هل الحلاج هو شهيد العشق الإلهي أم هو مدعي الألوهية - الجزء الأول تصميم وفاء المؤذن |
فالبعض يرى أنه ضرب أروع مثال في العشق الإلهي وفناء ذاته أمام المولى عز وجل.
والبعض الآخر يتهمه حتى الآن بالإلحاد والكذب، وأنه يستحق القتل بأبشع الصور كما حدث معه.
وكان رأي مجموعة من الباحثين أنه كان |مؤمن| لأقصى درجة، وأنه امتلك من القدرة التي تجعله يقف أمام الطغاة ويواجههم ، ولا يخاف من بطشهم مهما حدث.
ومؤرخين وأئمة مثل |ابن تيمية| وغيره يرونه |كافر| و|ملحد|، ويستحق من العذاب أكثر من الذي رآه قبل أن يموت ألف مرة.
يوجد هناك بعض الناس تدعي أنه وصل لأعلى مراتب الحكمة والزهد.
والبعض الآخر يقول أنه كان جاهل وأخطأ، وتجرأ على الذات الإلهية من غير أن يقصد.
من هو الحلاج من بين جميع هذه الآراء
اسمه بالكامل ( أبو المغيث الحسين ابن منصور الحلاج)، ولد في تسعة نوفمبر سنة ٨٥٨ م ميلادياً بمدينة البيضاء.
مسقط رأسه
الحقيقة أنه لا أحد يعرف بأنه ولد في مدينة البيضاء الموجودة في إيران أم الموجودة في جنوب العراق، لكن المؤكد أنه نشأ في مدينة واسط الموجودة في جنوب بغداد، أي أن مسقط رأسه عليه جدل كبير بين الباحثين والمؤرخين إلى الآن، وهذا لأن البعض يعتقد أنه فارسي الأصل وعدد كبير من الباحثين يؤمنوا بأنه من أصل عراقي.
ماهو سبب تلقيبه بالحلاج
وسبب تلقيبه بالحلاج وهو أمر عليه خلاف تاريخي أيضاً إلى الآن، ويوجد أكثر من رواية تشرح سبب تلقيبه بهذا الاسم:
الرواية الأولى: هو أنه كان " حلاج الأسرار " أي يمتلك القدرة على الوصول إلى أدق أسرار الناس، لكن بعض المؤرخين يرجحون بأن السبب الحقيقي غير ذلك، ويعتقدون أنه اتجه في الأيام إلى دكان لحلاقة القطن، وطلب من صاحب الدكان أن يذهب معه إلى البيت لكي يصنع له وسائد ومراتب، فاعتذر صاحب الدكان بأنه لا يحلج القطن إلا في الدكان فقط، فاتفق معه الحلاج بأنه سيبقى في الدكان لكي يحلج القطن بدلاً عن صاحب الدكان، لكي يذهب صاحب المحل إلى بيت الحلاج لكي ينتهي من الأعمال التي طلبها.
هل الحلاج هو شهيد العشق الإلهي أم هو مدعي الألوهية - الجزء الأول تصميم وفاء المؤذن |
شخصية الحلاج
أبو المغيث الحلاج كان شخصية متلونة لأقصى درجة وهذا حسب ما تم الاتفاق عليه من عدد كبير من المؤرخين، مثل : ( |ابن الجوزي| و|الخطيب البغدادي| )، فكان يجلس مع أهل |السنة| ويدعي أنه منهم، وعندما يجلس مع |الصوفيين| يؤكد لهم أنه واحد منهم، وحتى |الشيعة| والمعتزلة عندما كان يجلس معهم كان يتصنع أنه منهم .
إضافة إلى تلونه الاجتماعي الذي لا يستوعبه أحد، لأنه كان يرتدي زي الفقراء والمساكين ويدعي الفاقة والزهد أمام الفقراء، وعندما يجلس أمام الأغنياء والأثرياء، فقد كان يرتدي أفخر الملابس ويتعامل بذات سلوكياتهم كأنه واحد منهم.
والغريب أنه كان يطوف في البلاد بهذا التلون، فاستطاع أن يستقطب أكبر عدد من المؤيدين حينها، فتجده يدخل بغداد وبعد ذلك يتجه إلى مكة واعتكف بالبيت الحرام لفترة طويلة، ومنها إلى مدينة البصرة وبعدها للهند، وسافر أيضاً إلى إقليم خرسان الواقع بين ايران وأفغانستان، وفي جميع رحلاته كان يتظاهر دائماً بأنه واحد من أهل البلد التي فيها، فكان يستطيع أن يدعو الناس لاتباعه بسهولة شديدة جداً، لدرجة أن مؤرخي أهل السنة وصفوه بأنه من أصحاب الحيل العجيبة في خداع الناس، وأنه يملك قدرات استثنائية على استمالة قلوبهم وايهامهم بأنه على مذهبهم أياً كان، بالإضافة إلى أنهم رجحوا بأنه كان مخدوم من الجن، أي أشبه بالسحرة الذين استطاعوا أن يطوعوا الجن ويسخروهم لخدمة مصالحهم، وهذا لأن الحلاج كان داهية وواسع الحيلة ويعمل هذه الخدع لكي يجعل أكثر الناس تؤمن به وبأفكاره .
هل الحلاج هو شهيد العشق الإلهي أم هو مدعي الألوهية - الجزء الأول تصميم وفاء المؤذن |
بعض الخدع التي استخدمها للتلاعب بعقول الناس والتي لم يتأكد أحد من حقيقة نسبتها إليه حتى الآن
١ - طلب من أحد مؤيديه وأتباعه أن يتجه لبلاد الجبل، ويتظاهر هناك بالتقوى و|الإيمان| وصلاح الحال لفترة، وبعد ذلك يدعي أنه عُمي وفقد بصره لمدة سنة، وبعد ذلك يتصنع الشلل وعدم القدرة على الحركة، وبالفعل ذهب الرجل وأظهر الاستقامة لفترة، وبعد ذلك ادعى أنه أصيب بالعمى وأنه غير قادر على الرؤية، فالناس هناك بدأت تأخذ بيده للمسجد وتساعده في السير، وبعدها أقنعهم بأنه أصيب بالشلل وأنه غير قادر على الحركة، فبدأوا يحملونه إلى المسجد كنوع من أنواع المساعدة، إلى أن جاء يوم وقال الرجل لأهل البلد أنه رأى الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام، وأن الرسول قد بلغه حينها بأنه سوف يتعافى ويسترد بصره وعافيته على يد رجل صالح سوف يدخل هذه البلد، وهذا سوف يحدث بعد فترة قصيرة، وبالفعل دخل الحلاج للبلد وأظهر الزهد لأهل البلد و|تصنع التقوى| والورع أمامهم، إلى أن قامت الناس بتبليغ الرجل المريض بوجود الرجل الصالح الذي تحدث عنه الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام، وعندما ذهب الحلاج إليه قام برفع يديه والدعاء له عند الله وطلب العافية للرجل المريض، فانتفض الرجل فجأة وأقنعهم أن الرؤية التي رآها في المنام قد تحققت، وأنه بالفعل أصبح قادر على الرؤية والحركة على يد الحلاج، وبالتأكيد فإن أهل البلد بعد هذه الحادثة تأكدوا بأن الحلاج هو ولي من |أولياء| الله الصالحين ،والأغرب من ذلك هو أن الرجل المريض قال لأهل البلد بعد ذلك بأنه سوف يذهب للجهاد في سبيل الله، وأنه محتاج أموال كثيرة لكي ينفقها في سبيل الله، فجمع أهل البلد الكثير من الذهب والفضة والمجوهرات وقدموها له، فأخذها وتم اقتسامها بينه وبين الحلاج.
هل الحلاج هو شهيد العشق الإلهي أم هو مدعي الألوهية - الجزء الأول تصميم وفاء المؤذن |
أما الواقعة الثانية التي تحدث عنها المؤرخين مثل الخطيب البغدادي كانت غريبة جداً
وعندما علم الحلاج بأن سره انكشف، حاول قتل الرجل لكن الرجل ضرب الحلاج واستطاع الهرب.
- غيرها الكثير من الخدع والحيل التي لجأ لها الحلاج، لكي يجبر الناس على الإيمان بمعتقداته وأفكاره.
وهذه الأفكار قد اجتمع المؤرخين الأئمة مثل |ابن الكثير| وابن تيمية بأنها كفر صريح بربنا سبحانه وتعالى، وهذا لأنه ادعى النبوة وبعد ذلك تجرأ وادعى الألوهية أمام الناس أجمع.
وكان عنده تفسيره لهذه التصرفات والسلوك الغريب جداً.
بعض تفسيرات الحلاج
على سبيل المثال..
عندما ادعى الحلاج |الربوبية| وقال ( أنا الحق ، وأنا الله ) بدأ يقدم فلسفة لم يفهمها أحد، وهي أن الوجود كله يتكون من وحدة واحدة، وكانت طريقته في إدراك هذه الوحدة هي إفناء الأنا والذات الفردية في الأنا أو الذات الإلهية، وبمعنى أدق هي محاولة انصهار ناسوتية الإنسان في لاهوتية الله، ولذلك كان يردد دائماً :( هل الكاتب إلا الله، وأنا يده التي يكتب بها ).
تابع القراءة في الجزء التالي لتتعرف على رأي المؤرخين والباحثين في فلسفته، ورأي كل منهم على حدى ...
بقلمي: رهف ناولو
إرسال تعليق
كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك