عبد الله تعالى ٧٠ عاماً ثم سجد لشيطان العابد برصيصا -الجزء الثاني تصميم وفاء المؤذن |
-وبدأت هذه الأفكار تدور في عقل العابد برصيصا إلى أن طبقها، وعندما جهز الطعام للفتاة وطرق كعادته الباب، وأول ما فتحت الباب دخل على الفور دون أن يستأذن منها حتى، ومع مرور الأيام أصبح يتناول معها الطعام، ولا يختلي رجلٌ بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما.
بسبب رؤيته لهذه الفتاة كثيراً اعتاد برصيصا عليها
وأعجب بها إعجاباً شديداً وفتن فيها، وبدأ يقترب منها ويلمس جسدها، وزادت جرأته في الأمر ووصل به الأمر لأن يقبلها، وبعد مرور الأيام وقع برصيصا في الفتاة وزنا بها، وحدثت الطامة الكبرى وارتكب |معصية كبرى|.
- وبعد ما |زنا| بها واستفاق من غيبوبته التي كان فيها وتذكر ما فعله، عاد إلى صومعته وانهار بالبكاء، فقد شعر بالذنب فقد كان يعلم بأنه ارتكب معصية كبرى، وبدأ بالاستغفار وطلب العفو والمغفرة من الله تعالى، وعاد كما كان ابتعد عن الفتاة واكتفى بوضع الطعام والمغادرة، وانقطع عن الحديث معها.
- وفي إحدى الأيام أخذ الطعام إلى الفتاة ووضعه كعادته، سمع صوت الفتاة تناديه وتخبره بأنها تحمل طفلاً في أحشائها، وهنا أصبحت المصيبة أعظم وأكبر، وعاد إلى صومعته وكان يشعر بالخوف والرعب، ووقع في حيرة من أمره وشعر بأنه عاجز عن إيجاد حل لهذه المصيبة.
بعد مضي عدة أشهر أنجبت الفتاة مولودها
وكعادته كان برصيصا يحضر لها الطعام فأخبرته بذلك، وعاد إلى صومعته والأفكار تتخبط في رأسه، وأول شيء خطر في باله وأوجس في نفسه خيفة منه هو عودة أخوتها من القتال، وبماذا سيخبرهم عند رؤيتهم لهذا الطفل الذي لا ذنب له، فمن المؤكد أنهم سيتأكدون أن هذا ابنه، وسوف يقتلونه ويفضحون أمره بين الناس.
-وهنا تدخل الشيطان الأبيض بمساعدته بإيجاد حل لهذه المعضلة، وبدأ يوسوس له ويلومه على فعلته، وكيف وقع بالفتاة وزنا بها ولم يتوقف الأمر على ذلك، بل أنجب منها طفلاً بطريقة محرمة، وهكذا أصبح برصيصا مهيأ لقبول أي حل يخطر بباله بسبب وساوس هذا الشيطان، حيث أقنعه بأن أفضل حل لينجو بفعلته وكأن شيئاً لم يكن، هو أن يأخذ هذا الطفل ويقتله ويدفنه في مكان بعيد، ولن يكون هناك أي دليل مع الفتاة يثبت أقاويلها.
-وكان برصيصا يشعر بالخوف والرعب، ولكنه كان يرى أن هذا هو الحل الأمثل لينقذ نفسه من أخوة الفتاة، فمن المؤكد أنهم سيقتلونه.
-ومباشرةً ذهب في اليوم التالي إلى غرفة الفتاة، وأخذ منها الطفل وقتله ودفنه تحت صخرة بالقرب من المدينة التي يعيشون فيها، ومرت الأيام ومازال برصيصا خائفاً مما حصل معه، ربما قررت الفتاة أن تفضح أمره انتقاماً منه، فهي أم فقدت طفلها ومن المؤكد أنها لن تنسى ذلك أبداً.
-وفي هذه المرة لم يجد الشيطان أي عناء في إقناعه، فقد أصبح مستعداً لتنفيذ أوامره على الفور، وخطر بباله أن يتخلص منها، وعند عودة إخوتها من الجهاد سيخبرهم بأنها مرضت وحاول معالجتها ولكنها فارقت الحياة، وهكذا سيدفن سره معها، وفي صباح اليوم التالي |قتل| برصيصا الفتاة، وانتظر حتى تهدأ المدينة ودفنها تحت الصخرة بجانب طفلها.
عبد الله تعالى ٧٠ عاماً ثم سجد لشيطان العابد برصيصا -الجزء الثاني تصميم وفاء المؤذن |
هكذا تمكن الشيطان الأبيض من إغواء العابد برصيصا
-مرت الأيام على مدينة بني إسرائيل وعلى العابد برصيصا بهدوء، ظناً منه بأنه تخلص من المشكلة التي وقع فيها بشكل جذري، وأن سره دفن مع تلك الفتاة المسكينة، ورجع الأخوة الثلاثة من الجهاد، واتجهوا مباشرةً إلى الغرفة التي قاموا ببنائها لأختهم، وتفاجئوا بعدم وجودها في غرفتها، وعلى الفور ذهبوا للعابد برصيصا ليعرفوا أين هي؟.
- والذي أخبرهم بأنها أصيبت بمرض أدى إلى وفاتها، بالرغم من أنه حاول جاهداً تقديم العلاج لها، وبالطبع صدق الأخوة ماقاله لهم فهو عابد ومتدين وسمعته كانت تسبقه، فهو الذي اعتزل الناس سبعون عاماً ليتفرغ لعبادة الله تعالى، فلم يكن لديهم شك بكلامه مطلقاً، وانتهى النقاش بين الأخوة والعابد وعادوا إلى منزلهم مفجوعين بمصابهم.
حتى الآن لم يكتفي الشيطان الأبيض بما فعله بهذا العابد
وكأنه كلما جعل هذا العابد ينغمس في |المعاصي|، كلما زادت مكانته عند الشيطان الأكبر إبليس، فلم يكتفي بالزنا والقتل بل كانت غايته تدمير العابد برصيصا نهائياً.
- وخلال نوم الأخوة الثلاثة جاءهم الشيطان الأبيض في أحلامهم، وجعلهم يتخيلون الأمر كما حدث، كيف أن أختهم زني بها وأنجبت طفلاً، ولقيت حتفها وقتلت هي وابنها، حتى أنه بين لهم مكان الصخرة التي دفنوا تحتها، والتي كانت قريبة من المدينة.
- وفي صباح اليوم التالي، وبينما كان الأخوة يتجاذبون أطراف الحديث، أخبرهم الأخ الأصغر فيهم بأنه رأى حلم مزعج، وبدأ يقص عليهم تفاصيل رؤياه، وكيف أنه رأى العابد برصيصا يفعل |الفاحشة| بأختهم، وأنجبت منه طفلاً وقتلهما معاً، وزادت دهشتهم أنهم رأوا ثلاثتهم نفس الحلم، فأصابهم الشك وذهبوا إلى الصخرة ليتأكدوا من رؤياهم، ونبشوا الأرض تحتها وتفاجئوا بالعثور على جثة طفل صغير وأيضاً جثة أختهم بجانبه.
لم يتمكن الأخوة من تمالك نفسهم وسيطر عليهم الغضب
واتجهوا إلى برصيصا وأخرجوه من منزله وقيدوه، ودمروا وهدموا صومعته، وقاموا بجره على مرأى كل أهل المدينة، فمنهم من كان يضربه أو يشتمه أو يبصق عليه، فقد أصبح بنظرهم شخص منافق ويدعي الإيمان وخائن للعهد، وفضح أمره في العلن، وعلى الرغم من أنه كان رجل صالح ولكن الشيطان أغواه.
- وقام الأخوة بربطه على أحد الأعمدة وسط المدينة، وقرروا جمع كل أهل المدينة لقتله أمامهم في صباح اليوم التالي.
- وبعدما غادر الجميع وتركوا العابد برصيصا معلقاً ووحيد، فجأة ظهر له الشيطان الأبيض بهيئة إنسان، وبكل فخر أخبره بأنه هو المسؤول عن كل شيء ارتكبه، وأنه وسوس له وساعده على فعل المعاصي، وأخبره الشيطان بأنه هناك أمر وحيد إذا نفذه سوف يساعده على الهرب والنجاة من الموت، وسيكون بين يديه فرصة للتوبة، وكان العابد برصيصا يتأمل وجود أي وسيلة للنجاة مهما كلفه الثمن.
-وطلب منه الشيطان أن يسجد له لينجيه من موت محتم، ويفك قيوده ويسمح له بالرحيل، وبسبب أنه أصبح ضعيف الإيمان شعر بأنه لا يملك سوى هذا الخيار، وللأسف هو لم يطلب النجاة والرحمة من الله، بل طلبها من الشيطان.
- و|سجد للشيطان|، وعلى الفور قال له الشيطان إني بريء منك، كيف تسجد لي، إني أخاف الله واختفى الشيطان الأبيض، وفي صباح اليوم التالي قتل العابد برصيصا على مرأى الملأ.
وهذه القصة تعتبر من أغرب القصص التي من الممكن أن تمر على الإنسان، بما فيها من مواعظ وحكم وعبر، وهي قصة حقيقية مئة بالمئة.
بقلمي: تهاني الشويكي
إرسال تعليق
كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك