علاقة لم تكن عابرة |
لوك و جولي..
لوك شاب لطيف في مقتبل العمر منطوياً على ذاته في ظل ظروف حياته الغامضة والمُتْعبة خاصة بعد وفاة والده، في نفس الوقت وذات الظروف كانت جولي أيضاً تعيش في ظروف صعبة ، في بيئة مختلفة غريبة عنها ، حيث كانت بعيدة عن أهلها بسبب دراستها، في تلك الأثناء لم يكن يعرف كل من لوك وجولي بعضهما.
في ذلك اليوم لم تذهب جولي إلى عملها الكائن في محل حلويات قريب من مسكنها ( السكن الجامعي)، فقد ذهبت إلى حديقة عامة ، لمتشعر بالملل والضيق وبحاجة إلى شخص ما لتتحدث إليه، فأة وبينما هي جالسة تفكر في اللاشيء وكل شيء، اقترب منها شاب يهمس بصوت خافت " أنا أريد أحداً للتحدث معه أتسمحين لي بالجلوس والتحدث " ،أجابته بكلمة واحدة فقط بدون أي تفكير " تفضل"
أخذ لوك نفساً طويلاً وبدأ بالتحدث عن نفسه وعن معاناته بعد وفاة والده وابتعاده عن أصدقائه، وترك خطيبته له بسبب تغيره عليها ، الغريب من ذلك أنه يكلمها وكأنه يعرفها من زمانٍ بعيد ، وهي تنصت له .
استمر بالتحدث لمدة نصف ساعة ومن ثم سألها " لماذا لا تتكلمين يا.. ، عفواً ما هو إسمك؟
أجابت: "جولي ، ولا أتكلم لأنني لا أملك ما أقول "..
تابع لوك حديثه و فجأةً؛ قامت جولي واعتذرت منه وقررت الذهاب، بحجة تأخرها على المنزل.
في اليوم التالي طُرِدت جولي من عملها بسبب غياباتها غير المبررة .
ذهبت لتلك الحديقة و انتظرت لوك كثيراً ، كانت تنتظره لتقدم اعتذارها له، لأنها مشت و لم تحترم حديثه.
مرت ساعة وهي تنتظره ولم يأتي ، ذهبت لمكان إقامتها ، وهي حزينة، وفي اليوم التالي ذهبت أيضاً وبقيت تنتظره ، وبعد عشر دقائق من وصولها، أتى لوك، قدمت إعتذارها و ما كان من لوك غير قبول الإعتذار لأنه بحاجة لأحد للتحدث معه.
بدأت جولي بالتحدث ولوك يبادلها في أطراف الحديث، استمرا لمدة طويلة في التحدث.
بقي لوك و جولي على تلك الحالة " يتواعدان ويجلسان سوياً ويتحادثان" لمدة أسبوعين ، وفي ذات الحديقة ، ونفس المقعد.
رافق تلك المواعيد زيادة مشاعر الود والاحترام بينهما ، إلى أن ذهب لوك واعترف بمدى إعجابه بها ، وهي شعرت بالأمان بتلك اللحظة ، لكن بقيت قلقة ، وخائفة من عواقب ذلك الأمر ، بدأت مشاعر الحب تتولد ، أصبح كل من لوك وجولي غير قادرين على تخبئة المشاعر ؛ لا ينام قبل أن يكلمها ، ولا تنام قبل أن تكلمه.
قام لوك بمساعدة جولي في إيجاد عمل مناسب لها ، كل هذا حصل بعد أن وصل لمرحلة طمأنينة الروح ، و راحة البال، و هدوء النفس لمجرد الجلوس معها، هي أيضا" شعرت بذلك .
مرّت الأيام..
أصبح لوك يتحسن نفسياً مع مرور الوقت ، وهنا بدأ يعي على نفسه أكثر ، أصبح يذهب إلى جامعته، أي عاد لوك طبيعياً ، إلى سابق عهده.. وفي يومٍ ما تذكّر سيلا خطيبته السابقة ، تكلم معها ليطمئن عليها .
كانت سيلا مشتاقةً له ، و خاصةً بعد أن جمعها القدر معه بحبٍ دام أربعة سنين.. عندما رن هاتف سيلا و رأت اسمه ، ردت عليه وقالت " اشتقت إليك كثيراً" لم تكن تعلم أنَّ هناك فتاةً أخرى في حياته، وربما لم يكن ذلك يهمها..
عمَّ الصمت، سألته: ألم تشتاق لي؟ .. تذكر كل أيامه الجميلة مع سيلا وربما لم تغب عن ذهنه بالأصل ، فأجاب " نعم "
أنهى المكالمة فوراً واتصل بجولي وقال لها : "شكراً لك على كل شيء ، ولكن مستحيل أن نبقى سوياً "، سألته لماذا .
أجاب أنا أحب سيلا خطيبتي السابقة وهي كذلك ، لا أقدر على العيش بدون سماع صوتها والتفكير بها.
- أغلق كل منهما الهاتف ولكن مع كسر عميق في قلب جولي ، لم تقدر على تحمل كلام لوك ، بعدما أن قدمت له المساعدة وقت حزنه وتعبه ، ليكافئها ويتركها!!
مرّت الأيام والليالي والسنين و بقي قلب جولي منكسر لا يتقبل أحداً ، أصبحت تعتبر الشبان على أنهم أشخاص مجردين من كل المشاعر الإنسانية إلا الأنانية والغدر..
- أما عن لوك فقد تزوج من سيلا بعد تخرجه، وعاش فترة سعيدة معها، ولكن وبعد ثلاث سنوات، خسر بالتجارة ، وأصبح عاجزاً عن كل شيء ، وما كان من سيلا إلا أن تتركه يعيش لوحده ، فهي من عائلة ثرية لا تقدر أن تعيش من دون مال ، وكانت مستعدة للتخلي عن كل ما حولها من أجل المال.
- بقي لوك وحده منكسراً، وتذكر كيف كسر قلب جولي ، قال : فعلاً " كما تدين تدان" ، لقد كسرت قلبها وهي ليس لها ذنب ، بل هي التي ساعدتني بالتخلص من معظم همومي .
حاول الاتصال بها لكن هي رفضت أن ترد، بعد أن كسر قلبها ، بقي يتذكر كلامها الذي يسعد قلبه ، وبقي يمشي على حلولها. فقد تركت أثر في قلبه.. ولم يكن أهل لتلك العلاقة الصادقة والخالية من الأنانية..
هنا ندرك معنى أن تكسر قلب شخص ، وفي ذات الوقت ندرك أنها لم تكن علاقة عابرة لأنها تركت في قلب لوك أثر كبير ولكن دون أي بصيص أمل للعودة إليها..
إرسال تعليق
كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك