ما الفرق بين العقلية المؤمنة والعقلية الملحدة؟ - الجزء الثاني - سليمان أبو طافش
ما الفرق بين العقلية المؤمنة والعقلية الملحدة؟ تصميم الصورة وفاء المؤذن |
استكمالاً لما بدأناه في الجزء الأول من مقالنا ( ما الفرق بين العقلية المؤمنة والعقلية الملحدة ؟ )
لماذا قد يصبح المؤمن ملحداً؟
ذكرنا بأن معظم الناس يبقون على دينهم من المهد إلى اللحد دون أن يتساءلوا عن إمكانية أن يكون دينهم على خطأ،
فلقد اعتقدوا دائماً حتى اقتنعوا بأنهم محظوظون جداً لأنهم ولدوا على هذا| الدين |لأنه الدين الوحيد الصحيح الذي سيضمن لهم حسن العاقبة،
ولكن بعض الناس يتعرضّون لمواقف أو لمراحل في حياتهم تجعلهم يقفون لحظةً أمام سؤالٍ ملعونٍ قد يؤرّقهم ويقض مضاجعهم لوقتٍ طويلٍ هو:
هل أنا على حق؟
وهل اتبع الدين الصحيح فعلاً؟
قد تكثر لديهم التساؤلات حول دينهم نفسه خاصةً عندما تتوسع آفاقهم ومعارفهم بالأديان والثقافات الأخرى والمجالات المختلفة للعلوم،
وهنا قد يحدث لدى المتسائل نوعٌ من الصراع بين ما تربّى ونشأ عليه وملأ فكره لسنواتٍ طويلةٍ وبين ما قد يكتشفه عند انفتاحه على الآخرين وعلى العلوم الحديثة،
وبمعنى آخر يمكن أن نقول بأن العقلية المؤمنة لدى الإنسان قد تجد نفسها فجأةً أمام عقليةٍ مشكّكة ومترددة،
وقد تتحول تلك العقلية المشككة إلى عقلية رافضة أو |عقلية ملحدة|،
بمعنى أن العقلية الملحدة سترفض الأجوبة الجاهزة التي تلقتها |العقلية المؤمنة| ونشأت عليها وستبدأ بالبحث عن الأجوبة التي ترتاح لها وتقتنع بها،
وقد يجد الإنسان نفسه مقتنعاً مرةً أخرى بما تربّى عليه فيبقى على إيمانه، وقد يكتشف بعض الخطأ فيه ولكنه يبقى محافظاً عليه ملتزماً به، وقد يرفضه تماماً فيصبح شخصاً ملحداً إذا لم يجد الإجابات التي يبحث عنها في أي دينٍ من| الأديان|.
وليس بالضرورة أن يرفض| الملحد| فكرة الإله الخالق من جذورها فقد يؤمن بوجود الإله دون أن يؤمن بالأديان وهذا ما يسمى بالربوبية،
وكذلك قد يبقى المرء محتاراً دون أن يهتدي إلى الصواب فهو ضائعٌ بين وجود الإله وعدمه فيسمى عنده باللاأدري.
لماذا عدد المؤمنين أكبر بكثير من عدد الملحدين على الأرض؟
ذكرنا بأن| الإيمان |يبعث على الراحة والطمأنينة أكثر من الإلحاد وقد يكون هذا جواباً كافياً لهذا السؤال،
ولكنه ليس الجواب الوحيد
فقد نجد الكثير من الأسباب التي تدفع الناس إلى الإيمان أكثر من الأسباب التي تدفعهم إلى الإلحاد،
فمعظم الناس مؤمنون بحسب ولادتهم وانتمائهم وهم لا يحاولون تغيير عقيدتهم،
وبعض الناس يرون بأن الإيمان إن لم ينفع فهو لا يضر،
ولكن الكثير من الناس لا يهتمون أصلاً بمدى صحة معتقداتهم الدينية ويفضّلون البقاء على ما هم عليه من مبدأ ليس بالإمكان أفضل مما كان،
عداك عن الجوانب الإجتماعية الكثيرة التي تفرض على المرء الكثير من خياراته في الحياة.
بقي أن نذكر بأن الإنسان قد لا يبقى محتفظاً بنفس العقلية طوال حياته،
فكثيرٌ من المؤمنين أصبحوا ملحدين،
كما أن الكثير من الملحدين عادوا لدينهم في وقتٍ ما أو انتقلوا إلى دينٍ آخر وآمنوا به،
فعموماً عقل الانسان متغيرٌ ومتذبذبٌ ولا يبقى على نفس الحال مدى الحياة.
🔭بقلمي سليمان أبو طافش