شجار الأطفال ما بين الأسباب والحلول تصميم الصورة : رزان الحموي |
ما هي أسباب هذا الشجار ؟
لطالما أنّ الشجار ضمن الحدود المقبولة ، فهذا يعتبر أمراً طبيعياً ولا نرى بيتاً إلا فيه مشاجرات عديدة بين الإخوة ، ومن أسباب الشجار
أوّلاً- البيئة الخاطئة
ونقصد هنا العلاقة بين الأبوين في المنزل ، فالعلاقة الزوجية التي يسودها الصراخ والصراع والشجار الدائم ، ستصبح نموذجاً أو مثالاً للعلاقات في عقل الطفل ، وتلقائياً سيبني علاقاته مع إخوته على هذا الأساس ، فيظنّ أنّ الصراخ أو العدوانية هي الطريقة الصحيحة للتعامل مع الآخرين ، وقد يتقمّص شخصيّة أحد الأبوين ويصبح ذو طبع عدائي إلى حدٍ ما .
ثانياً - الطريقة الخاطئة في التربية
فإن كنت تعامل طفلك بخشونة أو حتى بالضرب فسيتعامل بالمثل مع إخوته أو العكس تماماً ، فإنّ تراخيك الزائد مع طفلك وتدليله وتنفيذ كل رغباته سيجعل منه أنانيّاً ومفرط التدليل وهذا سينعكس سلباً على سلوكه مع إخوته فيحدث الشجار بين الأبناء .
ثالثاً - عدم العدل والتفرقة في التعامل بين الأبناء
وهو من أهمّ الأسباب التي تؤدي إلى خلق نزاعات ومشاعر سلبية كالغيرة والظلم وغيرها ، فيسعى الطفل لتفريغ طاقته السلبية وما يشعر به عن طريق الشجار مع أخيه والانتقام .
رابعاً - سنتحدّث عن سبب شائع جداً وهو الغيرة
والغيرة على أشكال مختلفة ، فقد تكون من ناحية الشكل أو التفوق الدراسي أو حتى التفوق الاجتماعي ، أو السلوك أو غيرها الكثير .
وبالتالي سيسعى للتخلص من هذا الشعور عبر تفريغه بالشجار .
خامساً - قد يتمتع الطفل بأنانيّةٍ إلى حدٍ ما
فيرغب بالحصول على كل شيٍ له وحده دون أن يشاركه مع إخوته ، وهذا لا يشمل الأشياء المادية الملموسة وحسب ، بل يشمل مشاعر الأبوين برغبته بنيل الحب منهما وحده مما يؤدي إلى مشكلة الشجار مع إخوته .
شجار الأطفال ما بين الأسباب والحلول تصميم الصورة : رزان الحموي |
أما السبب السادس فهو أقرب ما يمكن القول عنه أنّه الشكل السلبي للقيادة
أو الرغبة بالسيطرة على إخوته ، كأن يرى أحد والديه مسيطراً على القرارات في المنزل فيرغب بتقليده وفرض قراراته على إخوته الصغار ، دون وجود جزء الحوار أو المناقشة لأنه منعدم أصلاً في المنزل .
سابعاً تقمّص الشخصيات
وقد تكون هذه الشخصيات واقعية أو خيالية على مستوى |الرسوم المتحرّكة| ، فيسعى لتقليدها بسلوكها وحركاتها ، لذلك يجب أن نكون حذرين لما يشاهده أطفالنا يوميّاً .
ثامناً - قلّة ثقة الطفل بنفسه وشعوره بالانتقاص تجاه أمرٍ ما مقارنة مع إخوته
خاصة من الناحية الشكلية أو القدرات العقلية والإبداعية ، فيسعى لمحاولة تعويض هذا النقص بأن يفرض نفسه بين إخوته ، ويترجم هذا الفرض بشكل عدوانية وشجار دائم .
تاسعاً - قد يكون السبب مرضياً
إلى حد ما كاضطراب |فرط التشتت والحركة| ،الذي يجعل الطفل في حالة هياج مستمر وغير قابل للسيطرة عليه في أغلب الأحيان .
عاشر الأسباب وآخرها عدم المحاسبة والفوضى وعدم تنظيم الأمور في المنزل
فلدى بدء شجار بين الأبناء لن يكون تركهم دائماً أمراً جيداً ، فيجب في بعض الحالات عدم التهاون والتدخل لفهم وحل المشكلة بحيث لا يصبح الأمر عادة ويتفاقم يوماً بعد يوم ، فيجب أن يكون لحضور الوالدين ووجودهما رهبة تجعل الأطفال يتوقفون عن الشجار ويحاولون حلّ الأمور بمنطقية وعقلانية .
هذه كانت أبرز الأسباب التي تقف وراء شجار الأبناء ولكن قد لا يكون الشجار سيّئاً أحياناً
فقد وجد أنّ هناك العديد من الفوائد التي يحصل عليها الأطفال من الشجار .
وهنا بالطبع نقصد الشجار الطبيعي المعتاد الخالي من |العدوانيّة| والأذى الجسدي ، وأوّل هذه الفوائد هو التخلّص من حالة الانفعال التي تعتلي الأطفال ، أيضاً عبر الشجار سيحاول كل طفلٍ إثبات نفسه وذاته ، وهذا ما سيطوّر من شخصيتهم ويجعلهم مستعدين في المستقبل لإدارة الحوارات أو المشاكل التي سيتعرّضون لها ، لذلك قد يعد هذا الأمر تدريباً إلى حدٍ ما ضمن المنزل قبل الخروج إلى ساحة الحياة الكبيرة .
شجار الأطفال ما بين الأسباب والحلول تصميم الصورة : رزان الحموي |
والفائدة الثالثة هي حصول اختبار لقوّتهم سواء في الحوار أو حتى في القوة الجسدية ، ومراقبة ردود الأفعال التي ستصدر من كلا الطرفين ، أي أنّ الطفل سيجعل من أخيه محطّ اختبار لتعزيز قدراته القيادية والجسدية لمحاولة تطبيقها في الخارج .
وهنا لابدّ من التذكير بدور الوالدين في مراقبة كل هذه الأمور والتوعية حول ما هو صحيح وما هو خاطئ .
رابع الفوائد هي التدريب على الدفاع عن النفس فالشجار يعتبر مساحة أو فرصة لتعليم الطفل أسس الدفاع عن نفسه ضد ما قد يتعرض له .
خامساً تعليم الطفل أخلاقيّات التسامح فبعد الشجار لابدّ أن يتعلّم الطفل معنى |التسامح| وتطبيقه عملياً مع أخيه وبيان فوائد هذا الخُلُق عبر القصص والحكايات ، فلم يكن هذا التسامح ليترسّخ لو لم يحصل الشجار أساساً .
إلى جانب التسامح تكمن الفائدة السادسة وهي |العفو| ، فلو وصل أحد الطرفين المتشاجرين إلى نقطة يغلب فيها أحدهما على الآخر كاستطاعته ضربه مثلاً ، وقرر عدم القيام بذلك والبعد عنه ، سيترسّخ معنى هذا العفو لديه وتظهر آثاره على كِلا الطرفين .
أمّا الفائدة السابعة فهي تعلّم الطفل معنى الربح والخسارة وتقبّلها ، وهذا يجنبه ويهيّئه لما سيواجهه في حياته من نجاحات أو هزائم .
وفي نفس السياق يعرف معنى الإحباط ويكسب الصبر ليتحمّله .
والفائدة الثامنة هي تعلّم أسس الحوار الفعال والوصول إلى نتيجة مرضية للطرفين .
آخر الفوائد هي أنّ الشجار قد يتيح لك اكتشاف ما يعانيه طفلك سواء كانت مشاكل جسدية كفقر الدم أو ظهور كدمات لدى أي ضربة خفيفة على جسده ، أو نفسية كاكتشاف اضطراب فرط الحركة والتشتت والعدوانية الزائدة ، وبالتالي هذا الاكتشاف سيساعدك على السماح بالعلاج .
شجار الأطفال ما بين الأسباب والحلول تصميم الصورة : رزان الحموي |
سنشرح كيفية حل الشجار بطرق صحيحة وفعّالة .
أوّلاً ، في حال وجود خلافات أو مشاكل في العلاقة بين الزوجين فيجب حلّها بأسرع وقت ، لأنّها من المسبّبات الرئيسية كما ذكرنا سابقاً ، كما أنّها الأساس لأسرة سليمة ، وحل هذه المشاكل يجب أن يكون بعيداً عن الأطفال وعدم إقحامهم فيها .
ثانياً اتباع الأساليب التربوية الصحيحة بعيداً عن التدليل المفرط أو القسوة والشدة الزائدة والضرب ، كما يجب أيضاً الابتعاد عن التفرقة بين الأبناء والعدل بينهم .
وفي خطوات حلّ الشجار ، حالما يبدأ الشجار بالاشتداد قم بإيقافه فوراً ، ثمّ ضع الطرفين أمامك وحاول فهم سبب المشكلة ووجهة نظر كل منهما وإعطاء المساحة لكل طفل بأن يعبّر عن نفسه ، وبعد سماعهم يجب أن تعطيم رأيك وتعلّمهم التصرف الصحيح وتبيّن خطأ كل واحد منهما ، ثم تحلّ المشكلة بالعدل بحيث يكون كلا الطرفين راضيين .
وفي حال كان أحد الطرفين مخطئاً بحق الآخر يجب عليك معاقبة الطرف المخطئ لتحقيق العدل لصالح الجانب الضعيف .
أيضاً من أهم النصائح
وضع حدود وقوانين للالتزام بها ضمن المنزل ، مثلا كيفيةً توزيع المهام بين الأطفال وبشكل عادل وبحسب قدرة كل طفل ، تخصيص ساعات محددة للّعب الفردي والمشترك وأمثلة أخرى على نفس السياق تساعد على ضبط الأجواء في البيت ، والتخفيض من الصراعات بينهم .
بالإضافة إلى أنّك يجب أن تستغلّ الشجار بين الأطفال في معرفة نقاط الضعف لدى كل طفل والمسارعة في علاجها ، ففي حال كان يتصف بالعدوانية الزائدة قد يكون لديه اضطراب فرط الحركة والتشتت ، أو قد يكون أحدهم يعاني من ضعف في الشخصية وقلة ثقة بالنفس تستدعي أن تسارع لتساعده بإصلاح هذه المشكلة .
احرص على ملء أوقات الفراغ لدى الأطفال ، فالفراغ من أشيع مولّدات العراك والمشاكل ، لذلك يجب أن يكون يومهم حافلاً بالأنشطة المختلفة .
ويفضّل أن تكون هذه الأنشطة مشتركة بين الإخوة كاللعب المشترك أو صنع الفطائر أو التنزّه واللعب في الحديقة ، وهذا ما سيعزز روابط الأخوّة .
بهذا نكون قد وصلنا لنهاية مقالنا نتمنى أن تصلكم الإفادة ودمتم بخير .
شهد جلب
إرسال تعليق
كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك