|
ما هي الخفايا المخبئة خلف العالم الافتراضي تصميم وفاء المؤذن |
قبل البدء بقصتنا اليوم سأطلب منك تحضير كوب كبير من القهوة الدافئة، لتبقى بتركيز تام بالأحداث الغريبة التي سنقصها عليك، ففي البداية ستبدو لك القصة اعتيادية وممكنة الحدوث أما النهاية ستصدمك بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
سنتجه بهذه القصة لأميركا القارة العجوز
وفي عام 2005 بالضبط دارت الأحداث التالية، كان هناك فتاة بعمر المراهقة تدعى (جيسي) تبلغ 18عام، سمعت من أصدقائها عن موقع على شبكة الإنترنت خاص بالمراهقين من أجل |التعارف| وتبادل الأرقام، فسارعت بالتسجيل به خصوصاً أن هذا الموقع كان يتيح وجود أشخاص من نفس ثانوية المقاطعة التي تقطن بها، وغيرهم من الطلاب الأكبر والأصغر عمراً منها.
ومن المعروف أنه باختيار صورة الProfile جمعينا نقوم بوضع أفضل وأجمل صورة لنا، وغالباً ما نقوم ببعض التعديلات عليها وإضافة بعض المؤثرات لجعلها بحالة أفضل، ولا سيما الفئة العمرية المتوسطة فهذا يعتبر موضوع بغاية الأهمية.
في ذات يوم قررت جيسي القيام بتصفح هذا الموقع
وهي غارقة بالصعود والهبوط به أثارها الفضول حول شاب مراهق يضع الصورة الخاصة به لامرأة عجوز كهلة، هذا الأمر أثار استغرابها فجميع الحسابات عائدة لشبان وفتيات بغاية الأناقة والجمال، فلماذا يقوم هذا الشاب بوضع هذه الصورة؟
ومن باب الفضول ليس إلا قامت بالولوج إلى صندوق الرسائل وكتبت رسالة لهذا الشاب الغريب، محتواها أنها تسأله عن سبب وضع هذه الصورة مستفسرة فيما إذا كان الحساب عائداً إلى عجوز فعلاً قامت بالتسجيل بهذا الموقع عن طريق الخطأ؟، أم فعلاً أنت شاب وضعت صورة لإحدى أقاربك أو والدتك؟.
ماهي إلى دقائق وانبثقت على الشاشة أمام جيسي رسالة الرد من هذا الشاب، فهو جاوبها بكل هدوء أنه يدعى (تومي) ويبلغ من العمر19 عاماً، وأن صورة هذه العجوز هي لوالدته، وهنا قامت جيسي بالاعتذار منه وشكها بمالك الحساب كونه موقع خاص بالمراهقين.
وعلى الفور قام تومي بتغير صورة الProfile من تلك العجوز إلى صورته الحقيقية، فظهر شاب جميل وأنيق ذو ملامح جذابة، وفي ذلك اليوم أصبح هناك صداقة ما بين جيسي وتومي بعد إجراء المحادثة القصيرة.
وما هي إلا أيام حتى تطورت هذه الصداقة
وبدأوا بمحادثة بعضهم كل ليلة تقريباً، وتبادلا أرقام الهواتف ويقضون الساعات وهم يتحدثون مثل أي بداية علاقة، حتى الأمر تعدى المكالمات فبدأت جيسي بإرسال صورها الخاصة لتومي، الذي بادرها هو الأخر بنفس الأمر.
وللتنويه أن جيسي كانت تعمل في صناعة القلائد الخاصة باليد والعنق، فما كان منها إلا أنها قامت بصنع بعض القطع التي تحمل محارفهما، وبالتالي نفهم من هذا الأمر أن العلاقة أصبحت شبه |علاقة رومانسية| بين الشاب والفتاة.
|
ما هي الخفايا المخبئة خلف العالم الافتراضي تصميم وفاء المؤذن |
فضول، إرسال رسالة، تغيير صورة، مكالمات جانبية، تبادل صور، صنع هدايا خاصة، هذه الأمور كانت كفيلة بتحويل علاقة جيسي وتومي من صديقين إلى |عاشقين|.
الغريب أن هذا العشق كان فقط مجرد رسائل ومقاطع صوت وفيديو، أما في الواقع فإن هذين الشخصين لم يلتقيا أبداً، فجميع أحاديثهم كانت عبر |مواقع التواصل الاجتماعي|.
بأحد المكالمات الهاتفية بينهما
اقترح تومي أن يقوم بتعريف جيسي على أحد أصدقائه المشترك أيضاً بهذا الموقع، فلم يكن للفتاة أي معارضة على الأمر، وبالفعل تعرفت على هذا الشاب يدعى إبراهيم ذو ال19عاماً، وتمت المحادثات بينهما لعدة مرات متتالية.
وهكذا استمرت العلاقة بين الأصدقاء الثلاثة لعدة أشهر دون أي مشاكل، حتى ظهر بأحد الأيام حساب غريب جداً على هذا |الموقع|، ودخل على الصفحة الرسمية لجيسي وأرسل لها صورة لرجل عجوز أغبر الشعر تجلس بجانبه امرأة مسنة.
قام بمراسلتها على صندوقها الخاص
وبرسالة كتب لها: أن الرجل العجوز الذي في هذه الصورة هو نفسه الشاب الوسيم تومي الذي تقومين بالتكلم معه، وأن المرأة بجانبه هي زوجته، في البداية جيسي أحست بالصدمة والذهول فهل من الممكن أنها تتكلم مع رجل عجوز لشهور طويلة، بل وأنها وقعت في غرامه أيضاً؟
الرجل الذي في الصورة يتجاوز عمره ال70عام، فمن الذي يحاول تنبيه جيسي منه؟ ويريدها أن تعرف حقيقة هذا الرجل؟، وبعد أن قدم لها بعض الدلائل أنه صادق كشف لها أنه لا يدعى تومي بل ( توميس) ومتزوج.
ولكن مع كل هذه الاثباتات بقي الشك بقلب جيسي من أن يكون هذا أحد الكارهين لتومي، فما كان منها إلا الذهاب مباشرةً إلى صندوق الرسائل والقيام بمراسلة صديق تومي الذي سبق وعرفها عليه إبراهيم، لتتأكد من صحة الرواية.
من دون أي مقدمات فوراً بدأت جيسي بسؤال إبراهيم
عن حقيقة تومي فهل هو فعلاً شاب مراهق يدعى تومي؟، أم أنه رجل كهل يدعى توميس؟
وقامت بإرسال الصورة لإبراهيم، هنا تأخر إبراهيم بالرد فبدأ الارتباك ظاهراً على جيسي، ورد لها برسالة أنه سيقوم بإجابتها بصدق.
فعلاً قال إبراهيم لجيسي أنه سيخبرها الحقيقة ولكن عند الانتهاء ستعده أنها لن تخبر أحداً بأن هذه المعلومات حصلت عليها عن طريقه، وبذات اللحظة وافقت جيسي على شرطه فهي قلقة جداً من الشيء الذي حصل، وبالفعل اعترف إبراهيم أن هذا العجوز توميس هو نفسه الشاب تومي التي تتكلم معه.
فتوميس رجل يعمل في القوات البحرية زميله ويبلغ 69 عاماً بالضبط، وعن طريقي دخل إلى الموقع وانشأ حسابه الجديد وتعرف على شبان من عمرك، وبعد عدة أيام عرفني بك، ولكي أكمل لك الحقيقة فإن هذه الصورة التي أرسلتها لي، هي عائدة له ولزوجته ولكن قبل 20 عاماً فهو الأن أكبر سناً وأكثر انحناءً.
|
ما هي الخفايا المخبئة خلف العالم الافتراضي تصميم وفاء المؤذن |
بعد الصدمة التي احستها جيسي ومقدار خيبة الأمل من كذب تومي أو توميس، اشتعلت غضباً فقد احست بأنها موضع استهزاء وخاصة أن العلاقة تطورت إلى الوعد بالزواج بينهما.
اتجهت إلى صندوق الرسائل وقامت بكتابة رسالة إهانة لهذا الشخص الماكر، وقطعت علاقتها بالكامل معه، أما إبراهيم فهو فعلاً |مراهق| من نفس عمرها، اتجهت الأنظار حوله وبدأت العلاقة يوماً بعد يوم تنمو تجاه هذا الشاب، الذي يعمل في القوات البحرية.
ومع مرور الأيام قام كل من الصديقين بمشاركة مشاعرهم أمام الجميع
وأعلنوا أنهما أصبحا عاشقين يخططان للزواج، الأمر الذي وصل لتوميس واشتغل الكره بقلبه تجاههما، واتجه إلى إبراهيم محاولاً ضربه لسرقه هذه الفتاة الصغيرة منه، ولكن إبراهيم دافع عن نفسه وأن جيسي هي من اختارته بعد اكتشافها كذب توميس.
خضع توميس للأمر الواقع وعاد إلى حياته الاعتيادية وأصبح بينه وبين الشاب إبراهيم عداوة كبيرة من دون أن يعرف أحد عن الأسباب، وما هي إلا بعضة أسابيع من علاقة إبراهيم وجيسي إلا أن شعرت جيسي بالملل والتكرار من قول نفس الأحاديث، فبدأت بالتهرب من مكالمات إبراهيم.
ولوهلة فكرت في مراسلة توميس العجوز والاعتذار له
فمشاعرها اتجاهه لم تخمد بعد، وبالفعل قامت بالحديث معه واعترفت له بحجم |الاشتياق| الذي تشعر به، وبدأت توهمه بأنها تنوي العودة له وترك إبراهيم، لكن نوايا جيسي كانت فقط اللعب بالمشاعر ولم تقدم الجدية بأي كلمة قالتها، فبعد مرور أيام من هذه المحادثة قررت قطع علاقتها مع توميس من جديد والعودة إلى إبراهيم، الأمر الذي كان سيودي بحياة هذا العجوز فكيف لفتاة صغيرة أن تجعله خاضعاً لها ولأوامرها، تأتي عندما تريد وتذهب عندما تريد، وهنا بدأت الأفكار الشيطانية تحول برأس توميس، فقرر |قتل| إبراهيم.
وحقاً تم الأمر ففي اليوم التالي بينما توجه إبراهيم إلى عمله كالمعتاد، وفور دخوله وجد توميس بانتظاره وبيده سلاح ناري، وعندما رآه ماهي إلا بضع ثواني حتى قام بتوجيه الطلقات التي استقرت واحدة في الرأس والأخرى بالصدر.
تم الاتصال بالشرطة والقاء القبض على توميس
الذي سلم نفسه من دون أي مقاومة، وعند إجراء التحقيقات من قبل رجال الأمن الجنائي قص عليهم هذا العجوز ما حدث، من اللحظة التي قرر بها إنشاء حساب بمساعدة هذا الفتى على مواقع خاصة للمراهقين وحبه للفتاة وتخليها عنه بسبب إبراهيم، إلى لحظة تخطيط القتل وتنفيذه، وإلى الأن لم تصل إلى ذهول الذي وعدتك به في هذه القصة، فالذي نراه أنه أصبح لدينا قاتل هو توميس، ومقتول هو إبراهيم، بسبب فتاة يافعة بمقبل العمر هي جيسي.
|
ما هي الخفايا المخبئة خلف العالم الافتراضي تصميم وفاء المؤذن |
يا للمسكين إبراهيم كيف يعقل أن تذهب روحه بهذا الوقت المبكر من العمر، بسبب أمر أشبه بالتافه فهو لم يكن له حول ولا قوة، لا بحب جيسي له ولا بنواياها بالانتقام من توميس، فأصبح الأن |جثة| هامدة.
قامت الشرطة بالتوجه إلى العنوان الذي تضعه جيسي بملفها الشخصي
على هذا الموقع، للتأكد من الأحداث التي رواها العجوز فهل هي فعلاً صادقة أم أنها من بناة أفكاره.
عند وصولهم المنزل كان والد جيسي يعمل في الحديقة المجاورة لهم، وفور رؤيته للشرطة تتجه نحو منزله سارع بالوصول قبلهم، سأله الضابط المسؤول هل فعلاً انه يمتلك فتاة اسمها كذا بالعمر كذا، صدم والدها عن سبب سؤال الشرطة عنها فهو على دراية تامة أن صغيرته لم تعتاد الخروج من المنزل، أو افتعال المشاكل ومع هذا قال نعم واتجه بهم إلى غرفة المعيشة، وصرخ لجيسي.
من دون أي مقدمات شرح الضابط لوالد الفتاة عن الأحداث التي عرفها، أمام مسمع جيسي التي وقفت مصدومة من ذهول الموقف، فهي اليوم وبهذا العمر يتم اتهامها بالسبب والهدف وراء قتل شاب صغير من قبل رجل كهل.
ولكن الصدمة أن هذه الفتاة التي تقف أمام الضابط صادقة والصدمة التي تعيشها فعلاً حقيقة، فلم تكن تعلم عن ماذا يتحدثون وليس لها أي نوع من هذه العلاقات، فهي فقط تهتم بواجبات مدرستها الثانوية وأصدقائها جداً محدودين العدد.
بدأت بالبكاء والنحيب
ويكاد صوتها يختنق بحبالها الصوتية فلم يكن لفتاة رقيقة مثلها أن سبق ووقعت بمثل هذا الموقف، وهنا بالتحديد بهذا الوقت ظهرت والدة جيسي فإذ بها امرأة بالعقد الرابع من العمر، عندما رأت صغيرتها تبكي والشرطة تعج بالمكان بدأت بالصراخ عليهم محاولة الاستفسار عما يجري، وفعلاً تقدم الضابط إلى الأم وقص عليها الأحداث وكيف آلت الأمور من محادثة على |الشات| الى |جريمة قتل|.
وهنا جلست الوالدة على ركبتيها وبدأت بالبكاء واعترفت بالحقيقة على الفور، وقالت أنها وبأحد الأيام سمعت عن هذه المواقع من أصدقاء جيسي ولكن ابنتها كانت على دائماً ترفض أي علاقة من هذا النوع، فدخلت الأم إلى محرك البحث واخرجت الطريقة منه بإعداد صفحة على |مواقع المراهقين|، وبالفعل قامت بأنشائه ووضع صورة ابنتها بدلاً من صورتها أي الأمر مشابه لما فعله توميس.
وأنها هي من قام بإجراء المكالمات والأحاديث وغيرها، ولم يخطر لها ولو لأجزاء من الثانية أن يودي حقد توميس عليها بقتل إبراهيم، ومن حرج الموقف انسحب الضابط من هذه العائلة التي جلس أفرادها مصعوقين من فعلة الأم، وعلى الفور طلب والد جيسي من الأم مغادرة المنزل وعدم العودة له وبالتالي تشتت هذه العائلة.
أما إبراهيم فتم دفنه بعد غلق التحقيق، وتوماس انهارت علاقته مع زوجته التي طالبته بالطلاق، وتم الحكم عليه من قبل القاضي بالإعدام لقتله العمد.
فهل ترى أن مثل هذه المواقع قادرة على تفكيك الأسر وهدمها؟
وهل ترى أن الشباب يخسرون أنفسهم بقيامهم بمثل هذه العلاقات؟
لا تنسى مشاركتنا اجابتك.
بقلم آلاء عبد الرحيم
إرسال تعليق
كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك