|
الكحّة التي فضحت العاشقة تصميم الصورة : رزان الحموي |
في أغلب البلدان العربية، ومعظم العائلات تربى الشبان على أنّهم بعد عمر معين يجب أن يصبحوا من الأفراد الفعّالين في المجتمع، وليس فقط أفراد مستهلكين اتكاليين على والديهم.
ونرى أن البعض قدّ يترك التعليم ويذهب للأعمال الحرة من أجل تعلم حرفة معينة، وبالحقيقة هذا الأمر جداً مشرّف ويجب أن يقدّس، فالشاب أو الفتاة طالما يوجد من يمولهم بالأموال لن يصبحوا متكلين على أنفسهم حتى ولو بدأ الشيب يغزوا رؤوسهم.
قصتنا لليوم لشاب من سكان قرية "صلنفة" التي تقع على الساحل السوري فأهل هذه القرية معروفين بحب الخير والعطاء، وأن الشبان لديهم على مستوى عالٍ من النخوة والشهامة، حتى أن طبيعة الجبال بتلك المنطقة تسحر الناظرين، فقلة قليلة تترك تلك المنطقة وتنتقل للعيش بمكان آخر.
البعض منهم يرتد و ينتقل للمدينة أو العاصمة من أجل إكمال تعليمه، والبعض الآخر يبقى بتلك القرية من أجل الاستمرار بالأعمال الزراعية التي ترعرعوا عليها.
أما الشاب بطل قصة الليلة
كانت شخصيته من النوع الذي يحلم بتكوين عائلة صغيرة، وزوجة صالحة يجتمع بها بمنزل جميل، لذلك بعد أن بلغ ال24 ربيعاً، وبسبب الأحوال الاقتصادية السية لعائلته، وقلّة فرص العمل بالمنطقة قرر السفر الى |دولة الكويت|، من أجل بدأ العمل وتجميع الأموال ومن ثم العودة الى أرض الوطن لتحقيق أحلامه.
الشاب يدعى "علي" ودّع أقربائه وأصدقائه في اليوم المحدد للسفر
وانطلقت به الطائرة متجهة الى الأراضي الكويتية، وبالفعل بحث عن عمل وخلال أقل من شهر استطاع أن يجد عمل بمكان محترم.
استمر به الحال حوالي3 سنوات كان خلال تلك السنوات يعمل بكل ما أُتيَ من قوة، ولم يستهتر بتلك الأموال بلّ أودعها بمصرف خاص، ويوم بعد يوم وبسبب تفانيه وإخلاصه بالعمل، أصبح لديه رأس مال جيد لا يستهان به.
فهنا قرر أن يعود الى الأراضي السورية من أجل أن يتزوج، فتقدم الى ربّ العمل بإجازة لعدة أسابيع كافية ليعود الى دياره ويبحث عن الفتاة المناسبة، وفعلاً تمت الموافقة على طلبه، وعاد إلى اللاذقية.
والدته منذ اللحظة التي غادر بها البلاد وهي تنتظر عودته بفارغ الصبر من أجل أن تفرح بهِ، فعندما عاد وصرّح بأنّه على أتم الاستعداد لتكوين عائلة، عمّت الأفراح ديارهم.
باليوم التالي توجهت والدته لأحد منازل الحي الذي كان يوجد به فتاة جميلة جداً تدعى "فريال"، وأخذت موعد من والديها من أجل التقدم لخطبتها بشكل رسمي.
بالرغم من أن الفتاة كانت بغاية الجمال والحسّن
إلا أنّها كانت تحمل بداخلها الخبث والحركات الشيطانية، فعندما علمت بأمر الخطبة اعترضت على الفور، فهي كانت على علاقة حب من أحد شبان الحي والذي يقطن بالمنزل المواجه لمنزل عائلتها.
ولكن هل ستوافق فريال بالنهاية على علي أم لا؟
|
الكحّة التي فضحت العاشقة تصميم الصورة : رزان الحموي |
الأهل دائماً لديهم نظرة ثاقبة
ولأن الحياة أخذت ما أخذت منهم، أصبحوا ذو خبرة بها، فوالد فريال كان رجل كبير بالعمل، كهل متعب من العمل بالأراضي الزراعية، بالرغم من أنّهم عائلة فقيرة إلا أنَّ كرامتهم خط أحمر لا يمكن أن يتجاوزوه مهما كانت الأسباب.
ويقال أن الأب عندما يوافق على زواج ابنته، فهو "يشتري رجلاً" من أجل أن يصون عرضه وشرفه، ووالد فريال كان من هذا النوع، فجلس معها وتكلم إليها فقال: أنّه لا هو ولا أُمها ولا أخوتها دائمين لها، والزمن يغدر بالفتاة إن لم يوجد سند تستند عليه.
فعلي شاب مثقف ومتعلم وله مستقبل رائع، وهو من عائلة محترمة والآن هو من الشبان الذين أثبتوا جدارتهم بالعمل، فهو لن يجد لها رجلاً مناسب أكثر منه.
وبالفعل وافقت فريال على امتعاض وخوفاً من إخوتها الشباب، ظناً منها أنها ستحب علي بعد الزواج وتنسى ذاك العشيق.
تمَّ تحديد موعد الزفاف بعد 10 أيام
فعلي لم يكن لديه الوقت الكافي لمواضيع الخطبة فكان يريد الزواج فوراً، وبعد أن أصبحت فريال زوجته على سنة الله ورسوله، قال لها: أنّه يريد منها أن تصبر على وضعه لمدة عام لا أكثر، إلى حين أن يعود إلى الكويت ويهيأ لها "لم الشمل"، ويستأجر منزل صغير ليسكنا به.
ووعدها أنَّه كل شهر سيعاود الرجوع إلى اللاذقية لمدة أسبوع من أجل أن يبقى معها لحين استكمال جميع الأوراق اللازمة لانتقالها، وفعلاً بعد انتهاء الزفاف بأسبوع غادر علي الى الكويت، وببداية الشهر التالي عاد إلى فريال.
الفتاة بدأت بالتأقلم مع حياة زوجها
فعلي شاب خلوق محترم لا يوجد لديه أي سوابق، وتتالت الأشهر وهم على هذا الحال، إلى أن أتى الشهر الذي استكمل به علي كل الأوراق، فعاد إلى فريال من أجل أن يخبرها بأن تهيأ نفسها وأغراضها الشخصية لينتقلا معاً.
بكل المرات التي كان يأتي بها على إلى القرية كانت فريال تشعره بالسعادة والاشتياق له، إلا ذاك الشهر أحسَّ بأن تصرفاتها معه غريبة للغاية ولكنّه لم يعترض، فقال بنفسه ربما هي تشعر بالضيق لأنها ستتغرب عن أهلها وقريتها.
ولكن فريال لم تقطع علاقتها بعشيقها السابق بل أنّها كانت تستغل غياب زوجها عن المنزل، وتجلس هي وعشيقها به بل وببضع الليالي كان ينام عندها، ولكن عندما حان موعد السفر النهائي شعرت بالضيق وأن الأرض ستبتلعها، فهي ستنتقل للعيش مع رجل اعتادت على طبعه ولكنها لا تحبه.
فإن قررت الطلاق من علي لتتزوج هذا الشاب، فسوف يفتضح أمر خيانتها لزوجها بأرجاء القرية، وأهلها من المستحيل أن يوافقوا فهذا الشاب اتكالي لا يعمل، بل وأنه معروف بالحي بأنه يسكر ويشرب |الكحول|.
فماذا ستفعل فريال يا ترى؟
|
الكحّة التي فضحت العاشقة تصميم الصورة : رزان الحموي |
أبغض الحلال عند الله هو "الطلاق"
شرّع الله هذا الأمر لأنه يعلم أن النفس البشرية دنيئة، فريال كانت تختبئ بعلاقتها الزوجية من أجل تبرير خيانتها من عشيقها، ولم تطلب الطلاق خوفاً على سمعتها.
لذلك عندما علمت أن الأمر لا رجوع به، قررت هي وعشيقها أن يقوموا بقتل علي والاستحواذ على أمواله، ومن ثم نشر شائعة ضمن القرية أنه عاد إلى الكويت، وبذلك يبررون غيابه وعدم عودته إلى القرية مرة أخرى.
وبما أنَّ العشيق من أصحاب السوابق ولديه إطلاع عميق عن مواضيع القتل، قال لفريال أنّه سيقوم بالتفكير بخطة من أجل التخلص من علي، وبالفعل بعد عدّة أيام تواعدا بأحد المناطق المعزولة عن القرية ليضمنا عدم رؤيتهما من قبل أحد وقال لها:
يجب أن ننتظر علي لحين خروجه من المنزل والتأكد من عدم عودته سريعاً، سأقوم أنا بالتخفي بأحد الغرف، وعندما يعود سنقوم بوضع المحلول المنوم بكأس الشراب الخاص به، وحين التأكد من استغراقه بنوم عميق، ستقومين بالكحّ (السعلة) لثلاث مرات متتالية، كإشارة لي للخروج من مخبئي وقتله، وسندفنه بحديقة المنزل، وإن سألك أحد عنه ستقولين أنه اضطر للسفر ليلاً الى الكويت.
وافقت فريال على الفور واعتقدت أنَّ الأمر سيتم بسهولة وسرعة، فزوجها اعتاد منذ اليوم الذي عاد به الى القرية أن يذهب لمنزل والديه عند غروب الشمس ولا يعود حتى منتصف الليل، فهي كانت تعلم مواعيد خروجه ودخوله بدقّة.
تمّ الاتفاق على تنفيذ هذه الخطة باليوم التالي
وبالفعل تهيأت فريال فور خروج زوجها من المنزل من أجل أن تتصل بعشيقها وتخبره، ولكن الله أكبر منهما، فعلي بذاك اليوم أحسَّ ببعض الدوار والتعب، لذلك بعد مضي أقل من ساعة عاد للمنزل من أجل الاستراحة والاسترخاء، وفشلت الخطة.
لم يتوبوا ولن يفهموا أنَّ هذا الأمر ما هو إلا إشارة من الله للتراجع عن هذا القرار، فقرروا أن يكرروا الأمر باليوم التالي، وبالفعل فور خروج علي من المنزل دلف الشاب للداخل فهو كان متخفياً ببعض الأشجار ينتظر خروجه بفارغ الصبر.
وعلى الفور توجه إلى العليّة الموجودة بالمنزل يختبئ خوفاً من أن يعود علي مثلما فعل بالليلة السابقة، واستمر الحال حتى قرابة الساعة 11 ليلاً.
هنا فريال جهزت نفسها بلباس مغري من أجل تشتيت ذهن علي، وحضّرت مائدة تحوي على أشهى المأكولات، واستقبلت زوجها بابتسامة عريضة وكلام معسول.
طبعاً فريال عَمِدت على وضع المنوم بكأس العصير لزوجها، وبدأت بمغازلته من أجل أن يأخذ الدواء مفعولة بجسده، وفعلاً أحسَّ علي ببعض التعب والدوار، فطلب منها أن ينتقلا إلى غرفة النوم من أجل أن يستلقي على السرير.
المصادفة الغريبة التي بعثها الله ستدهشك، فهي كانت كفيلة بتخريب كل الخطة لنتابع
|
الكحّة التي فضحت العاشقة تصميم الصورة : رزان الحموي |
الله دائماً يمهل ولا يهمل
ولا يعاقبنا فور تفكيرنا بمعصيته، بل إنّه يبعث لنا إشارات لنفهم خطئنا ونتراجع عنه، وكما يقال "اللبيب من الإشارة يفهم".
ولكن فريال وعشيقها صمما على أذية وقتل علي، فعاقبهما الله أشد العقاب، لنتابع أحداث هذه الجزء المثيرة لمعرفة ما الذي حدث.
جلست فريال على أعصابها، وهي تنتظر علي ليستغرق بالنوم، ولكن الله يريد أن يكشفها فلم تحس وتدري بنفسها إلا أن الكحّة أتتها بشكل عفوي ومن دون قصد.
علي لم ينم بعد بل إنّه صاحٍ يتكلم إليها، ولكن العشيق عندما سمع صوت |السعال| افتكر أنّها الإشارة المتفق عليها، لذلك نزل من عليّة المطبخ، ومعه سكين كبير وتوجه الى غرفة النوم.
عندما فتح الباب انصدم بمنظر علي وهو ما زال مستيقظاً، وبالمقابل علي أيضاً انصعق من وجود رجل بمنزله بهذا الوقت المتأخر، ولكنه فور أن رآه علم من يكون، فالشاب يقطن بنفس الحي وعلي يعرفه جيداً.
هجم العشيق على علي ووجه إليه بعض الطعنات القاتلة
ولكن علي بدأ بالدفاع عن نفسه بكل ما حملت يداه من أغراض، ولكن الأمر الذي صدم علي أن زوجته لم تساعده أبداً، ولم تصرخ أو تخاف من هذه المشاجرة الدامية.
بل قامت بالتوجه الى باب الغرفة وأقفلته وبدأت بمساعدة العشيق بخنق زوجها، فهنا علم وتأكد علي أن زوجته على علاقة غرامية مع هذا الشاب، وأن الذي يحدث الآن يتم بمعرفتها وموافقتها.
علي بسبب قوة المخدر الذي وضع له بدأ جسده يتعب شيئاً فشيء، وخاصة مع الطعنات التي تلقاها، ولكن هو أيضاً عندما بدأ برمي الاشياء على هذا الشاب تسبب بإصابته ببعض أماكن جسده.
ارتمى علي على الأرض مستسلماً
فهو لم يعد يقوى على الحركة، هنا اعتقد الشاب و فريال بأنّه فارق الحياة، فقرر العشيق أن يغادر المنزل على الفور، على أن تقوم فريال بدفن زوجها لوحدها.
وفعلاً غادر الشاب وبدأت فريال بحفر الحديقة الخلفية للمنزل، ولكن الصاعقة أنّه بعد مضى أقل من نصف ساعة عاد علي إلى الحياة ودبَّ الله الروح به، وعلى الرغم من أن الطعنات كانت قاتلة، إلا أن الله نجاه منها.
عندما رأته فريال شعرت بخوف شديد، فأمرها هي وعشيقها يكاد أن يفتضح، لذلك هجمت عليه مرة أخرى وحاولت قتله باستخدام كرسي مرمي، ولكن الله مدّ علي بقوة رهيبة.
واستطاع مقاومتها والزحف خارج المنزل وبدأ بالصراخ حتى اِلتم عليه جميع الجوار ورأوه بهذا المنظر، فسارعوا بالاتصال بالشرطة والإسعاف، وقبل أن يفقد علي وعيه تكلم للناس من هو الذي طعنه وأن زوجته على اتفاق مع هذا الشاب، ومن ثم فارق علي الحياة متأثراً بإصاباته.
تمَّ القبض على الزوجة
والبحث عن العشيق الذي هرب الى |مدينة الرقّة|، وتحويلهم الى المحكمة، التي أمرت بتنفيذ حكم الإعدام لهما من الدرجة الأولى، لقيامهم بالقتل العمد للزوج.
لولا الكحّة التي بعثها الله للزوجة بأخر لحظة لكانت الجريمة متكاملة ولم يدري بها أحد، فنرى بنهاية القصة أن الله يرانا بكل حالاتنا ويعلم ما هي التفاصيل التي سنقوم بها، لذلك لنتقي الله بتصرفاتنا، فهناك آخرة وحساب للجميع.
آلاء عبد الرحيم
إرسال تعليق
كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك