المدينة التي يعيش أهلها في مبنى واحد اختيار الصورة رزان الحموي |
مدينة ويتير
مدينة ويتير وهي مدينة صغيرة مساحتها حوالي ٥٠ كيلو متر مربع تقع في ولاية ألاسكا، وتم تسميتها على اسم نهر جليدي قريب من المكان، وهي مدينة شديدة |الانعزال|، وتحيط فيها الجبال والمياه من كل مكان، وكانت الطريقة الوحيدة للوصول لها سابقاً هي عن طريق البحر، وللذهاب إليها لا يمكن أن يكون في أي وقت من السنة فقط في فصل الصيف، لأن باقي أيام السنة تكون المياه متجمدة وغير صالحة للملاحة وتعزل المدينة تماماً عن ألاسكا، أي أن المدينة عبارة عن قلعة محصنة ومعزولة، ولهذا السبب كان الغرض من إنشائها.
تأسيس قاعدة عسكرية في ويتير
قاعدة ويتير تم تأسيسها كميناء عسكري وقاعدة لوجوستية للجيش الأمريكي، وأدت مهمتها في نجاح خلال الحرب وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وتحديداً في عام ١٩٤٨ ميلادي بدأت الحرب الباردة بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السيوفييتي وزاد الاهتمام في ميناء ويتير، ولأن ولاية ألاسكا أقرب للأراضي الأمريكية من الاتحاد السوفيتي، ويفصلها عن الأراضي الروسية ٨٣ كيلو متر فقط من المياه، فقررت الحكومة الأمريكية إقامة محمية عسكرية للإنذار المبكر، وبالفعل بدأ العمل على إنشاء |مبنى باكنر|.
مبنى باكنر
وهو مبنى شديد التحصين ومقاوم للقنابل، ويعتبر سكنة عسكرية لإيواء وتدريب الجنود، وكان يمثل المرحلة الأولى لأبنية مشابهة سوف يتم إنشائها فيما بعد في المدينة، والمبنى العسكري الأول كان مخطط له أن ينتهي خلال خمس سنوات، ولذلك فكروا في إنشاء مبنى ثاني من أجل إقامة المهندسين وعمال المشروع بالإضافة إلى عائلات وأسر الجنود، وبالفعل قاموا في بناء مبنى ثاني مقاوم للزلازل والقنابل ومكون من أربعة عشر طابق بالقرب من المينا، وأطلقوا على هذا المبنى اسم مبنى هودج، وهو الاسم الذي تم تغيره عام ١٩٧٢ ميلادي إلى اسم |برج باكتج|.
إنشاء سكة حديد
وقامت الحكومة الأمريكية في حفر نفق في الجبال لإمداد المدينة في خط سكة حديدية لتسهيل عملية نقل الإمدادات والمعدات، وكما استخدم المهندسين الديناميت من أجل تفجير طريق بلغ طوله ٤ كيلو متر في عمق الجبال، وتم الانتهاء من الأعمال في عام ١٩٥٣ ميلادي، وقامت ويتير في المطلوب منها بنجاح حتى عام ١٩٦٤ ميلادي، وهي السنة التي حدث فيها أقوى زلزال في تاريخ ألاسكا وأمريكا كلها وأدى إلى موجات تسونامي ضخمة ووصلت قوة الزلال إلى ٩.٢ درجة على مقياس ريختر، وبالرغم من هذه القوة الرهيبة للزلزال فإن البناء المحصن صمد تماماً ولم يمت إلا ثلاثة عشر شخص كانوا موجودين خارج المبنى.
المدينة التي يعيش أهلها في مبنى واحد اختيار الصورة رزان الحموي |
إخلاء المبنى
ومع الظروف الجديدة هذه والهدوء الذي ساد الحرب الباردة تم إلغاء المشروع، وقررت الحكومة الأمريكية إنهاء الوجود العسكري في مبنى باكنر، واستمر المبنى في العمل حتى عام ١٩٦٦ ميلادي قبل أن يتم إخلائه.
وإخلاء مبنى باكنر لم يكن له تأثير على حياة عائلات الجنود والمهندسين الذين استقروا في برج باكتج، والذين قاموا في ذلك الوقت في إنشاء أسواق ومحلات تجارية ومدرسة وقسم للشرطة وقسم للإطفاء وكنيسة وبنك ومكتب بريد وكما تم إنشاء فندق صغير يتسع إلى ثلاثين غرفة وكل هذا تم إنشائه في |طوابق المبنى| المكون من أربعة عشر طابق، وكما قام الأهالي والذين بلغ عددهم أقل من ٣٠٠ إنسان في عمل اكتفاء ذاتي كامل.
السياحة في مدينة ويتير
ومع الوقت بدأت مدينة ويتير أخبارها تلفت أنظار الناس الذين كان لديهم فضول في مشاهدة |المدينة المعزولة|، التي سكانها جميعهم يعيشون في مبنى واحد، وهذا المبنى الذي استطاع تحمل أقوى زلزال في تاريخ أمريكا، وبالفعل تحولت المدينة إلى مزار سياحي من الدرجة الأولى، بل أصبحت السياحة تمثل ٣٨ بالمئة من دخلها، وبدأت الرحلات السياحية بالسفن الكبيرة تزور المدينة والذي بلغ عددهم ٤٠ سفينة كل سنة، وكل سفينة تحمل على متنها ٤٠٠٠ راكب لزيارة مدينة سكانها جميعهم أقل من ٣٠٠ إنسان، وهذا الأمر الذي أدى إلى زيادة النشاط السياحي والتجاري بشكل كبير، وتم إنشاء مطاعم ومقاهي ومنتجعات على ميناء المدينة.
وكما يمكن زيارة المدينة عن طريق النفق خلال الجبال بالقطار أو السيارات الخاصة، وتبدأ الرحلات خلال فصل الصيف في طريق ساحر من المناظر الخلابة وسط الجبال والغابات والمساقط المائية.
وبالرغم من وجود فندق صغير في برج باكتج إلا أنه نادراً ما يوجد مكان فارغ في فصل الصيف، وجميع الغرف تكون محجوزة قبل موعد الصيف بشهور، ولذلك ستجد الكثير من الزوار من محبي التخييم يزورون المدينة.
النشاطات السياحية للمدينة
والمدينة بالرغم من صغر حجمها إلا أنها تتميز في وفرة وتعدد النشاطات السياحية، وبعد المرور من النفق يقابل الزوار ميناء ويتير المليء في قوارب الصيد والرحلات والذي يعتبر مكان مثالي لهواة صيد السمك، وكما يشرف الميناء على واحد من أغنى مصائد الأسماك البحرية في خليج ألاسكا، وتقدم المطاعم المنتشرة في الميناء خدمة تأجير القوارب والخروج في رحلات الصيد، ثم طهي الأسماك الطازجة التي تم اصطيادها، وكما تنتشر مكاتب الرحلات بالقوارب لمشاهدة الأحياء المائية التي تزور المدينة خلال فصل الصيف مثل الحيتان والفقمات وثعالب البحر، وهذه الرحلات البحرية تتوقف على الجزر لمشاهدة الدب الأسود والماعز الجبلي والنسور والصقور وغيرهم، ويستمتع السياح بعد الرحلات البحرية بالجلسات على مقاعد المطاعم والمقاهي التي تطل على الميناء، وبالإضافة إلى الرحلات البحرية تنتشر رياضة التزلج على الجليد.
طبيعة مدينة ويتير
وكما تحدث عضو مجلس المدينة في أن المصالح الحكومية جميعها في الطوابق الأولى ثم يأتي بعدها المحلات والأسواق، وأن السكان لا يحتاجون للخروج من المبنى حتى بقوا فيه لشهور، والسبب في ذلك بأن فصل الشتاء يكون طويل وجميع الطرق تكون مغلقة بالثلج وبالإضافة إلى الدببة القطبية التي تتجول في أرجاء المدينة خلال فصل الشتاء البارد.
الذي يميز |سكان المبنى| في أنهم يعيشون جميعهم وكأنهم عائلة واحدة، وكما علق أحد السكان في أن مدينة ويتير مناسبة للناس التي تحب حياة الصخب والاجتماعية.
بقلمي: ربا
إرسال تعليق
كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك