البشر، جعلته محبوباً وذو شعبية كبيرة من جميع الكوادر الطبية.
حتى أنّ البعض قدّ أشار إليه بأن يكمل تعليمه الجامعي، ويتحول من ممرض عادي إلى طبيب، فهو يمتلك كل القدرات والمهارات الطبية والعلمية التي تأهله لهذا الأمر.
وكلّما سأل أحدهم نيلز عن كيفية معرفته بنوع المادة التي يجب أن يحقن بها المريض عند سوء حالته؟، كانت جميع إجاباته موحدة، أن الموضوع يعود إلى خبرته بالعمل وتوفيق الله له لا أكثر.
واستمر الحال على ما هو عليه لعدة أشهر، ولكن بعد فترة أصبح يحدث الشيء العجيب، والعديد من القضايا الغريبة التي لا يمكن تصديقها، فبعد أن يقوم نيلز بحقن المريض بالإبرة، ويكون بإشراف الطبيب المختص وأمام الجميع يرون كيف أن حالته استقرت وأن أوضاعه عادت إلى سابق عهدها، ما هي إلا ساعات ويأتي خبر |وفاة| ذلك المريض، الأمر الذي وضع الجميع بحيرة من أمرهم، فقبل عدة دقائق جميع المؤشرات الحيوية تدل أنَّ المريض عاد الى حالته الطبيعية.
والأمر تكرر على أكثر من مريض، وحيل نيلز لم تعد تجدي نفعاً فكل المرضى الذين حقنوا بالإبر التي جاء نيلز بها، كانت نهايتهم الموت الحتمي والفوري، وعند |تشريح الجثث| لا يظهر أي علامات تدل على القتل العمد بتلك الإبر.
هل اكتشف أمر نيلز بالفعل
إلى أن جاء اليوم الذي اكتشفت به إحدى الطبيبات أن جميع المرضى الموجودين تحت إشرافها، عند تدخل نيلز بهم وبعلاجهم تتوتر حالتهم الصحية على الفور ويدخلون بحالة الخطر ومن ثم يفارقون الحياة.
وهذا الأمر أثار الشكوك بقلبها تجاه هذا الممرض، لذا قامت بتوجيه التنبيه له أن يمنع من دخوله على أي مريض تحت إشرافها، وإلا فأنها ستقوم بمسائلات قانونية ضدّه.
ولكن إن عدنا بالتاريخ قليلاً وإلى عام 2000 سوف نستكشف الأمر التالي، في شمال ألمانيا بمنطقة (هاملن) تمَّ افتتاح تحقيق بأحد المستشفيات هناك، بسبب |الموت المفاجئ| لعدد من المرضى والذي وصل عددهم إلى ما يقارب ال70 شخص، والغريب أن جميعهم كانت أعمارهم تتراوح [63-96] عاماً، والأكثر غرابة أنَّ الممرض نيلز كان يعمل بهذا المستشفى.
وهذا الأمر تحديداً أثار القلق والرعب بداخل الطبيبة التي قد شكّت مؤخراً بنيلز، وخاصة أنّه سابقاً تم الحكم عليه لمدة 5 سنوات لنفس الأمر، فخلال عمله بذاك المستشفى بين عامي [2000-2005] تكررت هذه الحالات.
وهنا أشارت إلى رجال الأمن بشكوكها، وفعلاً عندما تمَّ ربط الأحداث ببعضها اكتشفوا أن جميع المرضى الذين أشرف نيلز عليهم، أما قدَّ فارقوا الحياة أو دخلوا بغيبوبة مميتة، أو ساءت حالتهم الصحية ولم تتحسن إلا بعد إعطاء |الحقنة| لهم من قبل هذا الممرض.
وهنا تمَّ رفع دعوى نظامية من إدارة المستشفى على هذا الممرض.
|
ما القصة التي تخفيها حقنة الممرض اختيار الصورة رزان الحموي |
المرض النفسي قدّ يدفع صاحبه إلى الجنون، وفعل أشياء لا يمكن للعقل البشري تصديقها، وغالياً يكون السبب خلف هذه الأفعال هي من أجل أثبات أمر ما، أو من أجل إعادة الثقة الداخلية للفرد وإثبات الذات.
على ماذا كانت تحتوي الحقنة
بعد أخذ عينات من الحقن التي كان نيلز يعطيها للمرضى، تمَّ اكتشاف الأمر المثير التالي: أن جميع الإبر تحوي على مادة مضادة ضدّ مرض معين، كان نيلز يقوم بحقن المرضى به على غفلة من الأطباء، ومن ثمَّ يقوم بإعطائهم المضاد له أمامهم.
ولكن ليس كل الحالات كان الأمر ينفع معهم، فبعض المرضى يتحول هذا المضاد بأجسادهم إلى |مادة سميّة قاتلة|، تودي بحياتهم على الفور وخاصة الكبار بالسن.
تمَّ تحويل هذا الممرض إلى المحاكم المختصة، وبعد إحصاء عدد الوفيات تبين أنّ عددهم قدّ تجاوز ال300 مريض، ولكن الغريب أن نيلز خلال محاكمته أمام القاضي لم يعترف سوى ب (100 ضحية فقط) من أجل تخفيف الحكم الصادر بحقه.
فهذا الممرض يحمل من الحنكة ما تكفيه من أجل استغلال الأمور لصالحه، فهو يعلم أن بعض المناطق يقوم أهالي الميت بإجراء طقوس معينة له، ويقومون بحرق الجثة بدلاً من دفنها، وبالتالي لن يستطيع رجال الأمن نبش الجثة من جديد من أجل إعادة تشريحها.
وفعلاً تمَّ الاستدلال على 200 ضحية فقط، وال100 ضحية تمَّ حرقها من قبل الأهالي وهنا أُلغيت القضايا التي تخصهم.
أصدر القاضي حكمه النهائي
والذي ينص على سجن نيلز مدى الحياة (مؤبد)، ومنذ ذاك الوقت تمَّ الإعلان عن جميع المستشفيات التي سبق وعمل بها هذا الممرض، وتحولت إلى مستشفيات مكروهة ومنبوذة من قبل أفراد المجتمع.
وخاصة أن المستشفى الذي كشف نيلز به، كان سابقاً يستخدم كسجن من أجل التعذيب، ولتكمل القصة آلت الأمور لتحويله إلى مستشفى طبي، فبعد هذه الاكتشافات دبَّ الرعب والخوف بقلوب السكان.
وخلال فترة محكومية نيلز في السجن تمَّ عرضه على أحد الأطباء النفسيين من أجل معرفة السبب أو الدافع لقتله لهذا العدد الكبير من المرضى؟.
وهنا كان جواب الصبيب كالتالي: أن جميع القضايا التي يتم بها اتهام الأطباء أو الممرضين، جميعهم اتجهوا بعد هذه الاتهامات إلى |جرائم| وقتل للمرضى.
وأصبح لديهم حالة من اختلال الشخصية، فعند تعرضهم للفشل بأداء مهمتهم الإنسانية، وأنَّ جميع محاولاته بإنقاذ المرضى تبوء بالفشل وأنّه لا ينفع بالأمور الطبية، يتحول عندها الأمر إلى (لوثة عقلية).
وهنا يقوم بالانتقام من الأفراد، وبمحاولة من أجل إبراز أهميته أمام الكوادر الطبية يستخدم معرفته بالعقاقير الطبية من أجل ممارسة الخدع أمام الأطباء والمرضى كما هو الحال مع نيلز.
وإلى هنا نكون قدّ انتهت قصتنا لليوم، آملين بأن تكون قد نالت إعجابك، ولكن هل تعتقد أن هذا الحكم كافي لنيلز؟، أم أنه يستحق الإعدام بجدارة؟.
آلاء عبد الرحيم
إرسال تعليق
كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك