كيف مات " النبي يحيى "من قطع رأسه ومن انتقم له ؟ تصميم الصورة ريم أبو فخر |
عزيزي القارئ إليك اليوم قصة شيّقة تحدث عنها التاريخ بألم عن قصة مظلوم..
دعوني أولاً أقوم بتقديم نصيحة مهمة لكم ألا و هي :
إن تحدث لكم التَّاريخ عبر صفحاته فأنصتوا و استمعوا له جيداً ، فقد يحمل في صفحاته معزوفةً حزينة تحمل في طياتها الكثير من الألم و الظلم .. و قد يروي لكم قصَّةً لا يمكنك أن تتخيل أنَّها حدثت فعلاً مع أطهر إنسان خلقه الله في أرضنا ومع ذلك فقد تطاولوا عليه و أنزلوا فيه أشد أنواع الظلم!
و لكن انتبه جيداً فكما يقال ..
إنَّ دم الإنسان الذي تحمَّل ظلماً مهكاما ن حجمه فإنَّه سيُردُ إلى يد العادل الجبَّار في يوم القيامة .. وكما تعلمون إنَّه يوم و لكن ليس كأيِّ يوم..
إن كان الله قد رفع الظلم عن صفاته فكيف يتتجبر الإنسان؟
لذا أيها الظالم دعني أنبئك بأن العزيز العادل سينزل أشد أنواع العقاب لمن تجبر على خلقه في الأرض
و بذلك سيبسط الله وعده بالحق و العدل و ينتقم من الظالم أشد انتقام و ينصف المظلوم حتى يعم السلام و العدل .
دعونا الآن نغوص في قصتنا دون الإطالة عليكم سأروي لكم القصة من البداية.
قصتنا اليوم فيها الكثير من العبر
ولكن عبرة مغموسة بالحزن العميق والألم ،فقد نسجت من ظلمٍ شديد و ألم مفجع لنبيٍ أرسله الله هدايةً لقومٍ ومع ذلك فقد تجبروا و أنزلوا فيه الظلم البهتان ..
هل لك أن تتخيل ذلك؟ ....لا أظن ذلك.
يحيى، نبيٌّ كان قد قال فيه حفيد رسول الله صلى الله عليه و سلَّم الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب سيّد الشهداء في الأرض والشباب في الجنة ( إنَّ من هوان الدنيا على الله عزَّوجل، أنَّ رأس يحيى ابن زكريَّا أهديَ إلى بغي من بغايا بني إسرائيل)..
لا بد أنكم تشوقتم لمعرفة قصة يحيى نبيُّ الله
كيف ولماذا قتل؟
و بمقتله غضب الجبار الصمد الله عزَّوجل ..
إليكم القصة الكاملة عن هذه المأساه التي حدثت في ذلك التاريخ و كانت فاجعة لكل الديانات ، إنَّها قصة نبي الله يحيى بن زكريا عليهما أطيب السلام .
يحيى بن زكريا هو نبيٌّ من أنبياء الله أرسله إلى |بني إسرائيل| لهدايتهم و إرشادهم إلى طريق الحق و الصواب
بدأت القصة عند نبيُّ الله سيدنا زكريا و الذي كما تعلمون لم يُرزق بأولاد و قد كان قد بلغ فيه الكبر هو وزوجته إلى عمرٍ استحال فيه طبيّاً ومنطقياً أن تستطيع فيه على المرأة الحمل والإنجاب.
ولكن وكما علمنا من| القرآن الكريم| لم يمل و لم يقنط نبيُّ الله زكريَّا من رحمة ربه على العكس تماماً فقد كان يدعو الله ليلاً نهاراً ..
و لم يقتصر الأمر على الدُّعاء و إنَّما اقترن بالعمل الصالح فكما تعلمون أنَّ سيِّدنا زكريا كان كفيلاً للسيدة مريم بنت عمران أمُّ نبيُّ الله |عيسى عليه السلام| تلك السيدة الطاهرة و العفيفة والتي لا يستطيع كائناً من كان أن يصفها بقول جاهلٍ ظالمٍ جائرٍ لا ينم إلا عن عدم إيمان بقدرة الله عزوجل.
كان النبي زكريا يتعجب من رؤية الطعام المختلف والمتنوع والفاكهة الشهية والمختلفة التي كانت عند محراب السيدة مريم ..
فقد كانت دائمة التعبد والابتهال، وعندما يسألها من أين لك كل هذا تكون إجابتها أنه رزق من رزق العزيز الكرم الله عزوجل
فما كان من سيدنا زكريا إلّا أن يلجأ بتزهد و التجرد من الحَول و القوة لله عزَّوجل واعتزل مخالطة الناس وجلس وحيدا راجياً في محرابه يدعو الله عزوجل أن يمكن عليه وعلى زوجه بالذريَّة الصَّالحة
ومن المستحيل أن يرد الله عبداً مخلصاً بدعائه فاستجاب ورزقه بيحيى وكان اسم يحيى اسمٌ غريب في ذلك الوقت فقد كان اسمه وحياً من الله عزوجل إلى نبيه زكريا.
و قد قيل أن عمر سيدنا زكريا عندما أنجبت زوجته بيحيى كان 98 و رواية أخرى تقول أنَّه بلغ ال 102 عاماً.
و أكثر ما يدهش هو أن الله سبحانه كان قد أنزل عليه سلاماً في أكثر المواضع التي تكون شديدة على الأنسان
عندما قال ربُّ العباد في سورة مريم .....بسم الله الرحمن الرحيم
( وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا )
ونرى في هذه الآية من التبجيل للنبي الله يحيى وقد أوتي النُّبوة وتسلًّم الكتاب رغم صغر عمره
فقد كان في السابعة من العمر وعنده من الورع والخوف من العقاب ما يفوق أي إنسان في عمره
وكما وصفوه الأنبياء عليهم السلام فقد كان أكثر الأنبياء زهداً وعبادة وورعاً ..
حتى أن نبيينا العدنان وصفه بهذه الصفات عليهما الصلاة والسلام.
لدرجة أن والده النبي زكريا عندما كان يخطب في بني إسرائيل و يحذرهم من النار و العقاب كان يتلفت حوله ليتأكد أن يحيى لم يكن بين الحاضرين ..
خوفاً عليه أن يستمع لمعرفته بجزعه الشديد من النار..
فذات مرة اختفى يحيى لثلالثة أيامٍ وعندما وجده رآه جالساً باكياً بين قبرين داخل قبر أعده يحيى لنفسه وبيديه
و بالطبع سيدنا زكريا جزع و اشتد خوفه عليه وعندما سأله عن سبب جلوسه بهذا المكان فأجابه ابنه يحيى نبي الله أنه يقوم بتهذيب نفسه لعلها تذكر الموت والحساب واليوم الآخر .....ثم بكى لما تذكر النار وعقابها.
كيف مات " النبي يحيى "من قطع رأسه ومن انتقم له ؟ تصميم الصورة ريم أبو فخر |
لقد أوتي النبي يحيى الحكمة والفصاحة والخلق الحميد كما ثبّت محبته واحترامه في قلوب البشر والطير على حد سواء
فكان يأكل ويطعم الحيوانات من طعامه الخاص وأينما ذهب وحل ،حلت الحنية والطيبة معه
هذا النبي رغم كل المحبة التي حصل عليها إلا أنه لم يفكر بالزواج قط ،بل لم يقع حب امرأة في قلبه وكان كلما سُئِل عن ذلك فاسمعوا ماذا كان يجيب...
كان يرد بجواب واحد .....
ليس في قلبه مكان للحب غير حب الله تعالى.
والآن هل علمتم أو سمعتم أن النبي يحيى كان في زمن النبي عيسى عليه السلام
بل إن تلك القرابة كانت تربط بينهم في حسب أغلب| المؤرخين |من ناحية الأم
ففي أغلب الروايات هم أبناء أخوات ..... وكما ذكر في القرآن في أكثر من موضع فهو ذكر في الإنجيل كذلك ،بل هو من الشخصيات المبجلة والمقدسة في الديانه المسيحية.
فنبي الله يحيى هو يوحنى المعمدان في المسيحية رسول السيد المسيح الشهير والأبرز إلى| بني إسرائيل |مع الحواريين الإثنا عشر ، وقصة قتله في الإنجيل تتوافق مع قصة مقتله في الإسلام وهو ماسوف نعرفه تالياً.
لنقرأ الآن أصدقائي إلى الجزء الأكثر ألماً وحزناً في هذا المقال ألا وهو مقتل النبي يحيى
استشهاده الشريف الطاهر عليه السلام
هنا يجدر بي أن أذكر أن مجموعة من الروايات روت كيف قتل نبي الله يحيى عليه السلام ،إلا أنها كلها تقول قولاً واحداً وتوافق على الطريقة الموجعة التي قتل أو الأصح أن نقول استشهد بها
كما ذكرنا سابقاً فإن يحيى عليه السلام بُعث إلى بني إسرائيل وكان دائم النصيحة لهم وكان محترماً ومبجلاً من الملوك وعامة الناس على حد سواء
حتى جاء ذلك اليوم المشؤوم ،فقرر أحد ملوك بني إسرائيل الزواج من إحدى محارمه وكان هذا الزواج محرماً لأنها لا تحل له، فقد طلب من النبي يحيى أن يزوجه ولكنَّ يحيى عليه السلام نهاه وحرم عليه ذلك وأخبره بتحريم هذا الزواج
طلب هذا الملك من يحيى أن يفتي له فتوى تحلل له هذا الأمر وله من الملك والمال مايشاء ،فقام النبي يحيى برفض ذلك الطلب رفضاً قاطعاً ،فكيف لمن يخاف من النار والعقاب منذ صغره و نعومة أظافره أن يأتي في أمرٍ عظيمٍ كهذا؟
هذا الموقف لم يعجب تلك المرأة التي كان يودُّ الملك الزواج منها.
فطلبت من الملك أن يكون المهر الذي تريده هو رأس يحيى عليه السلام
في البداية رفض الملك الأمر فهو كان مبجلاً ومحباً ليحيى وكان يحترمه احتراماً شديداً ويخاف من عاقبة الأمر
إلا أن شهوته وإصرار المرأة عليه تغلبا على صوت عقله وضميره ،فطلب من حراسه أن يأتوا بيحيى إلى المحراب الذي يتعبد ويصلي به
وحين وصول أتوا بيحيى فطلب الملك أن يأتوا بوعاء فوضع رأس يحيى فيه ثم ذبحوه لينزل دمه في الوعاء ويهدى رأسه إلى المرأة الطاغية الباغية
هذه الرواية ذكرت في الإنجيل أيضاً
ولكن في الإنجيل ذكر أن اسم الملك "هيرودس" والمرأة التي كان يود الزواج منها ابنة "هيروديا"
وهيروديا تلك كانت زوجة أخ هيرودس وقد نهاه يحيى أو بالأصح "يوحنى المعمدان" بحسب الإنجيل من الزواج من ابنة أخيه وهذا كان السبب لإثارة غضبها فدفنت حقدها في قلبها وقامت باستخدام جمال ابنتها لطلب رأس يوحنى المعمدان من الملك.
وفي رواية أخرى أن أحد ملوك بني إسرائيل كان يتردد على باغية من البواغي لعدة لسنوات
هذه الباغية كانت حاقدة على يحيى عليه السلام لأنه لم يسلمها نفسه، فلما تقدم بها العمر جهزت ابنتها ذات الجمال الخلاب لتلبية رغبات الملك ،وطلبت منها شيأً وحيداً ، ألا وهو رأس يحيى عليه السلام الذي تم ذبحه في محرابه في وعاء ليهدى رأسه إلى الباغية من بني إسرائيل
كما ذكرت سابقاً فإن كل الروايات تتشابه في المضمون وتصل إلى نفس النهاية حتى تلك الرواية التي تقول زوجة أحد ملوك بني إسرائيل قد هامت حباً بيحيى وعرضت نفسها عليه ولكنه رفض فما كان منها إلا أن سجنته
وعند عودة زوجها طلبت جميع المساجين فما كان من الملك إلا أن ظن بأنها تريد العفو عنهم ولكنها أمرت بوعاء ،فوضع رأس يحيى عليه السلام فوقه وذبح ليسيل دمه على الأرض
كيف مات " النبي يحيى "من قطع رأسه ومن انتقم له ؟ تصميم الصورة ريم أبو فخر |
هل يقتل نبي الله بهذه الطريقة البشعة ولايغضب الله غضباً شديداً؟
بالطبع لا
فدم النبي يحيى عليه السلام الذي تم جمعه في الوعاء كان كل ماحاول القوم صبه على الأرض ارتفع ، فأخذو يطرحون ويرمون التراب عليه وهو يرتفع حتى بلغ مبلغ التل
وفي رواية أخرى أن قطرة الدم التي قد سقطت من الوعاء كانت تغلي وتفور وتعلو لعدة سنوات طوال ،فهو النبي المظلوم الذيي قتل غدراً وبهتاناً
لا لشيء إلا لإعلان كلمة الحق
فكان الانتقام من القوم الذين قتلوه وظلموه على أيدي شخصية شغلت فكر المؤرخين وعلماء العالم
شخصية ذكرها الحديث النبوي الشريف بأنها من أبرز| الملوك الأربعة| الذين حكموا الأرض وبالتحديد من الملكين الكافرين
والجدير بالذكر أن هذه الشخصية هي بختنصر أو| نبوخذ نصر| والذي تقول الروايات أنه سأل عن التل الدموي
فلما علم بالقصة أقسم بالانتقام له ،وفعل ذلك في حرب عظيمة ودموية على بني إسرائيل في بيت المقدس وقد قتل منهم مقتلة عظيمة فاقت السبعين ألف
وساق منهم آلاف من الأسرة إلى مملكته البابلية ،وبالفعل قد سكن الدم بعد الانتقام العظيم بحسب الروايات
أما كيفة النتقام وماهي قصة نبوخذ نصر الكاملة فهذا سيكون موضوعنا الجدير للطرح في المقالات القادمة
إذاً أصدقائي قد قصصنا عليكم قصة النبي ابن النبي يحيى ابن زكريا عليهما السلام.
قصة حملت في طياتها العديد من المعاني والعبر ، فبدأت بتعليمنا عدم القنوت من رحمة الله ،وانتهت بشجاعة نبي قال الحق في وجه سلطان جائر ظالم ولم يخف من أصعب القتل
ورأينا أن الظلم لابد أن ينتهي وأن عقاب الظالمين أتٍ لا محال فلا مفر منه ،فهل من يعتبر.
رواية سيدنا يحيى عليه السلام مؤلمة وقصته لن تمحى من ذاكرة التاريخ على مر العصور ،وكما عودناكم ترقبوا أصدقائي في كل مقال قصة جديدة ومثيرة للأهتمام.
حسن فروخ
إرسال تعليق
كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك