ما هي الخصوصية وما أهميتها على حياتك؟ تنسيق الصورة : وفاء المؤذن |
ما تأثير هذا الاختراع على الإنسان؟
هذه الاختراعات العصرية جعلت الانسان لديه إيذاء نفسي أكبر من أي إيذاء جسدي يمكن أن يتعرض له، وعندما تأتي كلمة الخصوصية لابد من أن نذكر معها رواية 1984 الذي كتبها الإنكليزي جورج أورويل، فتخيل في المستقبل يحكمك شخص غامض يدعى الأخ الأكبر، هذا الأخ يراقب جميع ثكناتك وتحركاتك حتى داخل بيتك، وشعار نظامه (الأخ الأكبر يراقبك)، ففي زماننا هذا لا يوجد جهاز محمول إلا وفيه نظام Gbs يراقبك، وهناك تطبيقات تراقب جميع تحركاتك.
اليوم يعتقد البعض أننا نعيش فعلاً في عالم هذه الرواية 1984 لكن من الذي يراقبنا؟
الذين يتابعوننا هم الشركات وذلك على أساس أنها تتعرف على أذواقنا وبالتالي تقوم ببيعنا بضاعة وخدمات تتناسب مع رغباتنا، فحاول الباحث Frank Einstein أن يفهم لماذا الأغلبية لا ينزعجوا عندما يفصحون عن أدق خصوصياتهم، وتفسير ذلك هو أن حقل الخصوصية كما نفهمه بدأ فقط منذ مئة وخمسين عام
فالبشر لم تنشغل طوال حياتهم بسؤال الخصوصية مثل ما هو عليه الحال، علاوة على أن الخصوصية نفسها هي شيء غامض ومستحيل تعريفها، فمثلاً هناك شخص يرى أن عمره أو راتبه معلومات خاصة جداً في حين شخص آخر يرى أن هذه الأشياء بسيطة ولا يوجد لديه مشكلة في أن يخبر الناس بهذه التفاصيل.
سنتابع من هي أكثر الجهات التي يمكنها أن تكشف معلومات عنك وتكشقدف خصوصيتك...
ما هي الخصوصية وما أهميتها على حياتك؟ تنسيق الصورة : وفاء المؤذن |
هل الخصوصية تعتبر حق من حقوق جميع البشر؟
نظر الفيلسوف الفرنسي jean-paul sartre للخصوصية باعتبارها حق لا يتمتع فيه إلا الشخص صاحب الدخل المادي المرتفع، فالفقراء بحكم حياتهم القاسية ليس لديهم رفاهية للخصوصية، وهذه القناعة لدى sartre جاءت نتيجة تأثره بزيارته إلى أحد أحياء نابولي في الثلاثينيات، عندما رأى البنيان المتلاصقة والشوارع الضيقة والفقراء يسكنون في غرف فقيرة جداً في الطابق الأرضي، والأسرة تضطر لوضع أثاثها في الشارع، حيث قال sartre بأنه شاهد أسرة تتناول العشاء أمام المنزل وأنه في حال مرض أحد أفراد الأسرة وذهب لينام على سريره في الشارع سيراه جميع العالم، وذلك لعدم وجود مساحة في الغرفة لكي تعزله.
إذا جاءك ضيف إلى بيتك هل ستدعه ينام على سريرك؟
بحسب جوزيف بيرن مؤلف كتاب |الموت الأسود|، يقول فيه بأن الوقاية من الأمراض هي السبب الرئيسي بظهور أول أشكال الخصوصية في أوروبا وهي أن ينام كل شخص على سرير خاص به، فمنذ القِدم كانت الأمور مختلفة، حيث كان من المعتاد أن الفقراء والرهبان ينامون متجاورين وذلك بسبب عدم وجود مساحة كافية، وظل الوضع هكذا إلى أن إجتاح |الطاعون| أو ما يعرف بالموت الأسود الدول الأوروبية في منتصق القرن الرابع.
هل تعلمون ما هي أكثر الجهات التي تستطيع أن تعلم عنك؟
أكثر الجهات التى تستطيع أن تعرف معلومات عنك هي الجهات الطبية، المستشفيات، المختبرات، فاليوم أمامك خيارين : الخيار الأول أن تقوم بتقديم المعلومات إليهم طواعية وأن تزودهم بمعلومات كفحوصات الدم وغيرها وهم يخزنون جميع بياناتك الشخصية على كمبيوترات ربما قد تخترق وربما لا، وبالتالي أنت تغامر بحياتك، فهناك تجارب أثبتت أن الناس لا يهتمون كثيراً بخصوصياتهم، فكم واحد منكم يستخدم كلمة سر أمواله من واحد إلى ثمانية، أو حتى اسمه الأول، أو تاريخ ميلاده.
سنتابع كيفية تحول الخصوصية إلى معلومات عامة لجميع البشر...
ما هي الخصوصية وما أهميتها على حياتك؟ تنسيق الصورة : وفاء المؤذن |
هل يمكن أن تتنازل الناس عن معلوماتها الشخصية ببساطة؟
هناك مذيعة نزلت إلى الشارع وقامت بتقديم حلويات وكيك للمارة مقابل أن يعطوها معلومات شخصية مثل صور، أو بصمات، أو أرقام حسابات وغيرها، والغريب في ذلك فإن الكثير من الناس تنازلت مع معلوماتهم بمقابل قطعة بسكويت، ولا يوجد داعي لكي نتكلم عن الأشخاص الذين يصورون تفاصيل حياتهم على |سناب شات| طوال اليوم، وذلك لأن هؤلاء الناس لديهم عشق جامح للشهرة ورغبة في إرضاء المتابعين، ولكن سنتحدث عن شركة |AT&T| للانترنت أو للاتصالات في أمريكا قالت لمشتركيها أنها ستقدم لهم في الشهر ثلاثين دولار بشرط أنهم يدخلون على متصفح browser في الكمبيوتر ويغلقون خاصية cookies التي تضعها المواقع في الكمبيوترات لكي تعرف أذواق المتصفحين وترسل إليهم دعايات على أذواقهم.
ماذا كانت نتيجة بعد هذا العرض ؟
تخيّل بأن الناس رفضوا وتجاهلوا هذا العرض، وذلك لأنهم يعتقدون بأن لا أحد لديه الوقت ليتابعهم ويتنصت عليها، وكان هناك مراهقة كندية اسمها أماندا وقعت تحت رحمة مبتز، حصل على صورها عارية، وقام بنشرها على الانترنت وشاهدوها الملايين وقررت أن تترك المدينة وتنتقل لمدينة أخرى، وبالفعل انتقلت إلى مدينة لم يعرفهم أحدٌ بها، ولكن المبتز علم بمكانها الجديد وقام بإرسال الصور إلى جميع زملائها في تلك المدينة، فهنا شعرت أماندا بالإحباط وقامت بتسجيل فيديو لها شرحت فيه ما حدث معها ونشرته على اليوتيوب ثم انتحرت.
سنتابع في العبرة من قصة أماندا وما هو شكل حياة الإنسان قبل انتشار السوشل ميديا تابع معنا...
ما هي الخصوصية وما أهميتها على حياتك؟ تنسيق الصورة : وفاء المؤذن |
ماهي العبرة من قصة أماندا؟
في رسالة أماندا الأخيرة قبل انتحارها، نستطيع أن نعرف ما هو الثمن الذي يدفعه الإنسان إذا فقد خصوصيته، فأصبحت أماندا تقول بأن المبتز يعلم عنواني، مدرستي، أسماء أصحابي، ولم أستطيع التخلص من هذه المشكلة ولا أستطيع أن أبقى في البيت طوال العمر ولا أستطيع أن أقابل الأخرين، فهي وصلت لمرحلة تعاطي |مضادات الاكتئاب| إلى أن وصل بها الأمر لكي تنتحر.
كيف كان يعيش الإنسان قبل انتشار السوشل ميديا؟
عندما زار الروائي باولو كويلو الإمارات في عام 2007 قال باولو لمساعدته أن تصور جميع تفاصيل الرحلة وتضعها على اليوتيوب، هذه التجربة جعلته يلقي عدة محاضرات على اليوتيوب أسماها " الخصوصية تساوي صفر" قال فيها بأن الإنسان كان يعيش قبل إنتشار السوشال ميديا بصندوق أسود، ولكن بعد أن انتشرت السوشال ميديا أصبح يعيش في صندوق شفاف يراه جميع الناس ويراقبونه.
هل الشفافية عكس الخصوصية ؟
أستاذ القانون بجامعة كولومبيا Allen sten يرى بأنه طالما كل إنسان يشارك الآخرين بتفاصيل حياته بإرادته الحرة فهو لا يزال يحتفظ بخصوصيته، بينما إذا تم كشف معلوماته الشخصية من غير إرادته هذا هو إنتهاك الخصوصية، مثل الفارق بين أنك تقوم بتصوير نفسك وتشاركها في انستغرام مثلاً وبين أحد ما يقوم بتصويرك ويضعها على انستغرام، ففي الموقف الأول أنت حر أما في الموقف الثاني فهذا تطفل وتجسس.
واخيراً يقول المفكر القانوني ويليام دوبلس "حقك في أن تترك لوحدك هو بالفعل بداية كل الحريات"
دمتم بخير...........
إرسال تعليق
كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك