المحتالة التي خدعت نخبة نيويورك وجعلتهم لعبة بين يديها اختيار الصورة ريم أبو فخر |
فكيف لو أنك لا تمتلك المال؟ وفعلت كل هذه الأشياء !!
هل من المعقول أن يكون ذلك ممكن؟ سنرى ذلك
- بطلة قصتنا فتاة في العشرينات، اسمها المزيف آنا ديلفي، ولدت في روسيا لكن عائلتها انتقلت للحياة في ألمانيا فأكملت دراستها هناك، ودخلت إحدى كليات الفنون لكنها لم تكمل فيها.
- أهم الأحداث في قصتها بدأت عام ٢٠١٣، عندما كان عمرها ٢٢عاماً، انتقلت إلى باريس في ذلك الوقت، وهناك قامت بالعمل كمتدربة في مجلة للموضة تسمى (purple)، بدأ أول احتكاك لها مع عالم الفن والموضة والمشاهير، فكانت البوابة التي فتحت لها المجال للاختلاط بالأشخاص من هذا المستوى، ولكن حياتها الجديدة وسط المجتمع الفني جعلتها متأثرة بعالمهم وأسلوب الحياة التي يعيشونها، وكانت تتمنى تلك الحياة لنفسها، ولكنها لم تكن تمتلك مقومات هذه الحياة، فلم تكن تمتلك المال ولا الشهرة.
قررت أن تصنع لنفسها حياة جديدة بمكان جديد
وحياتها وعملها في باريس أعطاها خبرة كافية لتكون قادرة على تقمص |شخصية مزيفة| ومختلفة تماماً عن حقيقتها، وبعد التفكير وجدت أن مدينة نيويورك هي المكان المناسب لتنفيذ خطتها، وكانت تمتلك أموال نقدية غير معروفة المصدر، والذي ساعدها على البداية.
- قامت بشراء أفخم الملابس وأقامت في أفخم الفنادق وبدأت تتعرف على أشخاص من طبقات راقية، ومظهر البذخ الواضح عليها كان يخدع كل من يراها، وكانت الأموال التي تمتلكها ستنفذ إذا استمرت بهذه الحياة.
كيف كانت تغطي نفقات الفنادق التي أقامت فيها شهور
- فقد كانت تستغل مظهرها بأنها واحدة من الأغنياء، وكانت توزع مبالغ مالية على كل من يساعدها، وكانت تتراكم عليها مبالغ تصل لآلاف الدولارات، وهنا تبدأ المماطلة، أول ما تقوم به أن تدفع عن طريق بطاقة مصرفية، ولكنهم لا يستطيعون سحب أي مبلغ مالي، وتطلب منهم الانتظار بعض الوقت لتراجع البنك فربما هناك مشكلة ما، وتخرج على أمل أن تدفع لهم يوماً ما.
- ولأن المظاهر خداعة، كان مدراء الفنادق يسمحون لها بالخروج دون أن تدفع، وقد كانت بارعة في |تقمص| الشخصية فاحشة الثراء، وساعدها على ذلك أيضاً، العلاقات التي كونتها مع مجتمعات النخبة في نيويورك، ووجود هؤلاء الأشخاص ساعدها على نشر قصتها المزيفة، وليس فقط نشرها بل تصديقها من قبل هؤلاء الناس.
- وكانت تخبرهم بأنها فتاة من عائلة غنية، ولديها حساب بقيمة ٦٠ مليون يورو، يتضمن أموال وممتلكات ستنتقل لها بعد وفاة والدها، والغريب أنها كانت تتحدث عن مصدر ثراء عائلتها بشكل مختلف، أحياناً تقول أن والدها سياسي مهم، وأحياناً أنه صاحب شركات نفط، وأحياناً جامع تحف أثرية، فلم تكن تعتمد على قصة واحدة، وكانت تخبر من حولها عن نيتها في افتتاح معرض فني في نيويورك، وكان هدفها افتتاح مبنى من عدة طوابق يتضمن مطاعم وحانات ونوادي ومعرضها الفني، ويصبح نادي فني خاص بالنخبة في نيويورك، وحتى تحقق هدفها كانت تحتاج مبلغ لا يقل عن ٢٠مليون دولار، وحتى تحصل على مبلغ ضخم بهذا الرقم، كانت تحتاج إلى قرض من البنك.
في عام ٢٠١٦ قررت آنا أن تقوم بمحاولة أخذ قرض
وكانت خطوة طموحة جداً، قامت بالتواصل مع محامِ يدعى أندرو لانس، وأقنعته بقصة ميراثها، وأنها بحاجة قرض لتنفيذ مشروعها الخاص، وقام بالتواصل مع بنك(fortress) والذي يعتبر أحد البنوك الكبرى في نيويورك، وبالطبع بسبب صيت أندرو وسمعته، أهتم البنك بطلبه.
- وفي تشرين الثاني من نفس العام، قدمت آنا وثائق تثبت بأن لديها حساب بقيمة ٦٠مليون يورو في أحد البنوك السويسرية، وبالطبع كانت مزورة ولكنها استطاعت خداعهم، وبالرغم من مرور هذا الأمر عليهم، ولكن كان هناك بعض الخطوات الاحترازية، طلب البنك من آنا إيداع مبلغ ١٠٠ ألف دولار كمبلغ حسن نية، والذي سيتم استخدامه لتكاليف الإجراءات القانونية التي يحتاجها القرض، والأهم من ذلك، أنه يجب عليها إحضار تأكيد من البنك السويسري بقيمة الحساب الذي سترثه.
- ذهبت آنا لبنك آخر يدعى(citibank)، وأخبرتهم أنها ستحصل على قرض بقيمة ٢٠مليون دولار أمريكي من بنك (fortress)، ولكن عليها دفع مبلغ١٠٠ألف دولار، ولا تملك هذا المبلغ النقدي وأن أملاكها في الخارج، وستستغرق وقت أطول لتحويل المبلغ، وعندما تأخذ القرض ستعيد المبلغ مع فوائده، وبالفعل استطاعت الحصول على المبلغ.
ما رأيكم هل هذا خبث أم دهاء؟
المحتالة التي خدعت نخبة نيويورك وجعلتهم لعبة بين يديها اختيار الصورة ريم أبو فخر |
بدأ بنك (fortress) الإجراءات القانونية
- وصرف البنك مايقارب ٤٥ ألف دولار على الإجراءات القانونية، وعندما شعرت آنا بفشل خطتها، ذهبت وسحبت المبلغ المتبقي وألغت موضوع القرض، وفي ذلك الوقت، كان بنك (citibank) يطالبها بكامل المبلغ متضمن الفوائد، ووصل بها الأمر لتزوير شيكات وحوالات مصرفية، وبما أنها كانت تشعر بالخطر، قامت بتحويل جزء من هذا المبلغ، لتهدئة الوضع.
- وبالرغم من كل المشاكل التي أقحمت نفسها فيها، كانت تقيم في أضخم وأرقى الفنادق، وكان ذلك في بداية عام ٢٠١٧، وكعادتها كانت تمارس حيلها وساعدها على ذلك أن مالك الفندق كان أحد أصدقائها.
قامت بعدة أمور نصب واحتيال
وبعض الأمثلة على ذلك، أنها قامت بتزوير عدة شيكات بقيمة ١٦٠ ألف دولار، ومن هذه الأموال التي حصلت عليها أكملت ما تبقى عليها للبنك، ودفعت ٣٠ ألف دولار للفندق الذي تقيم فيه، حتى لا يشك بأمرها، وبذلك خففت من حدة التوتر الذي بدأ يكبر بينها وبين إدارة الفندق.
-وأصبحت أوضاعها صعبة، وأموالها النقدية بدأت تنفذ، وكان من المتوقع أن تتوقف عن ما تقوم به، و تحاول أن تخرج من الورطات التي أقحمت نفسها بها، ولكن اتضح أن هذه كانت طريقة حياة بالنسبة لها، فمن المستحيل أن تخاف وتتعظ، ولا شيء يوقف هكذا أشخاص سوى أن يقعوا في شر أعمالهم.
- وفي عيد ميلادها، أقامت حفلة كبيرة، وقامت بدعوة أرقى الشخصيات، وأحدثت ضجة كبرى، وكعادتها استطاعت التهرب من دفع تكاليف الحفلة.
- ومن إحدى عمليات |النصب| التي قامت بها، أنها ذهبت لواحدة من شركات الطيران الكبرى، وأخبرتهم أنها تريد حضور مؤتمر استثماري للملياردير ورن بافت، في مدينة أوماها في ولاية نبراسكا الأمريكية، وقامت الشركة بترتيب رحلة طيران خاصة بقيمة ٣٥ ألف دولار، وكعادتها قامت بدفع مبلغ مالي صغير، وباقي المبلغ على شكل شيكات وحوالات |مزورة|.
-وعندما عادت من رحلتها، تفاجأت بأن الفندق الذي تقيم فيه، أخرج كامل أغراضها، وتم تهديدها برفع قضية إن لم تدفع ما تبقى عليها، وهنا شعرت بأنها بدأت تحدث جلبة، تلفت الأنظار نحوها، فقررت أن تبتعد قليلاً.
- وقررت أن تذهب في رحلة إلى مراكش في المغرب العربي، برفقة صديقتها ريتشيل ويليم، والتي كانت تعمل في إحدى المجلات، وكحال الجميع كانت تعتقد أن آنا ثرية جداً، وأيضاً قدمت دعوة لمدربتها الخاصة كيسي دوك، والتي كانت من أغلى المدربين في نيويورك، وكانت تأخذ على كل ساعة تدريب ٣٠٠ دولار، وتُدرب فقط المشاهير والأغنياء..
-وبدأت رحلتها في أيار عام ٢٠١٧، ومنذ البداية لم تكن الأمور تبشر بالخير، فقد طلبت آنا من صديقتيها دفع تكاليف تذاكر الطائرة، وأخبرتهم بأنها سوف تعيد لهم الأموال لاحقاً، واندهشوا عند وصولهم مراكش وخاصة لأنها حجزت فيلا خاصة تابعة لفندق لاما مونيا وهو أحد الفنادق الضخمة، وكانت الليلة الواحدة تكلف ٧٠٠٠ دولار، وكالعادة دخلت أنا على أنها من الأثرياء، وأعطتهم جزء من المبلغ وتركت الباقي لبطاقاتها المصرفية التي لا تعمل.
في إحدى اللقاءات مع ريتشيل تكلمت عن جمال ذلك الفندق
وأنها لم ترى بجماله من قبل وكان البذخ مبالغ فيه، وأخبرتهم كيف أن إدارة الفندق ضغطت على آنا لتسديد المبالغ المترتبة عليها، وكيف لجأت لها لتعطيهم بطاقتها المصرفية ووعدتها أن تعيد لها كامل المبلغ، وتم سحب٦٢ ألف دولار من حسابها.
- وبعد مرور عدة أيام أخبرتها آنا أنها حولت لها مبلغ قيمته٧٠ ألف دولار، ولكن هذا المبلغ لم يدخل لحساب ريتشيل، مما آثار شكوكها وقامت برفع دعوى للمدعي العام، واكتشفت أنها لم تكن الوحيدة، فقد كان مكتب المدعي العام قد فتح عدة قضايا وأمر بالبحث عنها.
- وتم القبض عليها، واتضح أن اسمها الحقيقي آنا سوريكن، وكان والدها مجرد سائق شاحنة، وتم إدانتها بعدة قضايا نصب و|احتيال| و|تزوير| وسرقة، والشيء الغريب، أنها قالت أثناء المحاكمة أنها غير نادمة على ما قامت به، ولو عاد بها الزمن مرة أخرى ستكرر ما فعلته، وأن كل هدفها هو افتتاح المعرض الفني الخاص بها.
فهل الغاية تبرر الوسيلة كما قالت آنا؟ أترك لكم التعليق.
بقلمي: تهاني الشويكي
إرسال تعليق
كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك