لمحة مختصرة عن حياة الأديب والشاعر عبَّاس العقَّاد
الأديب والشاعر عبَّاس العقَّاد - الأصدقاء هم الأوطان الصغيرة |
وُلد |عباس محمود العقاد| في ٢٨ حزيران ١٨٨٩ في مصر في محافظة أسوان، كان |الكاتب| و|الشاعر| و|الناقد الأدبي| العظيم الذي تميز عن أدباء عصره.
إذا كنت مهتماً في معرفة بعض المعلومات عن حياته تابع معنا المقال التالي.
كما نعلم أن عباس العقاد لم يُكمل تعليمه المدرسي
إذ اكتفى بالتعليم الابتدائي، وذلك لأن محافظة أسوان لم يكن متاحاً فيها التعليم فوق الابتدائي، وكانت أغلب العائلات ميسورة الحال فيها ترسل أبناءها لإكمال دراستهم في القاهرة، ولكن الوضع المادي لعائلة عباس لم يكن يسمح لهم بإرساله إلى القاهرة، لكن عباس لم يتوقف عند هذا الحد إذ أنه أكمل تعليمه بشكل غير رسمي وذلك عن طريق شرائه للكتب وقراءته المستمرة.
كانت الكتب التي يقرؤها عباس العقاد في طفولته متنوعة وفي مجالات مختلفة، إذ قرأ في الدين، الجغرافيا، التاريخ وغيرهم، كما استطاع تعلم اللغتين الإنجليزية والفرنسية من خلال السيّاح الذين كانوا يأتون إلى أسوان، مما دفعه لعدم الاكتفاء بقراءة الكتب العربية، بل بدأ يقرأ الكتب الأجنبية.
عندما كبر العقاد وأصبح شاباً
بدأ يتقدم لوظائف حكومية، ونظراً لعدم امتلاكه شهادات تعليمية عالية جاء تعيينه في مصنع حرير في مدينة دمياط، ثم عمل في سكة الحديد، وعلى الرغم من قلة مدخوله المادي إلا أنه كان ينفق الكثير من المال على الكتب، ثم أتته فرصة للعمل المكتبي في الصعيد، ثم ذهب إلى مدينة الشرقية وعمل فيها بعدة أماكن كعمله في التلغراف ثم في وزارة الأوقاف ثم البريد المصري، كان هذا تزامناً مع بداية كتابته لمقالات تُنشر في الجرائد وهنا أحسَّ أن العمل الحكومي يشكل عائقاً له فقام بتقديم استقالته من البريد المصري.
اتجه عباس العقاد بعد ذلك إلى |الصحافة| وهو محمّل بقدرٍ عالٍ من |الثقافة| التي اكتسبها ذاتياً من خلال قراءته الكتب، ثم تشارك مع شخص يدعى محمد فريد وجدي في إنشاء صحيفة الدستور التي أتاحت له فرصة للتعرف بشكل أكبر على الزعيم |سعد زغلول| والتأثر بمبادئه وأفكاره والإيمان بها، ومن هنا بدأت تتشكل قناعات عباس العقاد السياسية.
كعادة أي كاتب وأديب دائماً يعبّر عن آرائه السياسية من خلال كتاباته التي ينشرها، فلو نظرت إلى كتابات العقاد آنذاك لوجدتها تدافع بشكل كبير عن الشعب وحقه في الاستقلال والحرية، مما عرّضه لبعض المشاكل مع القصر الملكي ولكنه لم يكن يلقِ لها بالاً فهو يعمل في صحيفته ولديه دخله الكافي، لكن الوضع تغير فجأة عندما أقفلت الصحيفة الخاصة به وعادت أوضاعه إلى الصفر.
تُرى ماذا سيفعل العقاد بعد ذلك؟
لا شيء يؤذي الروح أكثر من بقائها عالقة في مكان لا تنتمي إليه - عباس محمود العقاد |
أقفلت صحيفة العقاد
مما دفعه للانتقال بعد ذلك إلى إعطاء الدروس الخصوصية ليكون مصدر دخل له، وكان يكتب بعض |المقالات| وينشرها في جرائد مختلفة عن طريق معارفه وأصحابه.
وفي هذا الوقت كانت مقالات العقاد مناهضة للملك والاستعمار البريطاني، فبدأ يُذاع صيته بين الناس وينتشر اسمه ليتم بعد ذلك انتخابه كعضو في مجلس النواب، أثناء كونه عضو في مجلس النواب سنة ١٩٣٠ تم القبض عليه بتهمة إهانة الذات الملكية، وتم الحكم عليه بالسجن تسعة شهور وكان السبب هو التالي:
كان الملك فؤاد ملك مصر والسودان آنذاك يريد إسقاط مادتين من الدستور المصري هما: الدولة مصدر السلطات والوزارة مسؤولة من البرلمان، وفي نفس اليوم الذي كان يتم فيه النقاش لإسقاط هاتين المادتين في مجلس النواب نهض العقاد من مكانه وهتف قائلاً: "إنَّ الأمة على أتم الاستعداد لأن تسحق أكبر رأس في البلاد يخون الدستور ولا يصونه" ومن هنا توجهت له تهمة إهانة شخص الملك.
هذه الفترة كانت بداية الحرب العالمية الثانية حيث كانت القوى النازية قد بدأت حكم ألمانيا بقيادة |هتلر|، وفي هذا الوقت كان العقاد قد أتقن اللغتين الألمانية والروسية إضافةً إلى الإنجليزية والفرنسية، ولنذكر هنا لمحة عن وضع الشعب المصري وموقفه من الحرب العالمية الثانية:
مصر كانت محتلَّة من قبل المملكة المتحدة البريطانية التي كانت مشاركة في الحرب ضد القوى النازية وقوى المحور عموماً، في بداية الحرب كان الشعب يرى أن قوى الألمان وقائدهم تمثل لهم الخلاص من الاحتلال الإنجليزي، فأخذوا يقفون في صف الألمان وراحوا يمجِّدون هتلر بشكل كبير.
الأديب والشاعر عبَّاس العقَّاد |
بالعودة إلى العقاد
سنجد أن نظرته إلى الموضوع كانت مبنية على قدر كبير من |الثقافة والوعي|، ورأى أن خلاصهم من إنجلترا عن طريق ألمانيا ما هو إلا انتقال من احتلال لاحتلال آخر، ومع بداية ظهور ديكتاتورية هتلر كتب العقاد كتاب "هتلر في الميزان" حيث أن هتلر في الأصل كان يكره الكتب والكتَّاب لأنه يرى فيهم المحرّض الأساسي للشعوب، وكان دائماً يعمل على مهاجمة الكاتب وحرق كتبه في حال كانت تحرّض الشعوب ضده، وبالفعل بعد صدور كتاب هتلر في الميزان تم وضع اسم العقاد في قائمة المطلوبين للعقاب كما أُذيع في الإذاعة الألمانية، ثم هرب من مصر إلى السودان وعاد إلى مصر بعد انتهاء الحرب سنة ١٩٤٣ والتي انتهت بخسارة قوى المحور.
كتب العقاد بعد عودته الكثير من المقالات التي تتحدث عن حق الشعب في تكوين فكره السياسي، وحق كل الناس في ممارسة نشاطاتهم المختلفة حتى الفوضويين والوجوديين منهم، كما دافع عن الإسلام في بعض كتبه مثل كتاب الله وكتاب حقائق الإسلام وأباطيل خصومه، كما أنه شرح في سلسلته العبقريات عبقرية سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام وأبي بكر وعمر وغيرهم، ثم كتب كتاب هذه الشجرة والذي دافع فيه عن المرأة وحقوقها بطريقة فلسفية عميقة، ثم بدأ دفاعه عن اللغة العربية الفصحى ضد أصحاب اللغة الركيكة بحكم كونه عضو في مجمع اللغة العربية في القاهرة من خلال كتابه اللغة الشاعرة.