عرض المشاركات المصنفة بحسب التاريخ لطلب البحث كيف تحولت أفقر الدول الأوروبية إلى أغناها؟. تصنيف بحسب مدى الصلة بالموضوع عرض جميع المشاركات

مؤسسة سطر لصناعة المُحتوى العربي 11/23/2021 01:23:00 م

كيف تحولت أفقر الدول الأوروبية إلى أغناها؟


هل كانت| سويسرا| بلداً فقيراً يوماً ما؟ 

إذا كانت كذلك فلماذا وكيف؟

 ما هي العوامل التي جعلتها بلداً فقيراً؟ 

وكيف خرجت من حالة الفقر وأصبحت البلد الذي نعرفه اليوم؟

 كيف استطاع السويسريون جعل اللعنة التي لازمتهم لقرون، تتحول إلى سبب رخائهم وترفهم الحاليين؟ 

وما هي تلك اللعنة أصلاً؟ 

تعالوا نتعرّف على بعض ميزات إحدى أشهر دول العالم وأكثرها رخاءً في العصر الحديث.


أسباب فقر سويسرا في القرون الماضية؟

قبل مئتي عام فقط، كانت سويسرا بلداً صغيراً، يقع في قلب| أوروبا| ومعظم مساحتها من الجبال الشاهقة والوعرة والمغطاة بالثلوج طوال العام (|جبال الألب|)،

 لم يكن لديها أية موارد اقتصادية، لا نفط ولا معادن ولا حتى زراعة أو ثروة حيوانية،

 وحتى| التجارة| عبرها كانت شبه معدومة، فهي ليست الطريق الأمثل لنقل البضائع، خاصةً وأنها لا تُطل على أي منفذٍ بحري.


هل استفاد أحدٌ من الجبال السويسرية في الماضي؟

كانت جبال سويسرا وجهة الكثير من الشبان الأوروبيين عامةً، والبريطانيين خاصةً، 

فكانوا يقصدونها بحثاً عن| المغامرات| وتحدّي الجبال الشاهقة صعبة المراس، 

وقد لاقى الكثير منهم حتفهم أثناء مغامراتهم، ولمّا كانت بريطانيا هي الدولة الأغنى في ذلك الوقت،

 فقد كان الكثير من البريطانيين يرغبون بقهر جبال الألب بثروتهم ونفوذهم،

 فجاء الكثير منهم لتسلّق تلك القمم، حتى نجح بذلك اثنين منهم في سنة 1811، وهنا بدأت مرحلة جديدة في التاريخ السويسري.


قدرات سحرية لجبال الألب:

بعد نجاح اثنين من البريطانيين بتسلّق إحدى قمم الألب، توافد الكثير من البريطانيين، ومنهم العلماء والمستكشفون والباحثون، في رحلة بحثٍ عن مكنونات تلك القمم الجليدية، 

خاصةً وأن اعتقاداً ساد أوروبا آنذاك، بقدرة تلك الجبال على شفاء بعض الأمراض مثل السل والالتهاب الرؤي الحاد وغيرها،

 فكان الكثيرون يرغبون بمعرفة صحة ذلك الاعتقاد وأسبابه، 

واستمر الوضع كما هو حتى عام 1860، حين غزت القطارات والسكك الحديدية أوروبا.


الثورة التقنية الجديدة:

سرعان ما اجتاحت القطارات دول أوروبا، 

ولكن السويسريين لم يكونوا سبّاقين لامتلاك تلك التقنية، بسبب طبيعة بلادهم الجبلية، حتى تمكّن العالم السويسري "نيكولاس ريجنباخ" من إضافة قضيبٍ ثالثٍ لسكة القطار، يكون بين القضيبين، ويحمل أسناناً، وأضاف مسنناً إلى عربات القطار بحيث يصبح تماسك القطار على السكة قوياً جداً أثناء صعود وهبوط المرتفعات الجبلية،

 وما أن حصل "ريجنباخ" على براءة اختراعه سنة 1863 من| فرنسا|، حتى سارع إلى السلطات السويسرية لكي يستثمر اختراعه، ولكن المسؤولين لم يتحمسوا كثيراً لفكرته، فبقيت حبراً على ورق.


تطبيق فكرة "ريجنباخ" في واشنطن:

بالتزامن مع الاختراع السويسري، كان أحد العلماء الأمريكيين يعمل على نفس الفكرة،

 وقد استطاع تطبيقها فعلاً، فظهرت أول سكة قطارٍ جبليةٍ في واشنطن سنة 1869، 

وقد أقيم احتفالٌ كبيرٌ عند افتتاح تلك المحطة على اعتبارها أعجوبةً هندسيةً فريدة،

 ومن جملة الحاضرين في الاحتفال، كان السفير السويسري في أمريكا،

 فنقل ما رآه إلى المسؤولين في سويسرا، وأكد لهم نجاح الفكرة، فاقتنعت الحومة السويسرية أخيراً بجدوى تلك الفكرة وسلامتها بالنسبة للناس، فأنجزت أولى محطاتها في سنة 1971.


خطة "ريجنباخ" الطموحة:

كانت محطة القطار الجبلية في سويسرا، هي الأولى م نوعها في| أوروبا|، وقد جذبت انتباه الناس، فتوافد عليها الأوروبيون لكي يستمتعوا بالمناظر الطبيعية الخلّابة التي تحيط بجانبي السكة،

 وهنا تراءت لـ "ريجنباخ" فكرةٌ جديدة، وخطةٌ طموحةٌ جداً، تقوم على استغلال الجبال السويسرية التي كانت لعنةً على الاقتصاد السويسري، ليجعلها مصدر دخلها الأهم.

 اقرأ المزيد...

بقلمي سليمان أبو طافش 

مؤسسة سطر لصناعة المُحتوى العربي 11/23/2021 01:23:00 م

كيف تحولت أفقر الدول الأوروبية إلى أغناها؟

استكمالاً لما بدأناه في المقال السابق ..

الأزمة المالية العالمية:

ما أن وضع "ريجنباخ" خطته الجديدة، حتى انطلق إلى جمع المستثمرين وإقناعهم بفكرته الطموحة، التي لاقت ترحيباً كبيراً، 

ولكنها لم تتحول إلى حقيقةٍ واقعةٍ بسبب الأزمة المالية التي اجتاحت العالم سنة 1873، واستمرت لأكثر من عشرين سنة،

 فتوقفت خلالها جميع الاستثمارات تقريباً، ومن ضمنها فكرة السكة الجبلية التي اضطرت إلى أن تُنسى وتُهمل لسنواتٍ طويلة.


الإلهام المصري للسويسريين:

كان "أدولف كوايت سيلر" أحد رجال الأعمال السويسريين الأكثر ثراء، وكان يمتلك بعض شركات النسيج والسكك الحديدية وغيرها،

 وعلى عادة أثرياء العالم، ذهب "أدولف" في |رحلةٍ سياحيةٍ| زار خلالها| مصر|، بعد افتتاح قناة السويس والضجة العالمية التي أثارتها، 

وقد أثارت القناة انبهاره، لقدرة المصريين على بناء تلك القناة بأدواتهم ومعارفهم البسيطة، 

وبعد أكثر من عشرين سنةً على تلك الرحلة، وقف "أدولف" وبناته الثلاثة أمام مشهد الجبال السويسرية، 

ففكّر بطريقةٍ تنقله إلى قمّة الجبال للاستمتاع بالمناظر من الأعلى، وتذكّر قناة السويس وكيفية بنائها، فقرر بأن حفر الجبال لبناء السكك عبرها ليس مستحيلاً. 


تحدي الجبال والجليد وقهرها:

ما أن شعر "أدولف" بإمكانية تطبيق فكرته في بناء سكةٍ حديديةٍ عبر الجبال، بدأ برسم المخططات البدائية لذلك، مستفيداً من الاختراع الذي قدّمه "ريجنباخ" قبل عقدين من الزمن، 

فذهب إلى السلطات السويسرية، وعرض عليها فكرته، ولكي يكسب دعم المجتمع العلمي لمشروعه، 

فقد وعد ببناء مرصدٍ فلكي ومركز أبحاثٍ على إحدى قمم الجبال، وهو المرصد المعروف حالياً بمرصد "أبو الهول".

 وما أن حصل "أدولف" على موافقة الحكومة، حتى أطلق مشروعه سنة 1896 راصداً له كل ثروته.


ذكاء وابداع "أدولف":

ظهر ذكاء "أدولف" وقدرته الكبيرة على| إدارة المشاريع| واستثمارها، من خلال طريقته في تنفيذ مشروعه،

 فكان كلما أنجز جزءاً من المشروع، يفتحه أمام الزائرين، لكي يكمل الجزء التالي من المشروع من واردات المشروع نفسه، 

ومع ذلك فقد احتاج حفر الأنفاق في قلب الجبال إلى المزيد من الأموال،

 فكان على "أدولف" إيجاد التمويل اللازم بسرعة، 

فطلب من المهندسين القائمين على المشروع أن يفتحوا ثغرةً في الجبل وكأنها شرفةٌ تُطل على عالم ما خلف الأنفاق، فكان له ما أراد، وهذا ما أدخل عليه موارد كثيرةً من الزائرين.


كيف تحولت أفقر الدول الأوروبية إلى أغناها؟
 كيف تحولت أفقر الدول الأوروبية إلى أغناها؟ 
تصميم الصورة وفاء المؤذن 


تحقيق الحلم ولو بعد حين:

في عام 1898 بدأت الأمراض تتسلل إلى جسد "أدولف"، ولم يطل به الأمر حتى لاقى وجه ربه في سنة 1899، قبل اكتمال مشروعه، وتحقيق حلمه، 

وبموته توقّف المشروع لوقتٍ طويل، وعانى أبناؤه كثيراً حتى استطاعوا إكماله في آخر المطاف، وتحقيق حلم والدهم "أدولف" في سنة 1912، بإنشاء محطة "يونغ فراو"، أعلى مبنى في أوروبا كلها. 


أهمية مشروع قاهر الجبال السويسرية: 

بعد اكتمال المشروع، كانت تكلفته قد وصلت إلى أكثر من ربع مليار دولار، ولكنه فتح باب |السياحة| السويسرية، 

وهو يحظى اليوم بأكثر من نصف مليون زائر سنوياً،و يُدخل من الواردات ما يزيد على مئة مليون فرنك سويسري، وتكمن أهمية هذا المشروع في أنه حوّل لعنة الجبال إلى منجمٍ من ذهب، 

وسمح لسويسرا بالارتباط بباقي أوروبا والعالم، 

وفتح المجال لاستيراد| المواد الخام |وتصنيعها وتصديرها، وبذلك أصبحت سويسرا البلد الذي نعرفه اليوم ونحلم بزيارته. 


وخلاصة الحديث، لا حياة مع اليأس، ولا يأس مع الحياة، ومن بين الأموات، قد تنهض روحٌ جديدة، فإن كنت تريد نزع اليأس من حياتك، وتنفض عنك غبار الزمن، فشارك المقال. 


بقلم سليمان أبو طافش 
يتم التشغيل بواسطة Blogger.