الملكة العربية بلقيس ما قبل النبي سليمان وأمها أميرة الجن تصميم الصورة : وفاء المؤذن |
فمن هي الملكة بلقيس وما قصتها منذ الطفولة؟ وإلى أي قبيلة عربية تنتمي؟ وكيف تم تنصيبها ملكة عليهم في زمن كان فيه العرب يرفضون أن تحكمهم امرأة؟ وهل فعلاً أن أمها كانت أميرة من أميرات الجن؟!
وأين كانت تقع مملكة بلقيس وما علاقتها بسد مأرب العظيم؟ وماذا حدث معها بعد أن التقت بالنبي سليمان؟
سنبدأ قصتنا من ما قبل الصفر يعني قبل ولادة الملكة بلقيس
في اليمن وتحديداً في |صنعاء|، كان هناك مملكة عربية ضخمة يقال لها مملكة سبأ، وسميت بذلك بناءً على اسم جدهم الأكبر والملك الأول لهذه المملكة وهو سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان بن النبي العربي هود عليه السلام.
وكما قال الرسول عليه الصلاة والسلام أن سبأ كان لديه عشرة أبناء، ستة منهم عاشوا في اليمن( مذحج، وكندة، والأزد، والأشعريون، وأنمار، وحمير)، والأربعة الآخرون سكنوا في الشام(لخم، وجذام، وعاملة، وغسان).
في بداية ملكه كانت مملكته في صنعاء، وبعد مدة زمنية بنى مدينة مأرب وجعلها عاصمة مملكته، وشيد فيها القصور والمباني الضخمة والحدائق الكبيرة وكانت أشبه بالجنة لجمالها، وبنى |سد مأرب| العظيم المعروف في التاريخ العربي، والذي كان سبب ازدهار مدينة سبأ ككل.
لأن بناء السد أدى إلى كثرة الأراضي الزراعية في مدينة مأرب، حيث كان بإمكانهم الزراعة سواء بالصيف أو الشتاء، وأصبحت محاصيلهم وفيرة بكثرة، وذكرت في القرآن على أنها أرض مباركة، وأن الله رزقهم بجنتان جنة على يمينهم وجنة على يسارهم، ورزقهم الله بكل أنواع الثمار وكانت كل أراضيهم عبارة عن ظل أشجار.
وبارك الله في مالهم وازدهر عندهم الاقتصاد، فلم يكن بينهم فقير واحد، وعاشوا في نعيم ورخاء ورزق وبركة.
وبعد كل هذه الخيرات والنعيم التي أعطاها الله لمملكة سبأ
ولكن للأسف بسبب انشغالهم بالدنيا ولهوهم فيها ابتعدوا عن عبادة الله، فأرسل الله عليهم العذاب عقاباً لما غرتهم به الدنيا، وكان العقاب عن طريق انهيار سد مأرب العظيم والذي كان سبب الازدهار والخيرات، وكان السبب في انهياره حيوان صغير جداً وهو |الخلد| الذي كان يحفر بداخل السد، وأدى انهدامه إلى غرق الأراضي والبيوت ومات منهم الكثير ونجا من أراد الله له النجاة.
ونتيجة الدمار والخراب الذي حل بهم، منهم من رحل إلى الشام ومنهم من سكن في مناطق يمنية أخرى، ومن القبائل التي بقيت في اليمن هي قبيلة حمير، التي عادت وقامت ببناء مدينة سبأ من جديد، وبدأوا باستعادة النعيم الذي كانوا يعيشون فيه بشكل تدريجي، ومضت الأيام وبدأت المدينة تستعيد عافيتها شيئاً فشيئاً.
الملكة العربية بلقيس ما قبل النبي سليمان وأمها أميرة الجن تصميم الصورة : وفاء المؤذن |
وبدأت مدينة مأرب تسترد عافيتها بعد الدمار والخراب الذي أصابها
إلى أن جاءهم ملك يقال له" |عمرو ذو الأذعار|" وكان طاغية وجبار، وقد سمي ذو الأذعار لأنه كان يسبب الذعر والخوف للناس، وبنفس الوقت الذي كان فيه هذا الملك يحكم سبأ، كان هناك ملك آخر يقال له "الهدهاد بن شرحبيل" وكان أفضل وأطيب وأرق قلباً من ذو الأذعار، ودائماً ما دارت الحروب بينهم.
وذلك يعني أن مملكة سبأ قُسمت ما بين أناس تابعين لذو الأذعار وآخرون تابعين ومؤيدين للهدهاد، ودارت بينهم الكثير من المعارك والحروب، ويقال أن الهدهاد تمكن من الانتصار على ذو الأذعار وقتله، ولكن هناك من يقول بأنه لم يتمكن من هزيمته أبداً.
يقال أنه في أحد الأيام كان الملك الهدهاد خارجاً إلى الصيد ومعه مجموعة من جنوده، وبينما كان يمشي ما بين الغابات والبراري رأى ذئباُ يطارد غزال أبيض بغاية الجمال، فحاول القضاء على الذئب ليتمكن من اللحاق بالغزال ومعرفة من أين أتى، وبذلك سيعرف أين تتواجد مجموعة الغزلان الساحرة.
وبطريقةً ما تمكن من إبعاد الذئب وبدأ يمشي وراء الغزال بحذر، وفجأةً وجد نفسه أمام بوابة مملكة ضخمة، أجمل من مملكة سبأ بمئات المرات، ودخل الغزال الشارد إلى داخل المملكة.
وبينما كان الهدهاد في حالة صدمة مما رآه
ألا أنه حاول أن يعرف لمن هذه المملكة وكيف أنها موجودة بالقرب من مملكته ولكنه لم يسمع عنها أبداً، وفجأةً خرج رجل هيئته أشبه بهيئة الملوك، وكان هذا الرجل هو ملك هذه المملكة، اقترب من الهدهاد وقال له أنا ملك مملكة الجن، وشكره لأنه أنقذ ابنته من الذئب، وفجأةً ظهرت فتاة في غاية الجمال، وكان واضح عليها أنها أميرة، وكان تمشي باتجاه الملك.
وقام ملك الجن بتقديم ابنته للهدهاد
وقال له هذه ابنتي أميرة هذه المملكة وهي التي أنقذتها من الذئب، وأخبره بأنه سيزوجه من ابنته مكافأة على ما قام به، وبالفعل تزوج الملك الهدهاد من |أميرة الجن| وأخذها معه إلى مدينة سبأ، وبعد مرور فترة على زواجهم، أنجبت له فتاة أطلق عليها اسم " |بلقيس|".
كبرت هذه الفتاة وبدأت تتنقل ما بين مملكة والدها و مملكة الجن، وتعلمت من المملكتين الكثير من الأمور والتعاليم حتى أصبحت أعقل الناس وأحكمهم، فقد كان والدها ملك العرب ووالدتها ملكة الجن.
كانت بلقيس هي الابنة الوحيدة للهدهاد بن شرحبيل وكانت هي الوريثة الوحيدة لعرش مملكة سبأ، وجاء اليوم الذي شعر فيه الهدهاد باقتراب منيته، وقرر وهو على فراش الموت أن يجمع وزرائه وشيوخ قبيلة حمير، وأثناء حضورهم إلى مجلسه أخبرهم بأن بلقيس كان تساعده في الحكم طول فترة حكمه، وكان يأخذ برأيها فقد كانت ذو رأي سديد، وأنه سوف يورثها عرش المملكة من بعده ،وقالوا له بالفعل إن بلقيس أعقل الرجال والنساء وأحكمهم وصاحبة رأي
ولكن كيف ستحكمنا امرأة!
هذا لم يحدث من قبل ولن يتقبله عامة الناس أبداً. وهنا رد عليهم " والذي أحلف به ما رأيت مثل بلقيس رأياً وعلماً وحلماً بالرغم أن أمها من الجن". وبعد هذا الكلام من الهدهاد اقتنع الوزراء وشيوخ قبيلة حمير بأن تكون بلقيس ملكتهم الجديدة، ملكة مملكة سبأ.
الملكة العربية بلقيس ما قبل النبي سليمان وأمها أميرة الجن تصميم الصورة : وفاء المؤذن |
ودخلت بلقيس إلى قصر ذو الأذعار
وفي ذلك الوقت كان النبي سليمان يجتمع بأعضاء مملكته من الإنس والجن والحيوانات
الملكة العربية بلقيس ما قبل النبي سليمان وأمها أميرة الجن تصميم الصورة : وفاء المؤذن |
وبعد ما سمع النبي سليمان أخبار الملكة بلقيس وقومها من الهدهد
لم تقتنع بلقيس برأي قادة جيوشها والوزراء وأخبرتهم بأنها لن تشعل فتيل |الحرب|، وقررت أن ترسل له الهدايا كنوع من أنواع المودة والهدنة وحسن النية فيما بينهم، وبالفعل جهزت وفد وحملتهم بمختلف أنواع الهدايا من كنوز ومجوهرات وأحجار كريمة، وأرسلتهم إلى مملكة النبي سليمان عليه السلام.
إرسال تعليق
كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك