ما الذي جعل اليابان تكتفي بما وصلت إليه في القرن العشرين؟ - الجزء الثاني - سليمان أبو طافش
استكمالاً لما بدأناه في المقال السابق
هل ساعدت أمريكا اليابان ولماذا؟
لا يخفى على أحدٍ بأن موقع |اليابان| قرب| الصين| و|كوريا الشمالية|، اللتين امتلكتا| السلاح النووي|، وكانتا المعقل الأهم للشيوعية بعد |الاتحاد السوفيتي|، وانشغال الأمريكيين بالحرب الباردة ضد السوفييت،
بالإضافة إلى جودة المنتجات اليابانية ورخص أسعارها، جعلت أمريكا مضطرةً لمساعدة اليابان و|ألمانيا| الغربية أيضاً، بهدف نشر الرأسمالية الأمريكية إليهما، لوقف المد الشيوعي المتعاظم آنذاك،
ولكن بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، وبلوغ اليابان من القوة الاقتصادية ما بلغته، كان على الأمريكيين تغيير موقفهم من اليابان.
تغيير المواقف الأمريكية:
ما أن تحوّلت اليابان إلى قوةٍ اقتصاديةٍ عالمية، حتى قرّرت |الولايات المتحدة الأمريكية| تحجيمها،
وقد ظهر آنذاك أحد رجال الأعمال الأمريكيين غير المشهورين، أطلق حملةً صحفيةً ضد اليابانيين مطالباً الحكومة الأمريكية بفرض ضرائب عاليةٍ على اليابانيين الداخلين إلى أمريكا، وفرض المزيد من الضرائب الجمركية على المنتجات اليابانية
، وذلك الشخص قد أصبح بعد أكثر من ربع قرنٍ من ذلك التاريخ، رئيس الولايات المتحدة الأمريكية الأكثر جدلاً| دونالد ترامب|،
الذي رأى منذ صغره، بأن فرض العقوبات الاقتصادية والتعرفات الجمركية، هو الحل السحري لجميع المشاكل الأمريكية.
ارتباط الدولار الأمريكي بالنفط:
في عام 1971، أعلن الرئيس الأمريكي "نيكسون" فك ارتباط الدولار بالذهب، ما أثار مشاكل اقتصاديةً على مستوى العالم،
فقام الأمريكيون على أثرها بالتواصل مع القوى الاقتصادية العظمى والدول المصدّرة للنفط، فربطوا الدولار بالنفط، وهذا جعل الدولار يكسب قيمةً إضافيةً كبيرة،
ومع أزمة انقطاع النفط عن الدول الغربية في فترة الحرب سنة 1973، ارتفع سعر النفط كثيراً وارتفعت معه قيمة الدولار،
وفي عام 1978، مع اندلاع الثورة الإيرانية على حكم الشاه، ارتفعت أسعار النفط مجدداً وارتفعت معها قيمة الدولار،
وهذا جعل قيمة الين الياباني تنخفض كثيراً، فهل كان ذلك لصالح اليابان أم الولايات المتحدة المريكية؟
الحرب الأمريكية على اليابان:
بعد ارتفاع قيمة الدولار الكبيرة، لم تستطع الشركات الأمريكية منافسة الشركات اليابانية، التي تقدّم أفضل المنتجات بأرخص الأسعار، ما دفع ثلاثةً من كبرى الشركات الأمريكية، وهي (موتورولا وأي بي أم وكاتر بيلر)، إلى إقامة تحالفٍ فيما بينها،
للضغط على بعض التكتلات والجماعات داخل الكونغرس الأمريكي، لكي يضغطوا عليه لإيجاد حلٍ لتلك الصراعات التي استمرت إلى عام 1984،
حين أطلق وزير الصناعة الأمريكي فكرته الذهبية بالتواصل مع الدول الاقتصادية العظمى لكي يضعفوا قيمة |الدولار الأمريكي|، لكي تستطيع المنتجات الأمريكية منافسة المنتجات اليابانية.
اتفاقية فندق بلازا:
تواصل الرئيس الأمريكي "ريغن" مع الدول الاقتصادية الأربعة الكبرى،
فاجتمع وزراء المالية واتفقوا على قيام كل دولةٍ بإجراء بعض التغييرات الاقتصادية والسياسات النقدية، لكي ترفع كلٌّ منها قيمة عملتها أمام الدولار،
وشراء بعض المنتجات الأمريكية، وزيادة الضغوطات على الاستثمارات الأجنبية،
وغير ذلك من الإجراءات التي من شأنها تحسين |الاقتصاد| الأمريكي وتسهيل حركة المنتجات الأمريكية حول العالم.
بقلم سليمان أبو طافش