ما هو الذكاء وكيف نقيسه وكيف ننميه؟
الجزء الأول

ما هو الذكاء وكيف نقيسه وكيف ننميه؟ - الجزء الأول تصميم الصورة : رزان الحموي

الذكاء وكيف نقيسه وكيف ننميه - الجزء الأول

متى يمكننا وصف إنسانٍ ما بأنه ذكي؟ ومتى يصبح عبقرياً؟ ما هو الذكاء؟ وهل يمكن تنميته وتطويره؟ هل هو صفة مكتسبة أم صفة وراثية تتناقلها الأجيال؟ هل هو واحد لدى الجميع، أم له أنواع مختلفة؟ دعونا نكتشف ذلك معاً.

ما هو الذكاء؟

توجد الكثير من الآراء حول فهم |الذكاء| وتعريفه، فبعضها يقول بأن الذكاء هو قدرة الشخص على حلّ المسائل المختلفة، وبعضها يرى بأن الذكاء يتمثّل في قدرة المرء على التكيّف والتفاعل والانسجام مع الظروف التي يوضع فيها، ولكن هناك من يرى بأن الذكاء هو قدرة الانسان إلى ابتكار شيءٍ من لا شيء، أو جمع عدة أشياء بطريقةٍ ما للحصول على شيءٍ جديد، ومن الواضح أن جميع تلك الآراء وغيرها لا تختلف كثيراً عن بعضها، فهي تتفق جميعاً على أن الذكاء مرتبطٌ بإيجاد ما هو جديد.

تاريخ دراسة الذكاء:

بدأت الدراسة العلمية للذكاء منذ مطلع القرن العشرين، ففي سنة 1904، أراد أحد علماء النفس فهم حقيقة الذكاء، فتوصل من خلال التجارب إلى أن الذكاء صفةٌ عامةٌ بين البشر، فالشخص الذكي يجب أن يكون ذكياً في مختلف المجالات، ولا يمكن للشخص أن يكون ذكياً في مجالٍ ما وغبياً في مجالٍ آخر، ولكن مع مرور الوقت، تبين بأن تلك النتائج غير دقيقة، وبأنه يوجد جوانب خفيّة في مسألة الذكاء، فقد يظهر ذكاء الانسان في مجالٍ ما أكثر من غيره، وهذا قاد علماء النفس إلى تقسيم الذكاء إلى عدة أنواع.

أنواع الذكاء:

• كان سائداً بين مختلف الأوساط العلمية والاجتماعية بأن القدرة على تذكّر المعلومات والتعبير عنها هي الشكل الوحيد للذكاء، ولكن ذلك أصبح نوعاً واحداً من أنواع الذكاء، فأطلق عليه اسم الذكاء اللغوي.

• وهو القدرة على الاستدلال بالمنطق للوصول إلى النتائج، وهو الذكاء الأعلى شأناً في الوقت الحالي، لأنه يدل على قدراتٍ دماغيةٍ عالية، فأصبح هو معيار التفوق. وهو ما ميّز بعض كبار العلماء مثل |آينشتاين|.
  

• وهو قدرة الانسان على التفاعل مع نفسه وضبطها في الحالات المختلفة، بالإضافة إلى قدرته على التفاعل والتعامل مع الآخرين.

• وهو القدرة على التخيّل، وتصميم الأشياء والأشكال في أبعاد ثنائية وثلاثية، وهو ذكاء هام جداً في علوم المستقبل.

• وهو القدرة على التفاعل مع البيئة والوسط المحيط، وهو ذكاء لا يتمتع به الكثير من الناس.

• وهو القدرة على تمييز الألحان والنوتات الموسيقية والعلاقات بينها، وهو ذكاءٌ نادر، وقد دلّت الدراسات على وجود خاصياتٍ دماغيةٍ مميزة يختص بها كبار الموسيقيين.

• وهو قدرة الانسان على التعامل مع الطبيعة ومكوناتها والكائنات الحية.
  

الذكاء من الناحية البيولوجية:

هل هناك خصائص أو صفاتٌ دماغيةٌ معينّة، يجب أن نمتلكها لكي نتمتع بنوعٍ معينٍ من الذكاء؟
من المؤكد بأن هناك أجزاءً معينةً من الدماغ تقوم بوظائف محددة، ما يعني بأن الذكاء في مجالٍ ما يرتبط بجزء الدماغ المسؤول عن ذلك المجال، ولكن هل يمكن قياس ذلك؟ وهل يمكن تحديد مستوى ذكاء الفرد في مجالٍ ما بعمليات المسح والتصوير الدماغي المتنوعة؟ في الحقيقة أن الجزم بذلك لم يتحقق حتى الآن.
 اقرأ المزيد...

سليمان أبو طافش🔭

ما هو الذكاء وكيف نقيسه وكيف ننميه؟
الجزء الثاني

ما هو الذكاء وكيف نقيسه وكيف ننميه؟ - الجزء الثاني تصميم الصورة : رزان الحموي

 تكلمنا في المقال السابق عن تاريخ دراسة الذكاء وأنواع الذكاء ..

علاقة الذكاء بنصفي الدماغ:

كان الاعتقاد السائد بأن نصفي |الدماغ| يعملان بشكلٍ مستقلٍ عن بعضهما، فالنصف الأيمن هو المسؤول عن التفكير الشامل والجوانب اللغوية، والنصف الأيسر مسؤولٌ عن العمليات العلمية والرياضية والمنطقية، ولكن تبين وجود تفاعلٍ وتكاملٍ بين نصفي الدماغ، ويمكن لأحدهما ان ينوب عن الآخر في حال تضرره، وتشير الدراسات الكهربائية للدماغ إلى أنه أعقد بكثير مما كنا نعتقد، ولكن فهمه ليس مستحيلاً.

مفهوم نسبة الذكاء:

ساد الاعتقاد لسنواتٍ طويلة بوجود ما يسمى العمر الذهني، بمعنى أن ذكاء الشخص مرتبطٌ بعمره، فإذا أبدى ذكاءً أكثر من أبناء عمره فنقول بأن نسبة ذكائه عالية، ولكن تبين حديثاً بأن ذلك الكلام غير دقيق، فذكاء الانسان يزداد كلما تقدّم بالعمر، حتى يبلغ سن العشرين، فيصبح ذكاؤه ثابتاً ومستقراً، إلا إذا قام بزيادته بوسائل التدريب الممكنة، وفي عمر الخمسين تقريباً يبدأ الذكاء بالتراجع، وبالتالي فإن حساب نسبة الذكاء بحسب العمر غير مجدية ولم تعد مقبولة.

كبف نقيس الذكاء؟

يمكن ذلك بإجراء اختبارات على أشخاصٍ مختلفي الأعمار، ثم نجعل درجة النتائج التي يحققها معظم الأشخاص المختبرين هي مئة، فتكون هذه الدرجة هي معدل |الذكاء| الطبيعي لدى البشر، ومن يحصل على درجة أعلى يكون أكثر ذكاءً وهكذا..

وتشير الاحصائيات بأن ثلثي البشر تقريباً يمتلكون درجة ذكاء تتراوح بين 85 و115 درجة، وهذه الدرجات كلها تشير إلى نسبة ذكاء طبيعية، لأن جميع الاختبارات المتاحة ليست دقيقة مئة بالمئة، وتلاقي هذه الاختبارات الكثير من الانتقادات.

الذكاء مع الشعوب المختلفة:

عند اجراء اختبارات الذكاء الموضوعة في الغرب على شعوبٍ أخرى، مثل شعوب آسيا وافريقيا، دلّت النتائج على أن مستوى ذكاء تلك الشعوب منخفضٌ جداً، وهذا ما أفرح العنصريين وأثلج صدورهم، ولكن سرعان ما تبين بأن تلك النتائج غير صحيحة، لأن الاختبارات الموضوعة في الغرب، لم تكن مناسبة للشعوب الأخرى، وأدى ذلك إلى وضع اختباراتٍ جديدةٍ ومعايير جديدة، بحيث تصلح لمختلف البشر مهما كانت خلفياتهم العرقية والاجتماعية والثقافية، ومعظم الاختبارات الحديثة تعتمد على الصور والأنماط والمسائل الرياضية.

اختبارات الذكاء والزمن:

تبيّن منذ نهايات القرن العشرين بأن نسبة الذكاء لمجتمعٍ ما في تزايدٍ مستمرٍ مع الزمن، وهي زيادةٌ غير بسيطة، فتقريباً تزداد نسبة الذكاء بخمسين درجةً كل مئة عام، وهذا يعني أن كل جيلٍ هو أذكى من سابقه، ويعود ذلك لعدة أسباب مثل التغذية والصحة وطرق التربية وطرق التفكير ومستوى المعرفة ودرجة الثقافة والتدريب وغيرها.

هل الذكاء صفة وراثية أم أنه مكتسب؟

تشير الدراسات إلى وجود جزء من الذكاء الوراثي، ولكن التدريب والتعليم يسمحان بزيادة الذكاء وتنميته ضمن مجالاتٍ محددة وليس بشكلٍ عام، ما يعني بأن |الذكاء المكتسب| هو ذكاءٌ متخصصٌ في مجالٍ ما، أما إذا أردنا رفع مستوى الذكاء بشكلٍ، عام فيجب تدريب الدماغ على |مهاراتٍ| متنوعةٍ ولفتراتٍ طويلة، وهذا قد لا يعطي النتائج المرجوة منه.
أرجو مشاركة المقال مع الأصدقاء.

 سليمان أبو طافش🔭