من هي الأميرة التي أبادت شعباً بأكمله انتقاماً لزوجها ؟!! تصميم الصورة : وفاء المؤذن |
هذه القصة من زمن ومكان مختلف، قصة انتقام القديسة لزوجها الراحل والتي تصاعدت فيها مراحل هذا الثأر لدرجة لا يصدقها عقل، فهذه الأميرة القديسة لم تكن ملاكاً على الإطلاق كما صور عنها، فقد كانت أميرة وأرملة مكلومة خسرت زوجها والذي كان تحبه بشغف، ولكن بداخل هذا القلب المُحب كانت تشتعل نيران الانتقام لما فقدته.
بدأت هذه القصة في القرن العاشر الميلادي
عندما تزوجت أميرة تدعى أولغا من الأمير إيغور، حيث كان الأمير الحاكم لمنطقة تسمى كييف، وكانت منطقة كبيرة تضم عدد كبير من القبائل، وكان من أكبر الأمراء في ذلك الوقت، فكان زواجها منه يعتبر شرف كبيرة لها، وتوقع الجميع أن تعيش حياة وردية، لكن الأيام كانت تخبأ لها مالم يكن في الحسبان.
في ذلك الوقت، كان عدد كبير من القبائل تخضع لحكم الأمير إيغور، والتي كانت تقدم جزية كل عام، لتثبت ولائها للحاكم. وإحدى هذه القبائل يطلق عليهم اسم الدريفلين، وكانوا قبائل كبيرة جداً، تضم نبلاء وأمراء، وكان هناك لقاء متفق عليه بين الأمير إيغور وهذه القبيلة ليأخذ منهم الجزية السنوية المفروضة عليهم.
لكن وللأسف هبت رياح الطمع على الأمير إيغور
وقرر أن يرفع من قيمة الجزية، أكثر بكثير من المقدار المتفق عليه، ولكن الدريفلين لم يكن لديهم استعداد لدفع هذا المقدار، واعتبروا هذا الطلب ابتزاز لهم ومن المستحيل أن يخضعوا له، وكأنه سار إلى حتفه بإرادته.
نصب الدريفلين كميناً للأمير، وقتلوه بأسلوب شنيع للغاية، حيث قاموا بثني شجرتين على قدمي الأمير، وربطوهما بساقيه، ثم تركوا الشجرتين تستقيمان مرة أخرى، مما أدى إلى تمزيق جسد الأمير إيغور إلى نصفين.
بعد وفاة الأمير إيغور
أصبح عرشه خالياً، وكان عمر ابنه الوحيد في ذلك الوقت ثلاث سنوات فقط، وبذلك وقعت مسؤولية الحكم على زوجته أولغا، التي اعتلت عرش كييف كوصية على ابنها الصغير.
النبلاء والقادة في قبيلة الدريفلين، والذين بقتلهم للأمير تحرروا من سلطة كييف، قرروا أن يستغلوا الأميرة أولغا ظناً منهم أنها ضعيفة و سهلة المنال، وأصبح هدفهم حكم مملكة كييف بأسرها، عن طريق تزويج قائدهم مال من الأميرة أولغا زوجة الأمير الراحل، ظناً منهم أنه من السهل التحكم فيها.
وبالفعل قاموا بإرسال مبعوثين لتقديم طلب الزواج من الأميرة، ولكن لم يكن لديهم علم بأن أولغا لم تكن تلك المرأة الضعيفة التي تخضع بسهولة، وعلى العكس فقد كانت في قمة الغضب بسبب قتل زوجها، وتمادي الدريفلين وبجاحتهم في تفكيرهم بتزويجها من قائدهم بعد ما فعلوه بزوجها، زاد من غضبها أضعاف مضاعفة.
وبدأت ترسم خطتها الجهنمية، حتى تنتقم لقتل زوجها بتلك الطريقة البشعة، ولتفرض سيطرتها على المنطقة تنفيذاً لرغبته قبل وفاته، فلم يكن أولئك المساكين المغترين بنصرهم على علم بالمصير الذي ينتظرهم.
من هي الأميرة التي أبادت شعباً بأكمله انتقاماً لزوجها ؟!! تصميم الصورة : وفاء المؤذن |
أرسل الدريفليون ٢٠ شخص من وجهاء قبيلتهم إلى كييف لإقناع أولغا بموضوع الزواج من قائدهم
لم تبد الأميرة أولغا غضبها للمبعوثين أو ممانعتها للفكرة، بل على العكس، تعاملت مع طلبهم بكل هدوء أعصاب ودهاء، وأخبرتهم أنها ستأخذ طلبهم بعين الاعتبار وستفكر بالأمر، وطلبت منهم العودة والانتظار في قواربهم ليدخلوا المدينة في اليوم التالي بموكب مهيب يليق بهم.
وأخبرتهم أنها ستأمر رجالها بحملهم مع قواربهم إلى القصر، احتراماً لهم وليدرك أهل كييف مكانتهم الرفيعة، وأقنعتهم أن هذا التصرف تجنباً منها لممانعة شعبها من زواجها بقاتل ملكهم السابق، ولم يساور الوجهاء أي شك حول نواياها، وعادوا إلى قواربهم بالفعل، معتقدين أنهم أنجزوا مهمتهم بطريقة أسهل مما توقعوه، ولم يكن لديهم أدنى شك بأنها تجهز لهم كميناً، وبأن رجالها كانوا يحفرون حفر كبيرة طوال الليل، وأن هذه الحفر ستكون قبوراً لهم.
وفي صباح اليوم التالي حُمل الوجهاء بقواربهم من قبل جنود أولغا
ودخلوا المدينة وكانت تحيط بهم أهازيج الناس، لكنهم لم يتوجهوا إلى القصر، إنما إلى قبور حُفرت لهم في الليلة السابقة ليدفنوا هناك على قيد الحياة تحت أنظار الأرملة الغاضبة، وعند ذلك سألتهم باستهزاء إذا كان هذا التكريم قد نال رضاهم، وكان جوابهم صرخات رجاء وتوسل واستعطاف، وبكل هدوء وبرودة أعصاب، أمرت رجالها بدفنهم أحياء.
-وتم اخفاء مصير المبعوثين عن الناس
حتى لاتصل الأخبار لقبيلتهم، ولم تكتف أولغا بذلك ولم يطفئ نيران الغضب بداخلها، فبعثت رسالة إلى الأمير مال تخبره فيها أنها موافقة على طلبه، لكن عليه أن يرسل لخطبتها خيرة رجاله من الحكماء والقادة في موكب مهيب، ليقتنع أهالي أهالي كييف بزواجها منه.
وكان لها ماطلبت، حيث بعث الدريفليون خيرة رجالهم لخطبة الأميرة، التي أمرت بتوجيههم فور وصولهم، إلى الحمام الكبير في القصر للاستجمام وللتخلص من عناء السفر، وبينما كان وفد الأمير "مال" يستحم، أغلقت أبواب الحمام بإحكام، وأضرمت فيه النيران ليحترق كل من فيه.
وهكذا تخلصت أولغا من البعثة الثانية، والتي كانت تضم أهم رجال الدريلفين من القادة والوجهاء، وأيضاً أخفت أولغا مصير هذه البعثة.
حتى الآن لم تنفذ أولغا سوى جزء بسيط من انتقامها
فبعد حرق النبلاء الدريفليين أحياء في حمامها، بدأت تجهز للخطوة الثالثة، والتي كانت عبارة عن جنازة ضخمة لزوجها الراحل الأمير إيغور، توجهت بنفسها مع جنودها إلى العاصمة الدريفلية، وبعثت رسالة تخبر فيها الأمير أنها ستصل قريباً، وطلبت منه تجهيز مأدبة جنازة ليتاح لها أن تحزن على زوجها الراحل قبل الزواج من جديد، وطلبت منه أن يرسل خمسة ألاف جندي لحضور الجنازة تكريماً لزوجها.
فما هي خطتها القادمة بعد أن دفنتهم وأحرقتهم أحياء ؟
وهل كانت هذه المأدبة التي جهزتها إكراماً لزوجها نهاية الانتقام؟
من هي الأميرة التي أبادت شعباً بأكمله انتقاماً لزوجها ؟!! تصميم الصورة : وفاء المؤذن |
إرسال تعليق
كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك