ما هو الحوار وماهي أبرز مشكلاتنا في التواصل؟؟ |
يقول أحد الفلاسفة أن أكثر الخلافات بين البشر سببها أنَّ الإنسان لا يستطيع أن يعبر عن ما يدور في عقله بدقة، أو لأنه يفسر كلام الآخرين بشكل خاطأ فما يراه أحدهما خطأ أو غير آمن يراه الآخر صواباً وصحيح..
- كيف يمكن لإشارة أن تثير الحرب والغضب؟
في نهاية الخمسينات هبطت طائرة نائب رئيس الأمريكي ركسن في البرازيل، وظهر ركسن وهو مبتسم ويشير في يده على شكل حلقة في أصابع الإبهام ويرفع أصابعه، عند الأمريكان تلك العلامة تعبر عن الدقة والإتقان، لكن هذه الإشارة لها معنى جنسي سيئ عند البرازيل، والشعب البرازيلي نظر إلى ركسن على أنه إنسان جاهل لا يعرف تقاليد البلد التي يزوره وأنه يمثل الغرور الأمريكي، فنجح الشيعيون أعداء الأمريكان في استغلال هذه الإشارة لإثارة غضب الشعب ضد المنشأت الأمريكية داخل البرازيل.
- ما هو الاختلاف المنتشر في الوقت الحالي؟
في الوقت الحالي وفي المنطقة العربية هناك أشياء كثيرة تثير الخلاف الذي قد يوصل إلى القتال والدمار، خلاف بين سني وشيعي وبين عربي وكردي وبين مؤيد لبلده ومعارض لها، رغم أننا نعيش في عصر السوشل ميديا أي في ضغط زر تتواصل مع أي إنسان في العالم، لكن في بعض الأحيان تشعر هذا التواصل بدل أن يقرب الناس أصبح يشعل الخلاف والمشاكل والشتم والتهديدات بدلاً من الحوار، ولهذا آخر ما يفكروا فيه الناس على السوشل ميديا هو الحوار لأن كل طرف يبحث عن الانتصار والهدف من الحوار هو إثبات وجهة نظر شخص ما هي الصحيحة والآخر كلامه كله فاسد.سنتابع في الجزء التالي وجهة نظر ليردن في الحوار وعلى أي جانب يركز البشر في معظم حواراتهم ونقاشاتهم مع الآخرين تابع معنا..
ما هو الحوار وماهي أبرز مشكلاتنا في التواصل؟؟ |
- ماهي وجهة نظر ليردن في الحوار؟
المشروع الفكري ليردن الذي يعتبر من أعظم المشاريع، قام على سؤال رئيسي وهو كيف نستطيع أن نفهم بعضنا البعض عن طريق الحوار، أول أمر يدعونا للتفكر هو أن نعرف أن أغلب البشر يقولون كلام وهم يفكرون في كلام آخر.
▪على سبيل المثال:
إذا قابلت شخص غربي معارض للإسلام ووجدته متعصب وحاقد، فترد عليه بعنف وقسوة وتقول هذا الإنسان متعصب، لكن لو سألت نفسك هل فقد أحد اقاربه في هجوم إرهابي وهل خائف من العمليات الإرهابية، وهل يخشى أن يخسر عمله بسبب كثرة المهاجرين الذين يدخلون على بلده، وهل ما يشاهده من أخبار جعله يتشكل لديه صورة سيئة عن الإسلام، عندها ستدرك أن الإسلام ليس هو القضية بينكم بل الإرهاب والهجرة وربما الإعلام.
بالنسبة لهبر مس فالركن الأساسي لأي تواصل بين شخصين هو أن نفهم الظروف التي يُقال فيها الكلام، أو ما يسمى في السياق أي تخيل أن مديرك أرسل لك رسالة نصية وقال لك أرسل لي قهوة في طريقك، أنت تفهم الرسالة في ود والعلاقة بينك وبين مديرك فيها صداقة لكن لو أتت تلك الرسالة بعد مشاجرة عنيفة بينكما ستفهم أنه يتعمد إهانتك.
- هل تركيزه البشر في الحوار على صاحب الكلام أكثر من تركيزهم على الحوار؟
نعم بالطبع في الكثير من الأحيان الإنسان لا يستوعب طبيعة الظروف التي يُقال فيها الكلام، في عام 1967 كان الرئيس الكوبي في دركارسترو العدو الأول للشعب الأمريكي مثل: صدام حسين، لكن في ذلك الوقت عرض الباحثان من جامعة دوك مجموعة من المقالات مؤيدة لكارسترو على عينة من طلبة الجامعة مكتوبة بأقلام زملائهم وقالا أننا أجبرنا زملائكم على كتابة هذه المقالات فتفاجأا بأن أغلب العينة لم يصدقوا كلامهما، وقال الطلاب حتى لو كان زملائنا مجبرين على تأييد كارسترو فهذا لا ينفي إمكانية أن بعضهم لديهم إعجاب سري في كارسترو واستغل التجربة لكتابة مقال يعبر عن هذا الإعجاب، والباحثان توصل إلى أن أغلب البشر عندما يواجهوا فكرة تعارض رغباتهم ومعتقداتهم لا يفكروا في الظروف أو حتى السياق الذي يُقال فيه هذا الكلام إنما يضعوا كل طاقتهم على من قال الكلام، حتى لو كان مجبر عليه، وبالتالي عندما تتواصل مع شخص حاول قدر الإمكان أن لا تصطدم من قناعاته، لأنه غالباً لن يلتفت إلى كلامك وسيوجه الكلام لك.
- ما هي مشكلتنا الكبرى في التواصل؟
إن مشكلتنا في أي تواصل عندما يكون الآخر مختلف عننا نطلق عليه حكم سريع مباشر فنقول هذا حساس هذا بخيل هذا جبان، وهذه الظاهرة سموها العلماء خطأ تمييز الأساس،
عندما تقود سيارتك على طريق السريع ترى أن كل الذين يقودون بسرعة أعلى منك هم حمقى هم متهورين، وكل الناس الأبطأ منك تراهم أغبياء وبطيئي الفهم، وذلك لأن السرعة المثالية للقيادة هي السرعة التي تفضلها أنت، أي عندما تفسر سلوكها الشخصي فأنت ترمي اللوم على الظروف الخارجية لكي تبرر نفسك، أما عندما تفسر سلوك الآخرين فأنت تتهمهم في نواياهم الداخلية، وبذلك تكون متحيز دائماً لصالح نفسك وغالباً ضد الآخرين، وهذا هو أحد الأسباب الرئيسية لفشل أي تواصل، عندما ترى أي شخص مختلف عنك تعتبره غبي أو منحاز عنك أو سيئ الخلق، ولذلك كيف لك أن تتواصل معه.
- ما هي أبرز مشاكل المتحدث في التواصل مع المستمع؟
هي محاولة إثباته أنه على صواب، لكن المشكلة أن أغلبنا يضع قيمه الأخلاقية في الحوار وكأنها صواب مطلق، من المستحيل أن تثبت صحة القيم الأخلاقية لمجرد أنك أنت تؤمن بها لأن الطرف الآخر سيدعي أيضاً صحة قيمه المعاكسة لك أنت لأنه يؤمن بها، فإذا وضعنا القيم الأخلاقية في الحوار وكل طرف يدافع عن كلامه ويقول هذا صواب وهذا عدل هنا سيصل الحوار إلى نقطة الصفر، وسيأتي في الحوار القتال والفوضى.
- ما هو المعنى الحقيقي للشتيمة؟
يقول الأديب جورج أن أكبر مشكلة في التواصل هي التوهم أنه يحدث أساساً، ويرى جورج أننا كائنات عاطفية متخفية وراء أقنعة من المنطق، وفي بعض الأحيان العاطفة تكون أكبر معيق للتواصل ومثال على ذلك هو الشتائم، وإذا ظهرت الشتائم في أي حوار لا ينتهي فقط إنما يتحول إلى معركة كبيرة، لكن عالم |الإدراك| السلوكي برغن في كتابه يقول إن الشتيمة ليس المقصود فيها إهانة الطرف الآخر بقدر ما هي تعبير عن كتل من المشاعر المتدفقة وعن الأفكار الداخلية المعقدة والتي لا يعرف صاحبها كيفية التعبير عنها.
إرسال تعليق
كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك