عرض المشاركات المصنفة بحسب التاريخ لطلب البحث ماهي العشوائية وهل لها قوانين؟؟. تصنيف بحسب مدى الصلة بالموضوع عرض جميع المشاركات

مؤسسة سطر لصناعة المُحتوى العربي 11/02/2021 03:35:00 م

ماهي العشوائية وهل لها قوانين؟؟
ماهي العشوائية وهل لها قوانين؟؟
تصميم الصورة رزان الحموي 

 ما هي العشوائية؟ 

ومتى نصف ظاهرةً ما بأنها عشوائية؟ 

هل نقول عن حادثةٍ معينة بأنها عشوائية لأننا لا نستطيع التنبؤ بحدوثها؟.... أم لأنها لا تخضع لأية قوانين؟ 

وهل حقاً لا تخضع الظواهر العشوائية لأية قوانين؟..... أم أن لها قوانين نجهلها؟


انشغل المفكرون منذ القدم بمحاولة فهم الظواهر التي تبدو عشوائية

وحاولوا تمييزها عن| الظواهر العشوائية| ووضع وصفٍ دقيقٍ لكل ما هو عشوائي،

 فلقد عرفوا بأن بعض الظواهر لا تخضع لأية قوانين في حين أن بعضها الآخر يخضع لما يسمى بقوانين الإحتمالات، 

بمعنى أنه يمكن التنبؤ بجميع النتائج المحتملة لحادثة ما ولكن لا يمكن تحديد النتيجة الحتمية لها بل يمكن فقط توقّع النتيجة بحسب الإحتمال الأكبر، 

ولكن تلك النتيجة قد لا تقع بالضرورة، 

فمثلاً عند رمي قطعة نقود نعلم بأنها ستستقر على أحد وجهيها فاحتمال أن يظهر أي وجهٍ لها هو 50% ولكن لا يمكن التنبؤ بالوجه الذي سيظهر على وجه اليقين.

 يمكن نظرياً أن نتحكم بالوجه الذي نريد ظهوره لو استطعنا دفع القطعة النقدية بسرعةٍ محددةٍ ومحسوبةٍ بدقة،

 ولكن عملياً قد يكون ذلك مستحيلاً، فإذاً تلك الحادثة ليست عشوائية بالمطلق فثمة احتمالٌ ولو كان ضئيلاً يسمح بالتحكم بها وتحديد نتيجتها مسبقاً.

بعض الظواهر الطبيعية كانت تبدو عشوائيةً إلى حدٍ بعيد 

لأننا لم نكن نفهمها ولكننا تمكّنا فيما بعد من وضع القوانين التي تحكمها فلم تعد عشوائيةً بالنسبة لنا،

 فمثلاً كان من الصعب جداً توقّع هطول الأمطار أو الثلوج ولكن اليوم أصبح ذلك من المسلّمات.


في عام 1840 قدّم العالم الفرنسي الشهير لابلاس فكرته الجديدة حول حتمية كل شيء،

 فقال بأنه لو امتلك القدرة الذهنية والحسابية الكافية أو لو كان لديه آلة حاسبة فائقة لتمكن من حساب كل الإحتمالات وحل جميع المعادلات اللازمة وعندها سيستطيع معرفة نتائج كل الأحداث، 

بمعنى أن هذا| الكون |قابلٌ للقياس و التنبؤ بكل ما فيه وكل ما حدث أو قد يحدث محسوبٌ مسبقاٌ ويمكن معرفته، 

وهذا يشبه فكرة |القضاء والقدر| عند المؤمنين،

 ولكن هذا الطرح لم يُعجب أصحاب نظرية الفكر الحر وحرية الإختيار فإذا كان كل شيءٍ حتمياً فأين هي الإرادة الحرة في اتخاذ القرارات 

وإذا كان الإنسان حراً في اختياراته فلا يمكن أبداً التنبؤ بالمستقبل، 

ولا زالت معضلة الحتمية في مقابل |الإرادة الحرة| قائمةً حتى اليوم وقد لا تنتهي أبداً.

في بداية القرن التاسع عشر

 اكتشف| العلماء |بأن |الغازات| تتكون من عدد هائل من الجسيمات الصغيرة التي تتحرك وتتصادم بحيث لا يمكن التنبؤ بحركة أي جسيمٍ على حدة، 

ولكن يمكن تحديد سلوك الغاز وخصائصه ككل،

 بمعنى أنه يمكن التنبؤ بسلوك الغاز بشكلٍ إجمالي دون الحاجة إلى معرفة سلوك مكوناته الصغيرة وذلك ما أوحى بخطأ فكرة لابلاس حول| الحتمية| لأنه لا يمكن حساب تحركات كل جزيء على حدة.

في بداية القرن العشرين

 ظهرت| نظرية الكم| التي أكدت على أن نتائج أي ظاهرة كمّية (على مستوى الجسيمات الصغيرة جداً) هي نتائج احتمالية بحيث لا يمكن توقع ما سيحدث بل يمكن حساب احتمال حدوثه فقط.

|ألبرت آينشتاين| لم يقتنع بنظرية الكم وقال بضرورة وجود قوانين أدق وأعمق تحكم عالم الجسيمات الصغيرة بحيث تكون النتائج حتمية فلا يمكن التسليم بأن هذا الكون غير قابل للتنبؤ وقال مقولته الشهيرة 

"الله لا يلعب النرد"

، ثم أمضى بقية حياته في البحث عن نظريةٍ تحل تلك المعضلة دون نتيجة.


اقرأ المزيد...


🔭بقلمي سليمان أبو طافش 

مؤسسة سطر لصناعة المُحتوى العربي 11/02/2021 03:35:00 م

ماهي العشوائية وهل لها قوانين؟؟
ماهي العشوائية وهل لها قوانين؟؟
تصميم الصورة رزان الحموي 


 أنواع العشوائية:

استناداً لكل ما سبق ذكره عن العشوائية يمكن تصنيف الظواهر العشوائية إلى نوعين:

1)  العشوائية الكوانتية (الكمية): 

التي تحكم عالم الجسيمات الصغيرة والتي تسمح بتحديد احتمال وقوع حادثةٍ ما حسب مبدأ الارتياب المسمى مبدأ هايزنبرغ، 

وهذه العشوائية تسمح بتحديد الإحتمال الأكبر بين عدة احتمالات فتعطي نتائج إحصائية،

 فمثلاً عند دراسة| النشاط الإشعاعي| الطبيعي لبعض العناصر مثل |اليورانيوم| نجد بأن نصف ذرات اليورانيوم ستتفكك بعد زمن محدد يسمى عمر النصف (أي الزمن اللازم لتفكك نصف ذرات المادة)،

 ولكن لا يمكننا تحديد أي| الذرات| هي التي ستتفكك خلال تلك المدة.


2) العشوائية المعرفية :

التي لا تسمح بتحديد أي شيء عن نتائجها لأننا لا نمتلك المعرفة الكافية لتحديدها أو لأنها غير قابلة للتحديد أصلاً، وهذا ما نجده في الظواهر الفوضوية التي لا تحكمها القوانين أو أن القوانين التي تحكمها حساسةٌ وغير ثابتة تبعاً لظروف الظاهرة 

فمثلاً توجد قوانين تسمح بالتنبؤ بحالة الطقس لعدة أيامٍ قادمة ولكن نتائج التنبؤات تصبح غير دقيقة كلما طالت مدتها فإذا كانت النتيجة مؤكدة ليوم غدٍ فهي غير مؤكدة بعد عدة أيام.

|  العشوائية |بنوعيها موجودةٌ في الكون منذ نشأته بكل مستوياته ومكوناته ويتوقع |العلماء| بأن |العشوائية الكوانتية |هي التي سمحت بظهور كل مكونات الكون وبدونها لما أمكن ظهور الكون بالشكل الذي نعرفه.


 العشوائية والمجموعة الشمسية والأرض:

 أدت بعض الدراسات التي اعتمدت على أنظمة المحاكاة باستخدام الحاسوب والتي نشرها العالم جاك لاسكار عام 1990 إلى معرفة أن تطور المجموعة الكوكبية الشمسية عشوائي


 بمعنى أن نشأة الكواكب وتطورها حساسٌ جداً للشروط الإبتدائية التي نشأ فيها، 

فلو تغيرت المسافة بين أي كوكب و|الشمس |ولو قليلاً لتغير مصير ذلك الكوكب،

 ولذلك يوجد في |الكون |عددٌ كبيرٌ من الكواكب السيّارة التي تسبح في| الفضاء| ولكنها نشأت في إحدى |المجموعات الشمسية |وقد غادرتها لأنها لم تكن على مسافةٍ من شمسها تسمح لها بالبقاء ضمن تلك المجموعة،

 وإن أحد تلك |الكواكب| و الذي يُعتقد بأنه بحجم| المريخ |تقريباً قد اصطدم بالأرض في يومٍ ما ونتج عن ذلك نشوء| القمر| الهام جداً لنشأة الحياة واستمرارها على الأرض، 

ولولا ذلك الإصطدام لما نشأ القمر ولكان حجم الأرض وكتلتها أكبر مما هي عليه 

وربما لم تنشأ الحياة بالشكل المعروف، ولكن ومن جهةٍ أخرى تبين بأن مثل تلك التصادمات بين كوكب سيّار والأرض كان سيحدث عاجلاً أم آجلاً  لأن هناك احتمال بحدوثها خلال فواصل زمنية محددة.


كذلك الأمر بالنسبة لاصطدام النيزك الذي سبب انقراض الديناصورات قبل 65 مليون سنة

 فهذا الاصطدام يحدث كل 100 مليون سنة تقريباً ولولا انقراض| الديناصورات| لما سنحت الفرصة لظهور|الثدييات| وتطورها حتى ظهر الإنسان،

 بمعنى أن الاصطدام الذي قضى على الديناصورات مهّد وسمح بظهور الإنسان، ولكن ظهور الإنسان حتمي لأن ذلك الإصطدام كان سيحدث حتماً ولو لم يحدث في ذلك الوقت لحدث في وقتٍ آخر وكل ما كان سيتغير حينها هو وقت ظهور الإنسان فقط.

تبدو تلك الحوادث وكأنها مجرد صدفة،

 ولكن الحقيقة أن بعض الصدف لابد أن تحدث لأنها محكومة بقوانين احتمالية تؤكد حدوثها ولكن لا تستطيع تحديد موعدٍ دقيقٍ لحدوثها ولكنها ستحدث عاجلاً أم آجلاً.


اقرأ المزيد...

🔭بقلمي سليمان أبو طافش 

مؤسسة سطر لصناعة المُحتوى العربي 11/02/2021 03:35:00 م

ماهي العشوائية وهل لها قوانين؟؟
ماهي العشوائية وهل لها قوانين؟؟
تصميم الصورة رزان الحموي 

استكمالاً لما كنا نتكلم عنه في الجزء السابق 

 العشوائية والدين:

هل تتعارض قوانين العشوائية مع إرادة الخالق؟ 

وهل تعني العشوائية عدم وجود الخالق أو عدم الحاجة لوجوده لكي تنشأ الأشياء بحسب ما قاله ستيف هوكينغ؟


من الواضح بأن لا شيء حتى الآن ينفي وجود الخالق على وجه اليقين،

 وبالنسبة للعشوائية فهي تبدو عشوائيةً بالنسبة لنا،

 أمّا بالنسبة للخالق فهي ليست عشوائية لأنه يعلم الغيب ويعلم جيداً نتيجة كل شيء فهو يرى كل ما حدث في الماضي وما سيحدث في المستقبل لأنه مستقلٌ عن الزمان والمكان فلا شيء بالنسبة له غير محددٍ مسبقاً أو غير واضحٍ. 

ولكن هذه العشوائية الموجودة في الكون ضروريةٌ جداً لظهور الإنسان

 كما أنها ضروريةٌ لكي يكون للإنسان إرادةٌ حرةٌ في اتخاذ القرارات، 

ولولا ذلك لما أمكن للخالق أن يحاسب البشر على فعلٍ ارتكبوه بغير إرادتهم وهذا ينفي مبدأ| الثواب و العقاب |الذي تؤمن به وتقوم عليه جميع |الأديان |الأرضية سواءٌ كانت وثنيةً أم سماويةً بحسب اعتقاد أتباعها، 

فكما قال| أينشتاين| : "الله لا يلعب النرد" 

ولكنه يرى الأمور من زاويةٍ غير التي ننظر منها كبشرٍ ولذلك فهو يعرف مسبقاً وجه النرد الذي سيظهر بقدر ما يعرف أي شيءٍ آخر فهو من خلق كل شيءٍ بما فيها قوانين العشوائية و احتمالاتها الكثيرة.


خلاصة القول:

كل ما يبدو عشوائياً هو في الحقيقة محكومٌ بقوانينه الخاصة، ولكنها قوانينٌ احتمالية، فكل ما يمكن أن يحدث سيحدث حتماً ولكن لا نعرف متى سيحدث،

 وبعض تلك| القوانين |لازال مجهولاً تماماً ولم يكتشفه العلم،

 ولكن جهلنا بشيءٍ ما لا يعني بأنه غير موجود وقد يأتي اليوم الذي نكتشف فيه ما نجهله اليوم حسب قول الشاعر:

 "ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلاً     ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد".


لطفاً وليس أمراً شارك المقال إذا كان فيه ما يفيدك.


    🔭بقلمي سليمان أبو طافش 

يتم التشغيل بواسطة Blogger.