عرض المشاركات المصنفة بحسب التاريخ لطلب البحث كيف وصلت الصين إلى ما هي عليه اليوم؟. تصنيف بحسب مدى الصلة بالموضوع عرض جميع المشاركات

مؤسسة سطر لصناعة المُحتوى العربي 4/13/2022 08:11:00 م

قصة رجلٍ عاد من حافة الهلاك إلى قمة المجد
قصة رجلٍ عاد من حافة الهلاك إلى قمة المجد
تصميم الصورة : ريم أبو فخر
  
هل وصلت يوماً إلى حالةٍ من الإفلاس أجبرتك على بيع محتويات منزلك لكي تؤمّن حاجات عائلتك اليومية؟ ووهل أصابك فقرٌ مدقعً بعد أن كنت تستمتع برغد العيش؟ 

ربما تكون إجابة الكثيرين هي نعم، ولكن من استطاع النهوض مجدداً واستطاع استعادة أمجاده من جديد؟

هذه قصة رجلٍ نهض من تحت الأنقاض، وعاد إلى مجده بعد معاناةٍ طويلة مع الفقر والحاجة.

بداية الرحلة

ولد "هنري جون هاينز" سنة 1844، لعائلةٍ ألمانيةٍ هاجرت إلى |الولايات المتحدة الأمريكية|، خوفاً من الحروب والأوضاع السياسية في أوروبا، وبحثاً عن حياةٍ أفضل، وكان منذ صغره مهووساً بالحفاظ على كل شيء، فعدوّه اللدود كان هو الهدر، فكان في صغره يأخذ من مزرعة أهله بقايا الخضار ويبيعها لجيرانه كي لا يتم رميها، وعندما لاحظ والداه ذلك أرادا تشجيعه، فمنحاه جزءً من أرض مزرعتهما لكي يزرعها ويبيع محصولها.

التخطيط أساس النجاح

استمر هنري بذلك العمل إلى جانب دراسته حتى بلغ السادسة عشرة، فترك المدرسة وتفرّغ للعمل في مزرعته الصغيرة، فقد كان حلمه هو تنمية عمله في |المنتجات الزراعية|، وإنشاء شركةٍ كبيرةٍ ضمن هذا المجال، ولكي يكتسب الخبرة اللازمة لذلك، فقد اشتغل مع والده في معمله الصغير، حتى أتقن لعبة الحسابات والإدارة، كما انضم إلى أحد معاهد الأعمال لكي يتدرب أكثر ويستوعب العمل بطريقة علمية.

الهمة والنشاط من أركان النجاح أيضاً

كان يوم هنري حافلاً جداً، فكان يستيقظ قبل الفجر لكي يعمل في أرضه، ثم يذهب إلى معمل والده حتى العصر، وفي المساء كان يثابر على الدراسة والتدريب في معهد الأعمال، وفي ذلك الوقت كانت الزراعة هي عماد الحياة والاقتصاد، ومن أعمال التجارة الرائجة آنذاك، كانت تجارة المخلّلات بمختلف أصنافها، فراح "هنري" يزرع الخضار ويخللها ويبيعها، واستمر بذلك العمل حتى عام 1861.

الشركة الجديدة

عندما أصبح هنري في سن السابعة عشرة كان يمتلك مبلغاً يتجاوز 2400 دولار، وهي تعادل 70000 دولار في وقتنا الحالي تقريباً، وقد استمر بعمله وزيادة أرباحه حتى سنة 1869، فشارك أحد أصدقائه "كلارينس نوبل" في عمله، فتوسّع العمل وأصبح لدي الشريكين عدة مصانع لإنتاج المخلّلات، والخضروات المعلبة، كما توسّعت الأرض التي يمتلكانها، وعندما تزوج هنري وأنجب طفلاً فقد أطلق عليه اسم صديقه "كلارينس" لشدة وفائه لصديقه.

الرخاء لا يدوم أبداً

مع توسّع عمل هنري وشركته، أصبح محلَّ ثقةٍ من البنوك، فحصل على بعض القروض، وقد كانت انطلاقته السريعة تستدعي اهتمام الصحافة والاعلام، لأنه أنشأ شركةً ونمّاها خلال فترةٍ قصيرةٍ وهولا يزال شاباً صغيراً، ولكن فترة الرغد والنماء لم تستمر طويلاً، فبعد عدة سنواتٍ فقط، وفي سنة 1873، اجتاحت الولايات المتحدة أزمةٌ اقتصاديةٌ خانقة، فبدأت الشركات تنهار تباعاً، ولم تكن شركة "هاينز" استثناءً، فسرعان ما انهارت.

قصة رجلٍ عاد من حافة الهلاك إلى قمة المجد
قصة رجلٍ عاد من حافة الهلاك إلى قمة المجد
تصميم الصورة : ريم أبو فخر
  

المزيد من خيبات الأمل

لم يستطع هنري تجاوز تلك الأزمة، خاصةً تحت ضغط البنوك والديون الكثيرة التي أرهقت كاهله، فاضطر في سنة 1875 إلى إشهار إفلاسه، وبيع كل ممتلكاته بما فيها أثاث منزله، وهذا وضعه في أزمةٍ نفسيةٍ حادة، ولم يجد من يقف معه، فحتى شريكه وصديقه ورفيق رحلته "كلاريس" تخلّى عنه، فمع أن "كلاريس" كان ثرياً، إلا أنه رفض مساعدة صديقه، ولم يكتفِ بذلك فقط، بل أطلق عنه بعض الشائعات يتهمه فيها بسرقة أموال الشركة.

العائلة المتحابة تنقذ الموقف

بعد عدة شهورٍ من |الاكتئاب| والقلق والحالة النفسية والمادية المزرية، استطاع هنري التقاط أنفاسه وجمع شتات أفكاره ولملمة عزيمته من جديد، وذلك بفضل عائلته بشكلٍ خاص، فقد اجتمعت العائلة حوله، وبعد نقاشٍ طويل، اجتمعت الآراء حول ضرورة إنشاء شركةٍ جيدة، ولكن ذلك يتطلب أموالاً، والعائلة لا تمتلك شيئاَ، باستثناء زوجته التي احتفظت بما ورثته من أهلها، فباعت ممتلكاتها وقدّمت ثمنها إلى هنري لكي ينطلق من جديد.

المزيد من المواقف العائلية المشجعة

إضافةً إلى المبلغ الذي قدمته زوجة هنري، فقد ساهم كلٌّ من شقيقه وابن عمه بثمن حصتهما من بعض الأسهم والاستثمارات، فوصل مجموع المبالغ المجموعة إلى 2200 دولار، كما قررت العائلة العمل بالأرض بنفسها لتوفير أجور العمّال، وبذلك اكتملت مقومات الشركة الجديدة، ولكن هنري أراد منتجاً جديداً يضمن له انطلاق الشركة بسرعة، خاصةً عندما أخذ عهداً على نفسه بتسديد جميع ديونه.

صناعة الكاتشاب هي الحل

لم تكن |صناعة الكاتشاب| جديدةً على العالم، فقد عرفتها الصين منذ مئات السنين، ولكنهم كانوا يصنعونه من السمك مع خلطةٍ خاصة، وفي القرن الثامن عشر وصل الكاتشاب الصيني إلى بريطانيا، فأصبحت بريطانيا تصنّعه وتصدّره إلى الولايات المتحدة، ثم تنوّعت وصفات صنع الكاتشاب باستخدام موادٍ مختلفة، أما صناعة الكاتشاب من البندورة فلم تظهر حتى سنة 1836.

العودة من جديد

أراد "هاينز" أن يبدأ بتصنيع الكاتشاب من البندورة، معتمداً على خبرة والدته في ذلك، فأخذ منها وصفتها وأضاف عليها حتى أصبحت لديه وصفته الخاصة التي تحتوي على الخل والسكر، وهذا ما سمح بزيادة فترة صلاحية الكاتشاب سريع العطب، كما أعطاه نكهةً أفضل، وبذلك انطلقت شركة "هاينز" من جديد ببيع الكاتشاب كمنتجٍ رئيسي، بجانب المنتجات التقليدية التي كانت تنتجها من قبل.

الوفاء بالالتزامات القديمة

في نهاية سنة 1876، كانت شركة هاينز قد انطلقت من جديد واستعادت مكانتها في الأسواق، فقد كانت أرباحها كبيرةً تصل إلى 40%، ما جعل وارداتها السنوية تصل إلى 44000 دولار، ومع انتشار| السكك الحديدية| في الولايات المتحدة، راح هنري يسافر إلى مختلف الولايات والمدن الأمريكية للترويج لمنتجاته، وبذلك استطاع تسديد كافة ديونه القديمة خلال بضع سنواتٍ فقط.

الانطلاق نحو العالمية

كان "هاينز" يعمل يومياً لست عشرة ساعة، ولكن شقيقه وابن عمه لم يكترثا كثيراً للعمل، فاختلف هنري معهما، ما دفعهما إلى بيع حصتهما من الشركة، فاشتراها هنري وأصبحت الشركة ملكاً له ولزوجته، فأعاد تسميتها لتصبح شركة "هنري هاينز"، ومع استقرار العمل وتحسّن أوضاع الشركة، ذهب هنري إلى ألمانيا لزيارة أقاربه، وأخذ معه بعض العيّنات من منتجات شركته.

قصة رجلٍ عاد من حافة الهلاك إلى قمة المجد
قصة رجلٍ عاد من حافة الهلاك إلى قمة المجد
تصميم الصورة : ريم أبو فخر  

اكتساب المزيد من المعارف والخبرات

كانت المحطة الأولى لهنري في أوروبا هي بريطانيا، فعرض منتجاته في إحدى الشركات التي أُعجبت بها وقرّرت التعامل مع شركته واستيراد منتجاتها، وسرعان ما انتشرت منتجات شركة هنري في بريطانيا، ولاسيما الكاتشاب الذي لاقى رواجاً كبيراً بين البريطانيين، وعندما وصل هنري إلى ألمانيا وبعد زيارة أقاربه، قام بجولةٍ حول المصانع الألمانية التي أدهشته بتطوّرها وخاصةً طريقة إدارتها المختلفة عمّا يعرفه في أمريكا.

الانطلاق بأفكارٍ ورؤى مختلفة

عندما عاد هنري إلى الولايات المتحدة، كان يحمل في رأسه الكثير من المفاهيم الجديدة، فأنشأ مصنعاً جديداً، وأنشأ فيه قاعةً ليتناول فيها العمّال طعام الغداء، فقد أدرك ضرورة احترام العامل الذي يشكّل أساس مصنعه، كما بدأ يتقارب مع العمال، ويدعوهم لتناول العشاء في منزله أحياناً، ثم بدأ بتوظيف الأطباء في مصنعه، لكي يهتموا برعاية العمّال صحياً، ثم أنشأ قاعةً للموسيقى وقاعةً للمحاضرات لتنمية مهارات العمّال. 

 الاهتمام أكثر بحياة العمّال

لم يكتفِ هنري بكل ما قدّمه للعمّال، بل اهتم بتعليمهم أيضاً، وخاصةً العمّال المهاجرين الذين لا يتقنون |اللغة الانكليزية|، ثم أنشأ مدارس خاصة بأبناء العمال، فكان من أوائل رجال الأعمال اللذين انتبهوا إلى أن نجاح مصنعه واستمراره مرهونٌ بالحالة الاجتماعية والإنسانية والاقتصادية للعمّال، فهم قوام المصنع الأساسي.

أفكار رائدة في التسويق

ظهرت عبقرية "هاينز" في عمله من عدة مجالات، ولكن خططه التسويقية والإعلامية كانت متميزة، فقد استخدم العبوات الزجاجية الشفافة، لكي يرى الناس محتوياتها وخلوّها من العيوب، كما سمح لعامّة الناس بدخول المصنع لكي يرووا بأنفسهم كيف يتم الإنتاج، وهذا طبعاً ساهم في زيادة ثقة الناس بمنتجات شركة "هاينز".

شعار الشركة الجديد

في سنة 1893، أُقيم معرضٌ كبيرٌ في الولايات المتحدة، شارك فيه هاينز، ولم يكتفِ بعرض منتجاته فقط، بل صنع دبوساً على شكل شعار شركة "هاينز" (حبة خيارٍ مخلّلة)، وقام بتوزيعه على زوّار المعرض، وفي سنة 1896، أطلق هنري شعاراً جديداً لشركته هو رقم 57، وهو يدل على عدد منتجات شركته، ولا زال هذا الرقم موجوداً على جميع منتجات هاينز حتى اليوم مع أن منتجاتها أصبحت بالآلاف.

مواكبة الأساليب الحديثة

إضافةً لكل إبداعات "هاينز" وأساليبه المبتكرة في |الدعاية والإعلان| لمنتجاته، فقد كان من أوائل الذين استخدموا اللافتات المضاءة في شوارع الولايات المتحدة، وفي محطات الحافلات والقطارات ومختلف الأماكن، ورغم أن هذه الأساليب قد لا تبدو متميزةً اليوم، إلا أنها كانت رائدةً ومبتكرة في تلك الأيام.

مساهمات إنسانية جديدة

لم يكتفٍ "هنري هاينز" بكل ما قدمه، بل شارك قبل وفاته بوضع الأسس والقوانين التي تضمن نقاء الغذاء وسلامته، خاصةً بعد انتشار استخدام المواد الكيميائية كموادٍ حافظةٍ أو كملونات، ففي سنة 1906، ظهر كتابٌ يفضح الممارسات غير الصحيّة في مختلف المصانع الأمريكية للأغذية، فتدخل الرئيس الأمريكي "روزفلت" ووقّع على مجموعةٍ من قوانين ضمان وسلامة الغذاء المصنّع التي شارك هنري في وضعها.

استمر هنري بالصعود بشركته حتى سنة 1919، عندما أصيب بالمرض الذي أدى إلى وفاته عن عمر يناهز أربعةً وسبعين عاماً، بعد أن أصبح من أثرياء العالم، ولكن شركته لا زالت قائمةً حتى الآن وأصبحت تنتج أكثر من ستة آلاف منتجٍ مختلف، فإذا وجدت في قصة "هنري جون هاينز" ما يستحق النشر فشارك المقالة مع أصدقائك.

سليمان أبو طافش


مؤسسة سطر لصناعة المُحتوى العربي 11/24/2021 08:12:00 م

كيف وصلت الصين إلى ما هي عليه اليوم؟
 كيف وصلت الصين إلى ما هي عليه اليوم؟
تصميم الصورة رزان الحموي 

استكمالاً لمقالنا  كيف وصلت الصين إلى ما هي عليه اليوم

بدء الانفتاح الصيني على الغرب وعواقبه:

لم تكن| الصين| منفتحةً على |التجارة| البحرية،

 وكانت سلالة "مينغ" الحاكمة آنذاك، منغلقةً عن الغرب، حتى انتقل الحكم إلى سلالة "تشينج" التي بدأت تنفتح على الآخرين بعد توطيد حكمها،

 وكانت تهدف بشكلٍ رئيسي إلى الحصول على| المعادن |الثمينة وخاصةً الفضة، التي كانت تستخدمها الصين كعملة أساسية لتبادل المنتجات داخلياً وخارجياً،

 ولكن لماذا الفضة بالتحديد وليس| الذهب|؟


التحول الصيني من الفضة إلى العملات الورقية:

كان عدد سكان الصين ولا يزال، هو الأكبر عالمياً، وكان لا بد للسلطة من نظامٍ نقديٍ قوي للسيطرة على هذا العدد الكبير من السكان، فكان لا بد من الاعتماد على معدنٍ ثمينٍ في ذلك، 

وبما أن الذهب لم يكن متوفراً في الصين، فقد لجأت إلى استخدام الفضة في تعاملاتها التجارية لأنها أكثر وفرةً، 

ولكن عدد سكان الصين استمر في التزايد بشكلٍ كبير، فلم تعد فكرة الفضة كافيةً لتوفير العملات، فلجأت الصين إلى ابتكار العملات النقدية الورقية، 

ومع نشوء الصراعات الداخلية وتتالي السلالات الحاكمة، توالت المشاكل الاقتصادية على الصين، فاضطرت الحكومة إلى العودة لاستخدام الفضة والنحاس في صناعة| العملات|.


سيطرة الصين على الفضة:

كانت الأمريكيتين المصدر الأساسي للفضة،

 وقد استطاع الاسبان أثناء سيطرتهم على مساحاتٍ واسعةٍ من القارة الجديدة، أن ينقلوا أكثر من مئةٍ وخمسين ألف طنٍ من الفضة، حتى عام 1800، 

وهذا ما يعادل 80% من الفضة العالمية، 

وكانت الصين تستقدم ما يقارب من 40% من تلك الفضة، وذلك عن طريق الهولنديين والبريطانيين الذي اشتروا من الصين |الشاي| والحرير والمنتجات الصينية الأخرى المطلوبة بشدة في| أوروبا|

 ومع توفر الفضة بكثرة في الصين، أصبح الاقتصاد الصيني الاقتصاد الأول عالمياً.


بدء الصدامات الصينية البريطانية:

لم تعانِ الدول الأوروبية وبخاصةٍ| بريطانيا|، من الحصول على الفضة لشراء المنتجات الصينية، فكانت تؤمّن ما تحتاجه من مستعمراتها الكثيرة والمنتشرة في جميع القارات، 

ولكن وارداتها من الفضة بدأت تتناقص منذ عام 1800، بعد أن بدأت المستعمرات البريطانية تنال استقلالها، 

وخاصةً في القارة الأمريكية،

 أما الصين فكانت لا تسمح أبداً بخروج الفضة منها، ولم تكن تقبل التعامل بأية عملةٍ أخرى، 

وهذا ما دفع بريطانيا إلى محاولة الضغط على الصين لإقامة مبادلاتٍ تجاريةٍ معها.


طعنة في الصميم:

عندما رفض الامبراطور الصيني جميع العروض البريطانية لإقامة مبادلات تجاريةٍ بين البلدين، وبما أن بريطانيا لم تكن قادرةً على الاستغناء عن المنتجات الصينية، فلم تجد أمامها إلّا بيع الأفيون إلى الشعب الصيني، عبر التهريب، انطلاقاً من مستعمراتها في الهند،

 وفعلاً نجحت خطتها واستطاعت جني أرباحٍ وفيرة ٍمن تجارة الأفيون،

 حتى أصبح الكثير من الصينيين مدمنين على الأفيون، وغير قادرين على العمل، وفي نفس الوقت، استغلت بريطانيا حالة التخبّط الحاصلة في الصين، فنقلت تجارتها إلى موانئ أخرى غير الموانئ المتفق عليها مع الحكومة الصينية، 

فأصدر الامبراطور الصيني قراراً بحصر التجارة البحرية على ميناءٍ واحدٍ فقط، وشدّد الإجراءات على البريطانيين، 

وأطلق حملةً شديدةً ضد تجارة الأفيون.


إقرأ المزيد...

بقلمي سليمان أبو طافش 

مؤسسة سطر لصناعة المُحتوى العربي 11/24/2021 08:12:00 م

كيف وصلت الصين إلى ما هي عليه اليوم؟
 كيف وصلت الصين إلى ما هي عليه اليوم؟
تصميم الصورة رزان الحموي 


استكمالاً لمقالنا  كيف وصلت الصين إلى ما هي عليه اليوم

مكافحة الأفيون وتداعياتها:

تولّى أحد الموظفين الأشداء مهمة التصدي لتجارة |الأفيون|، 

فأرسل رسالةً إلى الملكة فيكتوريا (ملكة بريطانيا آنذاك)، يناشد فيها مسؤوليتها الأخلاقية عن تجارة الأفيون في| الصين|،

 ولكن الملكة لم تحرّك ساكناً، فتوجّه ذلك الموظف إلى تجّار الأفيون وجمعهم واعتقلهم، ثم أحرق كل الأفيون الذي عثر عليه، وسجن |المدمنين| إلى أن تم علاجهم، 

ولكن بريطانيا لم يعجبها ذلك، فقرّرت الانتقام من الصين،

 خاصةً وأن تلك الإجراءات الصينية، جعلتها تخسر أكثر من عشرة ملايين دولارٍ.


حرب الأفيون:

بعد الخسائر الكبيرة التي تكبدّتها |بريطانيا |بسبب حملة| الصين |على تجارة الأفيون، وبعد استنفاذ كل المحاولات للضغط على الحكومة الصينية، أعدّت بريطانيا العدة وأطلقت حرباً طاحنةً ضد الصين، 

عُرفت بحرب الأفيون، 

أدّت في نهايتها إلى انهيار الإمبراطورية الاقتصادية الصينية، وفرض تجارة الأفيون عليها رغماً عنها.


أسباب خسارة الصين في حرب الأفيون:

لم تهتم الصين كثيراً بالإنجازات العلمية والتكنولوجيا التي وصل إليها الغرب،

 فقد كانت منغلقةً على نفسها، وكان اقتصادها يعتمد على| الزراعة| بشكلٍ رئيسٍ مع بعض الصناعات والتجارات القائمة على الزراعة أصلاً، 

وقد تنبّه لهذا الخطأ القاتل أحد حكماء الصين،

 فكتب في عام 1826 عن ضرورة الانفتاح على الغرب واستحضار علومه وانجازاته التقنية، مع الاحتفاظ بالهوية والثقافة الصينية، 

وضرورة إقامة السلام مع الغرب إلى حين امتلاك تقنياته واسلحته، 

ولكن السلطات الصينية لم تلتفت إلى تحذيراته واقتراحاته فدفعت الثمن غالياً.


السبب الخفي وراء العداء الأمريكي الصيني:

ما حدث في الصين في سنة 1830، كان قابلاً للتكرار في سنة 1970،

 بعد أن أصبحت| الولايات المتحدة| الوريث الوحيد للسيطرة البريطانية على العالم،

 ولكن الصين على ما يبدو قد تعلّمت الدرس جيداً، ففي هذه المرة، انفتحت الصين على الغرب، وأقامت معه الكثير من الاتفاقات والمعاهدات لحفظ أمنها وأمانها،

 واستغلّت الوقت الذي كسبته من ذلك، لنقل العلوم والتكنولوجيا الغربية إلى أراضيها، ولم تكتفِ بذلك فقط، 

بل طورّت عليها حتى أصبحت قوة تكنولوجيةً لا يستهان بها.


أسباب تأخر الصين في النهوض:

منذ عام 1870، بدأت الصين تحاول العودة إلى الساحة الاقتصادية العالمية، فالتفتت إلى العلوم والتقنيات الجديدة،

 ولكن ضعف المؤسسات وتفككها، والوضع السياسي للصين، والفقر الحاصل منذ حرب الأفيون، جعلت نهضة الصين تتأخر مئة سنةٍ حتى عام 1970، حين وصل "مينج شياو بينج" إلى السلطة.



مما سبق يمكن لنا فهم الأسباب التي تدفع الصين إلى الاستحواذ على مختلف وسائل التكنولوجيا، 

والأسباب التي تجعل| أمريكا| تقاتل بشدة لتأخير الصين وتعطيلها عن الاستفراد بالتقنيات الحديثة مثل شبكات الجيل الخامس، 

لأن تلك التقنيات هي التي ستحدد هوية المسيطر القادم على |التكنولوجيا|،

 ومن يسيطر عليها سيسيطر على العالم. 


شارك المقال لتسود المعرفة.    

بقلمي سليمان أبو طافش 

مؤسسة سطر لصناعة المُحتوى العربي 11/24/2021 08:12:00 م

كيف وصلت الصين إلى ما هي عليه اليوم؟
 كيف وصلت الصين إلى ما هي عليه اليوم؟
تصميم الصورة رزان الحموي 


لم تكن العلاقات الصينية الأمريكية بحالةٍ مثاليةٍ في معظم الفترات التاريخية، ولكن عهد "|دونالد ترامب|" شهد المزيد من الحدة والتوتر بين تلك العلاقات، 

فترامب الذي هو |رجل أعمالٍ| رأسماليٍ في الأصل، لم يكن راضياً عن العلاقات التجارية تحديدياً بين البلدين،

 فواردات| الولايات المتحدة |من| الصين| أكثر بكثير من الصادرات، 

وهذا أحد أسباب الضغوطات الأمريكية على الصين، ولكنه ليس السبب الوحيد،

 فما هي حقيقة الصراعات الأمريكية الصينية ودوافعها؟


العلاقات الصينية البريطانية القديمة:

لم تكن الضغوطات الأمريكية على الصين جديدةً بالنسبة للصينيين،

 ففي عام 1830، تعرضّت الصين لنفس الضغوطات، ولكن من قبل| بريطانيا|، التي كانت الدولة العظمى آنذاك، 

وبعد فشل الضغوطات السياسية والاقتصادية، استخدمت بريطانيا| قوة السلاح| لتجبر الصين على الاستيراد منها،

 ما أدى إلى معاناة الصين والصينيين من دمارٍ كبير، أدخلهم في مئة سنة من الفقر،

 فهل سيعيد التاريخ نفسه مع الأمريكيين هذه المرة؟


قرن الإذلال:

قبل عام 1830 كانت الصين القوة الاقتصادية الكبرى عالمياً، وهذا ما أغضب الدول الاستعمارية وعلى رأسها بريطانيا، 

فدخلت في حربٍ عسكريةٍ ضد الصين، بعد أن فشلت في مواجهتها اقتصادياً، وأدخلت إلى الصين تجارةً جديدةً بقوة السلاح، هي تجارة |المخدرات|، فغرقت الصين بالأفيون، وعانى شعبها من| الإدمان|، وتكبّد الاقتصاد الصيني خسائر هائلة، لم يتعافَ منها إلا بعد مئة سنة،

 فأُطلق على هذه الفترة اسم قرن الاذلال بالنسبة للصين. 


أسباب السيطرة الصينية:

قبل انطلاق الثورة الصناعية، وتحديداً قبل عام 1750، كان اقتصاد الدول يعتمد بشكلٍ أساسي على الزراعة وتربية الحيوان، والتجارة القائمة على ذلك،

 فكانت الصين تستحوذ على أراضٍ واسعةٍ خصبة، وكانت غنيةً بالمياه العذبة من أنهارٍ وبحيراتٍ وأمطار وثلوج، وبوجود أعدادٍ هائلةٍ من الأيدي العاملة، فقد امتلكت الصين جميع المقومات الضرورية لإنشاء اقتصادٍ قوي،

 فأصبحت| الاقتصاد |الأقوى عالمياً، وامتلكت 35% من الناتج الاقتصادي العالمي


العلاقات الروسية الصينية القديمة: 

يقول "آدم سميث"، وهو رأسمالي شهير، بأن الصين في عام 1670 كانت أغنى من جميع الدول الأوروبية مجتمعةً، 

وكانت الدولة الأولى زراعياً، والأولى في التنظيم العسكري، وصناعة الأسلحة النارية المعتمدة على البارود الذي اخترعته، 

وهذا ما أدى إلى انتصارها على الإمبراطورية الروسية في عام 1685 عندما توسّعت الأخيرة على حساب الصين حتى حدود نهر آمور، 

ولم ينتهِ النزاع المسلّح بين الدولتين الجارتين إلا بعقد معاهدة سلامٍ سنة 1689.


الصين والتجارة البحرية:

بدأت العلاقات التجارية عبر البحار بين الصين و|أوروبا|، بعد عام 1514، وبعد موجة الاستكشافات الأوروبية لأعالي البحر، 

فوصل البرتغاليون إلى الصين، ثم تبعهم الاسبان والهولنديون وآخرون، 

وكان الأوروبيون عامةً منبهرين بالمنتجات الصينية، ولعل الغنى الصيني هو ما جعلها تخشى الانفتاح على الغرب الطامع بكل شيء،

 كما كانت الصين تفضّل الاعتماد على الاقتصاد الزراعي، لأن السيطرة على المزارعين تكون أسهل من السيطرة على التجّار،

 وخاصةً التجار البحريين الأثرياء وكثيري التنقل الذين يستطيعون الانقلاب على السلطة المركزية بسهولة. 

إقرأ المزيد...

بقلمي سليمان أبو طافش 

مؤسسة سطر لصناعة المُحتوى العربي 11/23/2021 12:20:00 م

ما الذي جعل اليابان تكتفي بما وصلت إليه في القرن العشرين؟

استكمالاً لما بدأناه في المقال السابق 

  تأثير اتفاقية بلازا على اليابان:

ما أن نفّذت| اليابان| ما يخصّها من اتفاقية بلازا، حتى تضاعفت قيمة الين الياباني أمام |الدولار الأمريكي|، فزادت الأموال بيد اليابانيين بشكلٍ كبير،

 فأخذوا يُبذّخون في صرف مدخراتهم، ويحصلون على الكثير من القروض من البنوك، فبدأ اليابانيون يعيشون حياة الترف والبذخ، كما بدأ الأفراد والشركات اليابانية باستثمار أموالهم، ولم يجدوا أفضل من العقارات والبورصة للاستثمار،

 فسيطرت الشركات اليابانية على سوق البورصة في الكثير من الدول،

 ولو استمرت اليابان في وتيرة صعودها المتنامي لكانت اليوم القوة المسيطرة على العالم.


بدء الانهيار الياباني:

مع بدايات التسعينيات، وبعد انهيار| الاتحاد السوفيتي|، قررت| الولايات المتحدة| بأن الوقت قد حان لإعادة المارد الياباني إلى القمقم،

 فعندما أدركت الحكومة اليابانية حقيقة الموقف الذي وصلت إليه، بدأت باتخاذ بعض الإجراءات للسيطرة على الوضع، 

فالصادرات اليابانية بدأت تنكمش، والين الياباني أصبح أقوى مما ينبغي، والفائض المالي أصبح كبيراً، 

فبدأ البنك المركزي الياباني برفع سعر الفائدة، وراح يتشدد في إجراءات منح القروض، ولكن ذلك لم يكن كافياً لأن الأوان على تلك الإجراءات قد فات.


كيف انهارت المعجزة اليابانية؟

بعد أن أقبل اليابانيون على الاستثمار في العقارات وأسهم البورصة ذات الأسعار العالية جداً، كانت تلك الاستثمارات هي الضمانات التي حصلت عليها البنوك اليابانية لمنح القروض،

 وعندما ارتفع سعر صرف الين الياباني أمام الدولار، واتخاذ البنك المركزي الياباني اجراءاته،

 بدأت أسعار العقارات والأسهم بالانهيار فجأةً،

 فوقفت البنوك عاجزةً عن استرداد أموالها، وأصاب الهلع الشعب الياباني، وتعرض الاقتصاد الياباني لهزةٍ كبيرةٍ ساهمت في تحجيمه بالإضافة إلى عوامل أخرى مثل الفساد الذي تسرّب إلى البنوك والشركات اليابانية آنذاك.


محاولة النهوض الياباني مجدداً:

لم تقف اليابان مكتوفة الأيدي أمام الانهيار الاقتصادي الذي واجهها منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي، وبذلت جهوداً جبارةً لاستعادة وضعها الاقتصادي، 

ولكنها كلما حققت بعض التقدم كانت تتعرض لأزمةٍ جديدة،

 ففي سنة 1997مثلاً، حصلت الأزمة الآسيوية، وفي عام 1999 حصلت أزمة |الانترنت|، 

وفي عام 2008 حدثت أزمة مالية عالمية، 

وفي 2011 كانت أزمة مفاعل فوكوشيما |النووي|، 

وفي 2020 بدأت أزمة| كورونا|، وكأن الوقت لم يحن بعد لعودة اليابان إلى ما كانت عليه قبل ثلاثين سنة.


وفي النهاية يبقى السؤال الأخير:

 هل ستفعل الولايات المتحدة مع الصين نفس ما فعلته مع اليابان لكبح جماحها؟ أم أن الوقت قد حان لتغيير موازين القوى العالمية؟ وهل الصين هو الحجر العثرة الوحيد حالياً في وجه الهيمنة والغطرسة الأمريكية؟ أم هناك غيرها من القوى الاقتصادية الصاعدة؟

 شاركنا برأيك إن كنت مهتماً.


بقلم سليمان أبو طافش 

يتم التشغيل بواسطة Blogger.