تأثير التفاهة على مجتمعنا….من كتاب نظام التفاهة - الجزء الثاني - دنيا عبد الله
تأثير التفاهة على مجتمعنا….من كتاب نظام التفاهة تصميم الصورة وفاء المؤذن |
تحدّثنا في " المقال السابق " عن نظام التفاهة وكيف ينشأ وعن محاور النظام التي كان أولها| اللغة |وسنكمل في محاور نظام التفاهة..
٢- الثقافة:
أصبح للعديد من| الكتب| التافهة جيش من الأميّين يعتبرها مقياس ومعيار للثقافة فهو يكون منبهر بالروايات و|القصص |التي تهدم القيم والأفكار الهامة،
في حين أنّ الكتب الهامة والمراجع القيّمة تبقى على الرفوف ولا أحد يهتم بها، فالجمهور بحاجة إلى أداة مسلية يقضي بها وقته ولكنها تشعره بالثقافة.
وأيضا الثقافة يندرج ضمنها انحدار لفن فأصبح أيضاً المطرب الناجح هو الذي ينجح بالتسويق لعلمه أيّاً كانت طريقة تسويقه.
٣- التجارة:
نظام التفاهة جعل الربح هو المقياس الأساسي للنجاح واستبعد كل القيم الأخرى،
حيث أصبح المال هو الغاية بعد أن كان الوسيلة لتحقيق الغايات وتمثّل كمية الجهد الذي يبذل، وأيضاً الثراء الفاحش الموجود ضمن مجموعة من الأشخاص جعل الآخرين عبيد لهم وجعل رأي الناس وأفكارهم مجرّد أشياء يمكن شرائها بالمال من خلال المؤسسات والأعمال والمنتجات التي تمتلكها طبقة الأغنياء،
فالفكر، والدين، والعلم، والثقافة أصبحت في خدمة |رأس المال| وهذا شيء محزن بالطبع، وحتّى السياسة ضاعت معانيها عمّا سبق فلم تعد مفهوماَ للحق والصواب بل أصبحت تتعلّق بالخسارة و|الربح| والتبعية.
٤- الإعلام:
الإعلام يشمل أمرين:
|الصحافة|:
هي لم تعد موجودة لتنقل الوقائع بل أصبحت الصحافة انتقائية في نقل الأخبار فهي لا تنقل إلّا ما يصبّ في مصلحة| الشركات |التي تموّلها،
وحتى عناوين الصحافة أصبحت قائمة على الإنفعالات من أجل جذب العديد من القرّاء دون أن تعبّر عن الموضوع أو تكون دقيقة.
والنوع الآخر من الصحافة المنتشرة التي تهتم بتتبع أخبار الفنانين والتّنصت عليهم وملاحقتهم، فهي قائمة على المشاجرات بين الفنانين والمشاكل التي تحدث ضمن حياتهم وكلّ ما يهم في ذلك هو تحقيق المزيد من المتابعين لتحقيق المزيد من الربح المادي ولكن هنا يجب أن نسأل
ما هي حدود حريّة التعبير؟
وما هي حدود السريّة لكل شخص؟
وما هي حقوق الشخص في حفظ خصوصياته وخصوصيات حياته وأسرته ومشاكله؟
الإعلام المرئي والتلفاز:
أصبح أهم صفات| الشخص الإعلامي| الذي يقوم باستضافة الناس أن يكون وسيماً، وقادر على إضحاك الناس وجذب المتابعين، حتى لو كان فارغاً لا يملك أدنى معرفة بالعمل الإعلامي.
وحتى الأشخاص الذين يقومون باستضافتهم في| البرامج| المتلفزة قائم على قدرة الشخص على التحدث مع الناس والتأثير بهم حتى لو كان هذا التأثير ناتج عن غباء وعدم معرفة،
فقلّما نرى اختصاصين في السياسة ولكن الجميع يتحدث عن السياسة وعن| الثقافة |وعن |الغذاء الصحي |و|العلاج النفسي|، فالكلّ يتحدث في كل شيء ويعطي أرائه
ولكن هناك حقيقة أنّ الآلاف يتابعون هذا الغير أخصائي ويتأثّرون به.
٥- مواقع التواصل:
|مواقع التواصل| أصبحت تشكّل حياتنا ووعينا تجاه المواقف المختلفة، فأي تريند ينتشر الكلّ يتحدث عنه ويبدي رأيه الذي يستطيع إقناع الناس به بسهولة وتشغلهم عن أي حدث مهمّ يحدث،
وهذه المواقع نجحت في تحويل التافهين إلى رموز وأيقونات ومؤثّرين وأصبح دخلهم يعادل عشرات أضعاف |العلماء |و|المخترعين| وأصبح لهم مشاريع كبيرة بسب تسويقهم لنفسهم.
ولكن ما السبب الذي جعل التافهين يظهرون بمظهر الناجحين؟
وذلك بسبب تقليل المجتمع لمفهوم النجاح واختزل| النجاح| إلى مال وشهرة فقط فأصبح هذا المعيار الوحيد للنجاح، وبالطبع التافهين أصبحوا ناجحين نسبة إلى معيار المجتمع الحالي.
كيف نستطيع أن نحارب التفاهة؟
يجب إبعاد خطر التفاهة عنّا فهي تشجعنا على| الكسل |بدلاً من التفكير، رؤية الأفعال غير المقبولة على أنّها أفعال حتمية، والأمر المكروه هو ضرورة.
فهي تحوّلنا لأغبياء ولا نملك أداة الحكم السليمة، وأكثر أسلحة التفاهة تأثيراً هي ألا تكون مدركاً بخطر انتشارها وتقبل أدوات هذا النظام دون مراجعة عقلك وحكمك عليها بأنّها خاطئة لذلك أنت بحاجة
الصراحة مع نفسك والوضوح.
التفاهة فيضان تقوم بإغراق الكثير من الناس المثقفين وأكاديمين حيث صغّرت إنجازاتهم وأصبحوا ينافسون الحمقى على المتابعين لكي يحققوا مزيداً من الاستعراض.
عزيزي القارئ أنت بحاجة أن تفكّر في أدوات تساعدك من الخروج من هذا النظام وهذه الأدوات هي "التفكير" وخاصّة التفكير النقدي وبالطبع " الوعي" لما يحصل وعدم الإنخراط به وتغيير الأوضاع.