الروح بين الفلسفة والعلم - الجزء الأول - سليمان أبو طافش
الروح بين الفلسفة والعلم
الجزء الأول
الروح بين الفلسفة والعلم - الجزء الأول تصميم الصورة : وفاء المؤذن |
حقيقة الروح بين الفلسفة والعلم
بقيت حقيقة وجود الروح وماهيتها لغزاً محيّراً يشغل بال الكثيرين من الناس، خاصةً أتباع الديانات المختلفة، فجميع الأديان تؤكّد على وجود الروح، ولكنها لا تشرح ماهيتها، وقد أعلن القرآن الكريم بأن الروح من علم الله وحده، ولكن الكثير من الناس ظلّوا يبحثون محاولين إثبات وجود الروح أولاً، ثم معرفة ماهيتها ثانياً، وفي هذه السطور القليلة سنحاول إلقاء الضوء على بعض المحاولات العملية بخصوص الروح بكل حياديةٍ، وبعيداً عن الانحياز والآراء الشخصية.
ما هي الروح؟
لا أحد حتى الآن يستطيع الإجابة عن هذا السؤال، فهل هي شيءٌ ماديٌ له كتلةٌ ووزن؟ أم أنها شكلٌ من أشكال |الطاقة| الغامضة التي لم نكتشفها بعد؟ فقبل سنواتٍ قليلةٍ كنا لا نتخيل وجود ما يسمى بالطاقة المظلمة، وقبل بضعة عقودٍ كنّا لا نعرف شيئاً عن الطاقة النووية، وقبل ذلك بقرونٍ كنا نجهل تماماً حقيقة الطاقة الكهرطيسية، فربما تكون الروح شكلاً من الطاقة التي لا ينبغي للبشر معرفتها، أو ربما لم يحن الوقت بعد لمعرفتها لأننها لم نمتلك حتى الآن المعرفة الكافية والوسائل اللازمة لذلك.
ربما تكون الروح مجرد اصطلاحٍ لغويٍ اعتدنا استخدامه للتعبير عن كل ما هو غير ماديٍ فينا، مثل المشاعر والوعي وغيرها.
ما هو الانسان؟
يقول بعض المفكرين بأن الانسان هو مزيجٌ من الجسد والوعي والتفكير، ويقول آخرون: الانسان عبارةٌ عن جسمٍ وشيءٍ آخر مسؤولٌ عن التفكير والوعي، أما العالم والفيلسوف الشهير رينيه ديكارت فله قولٌ مشهورٌ: "أنا أفكر إذاً أنا موجود"، فهو يربط وجود الانسان بتفكيره، ولا يعطي أهميةً كبيرةً للجسد.
أما من ناحيةٍ فلسفيةٍ فالروح خالدةٌ ولا تفنى، فهي شيءٌ من الله، وهي طاهرة، ولذلك يجب التفريق بين الروح والنفس، والروح هي التي تحدد هوية الشخص، وهي ميزة ينفرد بها الانسان عن بقية المخلوقات، والروح شيءٌ مختلفٌ تماماً عن العقل، فعلماء النفس يرون بأن العقل هو الكيان المسؤول عن الوعي و|التفكير| والتحليل والادراك، وهناك ما يسمى بالعقل الأسمى، الذي ينفرد به الخالق، والعقل مختلفٌ بدوره عن الدماغ، فالدماغ شيءٌ مادي تجري فيه معظم العمليات التي يقودها العقل، وبناءً على ذلك يمكن القول بان الانسان هو مزيجٌ من الجسد الذي يحتويه، والعقل الذي يربطه بعالمه، والروح التي تحدد كينونته.
هل يمكن التأكد من وجود الروح علمياً؟
من المعروف بأن الجسد شيءٌ ماديٌ قابلٌ للقياس، ويمكن اخضاعه للتجربة، كما يمكن إجراء بعض الاختبارات لقياس وعي الانسان وطريقة تفكيره وتقييم عقله، فمثلاً يمكن قياس نشاط الدماغ بعدة طرق، وهذا النشاط يعكس القدرة العقلية للإنسان، كما يمكن اخضاع العقل لبعض الاختبارات لفحص قدراته، ولكن ما هي الاختبارات التي يمكن اجراؤها للتأكد من وجود الروح؟
قديماً لم يفكر أحد بالتأكد من وجود الروح، فقد كانت أمراً مسلّماً به، وكان الجدل يدور حول مكان وجود الروح داخل الجسد، وقد اعتقد معظم المفكرين بأن الروح يجب أن تتواجد في مكانٍ ما من الدماغ.
اقرأ المزيد...
سليمان أبو طافش🔭